الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ» . وَقَدَّمَ لَنَا شارفا عجفاء فحمل عليه أحدنا فو الله مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ، وَقَالَ «تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ» فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا سِلَاحُنَا مِنَ النَّبْلِ وَالسُّيُوفِ حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ فَكَمَنَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَاضِرِ الْقَوْمِ وَقُلْتُ لَهُمَا: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ فِي الْعَسْكَرِ فَكَبِّرَا وَشُدَّا معى، فو الله إنا كذلك نَنْتَظِرُ أَنْ نَرَى غِرَّةً أَوْ نَرَى شَيْئًا وَقَدْ غَشِيَنَا اللَّيْلُ حَتَّى ذَهَبَتَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ، وَقَدْ كَانَ لَهُمْ رَاعٍ قَدْ سَرَّحَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ وَتَخَوَّفُوا عَلَيْهِ، فَقَامَ صَاحِبُهُمْ رِفَاعَةُ بْنُ قَيْسٍ فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَأَتَيَقَّنَنَّ أَمْرَ رَاعِينَا وَلَقَدْ أَصَابَهُ شَرٌّ، فَقَالَ نَفَرٌ مِمَّنْ مَعَهُ وَاللَّهِ لَا تَذْهَبُ نَحْنُ نَكْفِيكَ، فَقَالَ لَا إلا أنا، قالوا نحن مَعَكَ، فَقَالَ وَاللَّهِ لَا يَتْبَعُنِي مِنْكُمْ أَحَدٌ، وخرج حتى مر بِي فَلَمَّا أَمْكَنَنِي نَفَحْتُهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعْتُهُ فِي فؤاده، فو الله مَا تَكَلَّمَ فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ فَاحْتَزَزْتُ رَأْسَهُ ثُمَّ شَدَدَتُ نَاحِيَةَ الْعَسْكَرِ وَكَبَّرْتُ وَشَدَّ صَاحِبَايَ وَكَبَّرَا، فو الله ما كان إلا النجا ممن كان فيه عِنْدَكَ [1] بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنْ نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَمَا خَفَّ مَعَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَاسْتَقْنَا إِبِلًا عَظِيمَةً وَغَنَمًا كَثِيرَةً فَجِئْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجِئْتُ بِرَأْسِهِ أَحْمِلُهُ مَعِي، فَأَعْطَانِي مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا فِي صَدَاقِي فَجَمَعْتُ إِلَيَّ أَهْلِي.
السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى إِضَمٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، أَبُو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم ابن جَثَّامَةَ بْنِ قَيْسٍ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَطْنِ إِضَمٍ مَرَّ بِنَا عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيُّ عَلَى قَعُودٍ لَهُ مَعَهُ مُتَيِّعٌ لَهُ وَوَطْبٌ مِنْ لَبَنٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ فَأَمْسَكْنَا عَنْهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ فَقَتَلَهُ لِشَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَأَخَذَ بِعِيرَهُ وَمُتَيِّعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخبرناه الخير فَنَزَلَ فِينَا الْقُرْآنُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً 4: 94 هكذا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضُمَيْرَةَ بْنِ سَعْدٍ الضمريّ يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه وعن جده قالا- وكانا شهدا حنينا- قالا: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ فَقَامَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَعَدَ فيه فقام اليه عيينة بن بدر فطلب بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ الْأَشْجَعِيِّ وَهُوَ سَيِّدُ
[1] كذا في الأصول والّذي في ابن هشام: فو الله ما كان الا النجاء ممن فيه عندك عندك إلخ.
عَامِرٍ هَلْ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنَّا الْآنَ خَمْسِينَ بَعِيرًا وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ؟» فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ: وَاللَّهِ لَا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مِثْلَ مَا أذاق نسائي، فقال رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ مكيتل وهو قصير مِنَ الرِّجَالِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أجد لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فشربت [1] أولاها فنفرت أخراها استن الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «هَلْ لَكَمَ أَنْ تَأْخُذُوا خَمْسِينَ بَعِيرًا الْآنَ وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ؟» فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى رَضُوا بِالدِّيَةِ، فقال قوم محلم بن جثامة ايتوا بِهِ حَتَّى يَسْتَغْفِرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ طُوَالٌ ضَرْبَ اللَّحْمِ فِي حُلَّةٍ قَدْ تَهَيَّأَ فِيهَا لِلْقَتْلِ فَقَامَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «اللَّهمّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ» قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَامَ وَإِنَّهُ لَيَتَلَقَّى دُمُوعَهُ بِطَرَفٍ ثَوْبِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: زَعَمَ قَوْمُهُ أَنَّهُ اسْتَغْفَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ من طريق حماد ابن سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّهِ فَذَكَرَ بَعْضَهُ، وَالصَّوَابُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ [2] عَنْ أبيه وعن جده وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ وعن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَجَدَهُ بِنَحْوِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَقْبَلُوا الدِّيَةَ حَتَّى قَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَخَلَا بِهِمْ وَقَالَ يَا مَعْشَرَ قَيْسٍ سَأَلَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَتِيلًا تَتْرُكُونَهُ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَمَنَعْتُمُوهُ إِيَّاهُ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَغْضَبَ عَلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَغْضَبَ اللَّهُ لغضبه ويلعنكم رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَلْعَنَكُمُ الله بلعنته لكم، لَتُسْلِمُنَّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَآتِيَنَّ بِخَمْسِينَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ كُلُّهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْقَتِيلَ كَافِرٌ مَا صَلَّى قط فلا يطلبن دَمَهُ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ أَخَذُوا الدِّيَةَ. وَهَذَا مُنْقَطِعٌ مُعْضَلٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَمَّنْ لَا يَتَّهِمُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ محلما لما مجلس بَيْنَ يَدَيْهِ عليه الصلاة والسلام قَالَ لَهُ «أمنته ثُمَّ قَتَلْتَهُ؟» ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِ، قَالَ الْحَسَنُ فو الله مَا مَكَثَ مُحَلِّمٌ إِلَّا سَبْعًا حَتَّى مَاتَ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ ثُمَّ دَفَنُوهُ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ ثُمَّ دَفَنُوهُ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ، فَرَضَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحِجَارَةِ حَتَّى وَارَوْهُ فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَطَّابَقُ عَلَى مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أن يعظكم في حرم ما بينكم لما أَرَاكُمْ مِنْهُ» وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ ثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا جَرِيرٌ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحَلِّمَ بْنَ جَثَّامَةَ مَبْعَثًا فَلَقِيَهُمْ عَامِرُ بْنُ الْأَضْبَطِ فَحَيَّاهُمْ بِتَحِيَّةِ الإسلام- وكانت بينهم هنة فِي الْجَاهِلِيَّةِ- فَرَمَاهُ مُحَلِّمٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَكَلَّمَ فِيهِ عُيَيْنَةُ وَالْأَقْرَعُ فَقَالَ الْأَقْرَعُ: يا رسول
[1] في ابن هشام: فرميت
[2]
كذا في الأصل والخلاصة وفي ابن هشام: زياد بن ضميرة بن سعد.