الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاصِلٍ إِلَى وَاسِطَ يُرِيدُ حَرْبَ مُوسَى بْنِ بغا فرجع موسى إلى نائب الخليفة وسأل أن يُعفى من ولاية بلاد المشرق لما بها من الفتن، فعزل عنها وولاها الخليفة إلى أخيه أبي أحمد.
وفيها سار أبو الساج إلى حرب الزنج فاقتتلوا قتالاً شديداً وغلبتهم الزنج ودخلوا الأهواز فقتلوا خلقاً من أهلها وأحرقوا منازل كثيرة، ثُمَّ صُرِفَ أَبُو السَّاجِ عَنْ نِيَابَةِ الْأَهْوَازِ وخربها الزنج وولى الخليفة ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سِيمَا.
وَفِيهَا تَجَهَّزَ مَسْرُورٌ البلخي في جيش لقتال الزنج.
وَفِيهَا وَلَّى الْخَلِيفَةُ نَصْرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَسَدٍ السَّامَانِيَّ مَا وَرَاءَ نَهْرِ بَلْخَ وَكَتَبَ إليه بذلك في شهر رمضان.
وفي شوال قصد يعقوب بن الليث حرب ابْنِ وَاصِلٍ فَالْتَقَيَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَهَزَمَهُ يعقوب وأخذ عسكره وأسر رجاله وَطَائِفَةً مِنْ حَرَمِهِ وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِ مَا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقَتَلَ مَنْ كَانَ يُمَالِئُهُ وَيَنْصُرُهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ.
وأصلح الله به تلك الناحية.
ولاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال وَلَّى الْمُعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ وَلَدَهُ جَعْفَرًا الْعَهْدَ مِنْ بَعْدِهِ وَسَمَّاهُ الْمُفَوِّضَ إِلَى اللَّهِ وَوَلَّاهُ المغرب وضم إليه موسى بن بغا ولاية إِفْرِيقِيَّةَ وَمِصْرَ وَالشَّامَ وَالْجَزِيرَةَ وَالْمَوْصِلَ وَأَرْمِينِيَّةَ وَطَرِيقَ خُرَاسَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِ ولده لأبي أحمد الْمُتَوَكِّلِ وَلَقَّبَهُ الْمُوَفَّقَ بِاللَّهِ وَوَلَّاهُ الْمَشْرِقَ وَضَمَّ إليه مسرور الْبَلْخِيَّ وَوَلَّاهُ بَغْدَادَ وَالسَّوَادَ وَالْكُوفَةَ وَطَرِيقَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَالْيَمَنَ وَكَسْكَرَ وَكُوَرَ دِجْلَةَ وَالْأَهْوَازَ وَفَارِسَ وأصبهان وَالْكَرْخَ وَالدِّينَوَرَ وَالرِّيَّ وَزَنْجَانَ وَالسِّنْدَ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ مكاتبات وقرئت بالآفاق، وعلق منها نسخة بالكعبة وفيها حج بالناس الفضل بن إسحاق.
وفيها توفي
مِنَ الْأَعْيَانِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ (1) .
وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ (2) .
وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الشوارب بمكة (3) .
وداود بن سليمان الْجَعْفَرِيُّ.
وَشُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ (4) .
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَاثِقِ أَخُو الْمُهْتَدِي بِاللَّهِ.
وَأَبُو شُعَيْبٍ السُّوسِيُّ (5) .
وأبو زيد البسطامي أحد أئمة الصوفية.
علي بن
إشكاب وأخوه أبو محمد و
مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح
.
ذكر شئ من ترجته بلاختصار هو مسلم أبو الحسن الْقُشَيْرِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ صاحب الصحيح الذي هو تلو صحيح البخاري عند أكثر العلماء، وذهبت المغاربة وأبو علي النَّيْسَابُورِيِّ مِنَ الْمَشَارِقَةِ إِلَى تَفْضِيلٍ صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، فَإِنْ أَرَادُوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ في كونه ليس في شئ من
(1) الحافظ أحد الأئمة سمع زيد بن الحباب وأقرانه وهو ثقة ثبت.
(2)
أبو الحسن العجلي الكوفي نزيل طرابلس المغرب وقد نزح إليها أيام محنة القرآن.
صاحب التاريخ والجرح والتعديل.
قال ابن ناصر الدين: كان إماماً حافظاً قدوة من المتقنين.
(3)
قاضي القضاة، مات في رمضان وكان أحد الاجواد الممدحين.
(4)
أبو بكر الصيرفي مقرئ واسط وعالمها.
ثقة.
(5)
صالح بن زياد مقرئ أهل الرقة.
قال أبو حاتم: صدوق (تقريب التهذيب 1 / 360)(*) .
التَّعْلِيقَاتِ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَأَنَّهُ يَسُوقُ الْأَحَادِيثَ بِتَمَامِهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَا يَقْطَعُهَا كَتَقْطِيعِ الْبُخَارِيِّ لَهَا فِي الْأَبْوَابِ فَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُوَازِي قوة أسانيد البخاري واختياره في الصحيح لها مَا أَوْرَدَهُ فِي جَامِعِهِ مُعَاصَرَةَ الرَّاوِي لِشَيْخِهِ وسماعه منه وفي الجملة فإن مسلماً لم يَشْتَرِطُ فِي كِتَابِهِ الشَّرْطَ الثَّانِيَ كَمَا هُوَ مقرر في علوم الحديث، وقد بسطت ذلك في أوَّل شرح البخاري.
والمقصود أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ إِلَى الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ ومصر وسمع من جماعة كثيرين قد ذكرهم شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِهِ مُرَتَّبَيْنَ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ.
وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ مِنْهُمُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ حَدِيثًا وَاحِدًا وَهُوَ حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أَحْصُوا هِلَالَ شَعْبَانَ لِرَمَضَانَ "(1) .
وصالح بن محمد حرره.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ.
وَقَالَ الْخَطِيبُ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا أحمد بْنُ نُعَيْمٍ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتِمٍ يُقَدِّمَانِ
مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ عَلَى مَشَايِخِ عصرهما.
وأخبرني ابن يعقوب، أنا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ الماسرخسي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت مسلماً بْنَ الْحَجَّاجِ يَقُولُ: صَنَّفْتُ هَذَا الْمُسْنَدَ الصَّحِيحَ ثلثمائة أَلْفِ حَدِيثٍ مَسْمُوعَةٍ.
وَرَوَى الْخَطِيبُ قَائِلًا: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ علي السودرجاني - بِأَصْبَهَانَ - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّماء أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ ذُكِرَ مُسْلِمٌ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ فَقَالَ بِالْعَجَمِيَّةِ مَا مَعْنَاهُ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ هَذَا؟ وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ لِمُسْلِمٍ: لَنْ نَعْدَمَ الْخَيْرَ مَا أَبْقَاكَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ أثنى عليه جمعاة من العلماء من أَهْلِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَخْرَمُ: قَلَّ مَا يَفُوتُ البخاري ومسلماً ما يَثْبُتُ فِي الْحَدِيثِ.
وَرَوَى الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي عمر ومحمد بْنِ حَمْدَانَ الْحِيرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ عُقْدَةَ الْحَافِظَ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَيُّهُمَا أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: كَانَ الْبُخَارِيُّ عَالِمًا وَمُسْلِمٌ عَالِمًا، فَكَرَّرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا وَهُوَ يَرُدُّ عَلَيَّ هَذَا الْجَوَابَ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو قَدْ يَقَعُ لِلْبُخَارِيِّ الْغَلَطُ فِي أَهْلِ الشَّامِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ كُتُبَهُمْ فَنَظَرَ فِيهَا فَرُبَّمَا ذَكَرَ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ بِكُنْيَتِهِ وَيَذُكُرُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِاسْمِهِ وَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُمَا اثنان، وأما مُسْلِمٌ فَقَلَّ مَا يَقَعُ لَهُ الْغَلَطُ لِأَنَّهُ كتب الْمَقَاطِيعَ وَالْمَرَاسِيلَ.
قَالَ الْخَطِيبُ: إِنَّمَا قَفَا مُسْلِمٌ طَرِيقَ الْبُخَارِيِّ وَنَظَرَ فِي عِلْمِهِ وَحَذَا حَذْوَهُ.
وَلَمَّا وَرَدَ الْبُخَارِيُّ نَيْسَابُورَ فِي آخِرِ أَمْرِهِ لَازَمَهُ مُسْلِمٌ وَأَدَامَ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ.
وَقَدْ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الصَّيْرَفِيُّ قال سمعت أبا الحسن الداقطني يقول: لولا البخاري ما ذَهَبَ مُسْلِمٌ وَلَا جَاءَ.
قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَخْبَرَنِي أبو بكر المنكدر ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنِي أَبُو نصر بن محمد الزراد، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنَ حَمْدَانَ الْقَصَّارَ، سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ وَجَاءَ إِلَى مُحَمَّدِ بن اسماعيل البخاري فقبل بين عينيه
(6) أخرجه الترمذي في الصوم (4) باب.
ح 687 ص 3 / 71.
والحديث لم يخرجه من أصحاب الكتب الستة سوى الترمذي.
(*)
وَقَالَ: دَعْنِي حَتَّى أُقَبِّلَ رِجْلَيْكَ يَا أُسْتَاذَ الْأُسْتَاذِينَ وَسَيِّدَ الْمُحَدِّثِينَ وَطَبِيبَ الْحَدِيثِ فِي عِلَلِهِ، حدثك
محمد بن سلام، ثنا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانَيُّ، حدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فِي كَفَّارَةِ الْمَجْلِسِ فَمَا عِلَّتُهُ؟ فَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مَلِيحٌ وَلَا أَعْلَمُ فِي الدُّنْيَا فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ ثَنَا بِهِ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ سُهَيْلٍ، عن عوز بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهَذَا أولى فإنه لايعرف لِمُوسَى بْنِ عَقَبَةَ سَمَاعٌ مَنْ سُهَيْلٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِهَذَا الْحَدِيثِ جُزْءًا عَلَى حِدَةٍ وأوردت فيه طرقه وألفاظه ومتنه وعلله.
قَالَ الْخَطِيبُ وَقَدْ كَانَ مُسْلِمٌ يُنَاضِلُ عَنِ البخاري.
ثمَّ ذكر ما وَقَعَ بَيْنَ الْبُخَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ فِي نَيْسَابُورَ، وَكَيْفَ نُودِيَ عَلَى الْبُخَارِيِّ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِنَيْسَابُورَ، وَأَنَ الذُّهْلِيَّ قَالَ يَوْمًا لِأَهْلِ مَجْلِسِهِ وَفِيهِمْ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: أَلَا مَنْ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ الْبُخَارِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ فَلْيَعْتَزِلْ مَجْلِسَنَا.
فَنَهَضَ مُسْلِمٌ مِنْ فَوْرِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَجَمَعَ ما كان سمعهه من الذهلي جميعه وأرسله إِلَيْهِ وَتَرَكَ الرِّوَايَةَ عَنِ الذُّهْلِيِّ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ شَيْئًا لَا فِي صَحِيحِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَاسْتَحْكَمَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَهُمَا.
هَذَا وَلَمْ يَتْرُكِ الْبُخَارِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ بَلْ رَوَى عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرِهِ وَعَذَرَهُ رحمه الله.
وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ سَبَبَ مَوْتِ مُسْلِمٍ رحمه الله أنه عقد مجلس للمذاكرة فسئل يوماً عن حديث فلم يَعْرِفْهُ فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَوْقَدَ السِّرَاجَ وَقَالَ لأهله: لا يدحل أَحَدٌ اللَّيْلَةَ عَلَيَّ، وَقَدْ أُهْدِيَتْ لَهُ سَلَّةٌ من تمر فهي عنده يأكل تمرة ويكشف عن حديث ثم يأكل أخرى ويكشف عن آخر، فلم يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ وَقَدْ أَكَلَ تلك السلة وهو لايشعر.
فَحَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ثِقَلٌ وَمَرِضَ مِنْ ذلك حتى كانت وفاته عشبة يَوْمِ الْأَحَدِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِنَيْسَابُورَ (1) ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الشافعي، وهي سنة أربع ومائتين، فكان عُمُرُهُ سَبْعًا (2) وَخَمْسِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
أبو زيد البسطامي اسمه طيفور بْنِ عِيسَى (3) بْنِ عَلِيٍّ، أَحَدُ مَشَايِخِ الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَ جَدُّهُ مَجُوسِيًّا فَأَسْلَمَ، وَكَانَ لِأَبِي يَزِيدَ أخوات صالحات عابدات، وهو أجلهم، وقيل لأبي يزيد: بأي شئ وصلت إلى الْمَعْرِفَةِ؟
فَقَالَ بِبَطْنٍ جَائِعٍ وَبَدَنٍ عَارٍ.
وَكَانَ يَقُولُ: دَعَوْتُ نَفْسِي إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَلَمْ تجبني فمنعتها الماء سنة، وقال إذا رأيت الرجل قد أُعْطِي مِنَ الْكَرَامَاتِ حَتَّى يَرْتَفِعَ فِي الْهَوَاءِ فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف
(1) في وفيات الاعيان 5 / 195: بنصر أباذ ظاهر نيسابور.
(2)
في وفيات الاعيان: خمس وخمسون.
وقال في العبر، مات وله ستون سنة (3) في ابن خلكان 2 / 531 ومعجم البلدان " بسطام ": عِيسَى بْنِ آدَمَ بْنِ عِيسَى بْنِ عَلِيٍّ.
والبسطامي نسبة إلى بسطام وهي بلدة مشهورة من أعمال قومس (*) .