المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أرضها - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الرابع]

- ‌سنة ثلاث من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ الْفُرُعِ مِنْ بُحْرَانَ

- ‌خَبَرُ يهود بنى قينقاع مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌سَرِيَّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ

- ‌مَقْتَلُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌تَنْبِيهٌ آخَرُ:

- ‌غزوة أحد فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ

- ‌مَقْتَلُ حَمْزَةَ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا لَقِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعد الوقعة يَوْمَ أُحُدٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى حَمْزَةَ وَقَتْلَى أُحُدٍ

- ‌‌‌فَصَلٌ

- ‌فَصَلٌ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ملهم مِنَ الْقُرْحِ وَالْجِرَاحِ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ إِرْهَابًا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ حَتَّى بَلَغَ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا تَقَاوَلَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ مِنَ الْأَشْعَارِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌سنة اربع من الهجرة النبويّة

- ‌غَزْوَةُ الرَّجِيعِ

- ‌سَرِيَّةُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمريّ عَلَى إِثْرِ مَقْتَلِ خُبَيْبٍ

- ‌سَرِيَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ

- ‌غَزْوَةُ بَنِي النضير

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ سُعْدَى الْقُرَظِيِّ

- ‌غَزْوَةَ بَنِي لِحْيَانَ

- ‌غَزْوَةُ ذات الرقاع

- ‌قِصَّةُ غَوْرَثِ بْنِ الْحَارِثِ

- ‌قِصَّةُ الَّذِي أُصِيبَتِ امْرَأَتُهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌قِصَّةُ جَمَلِ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْآخِرَةِ

- ‌فصل في جملة مِنَ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌سَنَةُ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌غَزْوَةُ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا

- ‌غزوة الخندق وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي دُعَائِهِ عليه السلام عَلَى الْأَحْزَابِ

- ‌فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي الْخَنْدَقِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ

- ‌مقتل أبى رافع سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ الْيَهُودِيُّ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌مقتل خالد بن سفيان بن نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ

- ‌قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَعَ النَّجَاشِيِّ بَعْدَ وقعة الخندق وإسلامه

- ‌فَصْلٌ فِي تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بأمّ حبيبة بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ

- ‌تزويجه عليه السلام بزينب بنت جحش

- ‌ذكر نزول الْحِجَابِ صَبِيحَةَ عُرْسِهَا

- ‌سَنَةُ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ النبويّة

- ‌غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ

- ‌غزوة بنى المصطلق من خزاعة

- ‌قِصَّةُ الْإِفْكِ

- ‌غَزْوَةُ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌ذِكْرُ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ لِعُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ السَّرَايَا وَالْبُعُوثِ الَّتِي كَانَتْ فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَقَعَ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌سنة سبع من الهجرة

- ‌غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي أَوَّلِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وَمَنْ كَانَ بَقِيَ بِالْحَبَشَةِ مِمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِخَيْبَرَ

- ‌(ذِكْرُ قِصَّةِ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ وَمَا كَانَ مِنَ أمر البرهان الّذي ظهر عندها والحجة البالغة فيها)

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر من استشهد بخيبر من الصحابة رضى الله عنهم

- ‌خبر الحجاج بن علاط البهزي رضي الله عنه

- ‌فصل في مروره عليه السلام بوادي القرى ومحاصرته قوما من اليهود ومصالحته يهود على ما ذكره [الواقدي وغيره]

- ‌فصل

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ

- ‌سَرِيَّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِلَى تربة من أرض هوازن وَرَاءَ مَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ إِلَى يُسَيْرِ [1] بْنِ رِزَامٍ الْيَهُودِيِّ

- ‌سَرِيَّةٌ أُخْرَى مَعَ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ

- ‌سَرِيَّةُ أَبِي حَدْرَدٍ إِلَى الْغَابَةِ

- ‌السَرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَ فِيهَا مُحَلِّمُ بْنُ جثامة عامر بن الأضبط

- ‌سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ

- ‌عمرة القضاء

- ‌وأما قصة تزويجه عليه السلام بِمَيْمُونَةَ

- ‌ذكر خروجه عليه السلام مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ

- ‌فصل

- ‌سَنَةُ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَخَالِدِ بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبى طلحة رضى الله عنهم

- ‌طَرِيقُ إِسْلَامِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌سَرِيَّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيِّ إِلَى نَفَرٍ مِنْ هَوَازِنَ

- ‌سَرِيَّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلَى بَنِي قُضَاعَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ

- ‌غزوة مؤتة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم

- ‌فصل في ذكر مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ مُؤْتَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ حَدِيثٌ فِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأُمَرَاءِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ [1]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ

- ‌كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وإلى الدخول في دين الإسلام

- ‌ذكر إرساله عليه السلام الى ملك العرب من النصارى الذين بِالشَّامِ

- ‌ذكر بعثه الى كسرى ملك الفرس

- ‌بعثه عليه السلام الى المقوقس صَاحِبِ مَدِينَةِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَاسْمُهُ جُرُيْجُ بْنُ مِينَا الْقِبْطِيُّ

- ‌غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ

- ‌سرية أبى عبيدة إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ

- ‌غَزْوَةُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ وَكَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ

- ‌قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة الْمَخْزُومِيِّ أَخِي أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَهِجْرَتِهِمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَ

- ‌فصل

- ‌صفة دخوله عليه السلام مَكَّةَ

- ‌فصل

- ‌بعثه عليه السلام خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ مِنْ كِنَانَةَ

- ‌بَعْثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لِهَدْمِ الْعُزَّى

- ‌فَصْلٌ فِي مُدَّةِ إِقَامَتِهِ عليه السلام بِمَكَّةَ

- ‌فصل ومما حكم عليه السلام بِمَكَّةَ مِنَ الْأَحْكَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة هوازن يوم حنين

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَقْعَةِ وَمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنَ الْفِرَارِ ثُمَّ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌غزوة أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فيمن استشهد يوم حنين وبسرية أَوْطَاسٍ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ هَوَازِنَ

- ‌غَزْوَةُ الطَّائِفِ

- ‌فصل في مرجعه عليه السلام من الطَّائِفِ وَقِسْمَةِ غَنَائِمِ هَوَازِنَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا مِنَ الْجِعْرَانَةِ

- ‌ذِكْرُ قُدُومِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّصْرِيِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر اعْتِرَاضُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَهْلِ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْقِسْمَةِ الْعَادِلَةِ بِالِاتِّفَاقِ

- ‌ذِكْرُ مَجِيءِ أُخْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الرضاعة وهو بالجعرانة واسمها الشياء

- ‌عمرة الجعرانة فِي ذِي الْقِعْدَةِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَالْوَفَيَاتِ

الفصل: ‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أرضها

‌فَصْلٌ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمُ الْوَطِيحِ وَالسُّلَالِمِ حَتَّى إِذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنَّ يُسَيِّرَهُمْ وَأَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ فَفَعَلَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِكَ الحصنين، فلما سمع أَهْلُ فَدَكَ قَدْ صَنَعُوا مَا صَنَعُوا بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَيِّرَهُمْ وَيَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَيُخَلُّوا لَهُ الْأَمْوَالَ ففعل وكان ممن مشى بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَخُو بَنِي حَارِثَةَ. فَلَمَّا نَزَلَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى ذَلِكَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعَامِلَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ عَلَى النِّصْفِ، وَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِهَا مِنْكُمْ وَأَعْمَرُ لَهَا، فَصَالَحَهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنَّا إِذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أخرجناكم.

وعامل أهل فدك بمثل ذلك

‌فصل في فتح حصونها وقسيمة أَرْضِهَا

قَالَ الْوَاقِدِيُّ لَمَّا تَحَوَّلَتِ الْيَهُودُ مِنْ حِصْنِ نَاعِمٍ وَحِصْنِ الصَّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ إِلَى قَلْعَةِ الزُّبَيْرِ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليهود يقال له عزال فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ تُؤَمِّنُنِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَا تَسْتَرِيحُ بِهِ مِنْ أَهْلِ النَّطَاةِ وَتَخْرُجُ إِلَى أَهْلِ الشِّقِّ فَإِنَّ أَهْلَ الشِّقِّ قَدْ هَلَكُوا رُعْبًا مِنْكَ قَالَ فَأَمَّنَهُ رسول الله عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ إِنَّكَ لَوْ أَقَمْتَ شَهْرًا تُحَاصِرُهُمْ مَا بَالَوْا بِكَ، إِنَّ لَهُمْ تَحْتَ الْأَرْضِ دُبُولًا يَخْرُجُونَ بِاللَّيْلِ فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَلْعَتِهِمْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ دُبُولِهِمْ فَخَرَجُوا فَقَاتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ وَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ نَفَرٌ وَأُصِيبَ مِنَ الْيَهُودِ عَشَرَةٌ وَافْتَتَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ آخِرَ حُصُونِ النَّطَاةِ. وَتَحَوَّلَ إِلَى الشِّقِّ وَكَانَ بِهِ حُصُونٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ فَكَانَ أَوَّلَ حِصْنٍ بَدَأَ بِهِ مِنْهَا حِصْنُ أُبَيٍّ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قلعة يقال لها سموان فقاتل عليها أَشَدَّ الْقِتَالِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَزُولٌ فَدَعَا إِلَى الْبَرَازِ فَبَرَزَ إِلَيْهِ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَطَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى مِنْ نِصْفِ ذِرَاعِهِ وَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ الْيَهُودِيُّ رَاجِعًا فَاتَّبَعَهُ الْحُبَابُ فَقَطَعَ عُرْقُوبَهُ وَبَرَزَ مِنْهُمْ آخَرُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ الْيَهُودِيُّ فَنَهَضَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ وَأَحْجَمُوا عَنِ الْبَرَازِ فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ تَحَامَلُوا عَلَى الْحِصْنِ فَدَخَلُوهُ وَأَمَامَهُمْ أَبُو دُجَانَةَ فَوَجَدُوا فِيهِ أَثَاثًا وَمَتَاعًا وَغَنَمًا وَطَعَامًا وَهَرَبَ من كان فيه من المقاتلة وتقحموا الجزر كأنهم الضباب حتى صاروا الى حصن البزاة بِالشِّقِّ وَتَمَنَّعُوا أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ فَزَحَفَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ فَتَرَامَوْا وَرَمَى مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الكريمة حتى أصاب نبلهم بنانه عليه الصلاة والسلام فَأَخَذَ عليه السلام كَفًّا من الحصا يرمى حِصْنَهُمْ بِهَا فَرَجَفَ بِهِمْ حَتَّى سَاخَ فِي الْأَرْضِ وَأَخَذَهُمُ الْمُسْلِمُونَ أَخْذًا بِالْيَدِ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ:

ص: 198

ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل الاخبية والوطيح والسلالم حصني أَبِي الْحُقَيْقِ وَتَحَصَّنُوا أَشَدَّ التَّحَصُّنِ وَجَاءَ إِلَيْهِمْ كل من كان انهزم من النطاة الى الشق فتحصنوا معهم في القموص وفي الكتيبة وكان حصنا منيعا وفي الوطيح والسلام وَجَعَلُوا لَا يَطْلُعُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ حَتَّى هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يَنْصِبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ وَقَدْ حَصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا نَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ فَصَالَحَهُ عَلَى حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَيُسَيِّرُهُمْ وَيُخَلُّونَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَالْأَمْوَالِ وَالصَّفْرَاءِ وَالْبَيْضَاءِ وَالْكُرَاعِ وَالْحَلْقَةِ وَعَلَى الْبَزِّ إِلَّا ما كان على ظهر إنسان يَعْنِي لِبَاسَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رسول إِنْ كَتَمْتُمْ شَيْئًا فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ وَلِهَذَا لَمَّا كَتَمُوا وَكَذَبُوا وَأَخْفَوْا ذَلِكَ الْمَسْكَ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَمْوَالٌ جَزِيلَةٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لا عهد لهم فقتل ابني أَبِي الْحُقَيْقِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِهِ بِسَبَبِ نَقْضِ العهود منهم والمواثيق وقال الحافظ البيهقي حدّثنا أبو الحسن على بن محمد المقري الأسفراييني حدثنا الحسن بن محمد ابن إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا يَحْسَبُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَكَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حينئذ: مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِيرِ فَقَالَ أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ فَقَالَ الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الزُّبَيْرِ فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ دَخَلَ خَرِبَةٍ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرِبَةِ فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا وَأَرَادَ اجلاءهم منهما فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ غلال يَقُومُونَ عَلَيْهَا وَكَانُوا لَا يَفْرُغُونَ أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهَا فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخِيلٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ فيخرجها عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرْصِهِ وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ تُطْعِمُونِي السُّحْتَ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عليكم فقالوا بهذا قامت السموات وَالْأَرْضُ. قَالَ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 199

بِعَيْنِ صَفِيَّةَ خُضْرَةً فَقَالَ يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضْرَةُ فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ ابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَنَا نَائِمَةٌ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي وَقَالَ تَتَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ. قَالَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ قَتَلَ زَوْجِي وَأَبِي فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ العرب وفعل ما فعل حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَانِ عُمَرَ غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ وَأَلْقَوْا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ. فَقَالَ رَئِيسُهُمْ لَا تُخْرِجْنَا دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر فقال عمر: أتراني سقط على قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ بك إذا وقصت بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا. وَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سلمة. قال البيهقي وعقله الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. قُلْتُ: وَلَمْ أَرَهُ فِي الْأَطْرَافِ فاللَّه أعلم. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ نقرهم عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى النِّصْفِ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ التَّمْرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ وَيَأْخُذُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخَمْسُ وَكَانَ أَطْعَمَ كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْخُمُسِ مِائَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ. فَلَمَّا أَرَادَ عُمَرُ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ أَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُنَّ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُنَّ أَنْ أَقْسِمَ لَهَا مِائَةَ وَسْقٍ فَيَكُونُ لَهَا أَصْلُهَا وَأَرْضُهَا وَمَاؤُهَا وَمِنَ الزَّرْعِ مَزْرَعَةً عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَلْنَا وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ نَعْزِلَ الَّذِي لَهَا فِي الْخُمُسِ كَمَا هُوَ فَعَلْنَا. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَهُمْ إِذَا شَاءَ فَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ فَإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ. فَأَخْرَجَهُمْ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ وَتَرَكْتَنَا وَنَحْنُ وَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ. فَقَالَ: إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. قَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا. تَفَرَّدَ بِهِ دُونَ مُسْلِمٍ. وَفِي لَفْظٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، إِنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إِسْلَامٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ دَخَلُوا مَعَهُمْ فِي الشِّعْبِ وَنَاصَرُوهُمْ فِي إِسْلَامِهِمْ وَجَاهِلِيَّتِهِمْ. قُلْتُ وَقَدْ ذَمَّ أَبُو طَالِبٍ بنى عبد شمس ونوفلا حيث يقول:

ص: 200

جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا

عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلًا غَيْرَ آجِلِ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا الحسن بن إسحاق ثنا محمد بن ثابت ثَنَا زَائِدَةُ عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. قَالَ فَسَّرَهُ نَافِعٌ فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا [1] لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بِهِ. وَهَذَا السياق يقتضي أن خيبر بكما لها قُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ ثَنَا ابْنُ السَّرْحِ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم افْتَتَحَ خيبر عنوة بعد القتال وترك من ترك مِنْ أَهْلِهَا [عَلَى الْجَلَاءِ] بَعْدَ الْقِتَالِ، وَبِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ ثُمَّ قَسَمَ سَائِرَهَا عَلَى مَنْ شَهِدَهَا. وَفِيمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ نَظَرٌ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ خَيْبَرَ جَمِيعَهَا لَمْ تُقْسَمْ وَإِنَّمَا قسم نصفها بين الناس كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا وَإِنْ شَاءَ أَرْصَدَهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ بَعْضَهَا وَأَرْصَدَ بَعْضَهَا لِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحَاجَاتِ وَالْمَصَالِحِ [2] . قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لنوائبه، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا فَعَيَّنَ نِصْفَ النَّوَائِبِ الْوَطِيحَ وَالْكَتِيبَةَ وَالسُّلَالِمَ وَمَا حِيزَ مَعَهَا، وَنِصْفَ الْمُسْلِمِينَ الشِّقَّ وَالنَّطَاةَ وَمَا حِيزَ مَعَهُمَا وَسَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا حِيزَ مَعَهُمَا. وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى الْأَنْصَارِ عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ فَقَسَمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا، جَمَعَ كَلُّ سَهْمٍ مِائَةَ سَهْمٍ، فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ، وَعَزَلَ النِّصْفَ الثَّانِي لِمَنْ نَزَلَ بِهِ مِنَ الْوُفُودِ وَالْأُمُورِ وَنَوَائِبِ النَّاسِ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ثَنَا مُجَمِّعُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعِ بْنِ يزيد الأنصاري سمعت أبى

[1] بتشديد الباء الثانية كما في النهاية والمصباح.

[2]

في التيمورية: إن شاء قسمها وإن شاء قسم بعضها كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في خيبر فإنه خمسها ثم قسم نصفها في الغانمين وأرصد نصفها لما ينو به في الحاجات والمصالح.

ص: 201

يَعْقُوبَ بْنِ مُجَمِّعٍ يَقُولُ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بن حارثة الْأَنْصَارِيِّ- وَكَانَ أَحَدَ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ- قَالَ قُسِمَتْ خَيْبَرُ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فِيهِمْ ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ، فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ. وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة. ورواء أَبُو دَاوُدَ ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قُرِئَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَكُمُ ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنْ خَيْبَرَ بَعْضُهَا كَانَ عَنْوَةً وَبَعْضُهَا صُلْحًا وَالْكَتِيبَةُ أَكْثَرُهَا عَنْوَةً وَفِيهَا صُلْحٌ، قُلْتُ لِمَالِكٍ وَمَا الْكَتِيبَةُ؟ قَالَ أَرْضُ خَيْبَرَ وَهِيَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ عَذْقٍ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ والعذق النخلة. أو العذق الْعُرْجُونُ. وَلِهَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا حَرَمِيٌّ ثَنَا شُعْبَةُ ثَنَا عُمَارَةُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ قُلْنَا الْآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ.

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَا شَبِعْنَا- يَعْنِي مِنَ التَّمْرِ- حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ! كَانَتِ الشَّقُّ وَالنَّطَاةُ فِي سُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ الشَّقُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَنَطَاةُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ قَسَمَ الْجَمِيعَ عَلَى أَلْفٍ وَثَمَانِمِائَةِ سَهْمٍ وَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ مَنْ حَضَرَ خَيْبَرَ وَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَلَمْ يَغِبْ عَنْ خَيْبَرٍ مِمَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ إِلَّا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، قَالَ وَكَانَ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَكَانَ مَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ لِكُلِّ فَرَسٍ سَهْمَانِ فَصُرِفَ إِلَى كُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَزِيدَ الْمِائَتَا فَارِسٍ أَرْبَعَمِائَةِ سَهْمٍ لِخُيُولِهِمْ. وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ معهما مائتا فَرَسٍ.

قُلْتُ: وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ بِسَهْمٍ وَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ مِنْ سُهْمَانِ الشِّقِّ مَعَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَتِ الْكَتِيبَةُ خُمُسًا للَّه تعالى وسهم للنّبيّ صلى الله عليه وسلم وَسَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَطُعْمَةَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَطُعْمَةَ أَقْوَامٍ مَشَوْا فِي صُلْحِ أَهْلِ فَدَكَ، مِنْهُمْ مُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَثَلَاثِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ وَكَانَ وَادِيَاهَا اللَّذَانِ قُسِّمَتْ عَلَيْهِ يُقَالُ لَهُمَا وَادِي السُّرَيْرِ وَوَادِي خَاصٍ. ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ تَفَاصِيلَ الْإِقْطَاعَاتِ مِنْهَا فَأَجَادَ وَأَفَادَ رحمه الله. قَالَ وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قِسْمَتَهَا وَحِسَابَهَا جَبَّارُ بْنُ صَخْرِ بْنِ أمية ابن خَنْسَاءَ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضي الله عنهما.

قُلْتُ: وَكَانَ الْأَمِيرُ عَلَى خَرْصِ نَخِيلِ خَيْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا سَنَتَيْنِ، ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي فِي يَوْمِ مُؤْتَةَ وَلِي بَعْدَهُ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ رضي الله عنه. وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هريرة

ص: 202

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أكل تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟» قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، فَقَالَ «لَا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» . قَالَ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ الدراوَرْديّ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ وَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا، وَعَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ.

قُلْتُ: كَانَ سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي أَصَابَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا قَسَمَ بِخَيْبَرَ وَفَدَكَ بِكَمَالِهَا وَهِيَ طَائِفَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ نَزَلُوا مِنْ شِدَّةِ رُعْبِهِمْ مِنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَصَالَحُوهُ، وَأَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا رِكَابٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً وَكَانَ يَعْزِلُ مِنْهَا نَفَقَةَ أَهْلِهِ لِسَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ يَصْرِفُهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا مَاتَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ اعْتَقَدَتْ فَاطِمَةُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَكْثَرَهُنَّ- أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ تَكُونُ مَوْرُوثَةً عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُنَّ مَا ثَبَتَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «نَحْنُ مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَةٌ» وَلَمَّا طَلَبَتْ فَاطِمَةُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْعَبَّاسُ نَصِيبَهُمْ مِنْ ذلك وسألوا الصديق أن يسلمه اليهم، وذكر لَهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا نورث ما تركنا صَدَقَةٌ» وَقَالَ: أَنَا أَعُولُ مَنْ كَانَ يَعُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ لَقَرَابَةُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَصَدَقَ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ فَإِنَّهُ الْبَارُّ الرَّاشِدُ فِي ذَلِكَ التَّابِعُ لِلْحَقِّ، وَطَلَبَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ عَلَى لِسَانِ فَاطِمَةَ إِذْ قَدْ فَاتَهُمُ الْمِيرَاثُ أَنْ يَنْظُرَا فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَأَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِي الْمَصَارِفِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُهَا فِيهَا، فَأَبَى عَلَيْهِمُ الصِّدِّيقُ ذَلِكَ وَرَأَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ فِيمَا كَانَ يَقُومُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ مَسْلَكِهِ وَلَا عَنْ سُنَنِهِ. فَتَغَضَّبَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَوَجَدَتْ فِي نَفْسِهَا بَعْضَ الْمَوْجِدَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ. وَالصِّدِّيقُ مَنْ قَدْ عَرَفَتْ هِيَ وَالْمُسْلِمُونَ مَحِلَّهُ وَمَنْزِلَتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيَامَهُ فِي نُصْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا، وَتُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ رضي الله عنها بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَدَّدَ عَلِيٌّ الْبَيْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ أَيَّامُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَأَلُوهُ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إِلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ وَثَقَّلُوا عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ فَفَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه ذَلِكَ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَشْغَالِهِ وَاتِّسَاعِ مَمْلَكَتِهِ وَامْتِدَادِ رَعِيَّتِهِ، فَتَغَلَّبُ عَلَى عَلِيٍّ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ فِيهَا ثُمَّ تَسَاوَقَا يَخْتَصِمَانِ إِلَى عُمَرَ وَقَدَّمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ وَسَأَلَا مِنْهُ أَنْ يَقْسِمَهَا بَيْنَهُمَا فَيَنْظُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْآخَرُ. فَامْتَنَعَ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ وَخَشِيَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِسْمَةُ تُشْبِهُ قِسْمَةَ الْمَوَارِيثِ وَقَالَ انْظُرَا فِيهَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ، وَالَّذِي تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ لَا أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غير هذا. فاستمرا فيها ومن

ص: 203