الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحُسَيْنُ (1) بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ الْفَقِيهُ الشافعي، أحد الأئمة المحررين في الخلاف، وهو أول من صنف فيه، وله الإيضاح في المذهب، وكتاب في الجدل، وفي أُصُولِ الْفِقْهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّبَقَاتِ (2) .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن إبراهيم ابن عِيسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ الهاشمي الإمام، ويعرف بابن بويه، وُلِدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، رَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ ابْنُ رِزْقَوَيْهِ، وَكَانَ خَطِيبًا بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَقَدْ خطب فيه سنة ثلاثين وثلثمائة وقبلها تمام سنة، ثم خَطَبَ فِيهِ الْوَاثِقُ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
وَهُمَا فِي النَّسَبِ إِلَى الْمَنْصُورِ سَوَاءٌ.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ مِنْهَا.
عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ موسى بن عبد الله أبو السائب القاضي الهمذاني الشافعي، كان فاضلاً بارعاً، ولي الْقَضَاءَ، وَكَانَ فِيهِ تَخْلِيطٌ فِي الْأُمُورِ، وَقَدْ رآه بعضهم بعد موته فَقَالَ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي وَأَمَرَ بِي إِلَى الْجَنَّةِ عَلَى مَا كَانَ مِنِّي مِنَ التَّخْلِيطِ، وَقَالَ لِي: إِنِّي كتبت عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أُعَذِّبَ أَبْنَاءَ الثَّمَانِينَ.
وَهَذَا الرَّجُلُ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ ببغداد من الشافعية والله أعلم.
محمد بن أحمد بن حيان أَبُو بَكْرٍ الدِّهْقَانُ، بَغْدَادِيٌّ، سَكَنَ بُخَارَى وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَتُوُفِّيَ عَنْ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً.
أَبُو عَلِيٍّ الْخَازِنُ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا فَوُجِدَ فِي دَارِهِ مِنَ الدَّفَائِنِ وَعِنْدَ النَّاسِ مِنَ الْوَدَائِعِ مَا يُقَارِبُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وثلثمائة فيها كان دخول الروم إلى حلب صحبة الدمستق ملك الروم لعنه الله
، فِي مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ أنه ورد إليها بَغْتَةً فَنَهَضَ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بمن حضر عنده من المقاتلة، فَلَمْ يَقْوَ بِهِ لِكَثْرَةِ جُنُودِهِ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ قَلِيلَ الصَّبْرِ فَفَرَّ مُنْهَزِمًا فِي نَفَرٍ يسير من أصحابه، فأول ما استفتح به الدمستق قبحه الله أن استحوذ على دار سيف الدولة، وكانت ظاهر حلب (3) ، فأخذ ما فيها من الأموال العظيمة (4) والحواصل الكثيرة، والعدد
(1) كذا بالاصل وهو تحريف والصواب: الحسن كما في الوافي ووفيات الاعيان.
(2)
ذكر ابن خلكان وفاته سنة 305 - وانظر طبقات الفقهاء للشيرازي - وهو تحريف.
(3)
وكانت تسمى الدارين.
(الكامل 8 / 540 مختصر أخبار البشر 2 / 103)(*) .
وآلات الحرب، أخذ من ذلك ما لا يحصى كثرة، وأخذ ما فيها من النساء والولدان وغيرهم، ثم حاصر سور حلب فَقَاتَلَ أَهْلَ الْبَلَدِ دُونَهُ قِتَالًا عَظِيمًا، وَقَتَلُوا خلقاً كثيراً من الروم، وثلمت الروم بسور حلب ثُلْمَةً عَظِيمَةً، فَوَقَفَ فِيهَا الرُّومُ فَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَأَزَاحُوهُمْ عَنْهَا، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ
جَدَّ المسلمون في إعادتها فَمَا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ إِلَّا وَهِيَ كَمَا كَانَتْ، وحفظوا السور حفظاً عظيماً، ثم بلغ المسلمون أن الشرط والبلاحية قد عاثوا في داخل البلد ينهبون البيوت، فرجع الناس إلى منازلهم يمنعونها منهم قبحهم الله، فإنهم أهل شر وفساد، فلما فعلوا ذلك غلبت الرُّومُ عَلَى السُّورِ فَعَلَوْهُ وَدَخَلُوا الْبَلَدَ يَقْتُلُونَ مَنْ لَقُوهُ، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا وانتهبوا الأموال وأخذوا الأولاد وَالنِّسَاءَ.
وَخَلَّصُوا مَنْ كَانَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أسارى الروم، وكانوا ألفاً وأربعمائة (1) ، فأخذ الأسارى السيوف وقاتلوا المسلمين، وكانوا أضر على المسلمين من قومهم، وَأَسَرُوا نَحْوًا مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ، وَمِنَ النِّسَاءِ شَيْئًا كَثِيرًا، ومن الرجال الشباب أَلْفَيْنِ، وَخَرَّبُوا الْمَسَاجِدَ وَأَحْرَقُوهَا، وَصَبُّوا فِي جِبَابِ الزَّيْتِ الْمَاءَ حَتَّى فَاضَ الزَّيْتُ عَلَى وَجْهِ الأرض، وأهلكوا كل شئ قدروا عليه، وكل شئ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِهِ أَحْرَقُوهُ، وَأَقَامُوا فِي البلد تسعة أيام يفعلون فيها الأفاعيل الفاسدة العظيمة، كل ذلك بسبب فعل البلاحية والشرط في البلد قاتلهم الله.
وكذلك حاكمهم ابن حمدان كان رافضياً يحب الشيعة ويبغض أهل السنة، فاجتمع على أهل حلب عدة مصائب، ثم عزم الدمستق على الرحيل عنهم خوفاً من سيف الدولة، فقال له ابن أخيه: أين تذهب وتدع القلعة وأموال الناس غالبها فيها ونساؤهم؟ فقال له الدمستق: إنا قد بلّغنا فوق ما كنا نأمل، وإن بها مقاتلة ورجالاً غزاة، فقال له لابد لنا منها، فقال له: اذهب إليها، فصعد إليها في جيش ليحاصرها فرموه بحجر فقتلوه فِي السَّاعة الرَّاهنة مِنْ بَيْنِ الْجَيْشِ كُلِّهِ، فغضب عند ذلك الدمستق وأمر بإحضار من في يديه مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ (2) ، فضربت أعناقهم بين يديه لعنه الله، ثم كر راجعاً.
وَقَدْ دَخَلُوا عَيْنَ زَرْبَةَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي المحرم من هذه السنة، فأستأمنه أهلها فأمنهم وأمر بأن يدخلوا كلهم المسجد ومن بقي في منزله قتل، فصاروا إلى المسجد كلهم ثم قال: لا يبقين أحد من أهلها الْيَوْمَ إِلَّا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ، وَمَنْ تَأَخَّرَ قُتِلَ، فَازْدَحَمُوا فِي خُرُوجِهِمْ مِنَ الْمَسْجِدِ فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَخَرَجُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَدْرُونَ أين يذهبون، فمات في الطرقات منهم خلقا كَثِيرٌ.
ثُمَّ هَدَمَ الْجَامِعَ وَكَسَرَ الْمِنْبَرَ وَقَطَعَ مِنْ حَوْلِ الْبَلَدِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ نَخْلَةٍ، وَهَدَمَ سور البلد والمنازل المشار إليها، وَفَتَحَ حَوْلَهَا أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ حِصْنًا بَعْضُهَا بِالسَّيْفِ وبعضها
بالأمان، وقتل الملعون خلقاً كثيراً، وكان في جملة من أسر أبو فِرَاسِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ نَائِبَ مَنْبِجَ
(4) ثلاثمائة بدرة من الد راهم.
(الكامل 8 / 540) وفي تاريخ الزمان لابن العبري ص 62: 390 وزنة فضة.
(1)
في تاريخ الزمان ص 62: ألف ومائتي رومي.
(2)
في الكامل 8 / 542 والعبر 4 / 239: ألف ومائتين (*) .