الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَيْدٍ حَدَّثَنِي نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما رَجَعَ مِنْ أُحُدٍ فَجَعَلَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ عَلَى مَنْ قُتِلَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ» قَالَ: ثُمَّ نَامَ فَاسْتَنْبَهَ وَهُنَّ يَبْكِينَ قَالَ: «فَهُنَّ الْيَوْمَ إِذًا يَبْكِينَ يَنْدُبْنَ حَمْزَةَ» وَهَذَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِنِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ هَلْكَاهُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ» فَجَاءَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ حَمْزَةَ فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «وَيْحَهُنَّ ما انقابن بعد مرورهن فلينقلين وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ» وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَزِقَّةَ الْمَدِينَةِ إِذَا النَّوْحُ وَالْبُكَاءُ فِي الدُّورِ قَالَ: «مَا هَذَا» قَالُوا: هَذِهِ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ قَتْلَاهُمْ فَقَالَ: «لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بِوَاكِيَ لَهُ» وَاسْتَغْفَرَ لَهُ فَسَمِعَ ذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَمَشَوْا إِلَى دُورِهِمْ فَجَمَعُوا كُلَّ نَائِحَةٍ بَاكِيَةٍ كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا تَبْكِينَ قَتْلَى الْأَنْصَارِ حَتَّى تَبْكِينَ عَمَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا بِوَاكِيَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ.
وَزَعَمُوا أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِالنَّوَائِحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا هَذَا» فَأُخْبِرَ بِمَا فَعَلَتِ الْأَنْصَارُ بِنِسَائِهِمْ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا وَقَالَ: «مَا هَذَا أَرَدْتُ، وَمَا أُحِبُّ الْبُكَاءَ» وَنَهَى عَنْهُ. وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَوَاءً. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَأَخَذَ الْمُنَافِقُونَ عِنْدَ بُكَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَكْرِ وَالتَّفْرِيقِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْزِينِ الْمُسْلِمِينَ وَظَهَرَ غِشُّ الْيَهُودِ وَفَارَتِ الْمَدِينَةُ بِالنِّفَاقِ فَوْرَ الْمِرْجَلِ وَقَالَتِ الْيَهُودُ: لَوْ كَانَ نَبِيًّا مَا ظَهَرُوا عَلَيْهِ وَلَا أُصِيبَ مِنْهُ مَا أُصِيبَ وَلَكِنَّهُ طَالِبُ مُلْكٍ تَكُونُ لَهُ الدَّوْلَةُ وَعَلَيْهِ، وَقَالَ الْمُنَافِقُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ وَقَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ: لَوْ كُنْتُمْ أَطَعْتُمُونَا مَا أَصَابَكُمُ الَّذِينَ أَصَابُوا مِنْكُمْ فَأَنْزِلُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فِي طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ وَنِفَاقِ من نافق وتعزية المسلمين يغلي فِيمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَقَالَ: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ 3: 121 الْآيَاتِ كُلَّهَا كَمَا تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ والمنة
ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بَعْدَ اقْتِصَاصِهِ وَقْعَةَ أُحُدٍ وَذِكْرِهِ رُجُوعَهُ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ: وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنَ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنْ أَبِي سفيان وأصحابه فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون ويقول بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا أصبتهم شَوْكَةَ الْقَوْمِ وَحْدَهُمْ ثُمَّ تَرَكْتُمُوهُمْ وَلَمْ
تَبْتُرُوهُمْ فَقَدْ بَقِيَ مِنْهُمْ رُءُوسٌ يَجْمَعُونَ لَكُمْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِهِمْ أَشَدُّ الْقَرْحِ- بِطَلَبِ الْعَدُوِّ لِيَسْمَعُوا بِذَلِكَ وَقَالَ: لَا يَنْطَلِقَنَّ مَعِي إِلَّا مَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَنَا رَاكِبٌ مَعَكَ. فَقَالَ لَا، فَاسْتَجَابُوا للَّه وَلِرَسُولِهِ عَلَى الَّذِي بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ فَانْطَلَقُوا. فَقَالَ الله في كتابه:
الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ 3: 172 قال وَأَذِنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لجابر حِينَ ذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى أَخَوَاتِهِ، قَالَ وَطَلَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَدُوَّ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ. وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عروة ابن الزُّبَيْرِ سَوَاءً. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ: وَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ النِّصْفَ مِنْ شَوَّالٍ فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ مِنْ يَوْمِ الْأَحَدِ لِسِتَّ عَشْرَةَ لَيْلَةً مَضَتْ مِنْ شَوَّالٍ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ بِطَلَبِ الْعَدُوِّ وَأَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ أَلَّا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ حَضَرَ يَوْمَنَا بِالْأَمْسِ، فَكَلَّمَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْهِبًا لِلْعَدُوِّ ليبلغهم أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ لِيَظُنُّوا بِهِ قُوَّةً وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يُوهِنْهُمْ عَنْ عَدُوِّهِمْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ رحمه الله:
فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي السَّائِبِ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَ: شَهِدْتُ أُحُدًا أَنَا وَأَخٌ لِي فَرَجَعْنَا جَرِيحَيْنِ، فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ قُلْتُ لِأَخِي وَقَالَ لِي: أَتَفُوتُنَا غَزْوَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ دَابَّةٍ نَرْكَبُهَا وَمَا مَنَّا إِلَّا جَرِيحٌ ثَقِيلٌ، فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُنْتُ أَيْسَرَ جُرْحًا مِنْهُ، فَكَانَ إِذَا غُلِبَ حَمَلْتُهُ عُقْبَةً وَمَشَى عُقْبَةً حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى مَا انْتَهَى إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَخَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ فَأَقَامَ بِهَا الْاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَدْ كَانَ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بكر مَعْبَدَ بْنَ أَبِي مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ مسلمهم وكافرهم عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم مَعَهُ لَا يُخْفُونَ عَنْهُ شَيْئًا كَانَ بِهَا، وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ مَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُقِيمٌ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ الله عافاك فيهم، ثم خَرَجَ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ ابن حَرْبٍ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَقَالُوا: أَصَبْنَا حَدَّ أَصْحَابِهِ وَقَادَتِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ ثُمَّ نَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ نَسْتَأْصِلَهُمْ لَنَكُرَّنَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلْنَفْرُغَنَّ مِنْهُمْ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ يَطْلُبُكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا، فِيهِمْ مِنَ الْحَنَقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ. قَالَ وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ تَرْتَحِلُ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الخيل. قال فو الله لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ شَأْفَتَهُمْ، قَالَ فانى أنهاك عن ذلك، والله لقد
حَمَلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِ أَبْيَاتًا مِنْ شِعْرٍ. قَالَ وَمَا قُلْتَ؟ قَالَ قُلْتُ:
كَادَتْ تُهِدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي
…
إِذْ سَالَتِ الْأَرْضُ بِالْجُرْدِ الْأَبَابِيلِ
تَرْدَى بِأُسْدٍ كِرَامٍ لَا تَنَابِلَةٍ
…
عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا مِيلٍ مَعَازِيلِ
فَظَلْتُ عَدُوًّا أَظُنُّ الْأَرْضَ مَائِلَةً
…
لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ
فَقُلْتُ وَيْلَ ابْنِ حَرْبٍ مِنْ لِقَائِكُمْ
…
إِذَا تَغَطْمَطَتِ الْبَطْحَاءُ بِالْجِيلِ
إِنِّي نَذِيرٌ لِأَهْلِ الْبَسْلِ ضَاحِيَةً
…
لِكُلِّ ذِي إِرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ
مِنْ جَيْشِ أَحْمَدَ لَا وَخْشٍ قَنَابِلُهُ
…
وَلَيْسَ يُوصَفُ مَا أَنْذَرْتُ بِالْقِيلِ
قَالَ فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ. وَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا الْمَدِينَةَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالُوا نُرِيدُ الْمِيرَةَ؟ قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً أُرْسِلُكُمْ بِهَا إِلَيْهِ وَأُحَمِّلُ لَكُمْ إِبِلَكُمْ هَذِهِ غَدًا زَبِيبًا بِعُكَاظٍ إِذَا وَافَيْتُمُوهَا؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِذَا وَافَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا السَّيْرَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ. فَمَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ 3: 173. وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أُرَاهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ ونعم الوكيل. تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ 3: 172 قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبَوَاكَ مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنهما لما أصاب رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ.
فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ رواه مسلم مختصرا من وجه عَنْ هِشَامٍ وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْحُمَيْدِيُّ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهِ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مستدركه من طريق أبى سعيد عن هشام ابن عروة به ورواه من حديث السدي عَنْ عُرْوَةَ وَقَالَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. كَذَا قَالَ. وَهَذَا السِّيَاقُ غَرِيبٌ جِدًّا فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ أَصْحَابِ الْمَغَازِي أَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَمْرَاءِ الْأَسَدِ كُلُّ مَنْ شَهِدَ أُحُدًا وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ قُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ وَبَقِيَ الْبَاقُونَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَذَفَ فِي قَلْبِ أَبِي سُفْيَانَ الرُّعْبَ يَوْمَ أُحُدٍ بَعْدَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَرَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَكَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ فِي شَوَّالٍ وَكَانَ التُّجَّارُ يَقْدَمُونَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ الْمَدِينَةَ فَيَنْزِلُونَ بِبَدْرٍ الصُّغْرَى فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَأَنَّهُمْ قَدِمُوا بَعْدَ وَقْعَةِ أُحُدٍ وَكَانَ أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ
الْقَرْحُ وَاشْتَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا بهم ويتبعوا ما كانوا متبعين وقال لنا ترتحلون الآن فتأتون الْحَجَّ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِهَا حَتَّى عَامَ قَابِلٍ فَجَاءَ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَقَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَأَبَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَنْ يَتَّبِعُوهُ فَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْنِي أَحَدٌ فَانْتَدَبَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا فَسَارُوا فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى بَلَغُوا الصَّفْرَاءَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ 3: 172 وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ لَمَّا انْصَرَفَ يَوْمَ أُحُدٍ أَرَادَ الرُّجُوعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُمْ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ حَرِبُوا وَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ قِتَالٌ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فَارْجِعُوا فَرَجَعُوا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهُمْ هَمُّوا بِالرَّجْعَةِ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سُوِّمَتْ لَهُمْ حِجَارَةٌ لَوْ صُبِّحُوا بِهَا لَكَانُوا كَأَمْسِ الذَّاهِبِ» قَالَ: وَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ ذَلِكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ الْمَدِينَةِ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ جَدَّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ لِأُمِّهِ عَائِشَةَ بِنْتِ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا عَزَّةَ الْجُمَحِيَّ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَسَرَهُ بِبَدْرٍ ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِي، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا تَمْسَحُ عَارِضَيْكَ بِمَكَّةَ تَقُولُ خَدَعْتُ مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ، اضْرِبْ عُنُقَهُ يَا زُبَيْرُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ، اضْرِبْ عُنُقَهُ يَا عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ» وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ اسْتَأْمَنَ لَهُ عُثْمَانُ عَلَى أَنْ لا يقيم بعد ثلاث فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَقَالَ: سَتَجِدَانِهِ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاقْتُلَاهُ فَفَعَلَا رضي الله عنهما. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ كَمَا حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ لَهُ مَقَامٌ يَقُومُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ لَا يُنْكَرُ لَهُ شَرَفًا فِي نفسه وفي قومه وكان فيهم شَرِيفًا إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ قَامَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ أَكْرَمَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَأَعَزَّكُمْ بِهِ فانصروه وعززوه وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. ثُمَّ يَجْلِسُ حَتَّى إِذَا صَنَعَ يَوْمَ أُحُدٍ مَا صَنَعَ وَرَجَعَ النَّاسُ قَامَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ بِثِيَابِهِ مِنْ نَوَاحِيهِ وَقَالُوا اجْلِسْ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ وَاللَّهِ لَسْتَ لِذَلِكَ بِأَهْلٍ وَقَدْ صَنَعْتَ مَا صَنَعْتَ فَخَرَجَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا أَنْ قُمْتُ أُشَدِّدُ أَمْرَهُ. فَلَقِيَهُ رِجَالٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بباب المسجد فقالوا: ويلك مالك؟ قَالَ: قُمْتُ أُشَدِّدُ أَمْرَهُ فَوَثَبَ إِلَيَّ رِجَالٌ من أصحابه يجبذوننى وَيُعَنِّفُونَنِي لَكَأَنَّمَا قُلْتُ بُجْرًا أَنْ قُمْتُ أُشَدِّدُ أَمْرَهُ. قَالُوا وَيْلَكَ ارْجِعْ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: وَاللَّهِ ما أبغى