الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ قِصَّةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النضرية رضى الله عنها
كان مِنْ شَأْنِهَا أَنَّهُ لَمَّا أَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ مِنَ الْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فَذَهَبَ عَامَّتُهُمْ إِلَى خَيْبَرَ وَفِيهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَبَنُو أَبِي الْحُقَيْقِ وَكَانُوا ذَوِي أَمْوَالٍ وَشَرَفٍ فِي قَوْمِهِمْ وَكَانَتْ صَفِيَّةُ إِذْ ذَاكَ طِفْلَةً دُونَ الْبُلُوغِ ثُمَّ لَمَّا تَأَهَّلَتْ لِلتَّزْوِيجِ تَزَوَّجَهَا بَعْضُ بَنِي عمها فلما زفت اليه وادخلت اليه بنى بها ومضى على ذلك ليالي رَأَتْ فِي مَنَامِهَا كَأَنَّ قَمَرَ السَّمَاءِ قَدْ سَقَطَ فِي حِجْرِهَا فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَى ابْنِ عَمِّهَا فَلَطَمَ وَجْهَهَا وَقَالَ أَتَتَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ أَنْ يَصِيرَ بَعْلَكِ. فَمَا كَانَ إِلَّا مَجِيءُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحِصَارُهُ إِيَّاهُمْ فَكَانَتْ صَفِيَّةُ فِي جُمْلَةِ السَّبْيِ وَكَانَ زَوْجُهَا فِي جُمْلَةِ الْقَتْلَى. وَلَمَّا اصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَارَتْ فِي حَوْزِهِ وَمُلْكِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَبَنَى بِهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا وَحِلِّهَا وَجَدَ أَثَرَ تِلْكَ اللَّطْمَةِ فِي خَدِّهَا فَسَأَلَهَا مَا شَأْنُهَا فَذَكَرَتْ لَهُ مَا كَانَتْ رَأَتْ مِنْ تِلْكَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ رضي الله عنها وَأَرْضَاهَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ فَقَتَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ فَصَارَتْ إِلَى دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أَنَسٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا آدَمُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابن صُهَيْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَبَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. قَالَ ثَابِتٌ لِأَنَسٍ مَا أَصْدَقَهَا قَالَ أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرحمن ح. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال: قدمنا خيبر فلما فتح صلى الله عليه وسلم الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغَ بِهَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطْعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ لِي: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ. ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ. تَفَرَّدَ بِهِ دُونَ مُسْلِمٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ فَدَعَوْتُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ وَمَا كَانَ فيها من خبز ولحم وَمَا كَانَ فِيهَا إِلَّا أَنْ أَمَرَ بِلَالًا بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالْأَقِطَ وَالسَّمْنَ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ
ما ملكت يمينه؟ فقالوا ان حجيها فهي احدى أمهات المؤمنين وان لم يحجيها فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ.
فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الْحِجَابَ. انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ثُمَّ صَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ قَالَ: جُمِعَ السَّبْيُ- يَعْنِي بِخَيْبَرَ- فَجَاءَ دِحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً. فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ قَالَ يَعْقُوبُ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدَةَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ مَا تَصْلُحُ إِلَّا لك قال ادعوا بِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ وَقَعَ فِي سَهْمِ دِحْيَةَ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس ثم دفعها الى أم سلمة تَصْنَعُهَا وَتُهَيِّئُهَا قَالَ حَمَّادٌ وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتِهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقَمُوصَ حِصْنَ بَنِي أَبِي الْحُقَيْقِ أُتِيَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حيي ابن أَخْطَبَ وَأُخْرَى مَعَهَا فَمَرَّ بِهِمَا بِلَالٌ- وَهُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِمَا- عَلَى قَتْلَى مِنْ قَتْلَى يَهُودَ فَلَمَّا رَأَتْهُمُ الَّتِي مَعَ صَفِيَّةَ صَاحَتْ وَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَحَثَتِ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهَا فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أعربوا عَنِّي هَذِهِ الشَّيْطَانَةَ. وَأَمَرَ بِصَفِيَّةَ فَحِيزَتْ خَلْفَهُ وَأَلْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ فَعَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِ اصْطَفَاهَا لِنَفْسِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ فِيمَا بَلَغَنِي حِينَ رَأَى بِتِلْكَ الْيَهُودِيَّةِ مَا رَأَى:
أَنُزِعَتْ مِنْكَ الرَّحْمَةُ يَا بِلَالُ حَتَّى تَمُرَّ بِامْرَأَتَيْنِ عَلَى قَتْلَى رِجَالِهِمَا. وَكَانَتْ صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ فِي الْمَنَامِ وَهِيَ عَرُوسٌ بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا، فَعَرَضَتْ رُؤْيَاهَا عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا أَنَّكِ تَمَنَّيْنَ مَلِكَ الْحِجَازِ مُحَمَّدًا. فَلَطَمَ وَجْهَهَا لَطْمَةً خَضَّرَ عَيْنَهَا مِنْهَا. فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِهَا أَثَرٌ مِنْهُ، فَسَأَلَهَا مَا هَذَا، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ. قَالَ ابْنُ إسحاق: وأتى رسول الله بِكِنَانَةَ بْنِ الرَّبِيعِ وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النَّضِيرِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنِّي رَأَيْتُ كِنَانَةَ يَطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلَّ غَدَاةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِكِنَانَةَ أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ أَقْتُلُكَ؟ قَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَرِبَةِ فَحُفِرَتْ فَأُخْرِجَ مِنْهَا بَعْضُ كَنْزِهِمْ ثُمَّ سَأَلَهُ عَمَّا بَقِيَ فَأَبَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ عَذِّبْهُ حَتَّى تَسْتَأْصِلَ مَا عنده. وكان الزبير يقدح بزنده فِي صَدْرِهِ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ دفعه رسول الله إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَضَرَبَ عُنُقَهُ بِأَخِيهِ محمود بن مسلمة