المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فيما قيل من الأشعار في الخندق وبني قريظة - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ الْفُرُعِ مِنْ بُحْرَانَ

- ‌خَبَرُ يهود بنى قينقاع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌غزوة أحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة يَوْمَ أُحُدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

- ‌‌‌فَصَلٌ

- ‌فَصَلٌ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌سنة اربع من الهجرة النبويّة

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمريّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النضير

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ

- ‌غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ

- ‌غَزْوَةُ ذات الرقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌مقتل خالد بن سفيان بن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وقعة الخندق وإسلامه

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأمّ حبيبة بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

- ‌تزويجه عليه السلام بزينب بنت جحش

- ‌ذكر نزول الْحِجَابِ صَبِيحَةَ عُرْسِهَا

- ‌سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النبويّة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

- ‌قِصَّةُ الْإِفْكِ

- ‌غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وَمَنْ كَانَ بَقِيَ بِالْحَبَشَةِ مِمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِخَيْبَرَ

- ‌(ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمَا كَانَ مِنَ أمر البرهان الّذي ظهر عندها والحجة البالغة فيها)

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر من استشهد بخيبر من الصحابة رضى الله عنهم

- ‌خبر الحجاج بن علاط البهزي رضي الله عنه

- ‌فصل في مروره عليه السلام بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ومصالحته يهود على ما ذكره [الواقدي وغيره]

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تربة من أرض هوازن وَرَاءَ مَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ [1] بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء

- ‌وأما قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذكر خروجه عليه السلام مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فصل

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبى طلحة رضى الله عنهم

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌غزوة مؤتة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في ذكر مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ [1]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وإلى الدخول في دين الإسلام

- ‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

- ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

- ‌بعثه عليه السلام الى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَاسْمُهُ جُرُيْجُ بْنُ مِينَا الْقِبْطِيُّ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبى عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِجْرَتِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَ

- ‌فصل

- ‌صفة دخوله عليه السلام مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل ومما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌فصل في مرجعه عليه السلام من الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ

- ‌ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ

- ‌ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرضاعة وهو بالجعرانة واسمها الشياء

- ‌عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌فصل فيما قيل من الأشعار في الخندق وبني قريظة

‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ أنه سمع البراء ابن عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عازب قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: اهْجُ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله: وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ أَخُو بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ (قُلْتُ:

وَذَلِكَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ) :

وَمُشْفِقَةٍ تَظُنُّ بِنَا الظُّنُونَا

وَقَدْ قُدْنَا عَرَنْدَسَةً طَحُونًا

كَأَنَّ زُهَاءَهَا أُحُدٌ إِذَا مَا

بَدَتْ أَرْكَانُهُ لِلنَّاظِرِينَا

تَرَى الْأَبْدَانَ فِيهَا مُسْبِغَاتٍ

عَلَى الْأَبْطَالِ وَالْيَلَبِ الْحَصِينَا

وَجُرْدًا كَالْقِدَاحِ مُسَوَّمَاتٍ

نَؤُمُّ بِهَا الْغُوَاةَ الْخَاطِئِينَا

كَأَنَّهُمُ إِذَا صَالُوا وَصُلْنَا

بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ مُصَافِحُونَا

أُنَاسٌ لَا نَرَى فِيهِمْ رَشِيدًا

وَقَدْ قَالُوا ألسنا راشدينا

فأحجرنا هم شَهْرًا كَرِيتًا

وَكُنَّا فَوْقَهُمْ كَالْقَاهِرِينَا

نُرَاوِحُهُمْ وَنَغْدُو كل يوم

عليهم في السلاح مدجحينا

بِأَيْدِينَا صَوَارِمُ مُرْهَفَاتٌ

نَقُدُّ بِهَا الْمَفَارِقَ وَالشُّئُونَا

كَأَنَّ وَمِيضَهُنَّ مُعَرَّيَاتٍ

إِذَا لَاحَتْ بِأَيْدِي مُصْلِتِينَا

وَمِيضُ عَقِيقَةٍ لَمَعَتْ بِلَيْلٍ

تَرَى فِيهَا الْعَقَائِقَ مُسْتَبِينَا

فَلَوْلَا خَنْدَقٌ كَانُوا لَدَيْهِ

لَدَمَّرْنَا عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَا

وَلَكِنْ حَالَ دُونَهُمُ وَكَانُوا

بِهِ مِنْ خَوْفِنَا مُتَعَوِّذِينَا

فَإِنْ نَرْحَلْ فَإِنَّا قَدْ تَرَكْنَا

لَدَى أَبْيَاتِكُمْ سَعْدًا رَهِينَا

إِذَا جَنَّ الظَّلَامُ سمعت نوحا

عَلَى سَعْدٍ يُرَجِّعْنَ الْحَنِينَا

وَسَوْفَ نَزُورُكُمْ عَمَّا قَرِيبٍ

كَمَا زُرْنَاكُمُ مُتَوَازِرِينَا

بِجَمْعٍ مِنْ كِنَانَةَ غَيْرِ عُزْلٍ

كَأُسْدِ الْغَابِ إِذْ حَمَتِ الْعَرِينَا

ص: 131

قَالَ: فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو بَنِي سَلِمَةَ رضي الله عنه فَقَالَ:

وَسَائِلَةٍ تُسَائِلُ مَا لَقِيَنَا

وَلَوْ شَهِدَتْ رَأَتْنَا صَابِرِينَا

صَبَرْنَا لَا نَرَى للَّه عِدْلًا

عَلَى مَا نَابَنَا مُتَوَكِّلِينَا

وَكَانَ لَنَا النَّبِيُّ وَزِيرَ صِدْقٍ

بِهِ نَعْلُو الْبَرِيَّةَ أَجْمَعِينَا

نُقَاتِلُ مَعْشَرًا ظَلَمُوا وَعَقُّوا

وَكَانُوا بِالْعَدَاوَةِ مُرْصِدِينَا

نُعَالِجُهُمْ إِذَا نَهَضُوا إِلَيْنَا

بِضَرْبٍ يُعْجِلُ الْمُتَسَرِّعِينَا

تَرَانَا فِي فَضَافِضَ سَابِغَاتٍ

كَغُدْرَانِ الْمَلَا مُتَسَرْبِلِينَا

وَفِي أَيْمَانِنَا بِيضٌ خِفَافٌ

بِهَا نَشْفِي مِرَاحَ الشَّاغِبِينَا

بِبَابِ الْخَنْدَقَيْنِ كَأَنَّ أُسْدًا

شَوَابِكُهُنَّ يَحْمِينَ الْعَرِينَا

فَوَارِسُنَا إِذَا بَكَرُوا وَرَاحُوا

عَلَى الْأَعْدَاءِ شُوسًا مُعْلِمِينَا

لِنَنْصُرَ أَحَمَدًا وَاللَّهَ حَتَّى

نَكُونَ عِبَادَ صِدْقٍ مُخْلِصِينَا

وَيَعْلَمَ أَهْلُ مَكَّةَ حِينَ سَارُوا

وَأَحْزَابٌ أَتَوْا مُتَحَزِّبِينَا

بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ

وَأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَا

فَإِمَّا تَقْتُلُوا سَعْدًا سَفَاهًا

فَإِنَّ اللَّهَ خَيْرُ الْقَادِرِينَا

سَيُدْخِلُهُ جِنَانًا طَيِّبَاتٍ

تَكُونُ مُقَامَةً لِلصَّالِحِينَا

كَمَا قَدْ رَدَّكُمْ فَلًّا شَرِيدًا

بِغَيْظِكُمُ خَزَايَا خَائِبِينَا

خَزَايَا لَمْ تَنَالُوا ثَمَّ خَيْرًا

وَكِدْتُمْ أَنْ تَكُونُوا دَامِرِينَا

بِرِيحٍ عَاصِفٍ هَبَّتْ عَلَيْكُمْ

فَكُنْتُمْ تَحْتَهَا مُتَكَمِّهِينَا

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى السَّهْمِيُّ فِي يَوْمِ الْخَنْدَقِ (قُلْتُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ) .

حَيِّ الدِّيَارَ مَحَا مَعَارِفَ رَسْمِهَا

طُولُ الْبِلَى وَتَرَاوُحُ الْأَحْقَابِ

فَكَأَنَّمَا كَتَبَ الْيَهُودُ رُسُومَهَا

إِلَّا الْكَنِيفَ وَمَعْقِدَ الْأَطْنَابِ

قَفْرًا كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ تَلْهُو بِهَا

فِي نِعْمَةٍ بِأَوَانِسٍ أَتْرَابِ

فَاتْرُكْ تَذَكُّرَ مَا مَضَى مِنْ عِيشَةٍ

وَمَحَلَّةٍ خَلَقِ الْمُقَامِ يَبَابِ

وَاذْكُرْ بَلَاءَ مَعَاشِرٍ وَاشْكُرْهُمُ

سَارُوا بِأَجْمَعِهِمْ مَنِ الْأَنْصَابِ

أَنْصَابِ مَكَّةَ عَامِدِينَ لِيَثْرِبَ

فِي ذِي غَيَاطِلَ جَحْفَلٍ جَبْجَابِ

يَدَعُ الْحُزُونَ مَنَاهِجًا مَعْلُومَةً

فِي كُلِّ نَشْزٍ ظَاهِرٍ وَشِعَابِ

فِيهَا الْجِيَادُ شَوَازِبٌ مَجْنُوبَةٌ

قُبُّ الْبُطُونِ لواحق الاقراب

ص: 132

مِنْ كُلِّ سَلْهَبَةٍ وَأَجْرَدَ سَلْهَبٍ

كَالسِّيدِ بَادَرَ غَفْلَةَ الرُّقَّابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ قَاصِدٌ بِلِوَائِهِ

فِيهِ وَصَخْرٌ قَائِدُ الْأَحْزَابِ

قَرْمَانِ كَالْبَدْرَيْنِ أَصْبَحَ فِيهِمَا

غَيْثُ الْفَقِيرِ وَمَعْقِلُ الْهُرَّابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَدَوْا

لِلْمَوْتِ كُلَّ مُجَرَّبٍ قَضَّابِ

شَهْرًا وَعَشْرًا قَاهِرِينَ مُحَمَّدًا

وَصِحَابَهُ فِي الْحَرْبِ خَيْرُ صِحَابِ

نَادَوْا بِرِحْلَتِهِمْ صَبِيحَةَ قُلْتُمُ

كِدْنَا نَكُونُ بِهَا مَعَ الْخُيَّابِ

لَوْلَا الْخَنَادِقُ غَادَرُوا مِنْ جمعهم

قتلى لطير سغّب وذئاب

قال فأجاب حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه فَقَالَ:

هَلْ رَسْمُ دَارِسَةِ الْمُقَامِ يَبَابِ

مُتَكَلِّمٌ لِمُحَاوِرٍ بِجَوَابِ

قَفْرٌ عَفَا رِهَمُ السَّحَابِ رُسُومَهُ

وَهُبُوبُ كُلِّ مُطِلَّةٍ مِرْبَابِ

وَلَقَدْ رَأَيْتُ بِهَا الْحُلُولَ يزينهم

بيض الوجوه ثواقب الاحساب

فدع الدِّيَارَ وَذِكْرَ كُلِّ خَرِيدَةٍ

بَيْضَاءَ آنِسَةِ الْحَدِيثِ كَعَابِ

وَاشْكُ الْهُمُومَ إِلَى الْإِلَهِ وَمَا تَرَى

من معشر ظلموا الرسول غضاب

ساروا بأجمعهم إِلَيْهِ وَأَلَّبُوا

أَهْلَ الْقُرَى وَبِوَادِيَ الْأَعْرَابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ وَابْنُ حَرْبٍ فِيهِمُ

مُتَخَمِّطُونَ بِحَلْبَةِ الْأَحْزَابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَجَوْا

قَتْلَ الرَّسُولِ وَمَغْنَمَ الْأَسْلَابِ

وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بِأَيْدِهِمْ

رُدُّوا بِغَيْظِهِمُ عَلَى الْأَعْقَابِ

بِهُبُوبِ مُعْصِفَةٍ تُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ

وَجُنُودِ رَبِّكَ سَيِّدِ الْأَرْبَابِ

فَكَفَى الْإِلَهُ الْمُؤْمِنِينَ قِتَالَهُمْ

وَأَثَابَهُمْ فِي الْأَجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ

مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا فَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ

تَنْزِيلُ نَصْرِ مَلِيكِنَا الْوَهَّابِ

وَأَقَرَّ عَيْنَ مُحَمَّدٍ وَصِحَابِهِ

وَأَذَلَّ كُلَّ مُكَذِّبٍ مُرْتَابِ

عَاتِي الْفُؤَادِ مُوَقَّعٍ ذِي رِيبَةٍ

فِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِطَاهِرِ الْأَثْوَابِ

عَلِقَ الشَّقَاءُ بِقَلْبِهِ فَفُؤَادُهُ

فِي الْكُفْرِ آخِرَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ

قَالَ وَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَيْضًا فَقَالَ:

أَبْقَى لَنَا حَدَثُ الْحُرُوبِ بَقِيَّةً

مِنْ خَيْرِ نِحْلَةِ رَبِّنَا الْوَهَّابِ

بيضاء مشرفة الّذي وَمَعَاطِنًا

حُمَّ الْجُذُوعِ غَزِيرَةَ الْأَحْلَابِ

كَاللُّوبِ يُبْذَلُ جَمُّهَا وَحَفِيلُهَا

لِلْجَارِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْمُنْتَابِ

ص: 133

ونزائعا مثل السراج نَمَى بِهَا

عَلَفُ الشَّعِيرِ وَجَزَّةُ الْمِقْضَابِ

عَرِيَ الشوى منها وأردف نحضها

جرد المنون وسائر الآراب

قودا تراح الى الصباح إِذَا غَدَتْ

فِعْلَ الضِّرَاءِ تَرَاحُ لِلْكَلَّابِ

وَتَحُوطُ سائمة الديار وتارة

تردى العدي وَتَئُوبُ بِالْأَسْلَابِ

حُوشَ الْوُحُوشِ مُطَارَةً عِنْدَ الْوَغَى

عُبْسَ اللِّقَاءِ مُبِينَةَ الْإِنْجَابِ

عُلِفَتْ عَلَى دَعَةٍ فَصَارَتْ بُدَّنًا

دُخْسَ الْبَضِيعِ خَفِيفَةَ الْأَقْصَابِ

يَغْدُونَ بِالزَّغْفِ الْمُضَاعَفِ شَكُّهُ

وَبِمُتْرَصَاتٍ فِي الثِّقَافِ صِيَابِ

وَصَوَارِمٍ نَزَعَ الصَّيَاقِلُ عَلْبَهَا

وَبِكُلِّ أَرْوَعَ مَاجِدِ الْأَنْسَابِ

يَصِلُ الْيَمِينَ بِمَارِنٍ مُتَقَارِبٍ

وُكِلَتْ وَقِيعَتُهُ إِلَى خَبَّابِ

وَأَغَرَّ أَزْرَقَ فِي الْقَنَاةِ كَأَنَّهُ

فِي طُخْيَةِ الظَّلْمَاءِ ضَوْءُ شِهَابِ

وَكَتِيبَةٍ يَنْفِي الْقِرَانَ قَتِيرُهَا

وَتَرُدُّ حَدَّ قَوَاحِزِ النُّشَّابِ

جَأْوَى ململمة كأن رماحها

في كل مجمعة صريمة غَابِ

تَأْوِي إِلَى ظِلِّ اللِّوَاءِ كَأَنَّهُ

فِي صَعْدَةِ الْخَطِّيِّ فَيْءُ عُقَابِ

أَعْيَتْ أَبَا كَرْبٍ وَأَعْيَتْ تُبَّعًا

وَأَبَتْ بَسَالَتُهَا عَلَى الْأَعْرَابِ

وَمَوَاعِظٌ مِنْ رَبِّنَا نُهْدَى بِهَا

بِلِسَانِ أَزْهَرَ طَيِّبِ الْأَثْوَابِ

عُرِضَتْ عَلَيْنَا فَاشْتَهَيْنَا ذِكْرَهَا

مِنْ بَعْدِ مَا عُرِضَتْ عَلَى الْأَحْزَابِ

حِكَمًا يَرَاهَا الْمُجْرِمُونَ بِزَعْمِهِمْ

حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ

جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا

فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ: لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا. قُلْتُ وَمُرَادُهُ بِسَخِينَةَ قُرَيْشٌ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمُ الطَّعَامَ السُّخْنَ الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ لِغَيْرِهِمْ غَالِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي فاللَّه أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:

مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُمَعْمِعُ بَعْضُهُ

بَعْضًا كمعمعة الإناء الْمُحْرَقِ

فَلْيَأْتِ مَأْسَدَةً تَسُنُّ سُيُوفَهَا

بَيْنَ الْمَذَادِ وبين جذع الْخَنْدَقِ

دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا

مُهَجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لِرَبِّ الْمَشْرِقِ

فِي عُصْبَةٍ نَصَرَ الْإِلَهُ نَبِيَّهُ

بِهَمُ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفَقِ

فِي كُلِّ سابغة تخط فُضُولُهَا

كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ

ص: 134

بَيْضَاءَ مُحْكَمَةً كَأَنَّ قَتِيرَهَا

حَدَقُ الْجَنَادِبِ ذَاتَ شكّ موثق

جدلاء يحفرها نِجَادُ مُهَنَّدٍ

صَافِي الْحَدِيدَةِ صَارِمٍ ذِي رَوْنَقِ

تِلْكُمْ مَعَ التَّقْوَى تَكُونُ لِبَاسَنَا

يَوْمَ الْهِيَاجِ وَكُلَّ سَاعَةِ مَصْدَقِ

نَصِلُ السُّيُوفَ إِذَا قَصَرْنَ بِخَطْوِنَا

قُدُمًا وَنُلْحِقُهَا إِذَا لَمْ تَلْحَقِ

فَتَرَى الْجَمَاجِمَ ضَاحِيًا هَامَاتُهَا

بَلْهَ الْأَكُفَّ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَقِ

نَلْقَى الْعَدُوَّ بِفَخْمَةٍ مَلْمُومَةٍ

تَنْفِي الْجُمُوعَ كَقَصْدِ رَأَسِ الْمُشْرِقِ

وَنُعِدُّ لِلْأَعْدَاءِ كُلَّ مُقَلَّصٍ

وَرْدٍ وَمَحْجُولِ الْقَوَائِمِ أَبْلَقِ

تَرْدِي بِفُرْسَانٍ كَأَنَّ كُمَاتَهُمْ

عِنْدَ الْهِيَاجِ أُسُودُ طَلٍّ مُلْثِقِ

صُدُقٍ يُعَاطُونَ الْكُمَاةَ حُتُوفَهُمْ

تَحْتَ الْعَمَايَةِ بِالْوَشِيجِ الْمُزْهِقِ

أَمَرَ الْإِلَهُ بِرَبْطِهَا لِعَدُوِّهِ

فِي الْحَرْبِ إِنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوَفِّقِ

لِتَكُونَ غَيْظًا لِلْعَدُوِّ وَحُيَّطًا

لِلدَّارِ إِنْ دَلَفَتْ خُيُولُ النُّزَّقِ

وَيُعِينُنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ بِقُوَّةٍ

مِنْهُ وَصِدْقِ الصَّبْرِ سَاعَةَ نَلْتَقِي

وَنُطِيعُ أَمْرَ نَبِيِّنَا وَنُجِيبُهُ

وَإِذَا دَعَا لِكَرِيهَةٍ لم نسبق

ومتى ينادى للشدائد نَأْتِهَا

وَمَتَى نَرَى الْحَوْمَاتِ فِيهَا نُعْنِقِ

مَنْ يَتَّبِعْ قَوْلَ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ

فَينَا مُطَاعُ الْأَمْرِ حَقُّ مُصَدَّقِ

فَبِذَاكَ يَنْصُرُنَا وَيُظْهِرُ عِزَّنَا

وَيُصِيبُنَا مِنْ نَيْلِ ذَاكَ بِمِرْفَقِ

إِنَّ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا

كَفَرُوا وَضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ الْمُتَّقِي

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:

لَقَدْ عَلِمَ الْأَحْزَابُ حِينَ تَأَلَّبُوا

عَلَيْنَا وَرَامُوا دِينَنَا مَا نُوَادِعُ

أَضَامِيمُ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ أَصْفَقَتْ

وَخِنْدِفَ لَمْ يَدْرُوا بِمَا هُوَ وَاقِعُ

يَذُودُونَنَا عَنْ دِينِنَا وَنَذُودُهُمْ

عَنِ الْكُفْرِ وَالرَّحْمَنُ رَاءٍ وَسَامِعُ

إِذَا غَايَظُونَا فِي مَقَامٍ أَعَانَنَا

عَلَى غَيْظِهِمْ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَاسِعُ

وَذَلِكَ حِفْظُ اللَّهِ فِينَا وَفَضْلُهُ

عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهُ ضَائِعُ

هَدَانَا لِدِينِ الْحَقِّ واختاره لنا

وللَّه فوق الصانعين صانع

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ- يَعْنِي طَوِيلَةً- قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي مَقْتَلِ بَنِي قُرَيْظَةَ:

لقد لقيت قريظة ما ساءها

وَمَا وَجَدَتْ لِذُلٍّ مِنْ نَصِيرِ

ص: 135

أَصَابَهُمُ بَلَاءٌ كَانَ فِيهِ

سِوَى مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النَّضِيرِ

غَدَاةَ أَتَاهُمُ يَهْوِي إِلَيْهِمْ

رَسُولُ اللَّهِ كَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ

لَهُ خَيْلٌ مُجَنَّبَةٌ تَعَادَى

بِفُرْسَانٍ عَلَيْهَا كَالصُّقُورِ

تَرَكْنَاهُمْ وَمَا ظَفِرُوا بشيء

دماؤهم عليها كالعمير

فَهُمْ صَرْعَى تَحُومُ الطَّيْرُ فِيهِمُ

كَذَاكَ يُدَانُ ذُو الْعِنْدِ الْفَجُورِ

فَأَنْذِرْ مِثْلَهَا نُصْحًا قُرَيْشًا

مِنَ الرَّحْمَنِ إِنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي

قَالَ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ:

تعاقد مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا

وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ

هُمُ أُوتُوا الْكِتَابَ فَضَيَّعُوهُ

وَهُمْ عُمْيٌ مِنَ التَّوْرَاةِ بُورُ

كَفَرْتُمْ بِالْقُرَانِ وَقَدْ أُتِيتُمْ

بِتَصْدِيقِ الَّذِي قَالَ النَّذِيرُ

فَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لوى

حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ:

أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ

وَحَرَّقَ فِي طَوَائِفِهَا السَّعِيرُ

سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ

وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ

فَلَوْ كَانَ النَّخِيلُ بِهَا رِكَابًا

لَقَالُوا لَا مُقَامَ لَكُمْ فَسِيرُوا

قُلْتُ: وَهَذَا قَالَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَعْضُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ جَوَابَ حَسَّانَ فِي ذَلِكَ لِجَبَلِ بْنِ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيِّ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَبْكِي سَعْدًا وَجَمَاعَةً مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ:

أَلَا يَا لَقَوْمِي هَلْ لِمَا حُمَّ دَافِعُ

وَهَلْ مَا مَضَى مِنْ صَالِحِ الْعَيْشِ رَاجِعُ

تَذَكَّرْتُ عَصْرًا قَدْ مَضَى فَتَهَافَتَتْ

بَنَاتُ الْحَشَا وَانْهَلَّ مِنِّي الْمَدَامِعُ

صَبَابَةُ وَجْدٍ ذَكَّرَتْنِيَ إِخْوَةً

وَقَتْلَى مَضَى فِيهَا طُفَيْلٌ وَرَافِعُ

وَسَعْدٌ فَأَضْحَوْا فِي الْجِنَانِ وَأَوْحَشَتْ

مَنَازِلُهُمْ فَالْأَرْضُ مِنْهُمْ بَلَاقِعُ

وَفَوْا يَوْمَ بَدْرٍ لِلرَّسُولِ وَفَوْقَهُمْ

ظِلَالُ الْمَنَايَا وَالسُّيُوفُ اللَّوَامِعُ

دَعَا فَأَجَابُوهُ بِحَقٍّ وَكُلُّهُمْ

مُطِيعٌ لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَسَامِعُ

فَمَا نَكَلُوا حَتَّى تَوَالَوْا جَمَاعَةً

وَلَا يَقْطَعُ الْآجَالَ إِلَّا الْمَصَارِعُ

لِأَنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْهُ شَفَاعَةً

إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا النَّبِيُّونَ شَافِعُ

فَذَلِكَ يَا خَيْرَ الْعِبَادِ بَلَاؤُنَا

إِجَابَتُنَا للَّه وَالْمَوْتُ ناقع

ص: 136