المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ الْفُرُعِ مِنْ بُحْرَانَ

- ‌خَبَرُ يهود بنى قينقاع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌غزوة أحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة يَوْمَ أُحُدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

- ‌‌‌فَصَلٌ

- ‌فَصَلٌ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌سنة اربع من الهجرة النبويّة

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمريّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النضير

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ

- ‌غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ

- ‌غَزْوَةُ ذات الرقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌مقتل خالد بن سفيان بن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وقعة الخندق وإسلامه

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأمّ حبيبة بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

- ‌تزويجه عليه السلام بزينب بنت جحش

- ‌ذكر نزول الْحِجَابِ صَبِيحَةَ عُرْسِهَا

- ‌سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النبويّة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

- ‌قِصَّةُ الْإِفْكِ

- ‌غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وَمَنْ كَانَ بَقِيَ بِالْحَبَشَةِ مِمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِخَيْبَرَ

- ‌(ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمَا كَانَ مِنَ أمر البرهان الّذي ظهر عندها والحجة البالغة فيها)

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر من استشهد بخيبر من الصحابة رضى الله عنهم

- ‌خبر الحجاج بن علاط البهزي رضي الله عنه

- ‌فصل في مروره عليه السلام بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ومصالحته يهود على ما ذكره [الواقدي وغيره]

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تربة من أرض هوازن وَرَاءَ مَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ [1] بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء

- ‌وأما قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذكر خروجه عليه السلام مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فصل

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبى طلحة رضى الله عنهم

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌غزوة مؤتة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في ذكر مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ [1]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وإلى الدخول في دين الإسلام

- ‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

- ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

- ‌بعثه عليه السلام الى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَاسْمُهُ جُرُيْجُ بْنُ مِينَا الْقِبْطِيُّ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبى عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِجْرَتِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَ

- ‌فصل

- ‌صفة دخوله عليه السلام مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل ومما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌فصل في مرجعه عليه السلام من الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ

- ‌ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ

- ‌ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرضاعة وهو بالجعرانة واسمها الشياء

- ‌عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

عَلَيْكُمْ أُمُورًا فَانْظُرُوا فِيمَا أَرَدْتُ بِهَا؟ قَالُوا مَا هِيَ؟ قَالَ تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ أَنَّ هَذَا الرجل لنبي مرسل نجده نَعْرِفُهُ بِصِفَتِهِ الَّتِي وُصِفَ لَنَا فَهَلُمَّ فَلْنَتَّبِعْهُ فَتَسْلَمَ لَنَا دُنْيَانَا وَآخِرَتُنَا فَقَالُوا نَحْنُ نَكُونُ تَحْتَ أَيْدِي الْعَرَبِ وَنَحْنُ أَعْظَمُ النَّاسِ مُلْكًا، وأكثره رجالا. وأقصاه بَلَدًا؟! قَالَ فَهَلُمَّ أُعْطِيهِ الْجِزْيَةَ كُلَّ سَنَةٍ أكسر شَوْكَتَهُ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ حَرْبِهِ بِمَا أُعْطِيهِ إِيَّاهُ، قَالُوا نَحْنُ نُعْطِي الْعَرَبَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ بِخَرْجٍ يأخذونه منا ونحن أكثر الناس عددا، وأعظمه ملكا، وأمنعه بَلَدًا، لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا، قَالَ فَهَلُمَّ فَلْأُصَالِحْهُ عَلَى أَنْ أُعْطِيَهُ أَرْضَ سُورِيَةَ وَيَدَعَنِي وَأَرْضَ الشَّامِ، قَالَ وَكَانَتْ أَرْضُ سُورِيَةَ، فِلَسْطِينَ وَالْأُرْدُنَّ وَدِمَشْقَ وَحِمْصَ وَمَا دُونَ الدرب سُورِيَةَ، وَمَا كَانَ وَرَاءَ الدَّرْبِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ الشَّامُ. فَقَالُوا نَحْنُ نُعْطِيهِ أَرْضَ سُورِيَةَ وَقَدْ عرفت أنها أرض سورية الشَّامِ لَا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا، فَلَمَّا أَبَوْا عَلَيْهِ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَتَوَدُّنَّ أَنَّكُمْ قَدْ ظَفِرْتُمْ إِذَا امْتَنَعْتُمْ مِنْهُ فِي مَدِينَتِكُمْ. قَالَ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى بَغْلٍ لَهُ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الدَّرْبِ اسْتَقْبَلَ أَرْضَ الشَّامِ ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أَرْضَ سُورِيَةَ تسليم الوداع، ثم ركض حتى دخل قسطنطينية والله أعلم.

‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ أَخَا بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ إِلَى المنذر ابن الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شَمِرٍ الْغَسَّانِيِّ صَاحِبِ دِمَشْقَ [1] . قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَكَتَبَ مَعَهُ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِهِ، وَأَدْعُوكَ إِلَى أَنْ تُؤْمِنَ باللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ يَبْقَى لَكَ مُلْكُكَ. فَقَدِمَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَمَنْ يَنْتَزِعُ مُلْكِي؟ إِنِّي سَأَسِيرُ اليه.

‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

وروى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ رَجُلٍ إِلَى كِسْرَى وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ قَالَ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبد القاري أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ:«أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضَكُمْ إِلَى مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ كَمَا اخْتَلَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عِيسَى بن مَرْيَمَ» فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَا نَخْتَلِفُ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ أَبَدًا فَمُرْنَا وَابْعَثْنَا، فَبَعَثَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى كِسْرَى فأمر كسرى بايوانه أن يزين

[1] كذا بالأصل، وفي ابن هشام: بعث شجاع بن وهب الأسدي الى الحارث بن شمر الغساني ملك تخوم الشام. ثم جاء برواية أخرى أنه بعثه الى جبلة بن الأيهم الغساني.

ص: 268

ثُمَّ أَذِنَ لِعُظَمَاءِ فَارِسَ، ثُمَّ أَذِنَ لِشُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَ كِسْرَى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقْبَضَ مِنْهُ، فَقَالَ شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ: لَا حَتَّى أَدْفَعَهُ أَنَا إِلَيْكَ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ كِسْرَى ادْنُهْ فَدَنَا فَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَقَرَأَهُ فإذا فيه، من محمد بن عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ. قَالَ فَأَغْضَبَهُ حِينَ بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ وَصَاحَ وَغَضِبَ وَمَزَّقَ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِيهِ، وَأَمَرَ بشجاع ابن وَهْبٍ فَأُخْرِجَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَعَدَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ سَارَ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ الطَّرِيقَيْنِ أَكُونُ إِذْ أَدَّيْتُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ وَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ كِسْرَى سَوْرَةُ غَضَبِهِ بَعَثَ إِلَى شُجَاعٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ، فَطُلِبَ إِلَى الْحِيرَةِ فَسَبَقَ، فَلَمَّا قَدِمَ شُجَاعٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ كِسْرَى وَتَمْزِيقِهِ لِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَزَّقَ كِسْرَى مُلْكَهُ» وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بكر عن أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى؟ فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَزَّقَ مُلْكَهُ» وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ ثَنَا سَلَمَةُ ثَنَا ابْنُ إسحاق عن زيد بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: وَبَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سعيد بْنِ سَهْمٍ إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ مَلِكِ فَارِسَ وَكَتَبَ مَعَهُ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَآمَنَ باللَّه وَرَسُولِهِ وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً لِأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ.

فَإِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ وَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ. قَالَ فَلَمَّا قَرَأَهُ شَقَّهُ وَقَالَ: يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا وَهُوَ عَبْدِي؟! قَالَ ثُمَّ كَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَامَ وَهُوَ نَائِبُهُ عَلَى الْيَمَنِ أَنِ ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ بِالْحِجَازِ رَجُلَيْنِ مِنْ عِنْدِكَ جَلْدَيْنِ فَلْيَأْتِيَانِي بِهِ، فَبَعَثَ بَاذَامُ قَهْرَمَانَهُ- وَكَانَ كَاتِبًا حَاسِبًا- بِكِتَابِ فَارِسَ وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلًا مِنَ الْفُرْسِ يُقَالُ لَهُ خُرْخَرَةُ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُ أَنْ ينصرف معهما الى كسرى وقال: لأبا ذويه ايت بلاد هذا الرجل وكلمه وائتني بِخَبَرِهِ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الطَّائِفَ فَوَجَدَا رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ فِي أَرْضِ الطَّائِفِ فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ هُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَاسْتَبْشَرَ أَهْلُ الطَّائِفِ- يَعْنِي وَقُرَيْشٌ بِهِمَا- وَفَرِحُوا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَبْشِرُوا فَقَدْ نَصَبَ لَهُ كِسْرَى مَلِكُ الْمُلُوكِ كُفِيتُمُ الرَّجُلَ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فكلمه أبا ذويه فَقَالَ: شَاهِنْشَاهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ كِسْرَى قَدْ كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ بَاذَامَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَأْتِيهِ بِكَ وَقَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَنْطَلِقَ معى، فان

[1] في ابن جرير اختلاف في الأسماء فإنه سمى باذام باذان وابا ذويه بابويه وخرخرة خرخسرة الى غير ذلك فراجعه في السنة السادسة.

ص: 269

فَعَلْتَ كَتَبَ لَكَ إِلَى مَلِكِ الْمُلُوكِ يَنْفَعُكَ وَيَكُفُّهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ فَهُوَ مُهْلِكُكَ وَمُهْلِكُ قَوْمِكَ وَمُخَرِّبُ بِلَادِكَ. وَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا وَقَالَ «وَيْلَكُمَا مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا؟» قَالَا أَمَرَنَا رَبُّنَا- يَعْنِيَانِ كِسْرَى- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي» ثُمَّ قَالَ «ارْجِعَا حَتَّى تَأْتِيَانِي غَدًا» قَالَ وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا فِي لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا مِنَ اللَّيْلِ سُلِّطَ عَلَيْهِ ابْنُهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ. قَالَ فَدَعَاهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا فَقَالَا هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ؟ إِنَّا قَدْ نَقَمْنَا عَلَيْكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا فَنَكْتُبُ عَنْكَ بِهَذَا وَنُخْبِرُ الْمَلِكَ بَاذَامَ؟ قَالَ «نعم أخبراه ذاك عَنِّي وَقُولَا لَهُ إِنَّ دِينِي وَسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ ما بلغ كسرى وينتهى الى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ، وَقُولَا لَهُ إِنْ أَسْلَمْتَ أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ مِنَ الْأَبْنَاءِ» ثُمَّ أَعْطَى خُرْخَرَةَ مِنْطَقَةً فِيهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى بَاذَامَ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا هَذَا بِكَلَامِ مَلِكٍ وَإِنِّي لَأَرَى الرَّجُلَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ وَلَيَكُونَنَّ مَا قَدْ قَالَ، فَلَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا فهو نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَنَرَى فِيهِ رأيا. فَلَمْ يَنْشَبْ بَاذَامُ أَنْ قِدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ شِيرَوَيْهِ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ كِسْرَى وَلَمْ أَقْتُلْهُ إِلَّا غَضَبًا لِفَارِسَ لِمَا كَانَ اسْتَحَلَّ مِنْ قَتْلِ أَشْرَافِهِمْ وَنَحْرِهِمْ فِي ثُغُورِهِمْ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذْ لِيَ الطَّاعَةَ مِمَنْ قِبَلَكَ، وَانْطَلِقْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ كِسْرَى قَدْ كَتَبَ فِيهِ فَلَا تُهِجْهُ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فِيهِ. فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ شِيرَوَيْهِ إِلَى بَاذَامَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَرَسُولٌ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتِ الْأَبْنَاءُ مِنْ فَارِسَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ. قَالَ وَقَدْ قَالَ بَاذَوَيْهِ لِبَاذَامَ: مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا أَهْيَبَ عِنْدِي مِنْهُ. فَقَالَ لَهُ بَاذَامُ هَلْ مَعَهُ شُرَطٌ؟ قَالَ لَا. قَالَ الْوَاقِدِيُّ رحمه الله: وَكَانَ قَتْلُ كِسْرَى عَلَى يَدَيِ ابْنِهِ شِيرَوَيْهِ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرِ ليال مضين من جمادى الآخرة مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ لِسِتِّ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا:

قُلْتُ: وَفِي شِعْرِ بَعْضِهِمْ مَا يرشد أن قتله كان في شهر الحرام وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ:

قَتَلُوا كِسْرَى بِلَيْلٍ مُحْرِمًا

فَتَوَلَّى لَمْ يُمَتَّعْ بِكَفَنْ

وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ:

وَكِسْرَى إِذْ تَقَاسَمُهُ بَنُوهُ

بِأَسْيَافٍ كَمَا اقْتُسِمَ اللِّحَامُ

تَمَخَّضَتِ الْمَنُونُ لَهُ بِيَوْمٍ

أتى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تَمَامُ

وَرَوَى الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ اللَّيْلَةَ رَبَّكَ» قَالَ وَقِيلَ لَهُ- يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَتَهُ فَقَالَ «لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ» . قَالَ

ص: 270

الْبَيْهَقِيُّ: وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ وَجَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رسل كِسْرَى، وَذَلِكَ أَنَّ كِسْرَى بَعَثَ يَتَوَعَّدُ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَيَقُولُ لَهُ: أَلَا تَكْفِينِي أَمْرَ رَجُلٍ قَدْ ظَهَرَ بِأَرْضِكَ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ، لَتَكْفِيَنَّهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ لِرُسُلِهِ «أَخْبِرُوهُ أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ اللَّيْلَةَ» فَوَجَدُوهُ كَمَا قَالَ. قَالَ وَرَوَى دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ نَحْوَ هَذَا. ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

أَقْبَلَ سَعْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ فِي وَجْهِ سَعْدٍ خَبَرًا «فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ كِسْرَى» فَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ كِسْرَى أَوَّلُ النَّاسِ هَلَاكًا فَارِسُ ثُمَّ الْعَرَبُ» . قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَلَاكِ كِسْرَى لِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ يَعْنِي الْأَمِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدِمَا مِنْ نَائِبِ الْيَمَنِ بَاذَامَ، فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ بِوَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ عليه الصلاة والسلام وَشَاعَ فِي الْبِلَادِ وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَوَّلَ مَنْ سَمِعَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِوَفْقِ إِخْبَارِهِ عليه السلام وَهَكَذَا بِنَحْوِ هَذَا التَّقْدِيرِ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله. ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ كِسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ بُعِثَ لَهُ- أَوْ قُيِّضَ لَهُ- عَارِضٌ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْحَقَّ فَلَمْ يَفْجَأْ كِسْرَى إِلَّا بِرَجُلٍ يَمْشِي وَفِي يَدِهِ عَصًا فَقَالَ: يَا كِسْرَى هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا؟ فَقَالَ كِسْرَى نَعَمْ لَا تَكْسِرْهَا، فَوَلَّى الرَّجُلُ فَلَمَّا ذَهَبَ أَرْسَلَ كِسْرَى إِلَى حُجَّابِهِ فَقَالَ مَنْ أَذِنَ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَيَّ؟ فَقَالُوا مَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ، فَقَالَ كَذَبْتُمْ، قَالَ فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَتَهَدَّدَهُمْ ثُمَّ تَرَكَهُمْ. قَالَ فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ أَتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ وَمَعَهُ الْعَصَا قَالَ يَا كِسْرَى هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ نَعَمْ لَا تَكْسِرْهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُ دَعَا حُجَّابَهُ قَالَ لَهُمْ كَالْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُسْتَقْبَلُ أَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَهُ الْعَصَا فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ يَا كِسْرَى فِي الإسلام قبل أن أكسر العصا فقال لا تكسرها لَا تَكْسِرْهَا فَكَسَرَهَا، فَأَهْلَكَ اللَّهُ كِسْرَى عِنْدَ ذلك. وقال الامام الشافعيّ: انبأ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فلا قيصر بعده، فو الّذي نَفْسِي بِيَدِهِ لِتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا أُتِيَ كِسْرَى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَزَّقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يمزق مُلْكُهُ» وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ثَبَتَ مُلْكُهُ» قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تَأْتِي الشَّامَ وَالْعِرَاقَ لِلتِّجَارَةِ فَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ شَكَوْا خَوْفَهُمْ مِنْ مَلِكَيِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فلا قيصر بعده» قال فباد ملك

ص: 271