الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَنَا الْقَدَمُ الْأُولَى إِلَيْكَ وَخَلْفُنَا
…
لِأَوَّلِنَا فِي مِلَّةِ اللَّهِ تَابِعُ
وَنَعْلَمُ أَنَّ الْمُلْكَ للَّه وَحْدَهُ
…
وَأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ لَا بُدَّ وَاقِعُ
مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ
فِي قَصْرٍ لَهُ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ- وَكَانَ تَاجِرًا مَشْهُورًا بِأَرْضِ الْحِجَازِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا انْقَضَى شَأْنُ الْخَنْدَقِ وَأَمْرُ بَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَ سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ- وَهُوَ أَبُو رَافِعٍ- فِيمَنْ حَزَّبَ الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتِ الْأَوْسُ قَبْلَ أُحُدٍ قَدْ قَتَلَتْ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ فَاسْتَأْذَنَ الْخَزْرَجُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحَقِيقِ وَهُوَ بِخَيْبَرَ فَأَذِنَ لَهُمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَانَا يَتَصَاوَلَانِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ لَا تَصْنَعُ الْأَوْسُ شَيْئًا فِيهِ غَنَاءٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الا وقالت الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُونَ بِهَذِهِ فَضْلًا عَلَيْنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَنْتَهُونَ حَتَّى يُوقِعُوا مِثْلَهَا وَإِذَا فَعَلَتِ الْخَزْرَجُ شَيْئًا قَالَتِ الْأَوْسُ مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ: وَلَمَّا أَصَابَتِ الْأَوْسُ كَعْبَ بْنَ الْأَشْرَفِ فِي عَدَاوَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتِ الْخَزْرَجُ وَاللَّهِ لَا يَذْهَبُونَ بِهَا فَضْلًا عَلَيْنَا أَبَدًا. قَالَ: فَتَذَاكَرُوا مَنْ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَدَاوَةِ كَابْنِ الْأَشْرَفِ فَذَكَرُوا ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ وَهُوَ بخيبر فاستأذنوا الرسول صلى الله عليه وسلم فِي قَتْلِهِ فَأَذِنَ لهم فخرج مِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ خَمْسَةُ نَفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ وَأَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ ابن رِبْعِيٍّ وَخُزَاعِيُّ بْنُ أَسْوَدَ حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ أَسْلَمَ فَخَرَجُوا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَنَهَاهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا وَلِيدًا أَوِ امْرَأَةً، فَخَرَجُوا حَتَّى إِذَا قَدِمُوا خَيْبَرَ أَتَوْا دَارَ ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ لَيْلًا فَلَمْ يَدَعُوا بَيْتًا فِي الدار حتى أغلقوه عفى أَهْلِهِ قَالَ: وَكَانَ فِي عُلِّيَّةٍ لَهُ إِلَيْهَا عَجَلَةٌ قَالَ: فَأَسْنَدُوا إِلَيْهَا حَتَّى قَامُوا عَلَى بَابِهِ فَاسْتَأْذَنُوا فَخَرَجَتْ إِلَيْهِمُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ نَلْتَمِسُ الْمِيرَةَ. قالت: ذاكم صاحبكم فادخلوا عليه. فَلَمَّا دَخَلْنَا أَغْلَقْنَا عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ الْحُجْرَةَ تَخَوُّفًا أَنْ يَكُونَ دُونَهُ مُجَاوَلَةٌ تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ. قَالَ: فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ فَنَوَّهَتْ بِنَا فَابْتَدَرْنَاهُ وَهُوَ على فراشه بأسيافنا فو الله مَا يَدُلُّنَا عَلَيْهِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ إِلَّا بَيَاضُهُ كَأَنَّهُ قُبْطِيَّةٌ مُلْقَاةٌ. قَالَ: فَلَمَّا صَاحَتْ بِنَا امْرَأَتُهُ جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا يَرْفَعُ عَلَيْهَا سَيْفَهُ ثُمَّ يَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَكُفُّ يَدَهُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَفَرَغْنَا مِنْهَا بِلَيْلٍ. قَالَ فَلَمَّا ضَرَبْنَاهُ بِأَسْيَافِنَا تَحَامَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ بِسَيْفِهِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَنْفَذَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
قَطْنِي قَطْنِي أَيْ حَسْبِي حَسْبِي. قَالَ: وَخَرَجْنَا وَكَانَ عبد الله بن عتيك سيئ البصر قال فوقع من الدرجة فوثبت يده وثبا شَدِيدًا وَحَمَلْنَاهُ حَتَّى نَأْتِيَ بِهِ مَنْهَرًا مِنْ عُيُونِهِمْ فَنَدْخُلَ فِيهِ فَأَوْقَدُوا النِّيرَانَ وَاشْتَدُّوا
في كل وجه يطلبونا حتى إذا يئسوا رجعوا اليه فَاكْتَنَفُوهُ وَهُوَ يَقْضِي قَالَ فَقُلْنَا: كَيْفَ لَنَا بِأَنْ نَعْلَمَ بِأَنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَدْ مَاتَ؟ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَّا: أَنَا أَذْهَبُ فَأَنْظُرُ لَكُمْ. فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ فِي النَّاسِ قَالَ:
فَوَجَدْتُهَا- يَعْنِي امْرَأَتَهُ- وَرِجَالُ يَهُودَ حَوْلَهُ وَفِي يَدِهَا الْمِصْبَاحُ تَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ وَتُحَدِّثُهُمْ وَتَقُولُ: أما والله قد سَمِعْتُ صَوْتَ ابْنِ عَتِيكٍ ثُمَّ أَكْذَبْتُ نَفْسِي وَقُلْتُ: أَنَّى ابْنُ عَتِيكٍ بِهَذِهِ الْبِلَادِ. ثُمَّ أقبلت عَلَيْهِ تَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ: فَاظَ وَإِلَهِ يَهُودَ، فَمَا سَمِعْتُ كَلِمَةً كَانَتْ أَلَذَّ عَلَى نفسي منها. قال: ثم جاءنا فأخبرنا فَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا وَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَتْلِ عَدُوِّ اللَّهِ وَاخْتَلَفْنَا عِنْدَهُ فِي قَتْلِهِ كُلُّنَا يَدَّعِيهِ. قَالَ فَقَالَ: هَاتُوا أَسْيَافَكُمْ. فَجِئْنَا بِهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ لِسَيْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ:
هَذَا قَتَلَهُ، أَرَى فِيهِ أَثَرَ الطَّعَامِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي ذَلِكَ:
للَّه دَرُّ عِصَابَةٍ لَاقَيْتَهُمْ
…
يَا ابْنَ الْحَقِيقِ وَأَنْتَ يَا ابْنَ الْأَشْرَفِ
يَسْرُونَ بِالْبِيضِ الْخِفَافِ إليكم
…
مرحا كأسد في عرين مغرف
حتى أتوكم في محل بلادكم
…
فسقوكم حتفا ببيض ذُفَّفِ
مُسْتَبْصِرِينَ لِنَصْرِ دِينِ نَبِيِّهِمْ
…
مُسْتَصْغِرِينَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُجْحِفِ
هَكَذَا أَوْرَدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَهْطًا إِلَى أَبِي رَافِعٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلًا وَهُوَ نَائِمٌ فَقَتَلَهُ. قَالَ البخاري: حدّثنا يوسف بن موسى حدّثنا عبد اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُعِينُ عَلَيْهِ وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَرَاحَ الناس بسرحهم قال عبد الله:
اجلسوا مكانكم فانى منطلق متلطف لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ. فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ ثُمَّ عَلَّقَ الْأَغَالِيقَ عَلَى وَدٍّ قَالَ: فَقُمْتُ الى الأقاليد وأخذتها وفتحت الْبَابَ وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ وَكَانَ فِي عَلَالِيَّ لَهُ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ صَعِدْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ فَقُلْتُ إِنَّ الْقَوْمَ سدروا لي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ لَا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قُلْتُ أَبَا رَافِعٍ. قَالَ مَنْ هَذَا. فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصوت فأضربه بالسيف ضربة وَأَنَا دَهِشٌ فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا وَصَاحَ فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ مَا هَذَا الصَّوْتُ
يَا أَبَا رَافِعٍ فَقَالَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ إِنَّ رجلا في البيت قتل بِالسَّيْفِ. قَالَ فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ ثم وضعت صبيب السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِي ظَهْرِهِ فَعَرَفْتُ أَنِّي قَتَلْتُهُ فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الْأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ فَوَضَعْتُ رجلي وأنا أرى أنى قد انتهيت فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ فَانْكَسَرَتْ سَاقِي فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ حَتَّى انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لَا أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِي عَلَى السُّورِ فقال أنعى أبا رافع ناصر أَهْلِ الْحِجَازِ فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَقُلْتُ النَّجَاءَ فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ ابْسُطْ رِجْلَكَ فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّمَا لَمْ اشتكها قط. قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ البراء قال بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي رَافِعٍ عَبْدَ اللَّهِ بن عتيك وعبد الله بن عتيبة فِي نَاسٍ مَعَهُمْ فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الحصن فقال لهم عبد الله ابن عَتِيكٍ امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الْحِصْنَ فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ يَطْلُبُونَهُ قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ قَالَ: فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حاجة فقال: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ. فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أَبِي رَافِعٍ وتحدثوا حتى ذهب سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ فَلَمَّا هَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَلَا أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ قَالَ وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ فِي كَوَّةٍ فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ قَالَ قُلْتُ إِنْ نَذِرَ بِيَ الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أَبِي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ فَإِذَا الْبَيْتُ مُظْلِمٌ قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ فَقُلْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ قَالَ مَنْ هذا فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ وَصَاحَ فَلَمْ تُغْنِ شيئا قال ثم جئته كأني أغيثه فقلت مالك يا أبا رافع وغيرت صوتي قال لا أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ قَالَ فَعَمَدْتُ إِلَيْهِ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي أَحْجُلُ فَقُلْتُ انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنِّي لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ قَالَ فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَشَّرْتُهُ. تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ السِّيَاقَاتِ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ الكتب الستة ثم قال: قال الزهري قال أبىّ بن كَعْبٍ فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ أَفْلَحَتِ الوجوه قال أفلح وجهك يا رسول الله قال أفتكتموه قَالُوا نَعَمْ قَالَ نَاوِلْنِي السَّيْفَ فَسَلَّهُ فَقَالَ أجل هذا طعامه في ذباب السيف. قُلْتُ يَحْتَمِلُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ