الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما كنت في الجيش الّذي نال عامر
…
وما كان عن جرى لِسَانِي وَلَا يَدِي
قَبَائِلُ جَاءَتْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ
…
نَزَائِعُ جَاءَتْ مِنْ سِهَامٍ وَسَرْدُدِ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَزَعَمُوا أَنَّهُ حِينَ أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَالَنِي مَعَ اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ، ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فِي صدره وقال «أنت طردتني كل مطرد» .
فصل
وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَرِّ الظَّهْرَانِ نَزَلَ فِيهِ فَأَقَامَ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ «نَعَمْ وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَاهَا» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ سِنَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ سَعِيدِ بْنِ مينا قال: لما فرغ أهل مكة وَرَجَعُوا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَسِيرِ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَرِّ الظَّهْرَانِ نَزَلَ بِالْعُقْبَةِ فَأَرْسَلَ الْجُنَاةَ يَجْتَنُونَ الْكَبَاثَ، فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ وَمَا هُوَ؟ قَالَ ثَمَرُ الْأَرَاكِ قَالَ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَنْ يَجْتَنِي، قَالَ فَجَعَلَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَصَابَ حَبَّةً طَيِّبَةً قَذَفَهَا فِي فِيهِ، وَكَانُوا يَنْظُرُونَ إِلَى دِقَّةِ سَاقَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَرْقَى فِي الشَّجَرَةِ فَيَضْحَكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تعجبون من دقة ساقيه فو الّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ» وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا اجْتَنَى مِنْ شيء جاء به وخياره إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِي ذَلِكَ:
هَذَا جَنَايَ وَخِيَارَهُ فِيهْ
…
إِذْ كُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فِيهْ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَنَفَجْنَا أَرْنَبًا وَنَحْنُ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغِبُوا فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا، وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَرِكِهَا وفخذيها فَقَبِلَهُ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَنَزَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ وَقَدْ عُمِّيَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ قُرَيْشٍ فَلَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَدْرُونَ مَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاعِلٌ، وَخَرَجَ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي أبو سفيان بن حرب وحكيم ابن حزام وبديل بن ورقاء يتجسسون الْأَخْبَارَ وَيَنْظُرُونَ هَلْ يَجِدُونَ خَبَرًا أَوْ يَسْمَعُونَ به. وذكره ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عُيُونًا خَيْلًا يَقْتَصُّونَ الْعُيُونَ وَخُزَاعَةُ لَا تَدَعُ أَحَدًا يَمْضِي وَرَاءَهَا، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ أَخَذَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ وَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَجَأُ فِي عُنُقِهِ حَتَّى أَجَارَهُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ صَاحِبًا لِأَبِي سُفْيَانَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ الْعَبَّاسُ حِينَ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ الظَّهْرَانِ قُلْتُ وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ لَئِنْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَكَّةَ عَنْوَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوهُ فَيَسْتَأْمِنُوهُ إِنَّهُ لَهَلَاكُ قُرَيْشٍ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، قَالَ فَجَلَسْتُ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْضَاءِ فَخَرَجْتُ عَلَيْهَا حَتَّى جِئْتُ الْأَرَاكَ فَقُلْتُ لَعَلِّي أَجِدُ بَعْضَ الْحَطَّابَةِ أَوْ صَاحِبَ لَبَنِ أَوْ ذَا حَاجَةٍ يَأْتِي مَكَّةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يخرجوا إِلَيْهِ فَيَسْتَأْمِنُوهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ عَنْوَةً، قال فو الله إِنِّي لَأَسِيرُ عَلَيْهَا وَأَلْتَمِسَ مَا خَرَجْتُ لَهُ إذا سَمِعْتُ كَلَامَ أَبِي سُفْيَانَ وَبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ وَأَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ نِيرَانًا قَطُّ وَلَا عَسْكَرًا. قَالَ يَقُولُ بُدَيْلٌ: هَذِهِ وَاللَّهِ خُزَاعَةُ حَمَشَتْهَا الْحَرْبُ، قَالَ يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: خُزَاعَةُ أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ نِيرَانُهَا وَعَسْكَرُهَا. قَالَ فَعَرَفْتُ صوته فقلت يأبا حَنْظَلَةَ؟ فَعَرِفَ صَوْتِي فَقَالَ أَبُو الْفَضْلِ؟ قَالَ قلت نعم، قال مالك فَدَى لَكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ قُلْتُ وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الناس فقال واصباح قريش والله، فَمَا الْحِيلَةُ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ قُلْتُ وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَارْكَبْ فِي عَجُزِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ حَتَّى آتِيَ بِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْتَأْمِنُهُ لَكَ، قَالَ فَرَكِبَ خَلْفِي وَرَجَعَ صَاحَبَاهُ [1] وَقَالَ عُرْوَةُ: بَلْ ذَهَبَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَا وَجَعَلَ يَسْتَخْبِرُهُمَا عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: بَلْ دَخَلُوا مَعَ الْعَبَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. [قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: قَالَ فَجِئْتُ بِهِ كُلَّمَا مَرَرْتُ بِنَارٍ مِنْ نِيرَانِ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا مَنْ هَذَا؟ فَإِذَا رَأَوْا بَغْلَةَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عَلَيْهَا قَالُوا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى مَرَرْتُ بِنَارِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ وَقَامَ إِلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى أَبَا سُفْيَانَ عَلَى عَجُزِ الدَّابَّةِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ عَدُوُّ اللَّهِ [الْحَمْدُ للَّه الَّذِي أَمْكَنَ مِنْكَ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ؟ وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ وَجَأَ فِي رَقَبَةِ أَبِي سُفْيَانَ وَأَرَادَ قَتْلَهُ فَمَنَعَهُ مِنْهُ الْعَبَّاسُ. وَهَكَذَا ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عُيُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذُوهُمْ بِأَزِمَّةِ جِمَالِهِمْ فَقَالُوا مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا وَفْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلقيهم العباس فدخل بهم على رسول الله فَحَادَثَهُمْ عَامَّةَ اللَّيْلِ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَشَهِدُوا وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَشَهِدَ حَكِيمٌ وَبُدَيْلٌ وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا أَعْلَمُ ذَلِكَ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ الصُّبْحِ ثُمَّ سَأَلُوهُ أَنْ يُؤَمِّنَ قُرَيْشًا فَقَالَ: «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ- وَكَانَتْ بِأَعْلَى مَكَّةَ- وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَهُوَ آمِنٌ- وَكَانَتْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ- وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ الْعَبَّاسُ:][2] ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ يَشْتَدُّ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَكَضَتِ الْبَغْلَةُ فَسَبَقَتْهُ بِمَا تَسْبِقُ الدَّابَّةُ الْبَطِيئَةُ الرَّجُلَ الْبَطِيءَ، قَالَ فَاقْتَحَمْتُ عَنِ الْبَغْلَةِ فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ قَدْ أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلَا عَهْدٍ فَدَعْنِي فَلْأَضْرِبْ عُنُقَهُ؟ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ، ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا يُنَاجِيهِ اللَّيْلَةَ دُونِي رَجُلٌ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عُمَرُ فِي شَأْنِهِ قال قلت: مهلا يا عمر فو الله أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَا قُلْتَ هَذَا، وَلَكِنَّكَ قَدْ عرفت
[1] صاحباه بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام.
[2]
ما بين المربعين عن المصرية فقط.
أَنَّهُ مِنْ رِجَالِ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، فَقَالَ مهلا يا عباس فو الله لا سلامك يَوْمَ أَسْلَمْتَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ، وَمَا بِي إِلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ إِسْلَامِ الْخَطَّابِ [لَوْ أَسْلَمَ] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ «اذْهَبْ بِهِ يَا عَبَّاسُ إِلَى رَحْلِكَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَأْتِنِي بِهِ» قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى رَحْلِي فَبَاتَ عِنْدِي فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَوْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فلما [رآه قَالَ]«وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟» فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا أَحَلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ وَاللَّهِ لَقَدْ ظَنَنْتُ أَنْ لَوْ كَانَ مَعَ اللَّهِ غَيْرُهُ لَقَدْ أَغْنَى عَنِّي شَيْئًا بَعْدُ، قَالَ «وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا أَحَلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ وَأَوْصَلَكَ أَمَّا هَذِهِ وَاللَّهِ فَإِنَّ فِي النَّفْسِ مِنْهَا حَتَّى الْآنَ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: وَيْحَكَ أَسْلِمْ وَاشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُكَ؟ قَالَ فَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَأَسْلَمَ، قَالَ الْعَبَّاسُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ هَذَا الْفَخْرَ فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئًا؟ قَالَ:«نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» [زَادَ عُرْوَةُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَهُوَ آمِنٌ» وَهَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ][1]«وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» فَلَمَّا ذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَا عَبَّاسُ احْبِسْهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ حَتَّى تَمُرَّ بِهِ جُنُودُ اللَّهِ فَيَرَاهَا» [وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَبُدَيْلًا وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ كَانُوا وُقُوفًا مَعَ الْعَبَّاسِ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ، وَذَكَرَ أَنَّ سَعْدًا لَمَّا قَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ. الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ، فَشَكَّى أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَزَلَهُ عَنْ رَايَةِ الْأَنْصَارِ وَأَعْطَاهَا الزبير بن العوام فدخل بها من أعلا مَكَّةَ وَغَرَزَهَا بِالْحَجُونِ، وَدَخَلَ خَالِدٌ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بَنُو بَكْرٍ وَهُذَيْلٌ فَقُتِلَ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِشْرِينَ وَمِنْ هُذَيْلٍ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً وَانْهَزَمُوا فَقُتِلُوا بِالْحَزْوَرَةِ حَتَّى بَلَغَ قَتْلُهُمْ بَابَ الْمَسْجِدِ][1] قَالَ الْعَبَّاسُ: فَخَرَجْتُ بِأَبِي سُفْيَانَ حَتَّى حَبَسْتُهُ بِمَضِيقِ الْوَادِي حَيْثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَحْبِسَهُ، قَالَ وَمَرَّتِ الْقَبَائِلُ عَلَى رَايَاتِهَا كُلَّمَا مَرَّتْ قَبِيلَةٌ قَالَ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ سُلَيْمٌ فَيَقُولُ مَا لِي وَلِسُلَيْمٍ، ثُمَّ تَمُرُّ بِهِ الْقَبِيلَةُ فَيَقُولُ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَأَقُولُ مُزَيْنَةُ فَيَقُولُ مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ، حَتَّى نفذت القبائل ما ترم بِهِ قَبِيلَةٌ إِلَّا سَأَلَنِي عَنْهَا فَإِذَا أَخْبَرْتُهُ قَالَ مَا لِي وَلِبَنِي فُلَانٍ حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ وَفِيهَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الْحَدَقُ مِنَ الْحَدِيدِ. فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا عَبَّاسُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ قُلْتُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قَالَ مَا لِأَحَدٍ بِهَؤُلَاءِ مِنْ قِبَلٍ وَلَا طَاقَةٍ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيكَ الْغَدَاةَ عظيما! قال قلت يأبا سُفْيَانَ إِنَّهَا النُّبُوَّةُ، قَالَ فَنِعْمَ إِذَنْ، قَالَ قُلْتُ النَّجَاءَ إِلَى قَوْمِكَ حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَذَا محمد قد جاءكم فيما لا قبل
[1] ما بين المربعين لم يرد في النسخة الحلبية.
لَكُمْ بِهِ، فَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَقَامْتُ إِلَيْهِ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فأخذت بشار به فَقَالَتْ اقْتُلُوا الْحَمِيتَ الدَّسِمَ الْأَحْمَسَ قُبِّحَ مِنْ طَلِيعَةِ قَوْمٍ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَيْلَكُمْ لَا تَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ، مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، قَالُوا قَاتَلَكَ اللَّهُ وَمَا تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ؟ قَالَ وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ. فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلَى دَوْرِهِمْ وَإِلَى الْمَسْجِدِ [وَذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما مَرَّ بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ لَهُ: إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا كَثِيرَةً لَا أَعْرِفُهَا لَقَدْ كَثُرَتْ هَذِهِ الوجوه على؟ فقال له رسول الله: «أَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا وَقَوْمُكَ إِنَّ هَؤُلَاءِ صَدَّقُونِي إِذْ كَذَّبْتُمُونِي وَنَصَرُونِي إِذْ أَخْرَجْتُمُونِي» ثُمَّ شَكَى إِلَيْهِ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ حِينَ مَرَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:«كَذِبَ سَعْدٌ بَلْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ» وَذَكَرَ عُرْوَةُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لَمَّا أَصْبَحَ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي كَانَ عِنْدَ الْعَبَّاسِ وَرَأَى الناس يجنحون لِلصَّلَاةِ وَيَنْتَشِرُونَ فِي اسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ خَافَ وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ مَا بَالُهُمْ؟ قَالَ إِنَّهُمْ سَمِعُوا النِّدَاءَ فَهُمْ يَنْتَشِرُونَ لِلصَّلَاةِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَرَآهُمْ يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَا يَأْمُرُهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا فَعَلُوهُ؟ قَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ لَوْ أَمَرَهُمْ بِتَرْكِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَأَطَاعُوهُ. وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلُوا يَتَكَفَّفُونَ، فَقَالَ يَا عَبَّاسُ مَا رَأَيْتُ كَاللَّيْلَةِ وَلَا مُلْكَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ] [1] . وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْجَبَّارِ عَنْ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِتَمَامِهَا كَمَا أَوْرَدَهَا زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُنْقَطِعَةً فاللَّه أَعْلَمُ. عَلَى أَنَّهُ قَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بِلَالٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ زِيَادٌ الْبَكَّائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاسُ بِأَبِي سُفْيَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ أسلم لَيْلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَا تَسَعُ دَارِي؟ فَقَالَ «وَمَنْ دَخَلَ الْكَعْبَةَ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ وَمَا تَسَعُ الْكَعْبَةُ؟ فَقَالَ «وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» قَالَ وَمَا يَسَعُ الْمَسْجِدُ فَقَالَ «وَمَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ هَذِهِ وَاسِعَةٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الفتح فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا هَذِهِ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ نِيرَانُ بَنِي
[1] ما بين المربعين لم يرد في النسخة الحلبية ولا التيمورية.