الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِصَّةُ الْإِفْكِ
وَهَذَا سِيَاقُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حديث الْإِفْكِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ الله بن عبيد الله بن عتبة قال الزهري: وكل قد حدثني بهذا الْحَدِيثِ وَبَعْضُ الْقَوْمِ كَانَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بعض وقد جمعت كُلَّ الَّذِي حَدَّثَنِي الْقَوْمُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ نَفْسِهَا حِينَ قَالَ فِيهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَكُلٌّ قَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِهَا عَنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا يُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يُحَدِّثْ صَاحِبُهُ وَكُلٌّ كَانَ عَنْهَا ثِقَةً فَكُلُّهُمْ حَدَّثَ عَنْهَا بِمَا سَمِعَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ فَلَمَّا كَانَ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ، فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ مَعَهُ فَخَرَجَ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ: وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ يأكلن العلق لم يهجهن اللَّحْمُ فَيَثْقُلْنَ وَكُنْتُ إِذَا رَحَلَ لِي بَعِيرِي جَلَسْتُ فِي هَوْدَجِي ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمُ الَّذِينَ كانوا يرحلون لي فيحملوننى ويأخذون بِأَسْفَلِ الْهَوْدَجِ فَيَرْفَعُونَهُ فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَشُدُّونَهُ بِحِبَالِهِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ. قَالَتْ: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ وَجَّهَ قَافِلًا حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ نَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بِهِ بَعْضَ اللَّيْلِ ثُمَّ أذّن مؤذن فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ فَارْتَحَلَ النَّاسُ وَخَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَفِي عُنُقِي عِقْدٌ لِي فِيهِ جَزْعُ ظَفَارٍ فَلَمَّا فَرَغْتُ انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَلَا أَدْرِي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الرَّحْلِ ذَهَبْتُ أَلْتَمِسُهُ فِي عُنُقِي فَلَمْ أَجِدْهُ وَقَدْ أَخَذَ النَّاسُ فِي الرَّحِيلِ فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَانِي الَّذِي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ فَالْتَمَسْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُهُ وَجَاءَ الْقَوْمُ خِلَافِي الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونَ لِيَ الْبَعِيرَ وَقَدْ كَانُوا فَرَغُوا مَنْ رِحْلَتِهِ فَأَخَذُوا الْهَوْدَجَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ كَمَا كُنْتُ أَصْنَعُ فَاحْتَمَلُوهُ فَشَدُّوهُ عَلَى الْبَعِيرِ وَلَمْ يَشُكُّوا أَنِّي فِيهِ ثُمَّ أَخَذُوا بِرَأْسِ الْبَعِيرِ فَانْطَلَقُوا بِهِ فَرَجَعْتُ إِلَى الْعَسْكَرِ وَمَا فِيهِ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ قَدِ انْطَلَقَ النَّاسُ. قَالَتْ فَتَلَفَّفْتُ بِجِلْبَابِي ثُمَّ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي وَعَرَفْتُ أَنْ لَوِ افْتُقِدْتُ لَرُجِعَ الناس الى. قالت فو الله انى لمضطجعة إذ مرّ بين صفوان بن المعطل السلمي وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته فَلَمْ يَبِتْ مَعَ النَّاسِ فَرَأَى سَوَادِي فَأَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 ظَعِينَةُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟
وَأَنَا مُتَلَفِّفَةٌ فِي ثِيَابِي. قَالَ مَا خَلَّفَكِ يَرْحَمُكِ اللَّهُ؟ قَالَتْ فَمَا كَلَّمْتُهُ. ثُمَّ قَرَّبَ إِلَيَّ الْبَعِيرَ فَقَالَ ارْكَبِي وَاسْتَأْخَرَ عَنِّي. قَالَتْ فَرَكِبْتُ وَأَخَذَ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس فو الله مَا أَدْرَكْنَا النَّاسَ وَمَا افْتُقِدْتُ حَتَّى أَصْبَحْتُ وَنَزَلَ النَّاسُ فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا طَلَعَ الرَّجُلُ يَقُودُ بِي فَقَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا وَارْتَجَّ العسكر وو الله مَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنِ اشْتَكَيْتُ شَكْوَى
شَدِيدَةً لَا يَبْلُغُنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. وَقَدِ انْتَهَى الْحَدِيثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى أَبَوَيَّ لَا يَذْكُرُونَ لِي مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا إِلَّا أَنِّي قَدْ أَنْكَرْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ لُطْفِهِ بِي كُنْتُ إِذَا اشْتَكَيْتُ رَحِمَنِي وَلَطَفَ بِي فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِي في شكواي ذلك فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ مِنْهُ، كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي أُمِّي [1] تُمَرِّضُنِي قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ؟ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ قَالَتْ حَتَّى وَجَدْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتُ مَا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ لِي: لَوْ أَذِنْتَ لِي فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي فَمَرَّضَتْنِي قَالَ لَا عليك قالت فانقلبت إِلَى أُمِّي وَلَا عِلْمَ لِي بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ حَتَّى نَقِهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لَا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ الَّتِي تَتَّخِذُهَا الْأَعَاجِمُ نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا إِنَّمَا كُنَّا نَخْرُجُ فِي فُسَحِ الْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا كَانَتِ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي حَوَائِجِهِنَّ فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِيَ أُمُّ مِسْطَحٍ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ المطلب قالت فو الله إِنَّهَا لَتَمْشِي مَعِي إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ (وَمِسْطَحٌ لَقَبٌ وَاسْمُهُ عَوْفٌ) قالت فقلت بئس لعمرو اللَّهِ مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَقَدْ شهد بدرا قالت أو ما بَلَغَكِ الْخَبَرُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ قُلْتُ وَمَا الْخَبَرُ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ مِنْ قول أهل الافك قلت أو قد كَانَ هَذَا قَالَتْ نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ قالت فو الله مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي وَرَجَعْتُ فو الله مَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي قَالَتْ وَقُلْتُ لِأُمِّي يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِمَا تَحَدَّثُوا بِهِ وَلَا تَذْكُرِينَ لِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَالَتْ أَيْ بنية خففى عليك الشأن فو الله لقلّ ما كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ وَكَثَّرَ النَّاسُ عَلَيْهَا قَالَتْ وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَهُمْ وَلَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي وَيَقُولُونَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ إِلَّا خَيْرًا، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلَّا خَيْرًا، وَلَا يَدْخُلُ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِي إِلَّا وَهُوَ مَعِي، قَالَتْ وَكَانَ كِبْرُ ذَلِكَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ فِي رِجَالٍ مِنَ الْخَزْرَجِ مَعَ الَّذِي قَالَ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ وَذَلِكَ أَنَّ أُخْتَهَا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ تَكُنِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ تُنَاصِينِي فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُ غَيْرُهَا فَأَمَّا زَيْنَبُ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا حَمْنَةُ فَأَشَاعَتْ مِنْ ذلك ما أشاعت تضارنى لِأُخْتِهَا فَشَقِيَتْ بِذَلِكَ فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الْمَقَالَةَ قَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ يكونوا من الأوس نكفيكهم وَإِنْ يَكُونُوا مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ فَمُرْنَا أمرك فو الله إِنَّهُمْ لَأَهْلٌ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُرَى رجلا صالحا فقال كذبت لعمر الله ما تَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ أَمَا وَاللَّهِ مَا قُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَّا أَنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَوْمِكَ مَا قُلْتَ هَذَا. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ وتساور الناس حتى كاد
[1] في سيرة ابن هشام: هي أم رومان، واسمها زينب بنت عبد دهمان أَحَدُ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بن كنانة
يَكُونُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ شَرٌّ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عليّ فَدَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَاسْتَشَارَهُمَا فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَثْنَى خَيْرًا وَقَالَهُ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهْلُكَ وَمَا نَعْلَمُ مِنْهُمْ إِلَّا خَيْرًا وَهَذَا الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ. وَأَمَّا عَلِيٌّ فَإِنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ لَكَثِيرٌ وَإِنَّكَ لَقَادِرٌ عَلَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ وَسَلِ الْجَارِيَةَ فَإِنَّهَا سَتَصْدُقُكَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بريرة يسألها قَالَتْ فَقَامَ إِلَيْهَا عَلِيٌّ فَضَرَبَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا وَيَقُولُ: اصْدُقِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ فتقول والله ما أعلم الاخيرا وَمَا كُنْتُ أَعِيبُ عَلَى عَائِشَةَ شَيْئًا إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَعْجِنُ عَجِينِي فَآمُرُهَا أَنْ تَحْفَظَهُ فَتَنَامُ عَنْهُ فَتَأْتِي الشَّاةُ فَتَأْكُلُهُ. قَالَتْ ثُمَّ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدِي أَبَوَايَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَا أَبْكِي وَهِيَ تَبْكِي فَجَلَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ مَا بَلَغَكِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ فَاتَّقِي اللَّهَ وَإِنْ كُنْتِ قَدْ قَارَفْتِ سُوءًا مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ الله يقبل التوبة عن عباده. قالت فو الله إِنْ هُوَ إِلَّا أَنْ قَالَ لِي ذَلِكَ فَقَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ شَيْئًا وَانْتَظَرْتُ أَبَوَيَّ أَنْ يُجِيبَا عَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَتَكَلَّمَا. قَالَتْ وَايْمُ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أَحْقَرَ فِي نَفْسِي وَأَصْغَرَ شَأْنًا مِنْ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ فِيَّ قُرْآنًا يُقْرَأُ بِهِ وَيُصَلَّى بِهِ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذّب الله به عنى لما يعلم من براءتي ويخبر خبرا وأما قرآنا ينزل فىّ فو الله لَنَفْسِي كَانَتْ أَحْقَرَ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ قَالَتْ فَلَمَّا لَمْ أَرَ أَبَوَيَّ يَتَكَلَّمَانِ قُلْتُ لَهُمَا أَلَا تُجِيبَانِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَا والله ما ندري بما نجيبه. قالت والله مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مَا دَخَلَ عَلَى آلِ أَبِي بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ قَالَتْ فَلَمَّا اسْتَعْجَمَا عَلَيَّ اسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا ذَكَرْتَ أَبَدًا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ لَئِنْ أَقْرَرْتُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَأَقُولَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَئِنْ أَنَا أَنْكَرْتُ مَا يَقُولُونَ لَا تُصَدِّقُونَنِي قَالَتْ ثُمَّ الْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَمَا أَذْكُرُهُ فَقُلْتُ وَلَكِنْ سَأَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ 12: 18 قالت فو الله مَا بَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ حَتَّى تَغَشَّاهُ مِنَ اللَّهِ مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ فَسُجِّيَ بِثَوْبِهِ وَوُضِعَتْ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَمَّا أَنَا حِينَ رَأَيْتُ من ذلك ما رأيت فو الله مَا فَزِعْتُ وَمَا بَالَيْتُ قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ ظَالِمِي وَأَمَّا أَبَوَايَ فو الّذي نَفْسُ عَائِشَةَ بِيَدِهِ مَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى ظَنَنْتُ لتحرجن أَنْفُسُهُمَا فَرَقًا مِنْ أَنْ يَأْتِيَ مِنَ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَا قَالَ النَّاسُ. قَالَتْ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ وَإِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْ وَجْهِهِ مِثْلُ الْجُمَانِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وجهه وَيَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل بَرَاءَتَكِ. قَالَتْ قُلْتُ الْحَمْدُ للَّه. ثم خرج الى الناس فحطبهم وَتَلَا عَلَيْهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل مِنَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَ بِمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ وَكَانُوا مِمَّنْ أَفْصَحَ بِالْفَاحِشَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَهَذَا السِّيَاقُ فِيهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ. وَذِكْرُ حَدِّ الْقَذْفِ لِحَسَّانَ وَمَنْ مَعَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ضَرْبِ حَسَّانَ وَأَصْحَابِهِ:
لَقَدْ ذَاقَ حَسَّانُ الَّذِي كَانَ أَهْلَهُ
…
وَحَمْنَةُ إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَحُ
تَعَاطَوْا بِرَجْمِ الْغَيْبِ زَوْجَ نَبِيِّهِمْ
…
وَسَخْطَةَ ذِي الْعَرْشِ الْكَرِيمِ فَأُتْرِحُوا
وَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ فِيهَا فَجُلِّلُوا
…
مَخَازِيَ تَبْقَى عُمِّمُوهَا وَفُضِّحُوا
وَصُبَّتْ عَلَيْهِمْ مُحْصَدَاتٌ كَأَنَّهَا
…
شَآبِيبُ قَطْرٍ في ذُرَا الْمُزْنِ تَسْفَحُ
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ شِعْرًا يَهْجُو فِيهِ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ وَجَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ تَخَاصَمَ عَلَى الْمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ جَهْجَهَاهٍ كما تقدم أوله هي:
أَمْسَى الْجَلَابِيبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثُرُوا
…
وَابْنُ الْفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ الْبَلَدِ
قَدْ ثَكِلَتْ أُمُّهُ مَنْ كُنْتَ صَاحِبَهُ
…
أَوْ كَانَ مُنْتَشِبًا فِي برثن الأسد
ما لقتيلى الّذي أعدو فَآخُذُهُ
…
مِنْ دِيَةٍ فِيهِ يُعْطَاهَا وَلَا قَوَدِ
مَا الْبَحْرُ حِينَ تَهُبُّ الرِّيحُ شَامِيَةً
…
فَيَغْطَئِلُّ وَيَرْمِي الْعِبْرَ بِالزَّبَدِ
يَوْمًا بِأَغْلَبَ مِنِّي حِينَ تُبْصِرُنِي
…
مِلْغَيْظِ أَفْرِي كَفَرْيِ الْعَارِضِ الْبَرِدِ
أَمَّا قُرَيْشٌ فَإِنِّي لَا أُسَالِمُهَا
…
حَتَّى يُنِيبُوا مِنَ الْغَيَّاتِ لِلرَّشَدِ
وَيَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى بِمَعْزِلَةٍ
…
وَيَسْجُدُوا كُلُّهُمْ لِلْوَاحِدِ الصَّمَدِ
وَيَشْهَدُوا أَنَّ مَا قَالَ الرَّسُولُ لَهُمْ
…
حُقٌّ فَيُوفُوا بِحَقِّ اللَّهِ وَالْوُكُدِ
قَالَ: فَاعْتَرَضَهُ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ يَقُولُ:
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَنِّي فَإِنَّنِي
…
غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ
وَذَكَرَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَخَذَ صَفْوَانَ حِينَ ضَرَبَ حَسَّانَ فَشَدَّهُ وَثَاقًا فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: ضَرَبَ حَسَّانَ بِالسَّيْفِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَلْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك؟ قَالَ لَا. فَأَطْلَقَهُ ثُمَّ أَتَوْا كُلُّهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ابْنُ الْمُعَطَّلِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آذَانِي وَهَجَانِي فَاحْتَمَلَنِي الْغَضَبُ فَضَرَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا حَسَّانُ أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي إِذْ هَدَاهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَحْسِنْ يَا حَسَّانُ فِيمَا أَصَابَكَ. فَقَالَ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَعَوَّضَهُ مِنْهَا بَيْرُحَاءَ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ وَجَارِيَةً قِبْطِيَّةً يُقَالُ لَهَا سِيرِينُ جَاءَهُ مِنْهَا ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. قَالَ:
وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ سُئِلَ عَنِ ابْنِ الْمُعَطَّلِ فَوُجِدَ رَجُلًا حَصُورًا مَا يَأْتِي النِّسَاءَ. ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا رضي الله عنه. قال ابن إسحاق: ثم قال حسان ابن ثَابِتٍ يَعْتَذِرُ مِنَ الَّذِي كَانَ قَالَ فِي شأن عائشة: