المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ الْفُرُعِ مِنْ بُحْرَانَ

- ‌خَبَرُ يهود بنى قينقاع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌غزوة أحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة يَوْمَ أُحُدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

- ‌‌‌فَصَلٌ

- ‌فَصَلٌ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌سنة اربع من الهجرة النبويّة

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمريّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النضير

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ

- ‌غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ

- ‌غَزْوَةُ ذات الرقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌مقتل خالد بن سفيان بن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وقعة الخندق وإسلامه

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأمّ حبيبة بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

- ‌تزويجه عليه السلام بزينب بنت جحش

- ‌ذكر نزول الْحِجَابِ صَبِيحَةَ عُرْسِهَا

- ‌سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النبويّة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

- ‌قِصَّةُ الْإِفْكِ

- ‌غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وَمَنْ كَانَ بَقِيَ بِالْحَبَشَةِ مِمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِخَيْبَرَ

- ‌(ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمَا كَانَ مِنَ أمر البرهان الّذي ظهر عندها والحجة البالغة فيها)

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر من استشهد بخيبر من الصحابة رضى الله عنهم

- ‌خبر الحجاج بن علاط البهزي رضي الله عنه

- ‌فصل في مروره عليه السلام بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ومصالحته يهود على ما ذكره [الواقدي وغيره]

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تربة من أرض هوازن وَرَاءَ مَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ [1] بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء

- ‌وأما قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذكر خروجه عليه السلام مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فصل

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبى طلحة رضى الله عنهم

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌غزوة مؤتة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في ذكر مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ [1]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وإلى الدخول في دين الإسلام

- ‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

- ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

- ‌بعثه عليه السلام الى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَاسْمُهُ جُرُيْجُ بْنُ مِينَا الْقِبْطِيُّ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبى عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِجْرَتِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَ

- ‌فصل

- ‌صفة دخوله عليه السلام مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل ومما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌فصل في مرجعه عليه السلام من الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ

- ‌ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ

- ‌ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرضاعة وهو بالجعرانة واسمها الشياء

- ‌عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

قَالَ الْبُخَارِيُّ وَهِيَ غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتٍّ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ. وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَانَ حَدِيثُ الْإِفْكِ في غزوة المريسيع هكذا رواه الْبُخَارِيُّ عَنْ مَغَازِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهَا كانت في سنة أربع. والّذي حكاه عَنْهُ وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ كَانَتْ لِلَيْلَتَيْنِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ فِي سَبْعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. وقال محمد بن إسحاق بن يسار بعد ما أَوْرَدَ قِصَّةَ ذِي قَرَدٍ فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ بَعْضَ جُمَادَى الآخرة ورجب ثُمَّ غَزَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ وَيُقَالُ نُمَيْلَةُ بن عبد الله الليثي. قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْضَ حَدِيثِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَالُوا: بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ يَجْمَعُونَ لَهُ وَقَائِدُهُمُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ أَبُو جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذَا، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ خَرَجَ إِلَيْهِمْ حَتَّى لَقِيَهُمْ عَلَى مَاءٍ مِنْ مِيَاهِهِمْ يُقَالُ لَهُ الْمُرَيْسِيعُ مِنْ نَاحِيَةِ قُدَيْدٍ إِلَى السَّاحِلِ فَتَزَاحَمَ النَّاسُ وَاقْتَتَلُوا فَهَزَمَ اللَّهُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وقتل من قتل منهم ونقل رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَفَاءَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَيْلَتَيْنِ مضتا مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي سَبْعِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَكَانُوا حُلَفَاءَ بَنِي مُدْلِجٍ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ دَفَعَ رَايَةَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَيُقَالُ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَرَايَةَ الْأَنْصَارِ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، ثُمَّ أَمَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَنَادَى فِي النَّاسِ أَنْ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَمْنَعُوا بِهَا أَنْفُسَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ فَأَبَوْا فَتَرَامَوْا بِالنَّبْلِ، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ فَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَمَا أَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَقُتِلَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَأُسِرَ سَائِرُهُمْ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ فَقَالَ: قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وهم غارون في أنعامهم تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ- أَحْسَبُهُ قَالَ- جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ. وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِذَلِكَ وَكَانَ بذلك الْجَيْشِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ أُصِيبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَالُ لَهُ هِشَامُ بْنُ صُبَابَةَ أَصَابَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مِنَ الْعَدُوِّ فَقَتَلَهُ خَطَأً.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ أَخَاهُ مِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ مُظْهِرًا لِلْإِسْلَامِ فَطَلَبَ دِيَةَ أَخِيهِ هِشَامٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ قُتِلَ خَطَأً فَأَعْطَاهُ دِيَتَهُ ثُمَّ مَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ عَدَا عَلَى قَاتِلِ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ ورجع

ص: 156

مُرْتَدًّا إِلَى مَكَّةَ وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

شَفَى النَّفْسَ أَنْ قَدْ بَاتَ بِالْقَاعِ مُسْنَدًا

يُضَرِّجُ ثَوْبَيْهِ دِمَاءُ الْأَخَادِعِ

وَكَانَتْ هُمُومُ النَّفْسِ مِنْ قَبْلِ قَتْلِهِ

تُلِمُّ فَتَحْمِينِي وِطَاءَ الْمَضَاجِعِ

حَلَلْتُ بِهِ وِتْرِي وَأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي

وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ

ثَأَرْتُ بِهِ فِهْرًا وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ

سَرَاةَ بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابَ فَارِعِ

قُلْتُ: وَلِهَذَا كَانَ مِقْيَسٌ هَذَا مِنَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ أَهْدَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ دِمَاءَهُمْ وَإِنْ وُجِدُوا مُعَلَّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَبَيْنَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ وَرَدَتْ وَارِدَةُ النَّاسِ وَمَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَجِيرٌ لَهُ مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ جَهْجَاهُ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُودُ فَرَسَهُ، فَازْدَحَمَ جَهْجَاهُ وَسِنَانُ بْنُ وَبَرٍ الْجُهَنِيُّ حَلِيفُ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ عَلَى الْمَاءِ فَاقْتَتَلَا فَصَرَخَ الْجُهَنِيُّ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ وَصَرَخَ جَهْجَاهُ: يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَعِنْدَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فِيهِمْ زيد ابن أَرْقَمَ غُلَامٌ حَدَثٌ فَقَالَ أَوَقَدْ فَعَلُوهَا؟ قَدْ نَافَرُونَا وَكَاثَرُونَا فِي بِلَادِنَا وَاللَّهِ مَا أَعُدُّنَا وَجَلَابِيبَ قُرَيْشٍ هَذِهِ إِلَّا كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ «سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ» أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ 63: 8. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَذَا مَا فَعَلْتُمْ بِأَنْفُسِكُمْ أَحْلَلْتُمُوهُمْ بِلَادَكُمْ وَقَاسَمْتُمُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَمْسَكْتُمْ عَنْهُمْ مَا بِأَيْدِيكُمْ لَتَحَوَّلُوا إِلَى غَيْرِ دَارِكِمْ. فَسَمِعَ ذَلِكَ زيد ابن أَرْقَمَ فَمَشَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَعِنْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ من مر به عباد ابن بِشْرٍ فَلْيَقْتُلْهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَكَيْفَ يَا عُمَرُ إِذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ لَا وَلَكِنْ أَذِّنْ بِالرَّحِيلِ. وَذَلِكَ فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْتَحِلُ فِيهَا فَارْتَحَلَ النَّاسُ وَقَدْ مَشَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ زيد بن أرقم بَلَّغَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ فَحَلَفَ باللَّه مَا قُلْتُ مَا قَالَ وَلَا تَكَلَّمْتُ بِهِ وَكَانَ فِي قَوْمِهِ شَرِيفًا عَظِيمًا فَقَالَ مَنْ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَسَى ان يكون الغلام أو هم فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَحْفَظْ مَا قَالَ الرَّجُلُ حَدَبًا عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَدَفْعًا عَنْهُ. فَلَمَّا اسْتَقَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَارَ لَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ فَحَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ النُّبُوَّةِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ رُحْتَ فِي سَاعَةٍ مُنْكَرَةٍ مَا كُنْتَ تَرُوحُ فِي مِثْلِهَا. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَوْ ما بَلَغَكَ مَا قَالَ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ أَيُّ صَاحِبٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ.

قَالَ وَمَا قَالَ قَالَ زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَخْرَجَ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ قَالَ فَأَنْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْرِجُهُ إِنْ شِئْتَ هُوَ وَاللَّهِ الذَّلِيلُ وَأَنْتَ الْعَزِيزُ ثُمَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ارْفُقْ فو الله لَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِكَ وَإِنَّ قَوْمَهُ لِيَنْظِمُونَ لَهُ الْخَرَزَ لِيُتَوِّجُوهُ فَإِنَّهُ لَيَرَى أَنَّكَ قَدِ اسْتَلَبْتَهُ مُلْكًا. ثُمَّ مَشَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى أَمْسَى وَلَيْلَتَهُمْ حَتَّى أَصْبَحَ وَصَدْرَ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ حَتَّى آذَتْهُمُ الشَّمْسُ ثُمَّ نَزَلَ بِالنَّاسِ فَلَمْ

ص: 157

يَلْبَثُوا أَنْ وَجَدُوا مَسَّ الْأَرْضِ فَوَقَعُوا نِيَامًا. وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْغَلَ النَّاسَ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ثُمَّ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ وَسَلَكَ الْحِجَازَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى مَاءٍ بِالْحِجَازِ فُوَيْقَ النَّقِيعِ يُقَالُ لَهُ بَقْعَاءُ فَلَمَّا رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَبَّتْ عَلَى النَّاسِ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَآذَتْهُمْ وَتَخَوَّفُوهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَخَوَّفُوهَا فَإِنَّمَا هَبَّتْ لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الْكُفَّارِ. فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَجَدُوا رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ أَحَدَ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَكَانَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَاءِ اليهود وَكَهْفًا لِلْمُنَافِقِينَ مَاتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. وَهَكَذَا ذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَالْوَاقِدِيُّ. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الَّذِي مَاتَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَالَ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَنَزَلَتِ السُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا الْمُنَافِقِينَ فِي ابْنِ أُبَيٍّ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأُذُنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَقَالَ هَذَا الَّذِي أو في للَّه بِأُذُنِهِ. قُلْتُ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى تَفْسِيرِهَا بِتَمَامِهَا فِي كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَسَرَدْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ أَوْ أَحَبَّ أَنْ يَكْتُبَهُ هَاهُنَا فَلْيَطْلُبْهُ مِنْ هُنَاكَ وباللَّه التَّوْفِيقُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فِيمَا بَلَغَكَ عَنْهُ فان كنت فاعلا فمر لي به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لَقَدْ عَلِمَتِ الْخَزْرَجُ مَا كَانَ بِهَا مِنْ رَجُلٍ أَبَرَّ بِوَالِدِهِ مِنِّي وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَأْمُرَ بِهِ غَيْرِي فَيَقْتُلَهُ فَلَا تَدَعُنِي نَفْسِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى قَاتِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَمْشِي فِي النَّاسِ فَأَقْتُلَهُ فَأَقْتُلَ مُؤْمِنًا بِكَافِرٍ فَأَدْخُلَ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ نَتَرَفَّقُ بِهِ وَنُحْسِنُ صُحْبَتَهُ مَا بَقِيَ مَعَنَا. وَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَحْدَثَ الْحَدَثَ كَانَ قَوْمُهُ هُمُ الَّذِينَ يُعَاتِبُونَهُ وَيَأْخُذُونَهُ وَيُعَنِّفُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ كَيْفَ تَرَى يَا عُمَرُ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ قَتَلْتُهُ يَوْمَ قُلْتَ لي لَأَرْعَدَتْ لَهُ آنُفٌ لَوْ أَمَرْتُهَا الْيَوْمَ بِقَتْلِهِ لَقَتَلَتْهُ. فَقَالَ عُمَرُ قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ أَمْرِي.

وَقَدْ ذَكَرَ عِكْرِمَةُ وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه وَقَفَ لِأَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ عِنْدَ مَضِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ قف فو الله لَا تَدْخُلْهَا حَتَّى يَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ فَأَرْسَلَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ نَاسٌ وَقَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ مَالِكًا وَابْنَهُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَكَانَ شِعَارُ الْمُسْلِمِينَ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابَ مِنْهُمْ سَبْيًا كَثِيرًا فَقَسَمَهُمْ فِي الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ

ص: 158

الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ العرب فاشتهينا النساء واشدت عَلَيْنَا الْعُزُوبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ وَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كائنة الى يوم القيامة الا كَائِنَةٌ وَهَكَذَا رَوَاهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ فِيمَنْ أُصِيبَ يَوْمَئِذٍ مِنَ السَّبَايَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ ابن شماس أو لابن عم له فكاتبته على نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً حُلْوَةً مُلَّاحَةً لَا يَرَاهَا أَحَدٌ إِلَّا أَخَذَتْ بِنَفْسِهِ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِتَسْتَعِينَهُ فِي كِتَابَتِهَا قالت: فو الله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي فَكَرِهْتُهَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَرَى مِنْهَا مَا رَأَيْتُ. فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ فَوَقَعْتُ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ ابن قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ فَكَاتَبْتُهُ عَلَى نَفْسِي فَجِئْتُكَ أَسْتَعِينُكَ عَلَى كِتَابَتِي. قَالَ: فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَقْضِي عَنْكِ كِتَابَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ. قَالَتْ: نَعَمْ يَا رسول الله قَدْ فَعَلْتُ. قَالَتْ: وَخَرَجَ الْخَبَرُ إِلَى النَّاسِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ فَقَالَ النَّاسُ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ قَالَتْ: فَلَقَدْ أُعْتِقَ بِتَزْوِيجِهِ إِيَّاهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فما أعلم امرأة أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قِصَّةَ الْإِفْكِ بِتَمَامِهَا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَكَذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ حَرَّرْتُ طُرُقَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النُّورِ فَلْيُلْحَقْ بِكَمَالِهِ إِلَى هَاهُنَا وباللَّه الْمُسْتَعَانُ وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنَا حَرَامٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ رَأَيْتُ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثِ لَيَالٍ كَأَنَّ الْقَمَرَ يَسِيرُ مِنْ يَثْرِبَ حَتَّى وَقَعَ فِي حِجْرِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا سُبِينَا رَجَوْتُ الرُّؤْيَا قَالَتْ: فَأَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَزَوَّجَنِي وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ فِي قَوْمِي حَتَّى كَانَ الْمُسْلِمُونَ هُمُ الَّذِينَ أَرْسَلُوهُمْ وَمَا شَعَرْتُ إِلَّا بِجَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ عَمِّي تُخْبِرُنِي الْخَبَرَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ تَعَالَى. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَيُقَالُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَ أَرْبَعِينَ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ. وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَنَّ أَبَاهَا طَلَبَهَا وَافْتَدَاهَا ثُمَّ خَطَبَهَا مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا

ص: 159