المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الصلاة على حمزة وقتلى أحد - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ الْفُرُعِ مِنْ بُحْرَانَ

- ‌خَبَرُ يهود بنى قينقاع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌غزوة أحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة يَوْمَ أُحُدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

- ‌‌‌فَصَلٌ

- ‌فَصَلٌ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌سنة اربع من الهجرة النبويّة

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمريّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النضير

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ

- ‌غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ

- ‌غَزْوَةُ ذات الرقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌مقتل خالد بن سفيان بن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وقعة الخندق وإسلامه

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأمّ حبيبة بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

- ‌تزويجه عليه السلام بزينب بنت جحش

- ‌ذكر نزول الْحِجَابِ صَبِيحَةَ عُرْسِهَا

- ‌سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النبويّة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

- ‌قِصَّةُ الْإِفْكِ

- ‌غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وَمَنْ كَانَ بَقِيَ بِالْحَبَشَةِ مِمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِخَيْبَرَ

- ‌(ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمَا كَانَ مِنَ أمر البرهان الّذي ظهر عندها والحجة البالغة فيها)

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر من استشهد بخيبر من الصحابة رضى الله عنهم

- ‌خبر الحجاج بن علاط البهزي رضي الله عنه

- ‌فصل في مروره عليه السلام بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ومصالحته يهود على ما ذكره [الواقدي وغيره]

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تربة من أرض هوازن وَرَاءَ مَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ [1] بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء

- ‌وأما قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذكر خروجه عليه السلام مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فصل

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبى طلحة رضى الله عنهم

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌غزوة مؤتة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في ذكر مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ [1]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وإلى الدخول في دين الإسلام

- ‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

- ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

- ‌بعثه عليه السلام الى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَاسْمُهُ جُرُيْجُ بْنُ مِينَا الْقِبْطِيُّ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبى عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِجْرَتِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَ

- ‌فصل

- ‌صفة دخوله عليه السلام مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل ومما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌فصل في مرجعه عليه السلام من الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ

- ‌ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ

- ‌ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرضاعة وهو بالجعرانة واسمها الشياء

- ‌عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌ذكر الصلاة على حمزة وقتلى أحد

مَنْ فَعَلَ بِعَمِّهِ مَا فَعَلَ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ أَظْفَرَنَا اللَّهُ بِهِمْ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَحَدَّثَنِي بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانِ بْنِ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنِ ابْنِ عباس أن الله أَنْزَلَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ 16: 126 الآية. قَالَ: فَعَفَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَبَرَ وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. قُلْتُ: هَذِهِ الْآيَةُ مَكِّيَّةٌ وَقِصَّةُ أُحُدٍ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سنين فكيف يلتئم هذا فاللَّه أعلم. قال وَحَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ قَالَ: مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَقَامٍ قَطُّ فَفَارَقَهُ حَتَّى يَأْمُرَ بِالصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَمْزَةَ قَالَ «لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ أبدا، وما وقفت قط موقفا أَغْيَظَ إِلَيَّ مِنْ هَذَا» ثُمَّ قَالَ «جَاءَنِي جبريل فأخبرني أن حمزة مكتوب في السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَسَدُ اللَّهِ وَأَسَدُ رَسُولِهِ» قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ حمزة وأبو سلمة بن عبد الأسد أَخُو رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرَّضَاعَةِ أَرْضَعَتْهُمْ ثَلَاثَتَهُمْ ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ

‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَمْزَةَ فَسُجِّيَ بِبُرْدَةٍ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ فَكَبَّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ أَتَى بِالْقَتْلَى يُوضَعُونَ إِلَى حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ مَعَهُمْ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ صَلَاةً» وَهَذَا غَرِيبٌ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إِنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ خَلْفَ الْمُسْلِمِينَ يُجْهِزْنَ عَلَى جَرْحَى الْمُشْرِكِينَ فَلَوْ حَلَفْتُ يَوْمَئِذٍ رَجَوْتُ أَنْ أبرّ أنا لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ 3: 152 فلما خلف أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَصَوْا مَا أُمِرُوا بِهِ أُفْرِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تِسْعَةٍ- سَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَاثْنَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ عَاشِرُهُمْ- فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَدَّهُمْ عَنَّا

فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَا حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ: مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: اعْلُ هُبَلَ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، فَقَالُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ. ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا، وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ، حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةَ، وَفُلَانٌ بِفُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا سَوَاءَ، أَمَّا قَتْلَانَا فَأَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: قَدْ كَانَتْ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَعَنْ غَيْرِ مَلَأٍ مِنَّا، مَا أَمَرْتُ وَلَا نَهَيْتُ وَلَا أَحْبَبْتُ وَلَا كَرِهْتُ،

ص: 40

وَلَا سَاءَنِي وَلَا سَرَّنِي، قَالَ فَنَظَرُوا فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ بُقِرَ بَطْنُهُ وَأَخَذَتْ هِنْدُ كَبِدَهُ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَأْكُلَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أأكلت شَيْئًا؟ قَالُوا لَا، قَالَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُدْخِلَ شَيْئًا مِنْ حَمْزَةَ فِي النَّارِ، قَالَ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوُضِعَ إِلَى جَنْبِهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَرُفِعَ الْأَنْصَارِيُّ وترك حمزة وجيء بِآخِرَ فَوَضَعَهُ إِلَى جَنْبِ حَمْزَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ وَتُرِكَ حَمْزَةُ حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ صَلَاةً» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَهَذَا إِسْنَادٌ فِيهِ ضَعْفٌ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فاللَّه أَعْلَمُ. وَالَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَثْبَتَ حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أيهم أكثر أخذا لقرآن؟ فإذا أشير له الى أحدهما قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ وَقَالَ أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُغَسَّلُوا تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ. وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ سَمِعْتُ عَبْدَ رَبِّهِ يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ جابر عن جابر ابن عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ كُلَّ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ عَدِيدَةٍ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أخبرنا الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْحَوْضُ وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا. قَالَ: فَكَانَ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظْرَتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ بِهِ نَحْوَهُ. وَقَالَ الْأُمَوِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجْنَا مِنَ السَّحَرِ مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُحُدٍ نَسْتَطْلِعُ الْخَبَرَ حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ إِذَا رَجُلٌ مُحْتَجِرٌ يَشْتَدُّ وَيَقُولُ:

لَبِّثْ قليلا يشهد الهيجا حمل

قال: فَنَظَرْنَا فَإِذَا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، ثُمَّ مَكَثْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا بِعِيرٌ قَدْ أَقْبَلَ، عَلَيْهِ امْرَأَةٌ بَيْنَ وَسَقَيْنِ قَالَتْ فَدَنَوْنَا مِنْهَا فَإِذَا هِيَ امْرَأَةُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ فَقُلْنَا لَهَا مَا الْخَبَرُ قَالَتْ دَفَعَ اللَّهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاتَّخَذَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ شُهَدَاءَ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عزيزا. ثُمَّ قَالَتْ لِبَعِيرِهَا: حُلْ. ثُمَّ نَزَلَتْ، فَقُلْنَا لَهَا: مَا هَذَا؟

قَالَتْ: أَخِي وَزَوْجِي. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ أَقْبَلَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِتَنْظُرَ إِلَيْهِ وَكَانَ

ص: 41

أَخَاهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِهَا الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: الْقَهَا فَأَرْجِعْهَا لَا تَرَى مَا بِأَخِيهَا فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّهْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعِي. قَالَتْ وَلِمَ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مُثِّلَ بِأَخِي وَذَلِكَ فِي اللَّهِ فَمَا أَرْضَانَا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَأَحْتَسِبَنَّ وَلَأَصْبِرَنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلَمَّا جَاءَ الزُّبَيْرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ خَلِّ سَبِيلَهَا، فَأَتَتْهُ فَنَظَرَتْ إِلَيْهِ وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَاسْتَرْجَعَتْ وَاسْتَغْفَرَتْ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدُفِنَ وَدُفِنَ مَعَهُ ابْنُ أُخْتِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَأُمُّهُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ قَدْ مثل به غير انه لم ينقر عَنْ كَبِدِهِ رضي الله عنهما. قَالَ السُّهَيْلِيُّ:

وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْمُجَدَّعُ فِي اللَّهِ قَالَ وَذَكَرَ سَعْدٌ أَنَّهُ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جحش دعيا بِدَعْوَةٍ فَاسْتُجِيبَتْ لَهُمَا فَدَعَا سَعْدٌ أَنْ يَلْقَى فَارِسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَيَقْتُلَهُ وَيَسْتَلِبَهُ فَكَانَ ذَلِكَ وَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ أَنْ يَلْقَاهُ فَارِسٌ فَيَقْتُلَهُ وَيَجْدَعَ أَنْفَهُ فِي اللَّهِ فَكَانَ ذَلِكَ وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ سَيْفَهُ يَوْمَئِذٍ انْقَطَعَ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْجُونًا فَصَارَ فِي يَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ سَيْفًا يُقَاتِلُ بِهِ ثُمَّ بِيعَ فِي تَرِكَةِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ لِعُكَّاشَةَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ بَلْ فِي الْكَفَنِ الْوَاحِدِ وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِمَا بِالْمُسْلِمِينَ مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي يشق معها أن يحفروا الكل واحد واحد وَيُقَدِّمَ فِي اللَّحْدِ أَكْثَرَهُمَا أَخْذًا لِلْقُرْآنِ وَكَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ الْمُتَصَاحِبَيْنِ فِي اللَّحْدِ الْوَاحِدِ كَمَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَالِدِ جَابِرٍ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُتَصَاحِبَيْنِ وَلَمْ يُغَسَّلُوا بَلْ تَرَكَهُمْ بِجِرَاحِهِمْ وَدِمَائِهِمْ كَمَا رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما انصرف عن الْقَتْلَى يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ إِنَّهُ مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي سبيل اللَّهِ إِلَّا وَاللَّهُ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدْمَى جُرْحُهُ اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ. قَالَ وَحَدَّثَنِي عَمِّي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ جَرِيحٍ يُجْرَحُ فِي اللَّهِ إِلَّا وَاللَّهُ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْمَى اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ وَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ بِالشُّهَدَاءِ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَقَالَ ادْفِنُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ بِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُمْ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالُوا قَدْ أَصَابَنَا قُرْحٌ وجهد فكيف تأمر فَقَالَ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّهُمْ يُقَدَّمُ؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ فَذَكَرُهُ وَزَادَ وَأَعْمِقُوا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِ

ص: 42

احْتَمَلَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَاهُمُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَدَفَنُوهُمْ بِهَا ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ:

ادْفِنُوهُمْ حَيْثُ صُرِعُوا. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ حدثنا عبد الله وعتاب حدثنا عبد الله حدثنا عُمَرُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي يَزِيدَ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: اسْتُشْهِدَ أَبِي بِأُحُدٍ فَأَرْسَلَنِي أَخَوَاتِي إِلَيْهِ بِنَاضِحٍ لَهُنَّ فَقُلْنَ: اذْهَبْ فَاحْتَمِلْ أَبَاكَ عَلَى هَذَا الْجَمَلِ فَادْفِنْهُ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي سَلَمَةَ. فَقَالَ فَجِئْتُهُ وَأَعْوَانٌ لِي فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ الله وَهُوَ جَالِسٌ بِأُحُدٍ فَدَعَانِي فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُدْفَنُ إِلَّا مَعَ إِخْوَتِهِ فَدُفِنَ مَعَ أَصْحَابِهِ بِأُحُدٍ. تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ حُمِلُوا مِنْ مَكَانِهِمْ فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ رُدُّوا الْقَتْلَى إِلَى مَضَاجِعِهِمْ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ كُلُّهُمْ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ نُبَيْحٌ الْعَنْزِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ المدينة الى المشركين يقاتلهم وَقَالَ لِي أَبِي عَبْدُ اللَّهِ يَا جَابِرُ لَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ فِي نَظَّارِي أَهْلِ المدينة حتى تعلم الى ما مصير أَمْرُنَا فَإِنِّي وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي أَتْرُكُ بَنَاتٍ لي بعدي لا حببت أَنْ تُقْتَلَ بَيْنَ يَدِيَّ. قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي النَّظَّارِينَ إِذْ جَاءَتْ عَمَّتِي بِأَبِي وَخَالِي عَادَلَتْهُمَا عَلَى نَاضِحٍ فَدَخَلَتْ بِهِمَا الْمَدِينَةَ لِتَدْفِنَهُمَا فِي مَقَابِرِنَا إِذْ لَحِقَ رَجُلٌ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا بِالْقَتْلَى فَتَدْفِنُوهَا فِي مَصَارِعِهَا حَيْثُ قُتِلَتْ فَرَجَعْنَا بِهِمَا فَدَفَنَّاهُمَا حَيْثُ قُتِلَا فَبَيْنَا أَنَا فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ يَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَثَارَ أَبَاكَ عُمَّالُ مُعَاوِيَةَ فَبَدَا فَخَرَجَ طَائِفَةٌ مِنْهُ. فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي دَفَنْتُهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ إِلَّا مَا لَمْ يَدَعِ الْقَتْلُ أَوِ الْقَتِيلُ، ثُمَّ سَاقَ الْإِمَامُ قِصَّةَ وَفَائِهِ دَيْنَ أَبِيهِ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا أَجْرَى مُعَاوِيَةُ الْعَيْنَ عِنْدَ قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً اسْتَصْرَخْنَاهُمْ إِلَيْهِمْ فَأَتَيْنَاهُمْ فَأَخْرَجْنَاهُمْ فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ قَدَمَ حَمْزَةَ فَانْبَعَثَ دَمًا. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ كَأَنَّمَا دُفِنُوا بِالْأَمْسِ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ الْعَيْنَ نَادَى مُنَادِيهِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ بِأُحُدٍ فَلْيَشْهَدْ، قَالَ جَابِرٌ فَحَفَرْنَا عَنْهُمْ فَوَجَدْتُ أَبِي فِي قبره كأنما هو نائم على هيئته ووجدنا جَارَهُ فِي قَبْرِهِ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ وَيَدُهُ عَلَى جُرْحِهِ فَأُزِيلَتْ عَنْهُ فَانْبَعَثَ جُرْحُهُ دَمًا، وَيُقَالُ إِنَّهُ فَاحَ مِنْ قُبُورِهِمْ مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَذَلِكَ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ دُفِنُوا.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعَانِي أَبِي مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ لِي مَا أُرَانِي إِلَّا مَقْتُولًا فِي أَوَّلِ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي لَا أَتْرُكُ بَعْدِي أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ غَيْرَ نَفْسِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّ عَلِيَّ دَيْنًا فَاقْضِ

ص: 43

واستوص بأخواتك خيرا، فأصبحنا وكان أَوَّلَ قَتِيلٍ فَدَفَنْتُ مَعَهُ آخَرَ فِي قَبْرِهِ ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ آخَرَ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا هُوَ كيوم وضعته هيئة غَيْرَ أُذُنِهِ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ جَعَلَ يَكْشِفُ عَنِ الثَّوْبِ وَيَبْكِي فَنَهَاهُ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ تَبْكِيهِ أَوْ لَا تَبْكِيهِ، لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تظله حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ. وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَمَّتَهُ هِيَ الباكية. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا فَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِجَابِرٍ «يَا جَابِرُ أَلَّا أُبَشِّرُكَ؟ قَالَ بَلَى بَشَّرَكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ، فَقَالَ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللَّهَ أَحْيَا أَبَاكَ فَقَالَ تَمَنَّ عَلَيَّ عَبْدِي مَا شِئْتَ أُعْطِكَهُ. قَالَ يا رب عَبَدْتُكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ أَتَمَنَّى عَلَيْكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأَقْتُلَ مَعَ نَبِيِّكَ وَأُقْتَلَ فِيكَ مرة أخرى، قال: إنه سَلَفَ مِنِّي أَنَّهُ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُ» . وَقَالَ البيهقي حدثنا أبو الحسن محمد ابن أَبِي الْمَعْرُوفِ الْإِسْفِرَايِينِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ الْفَاكِهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خِرَاشِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيَّ ثُمَّ السَّلْمَيَّ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «مَا لِي أَرَاكَ مُهْتَمًّا؟ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ أَبِي وَتَرَكَ دَيْنًا وَعِيَالًا، فَقَالَ: أَلَا أخبرك ما لكم اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا وَقَالَ لَهُ يَا عَبْدِي سَلْنِي أُعْطِكَ. فَقَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدنيا فأقتل فيك ثانية، فَقَالَ:

إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي الْقَوْلُ: أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. قَالَ يَا رَبِّ: فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169 الآية. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ سَمِعْتُ جابرا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ألا أبشرك يا جابر؟ قُلْتُ بَلَى، قَالَ: إِنَّ أَبَاكَ حَيْثُ أُصِيبَ بِأُحِدٍ أَحْيَاهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا تحب يا عبد الله ما تحب أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟ قَالَ: أَيْ رَبِّ أُحِبُّ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا فَأُقَاتِلَ فِيكَ فَأُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى» وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ، وَزَادَ: فَقَالَ اللَّهُ إِنِّي قَضَيْتُ أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ أُحِدٍ «أَمَا وَاللَّهِ لوددت أنى غودرت مع أصحابه بحضن الْجَبَلِ» يَعْنِي سَفْحَ الْجَبَلِ، تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ قَطَنِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

ص: 44

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ مِنْ أُحُدٍ مَرَّ عَلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ مَقْتُولٌ عَلَى طَرِيقِهِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَدَعَا لَهُ ثُمَّ قَرَأَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا الله عَلَيْهِ 33: 23. الآية قَالَ «أَشْهَدُ أَنَّ هَؤُلَاءِ شُهَدَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأْتُوهُمْ وَزُورُوهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا رَدُّوا عَلَيْهِ» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَرُوِيَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ مُرْسَلًا. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي قُبُورَ الشُّهَدَاءِ فَإِذَا أَتَى فُرْضَةَ الشِّعْبِ قَالَ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ وَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ يَفْعَلُهُ وَكَانَ عُثْمَانُ بَعْدَ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهُمْ كُلَّ حَوْلٍ فإذا بلغ نقرة الشِّعْبَ يَقُولُ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ حَوْلٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَأْتِيهِمْ فَتَبْكِي عِنْدَهُمْ وَتَدْعُو لَهُمْ، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَلِّمُ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ: أَلَّا تُسَلِّمُونَ عَلَى قَوْمٍ يَرُدُّونَ عَلَيْكُمْ. ثُمَّ حَكَى زِيَارَتَهُمْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهم.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَتْنِي خَالَتِي قَالَتْ: رَكِبْتُ يَوْمًا إِلَى قُبُورِ الشُّهَدَاءِ- وَكَانَتْ لَا تَزَالُ تَأْتِيهِمْ- فَنَزَلْتُ عِنْدَ حَمْزَةَ فَصَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ وَمَا فِي الْوَادِي دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ إِلَّا غُلَامًا قَائِمًا آخِذًا بِرَأْسِ دَابَّتِي فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي قُلْتُ هَكَذَا بِيَدِي «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» قَالَتْ فَسُمِعْتُ رَدَّ السَّلَامِ عَلَيَّ يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ أَعْرِفُهُ كَمَا أَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَنِي وَكَمَا أَعْرِفُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَاقْشَعَرَّتْ كُلُّ شَعْرَةٍ مِنِّي. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ يَوْمَ أُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قَالُوا مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَنْكُلُوا عَنِ الْحَرْبِ وَلَا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ. فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ قَوْلَهُ تَعَالَى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 3: 169. وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عند ربهم يرزقون. فقال: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «أَرْوَاحُهُمْ في جوف طير خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذِ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً، فَقَالَ: اسألونى مَا شِئْتُمْ. فَقَالُوا يَا رَبَّنَا وَمَا نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ نَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ فِي أَيِّهَا شِئْنَا،

ص: 45