الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَسَامَتْ بِيَ الدُّنْيَا إِلَى طَمَعٍ * يَوْمًا وَلَا غَرَّنِي فِيهَا الْمَوَاعِيدُ وَمِنْ شَعْرِهِ أَيْضًا: يَا سَاكِنَ الْبَلَدِ الْمُنِيفِ تَعُزُّزًا * بِقِلَاعِهِ وَحُصُونِهِ وَكُهُوفِهِ لَا عِزَّ إِلَّا لِلْعَزِيزِ بِنَفْسِهِ * وَبِخَيْلِهِ وبرجله وسيوفه وبقية بَيْضَاءَ قَدْ ضُرِبَتْ عَلَى * شَرَفِ الْخِيَامِ بِجَارِهِ (1) وضيوفه قوم (2) إذا اشتد الوغا أردى العدا * وشفى النفوس بضربه وزحوفه لم يجعل الشرف التليد لنفسه * حتى أفاد تَلِيدُهُ بِطَرِيفِهِ وَفِيهَا تَمَلَّكَ قَابُوسُ بْنُ وُشْمَكِيرَ بِلَادَ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي.
وَفِيهَا دَخَلَ الخليفة الطائع بشاه بار بِنْتِ عِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَكَانَ عُرْسًا حافلاً.
وفيها حَجَّتْ جَمِيلَةُ بِنْتُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ في تجمل عظيم، حتى كَانَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِحَجِّهَا، وَذَلِكَ أَنَّهَا عَمِلَتْ أربعمائة محمل كان لا يُدْرَى فِي أَيِّهَا هِيَ، وَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى الكعبة نثرت عشرة آلاف دينار على الفقراء المجاورين، وَكَسَتِ الْمُجَاوِرِينَ بِالْحَرَمَيْنِ كُلَّهُمْ، وَأَنْفَقَتْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً فِي ذَهَابِهَا وَإِيَابِهَا.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ مِنَ الْعِرَاقِ الشريف أحمد بن الحسين بن محمد الْعُلْوِيُّ، وَكَذَلِكَ حَجَّ بِالنَّاسِ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِينَ وثلثمائة، وكانت الخطبة بالحرمين في هذه السنة للفاطميين أصحاب مصر دون العباسيين.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا
مِنَ الْأَعْيَانِ
…
إِسْمَاعِيلُ بْنُ نجيد ابن أحمد بن يوسف أَبُو عَمْرٍو السُّلَمِيُّ، صَحِبَ الْجُنَيْدَ وَغَيْرَهُ، وَرَوَى الحديث وكان ثقة، ومن جيد كلامه قوله: من لم تهدك رُؤْيَتُهُ فَلَيْسَ بِمُهَذَّبٍ.
وَقَدِ احْتَاجَ شَيْخُهُ أَبُو عثمان مرة إلى شئ فسأله أَصْحَابَهُ فِيهِ فَجَاءَهُ ابْنُ نُجَيْدٍ بِكِيسٍ فِيهِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَقَبَضَهُ مِنْهُ وَجَعَلَ يَشْكُرُهُ إِلَى أصحابه، فقال له ابن نجيد بين أصحابه: يَا سَيِّدِي إِنَّ الْمَالَ الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ كان من مال أمي أخذته وهي كارهة فأنا أحب أن ترده إليّ حتى أرده إليها.
فأعطاه إياه، فلما كان الليل جاء به وقال أحب أن تصرفها في أمرك ولا تذكرها لأحد.
فكان أبو عثمان يقول: أنا أجتني مِنْ هِمَّةِ أَبِي عَمْرِو بْنِ نُجَيْدٍ رحمهم الله
تَعَالَى.
الْحَسَنُ بْنُ بُوَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ ركن الدولة عرض له قولنج فمات في لَيْلَةَ السَّبْتِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْهَا،
(1) في أخبار القرامطة: لجاره.
(2)
في أخبار القرامطة: قرم.
(*)
وكانت مدة ولايته أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَشَهْرًا وَتِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَمُدَّةُ عُمُرِهِ ثَمَانٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَكَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا.
محمد بن إسحاق ابن إبراهيم بن أفلح بن رافع بْنِ رَافِعِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَفْلَحَ بْنِ عبد الرحمن بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَبُو الْحَسَنِ الْأَنْصَارِيُّ الزرقي، كان نقيب الأنصار، وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً يَعْرِفُ أَيَّامَ الْأَنْصَارِ وَمَنَاقِبَهُمْ، وكانت وفاته في جمادى الآخرة منها.
محمد بن الحسن ابن أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْحَسَنِ السَّرَّاجُ، سَمِعَ يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ الْقَاضِي وَغَيْرَهُ، وَكَانَ شَدِيدَ الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ.
صَلَّى حَتَّى أُقْعِدَ، وَبَكَى حتى عمي، توفي يوم عاشوراء منها.
القاضي منذر البلوطي رحمه الله قاضي قضاة الأندلس، كان إماماً عالماً فصيحاً خطيباً شاعراً أديباً، كثير الفضل، جامعاً لصنوف من الخير والتقوى والزهد، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَاخْتِيَارَاتٌ، مِنْهَا أَنَّ الْجَنَّةَ الَّتِي سكنها آدم وأهبط منها كانت في الارض وليسة بالجنة التي أعدها الله لعباده في الآخرة، وَلَهُ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ مُفْرَدٌ، لَهُ وَقْعٌ في النفوس وعليه حلاوة وطلاوة، دَخَلَ يَوْمًا عَلَى النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْمَدِينَةِ الزَّهْرَاءِ وَقُصُورِهَا، وَقَدْ بُنِيَ لَهُ فِيهَا قَصْرٌ عظيم منيف، وقد زخرف بأنواع الدهانات وكسي الستور، وجلس عنده رؤس دولته وأمراؤه، فجاءه الْقَاضِي فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِهِ
وَجَعَلَ الْحَاضِرُونَ يُثْنُونَ على ذلك البناء ويمدحونه، وَالْقَاضِي سَاكِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ وقال: ما تقول أنت يَا أَبَا الْحَكَمِ؟ فَبَكَى الْقَاضِي وَانْحَدَرَتْ دُمُوعُهُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الشيطان أخزاه الله يبلغ منك هذا المبلغ المفضح المهتك، المهلك لصاحبه في الدنيا والآخرة، ولا أنك تمكنه من قيادك مع ما آتاك الله وفضلك به على كثير من الناس، حتى أنزلك منازل الكافرين والفاسقين.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً) الآية [الزُّخْرُفِ: 33] .
قَالَ: فَوَجَمَ الْمَلِكُ عِنْدَ ذَلِكَ وَبَكَى وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَأَكْثَرَ فِي الْمُسْلِمِينَ مثلك.
وقد قحط في بعض السنين فأمره الملك أن يستسقي للناس، فلما جاءته الرسالة مع البريد قال للرسول: كيف تركت الملك؟ فقال تركته أخشع ما يكون وأكثره دعاء وتضرعاً.
فقال القاضي: سقيم وَاللَّهِ، إِذَا خَشَعَ جَبَّارُ الْأَرْضِ رَحِمَ جَبَّارُ السماء.
ثم قال لغلامه: ناد في النَّاس