الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمِيعًا عَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ بِهِ. وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِهِ وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِرِوَايَتِهِ لَهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ثُمَّ قَالَ البخاري ثنا محمد بن مقاتل أنبأ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أخبرني عروة ابن الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في غزوة الْفَتْحِ فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ «أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟» فَقَالَ أُسَامَةُ اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فإنما هلك النَّاسَ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: كانت تأتى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِهِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمُتْعَةِ عَامَ الْفَتْحِ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ ثُمَّ لَمْ يخرج حتى نهى عَنْهَا. وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ «أَلَا إِنَّهَا حَرَامٌ حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وفي رواية في مسند احمد والسنن أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ فاللَّه أَعْلَمُ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ أَوَطَاسٍ في متعة النساء ثلاثا ثم نهانا عنه. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَعَامُ أَوَطَاسٍ هُوَ عَامُ الْفَتْحِ فَهُوَ وَحَدِيثُ سَبْرَةَ سَوَاءٌ.
قُلْتُ: مَنْ أَثْبَتَ النَّهْيَ عَنْهَا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ قَالَ إِنَّهَا أُبِيحَتْ مَرَّتَيْنِ، وَحُرِّمَتْ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا أُبِيحَتْ وَحُرِّمَتْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ فاللَّه أَعْلَمُ. وَقِيلَ إِنَّهَا إِنَّمَا حُرِّمَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ هَذِهِ الْمَرَّةُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، وَقِيلَ إِنَّهَا إِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ فَعَلَى هَذَا إِذَا وُجِدَتْ ضَرُورَةً أُبِيحَتْ وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقِيلَ بَلْ لَمْ تُحَرَّمْ مُطْلَقًا وَهِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابِهِ وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَوْضِعُ تَحْرِيرِ ذَلِكَ فِي الأحكام.
فَصْلٌ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ثَنَا ابن جريج أنبأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ خَلَفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ الْأَسْوَدَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُبَايِعُ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ، قَالَ جلس عند قرن مستقبله فبايع الناس على الإسلام والشهادة قُلْتُ وَمَا الشَّهَادَةُ؟ قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الأسود ابن خَلَفٍ أَنَّهُ بَايَعَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ باللَّه وَشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فَجَاءَهُ النَّاسُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَبَايَعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةِ. وَقَالَ ابْنُ
جَرِيرٍ: ثُمَّ اجْتَمَعَ النَّاسُ بِمَكَّةَ لِبَيْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِسْلَامِ فَجَلَسَ لَهُمْ- فِيمَا بَلَغَنِي- عَلَى الصَّفَا وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَسْفَلَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَأَخَذَ عَلَى النَّاسِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ للَّه وَلِرَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيْعَةِ الرِّجَالِ بَايَعَ النِّسَاءَ وَفِيهِنَّ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ مُتَنَقِّبَةً مُتَنَكِّرَةً لحدثها لِمَا كَانَ مِنْ صَنِيعِهَا بِحَمْزَةَ [فَهِيَ تَخَافُ أَنْ يَأْخُذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدَثِهَا ذَلِكَ، فَلَمَّا دَنَيْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُبَايِعَهُنَّ قَالَ «بَايِعْنَنِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكْنَ باللَّه شَيْئًا» فَقَالَتْ هِنْدُ وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَأْخُذُ عَلَيْنَا مَا لا تأخذه من الرجال؟ «وَلَا تَسْرِقْنَ» فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَصَبْتُ مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ الْهِنَةَ بَعْدَ الْهِنَةِ وَمَا كُنْتُ أَدْرِي أَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْنَا حَلَالًا أَمْ لَا؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ- وَكَانَ شَاهِدًا لِمَا تَقُولُ- أَمَّا مَا أَصَبْتِ فِيمَا مَضَى فَأَنْتِ مِنْهُ فِي حَلٍّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَإِنَّكِ لَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ؟» قَالَتْ نَعَمْ فَاعْفُ عَمَّا سَلَفَ عَفَا الله عنك ثم قال «ولا يزنين» فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ ثُمَّ قَالَ «وَلَا تَقْتُلْنَ أَوْلَادَكُنَّ» قَالَتْ قَدْ ربيناهم صغارا حتى قتلتهم أنت وأصحابك ببدر كبارا [1] فضحك عمر بن الخطاب حتى استغرق ثم قال «وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ» فَقَالَتْ وَاللَّهِ إِنَّ إِتْيَانَ الْبُهْتَانِ لَقَبِيحٌ، وَلَبَعْضُ التجاوز أمثل ثم قال «ولا يعصيننى» فَقَالَتْ فِي مَعْرُوفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ «بَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» فَبَايَعَهُنَّ عُمَرُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُصَافِحُ النِّسَاءَ وَلَا يَمَسُّ إِلَّا امْرَأَةً أَحَلَّهَا اللَّهُ لَهُ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ وَفِي رِوَايَةٍ مَا كَانَ يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا كَلَامًا وَيَقُولُ «إِنَّمَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عائشة أن هندا بِنْتَ عُتْبَةَ امْرَأَةَ أَبِي سُفْيَانَ أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ إِذَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ؟ قَالَ خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ [2]] [وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ مِمَّا على وجه الأرض أخباء أو خباء- الشك من أبى بكر- أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ- أَوْ خِبَائِكَ- ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَهْلُ أَخْبَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ أَخْبَائِكَ أَوْ خِبَائِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ» قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شحيح فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أَطْعَمَ مِنَ الَّذِي له؟ قال «لا بِالْمَعْرُوفِ» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ بِنَحْوِهِ وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِسْلَامِ أَبِي سُفْيَانَ][3]
[1] هذه رواية السهيليّ وفي الأصول: أفتقتلهم كبارا فأنت وهم أعلم.
[2]
ما بين المربعين لم يرد في نسخة دار الكتب المصرية.
[3]
ما بين المربعين عن النسخة التيمورية ولم يرد في غيرها.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طَاوُسَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوم فَتْحِ مَكَّةَ: «لَا هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وإذا استنفرتم الا فَانْفِرُوا» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُثْمَانِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَمُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ جَرِيرٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا وهب ثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ هَاجَرَ فَقُلْتُ لَهُ لا أدخل منزلي حتى أسأل رسول الله ما سأله فَأَتَيْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدَيِّ عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ «مَضَتِ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ» فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ مُجَاشِعٌ. وَقَالَ خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ مُجَاشِعٌ أَنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا عَاصِمٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي مُجَاشِعٌ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ بِأَخِي بَعْدَ يَوْمِ الْفَتْحِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ قَالَ «ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا» فَقُلْتُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ «أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ» فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ بَعْدُ وَكَانَ أكبر هما سِنًّا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ثَنَا غُنْدَرٌ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشام؟ فقال: لا هجرة ولكن انْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلَّا رجعت. وقال أبو النصر أَنَا شُعْبَةُ أَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ مُجَاهِدًا قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَا هِجْرَةَ الْيَوْمَ- أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ. حدثنا إسحاق ابن يَزِيدَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ عن مجاهد بن جبير أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ أَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ أَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَسَأَلَهَا عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم. وكان الْمُؤْمِنُونَ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللَّهِ عز وجل والى رسوله مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْهِجْرَةَ إِمَّا الْكَامِلَةَ أَوْ مُطْلَقًا قَدِ انْقَطَعَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَثَبَتَتْ أَرْكَانُهُ وَدَعَائِمُهُ فَلَمْ تَبْقَ هِجْرَةٌ اللَّهمّ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ حَالٌ يَقْتَضِي الْهِجْرَةَ بِسَبَبِ مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ عِنْدَهُمْ فَتَجِبُ الْهِجْرَةُ إِلَى دَارِ الإسلام وهذا مالا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْهِجْرَةَ لَيْسَتْ كَالْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ، كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الْجِهَادِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَشْرُوعٌ ورغب فيه الى يوم القيامة وليس كَالْإِنْفَاقِ وَلَا الْجِهَادِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى 57: 10 الآية. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ 110: 1 قرأها رسول الله حتى ختمها وقال: «الناس خير وأنا وأصحابى خير» وَقَالَ «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ كَذَبْتَ، وَعِنْدَهُ] [1] . رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَاعِدَانِ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَوْ شَاءَ هَذَانَ لَحَدَّثَاكَ وَلَكِنَّ هَذَا يَخَافُ أَنْ تَنْزِعَهُ عَنْ عِرَافَةِ قَوْمِهِ، وَهَذَا يَخْشَى أَنْ تَنْزِعَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ، فَرَفَعَ مَرْوَانُ عَلَيْهِ الدِّرَّةَ لِيَضْرِبَهُ فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ. قَالَا: صَدَقَ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ فَقَالَ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فأدخله معهم فما رأيت أَنَّهُ أَدْخَلَنِي فِيهِمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نَصَرَنَا وَفَتَحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ لَا، فَقَالَ مَا تَقُولُ؟ فَقُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ لَهُ قَالَ إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 فَذَلِكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً 110: 3 قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا أَعْلَمُ مِنْهَا الا ما يقول. تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَهَكَذَا رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَسَّرَ ذَلِكَ بِنَعْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَجَلِهِ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما. فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ثَنَا عَطَاءٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا: نَزَلَتْ إِذا جاءَ نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ 110: 1 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نُعِيَتْ إِلَيَّ نَفْسِي» بِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَفِي إِسْنَادِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَفِي لَفْظِهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ وَهُوَ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ الْفَتْحَ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا كما تقدم بيانه وهذا مالا خِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا، وَهَكَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ رحمه الله ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْوَكِيعِيُّ ثَنَا أَبِي ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ جَمِيعًا إذا جاء نصر الله والفتح. فِيهِ نَكَارَةٌ أَيْضًا وَفِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ أَيْضًا ويحتمل أن يكون أنها آخر
[1] ما بين المربعين لم يرد في الحلبية. وفي نسخة دار الكتب والتيمورية بهذا السياق.