الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنّ ذوقهم، بفتح الألف، وتشديد النون: عطف على (أنهم). له متوقع: اللام لتقوية العمل، والضمير للعذاب.
ويقال فيها: حرف استثناء، هذا وجه ثالث لـ (لمّا) وتغيير الأسلوب إما لكثرة الفاصلة بين المبتدأ والخبر أو للتفنن نحو:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} في قراءة التشديد وحرف التعريف إما مُغْنٍ عن غناء الإضافة كما مذهب البصريين، أو عوض عن المضاف إليه كما مذهب الكوفيين؛ أي قراءة تشديد (لما).
ألا يرى أن المعنى: ما كلّ نفس إلا عليها حافظ، فَعُلِمَ منه أن (إنْ) على هذه القراءة نافية بمعنى (ما) .. قال في "الصحاح": لمّا بمعنى إلا فليس يُعرف في اللغة.
لكن حكاه الخليل وسيبويه والكسائي، فالأولى أن يقتصر على التركيب الذي وقعت فيه. كذا قال أرباب النحو.
نَعَمْ
والثالثة: نعم، وفيها أربع لغات على ما قاله الشيخ الرضي:
الأولى: فتح النون والعين وهي المشهورة.
الثانية: كسر العين، وهي كنانية واختارها الكسائي، واحتج عليه بما روي عن عمر رضي الله عنه أنّه سأل قومًا فقالوا: نِعَم، فقال عمر: أمّا النعم فالإبل.
وقال أبو عبيدة: هذه الرواية [عن عمر] غير مشهورة.
الثالثة: كسر النون والعين.
والرابعة: نَحَم، بفتح النون، وقلب العين المفتوحة حاءً كما قلبت في حتى. قيل: هي لغة هذيل.
فيقالُ فيها، أي في نعم: حرف: مبتدأ مضاف إلى تصديق، وخبره جملة: إذا وقت بعد الخبر سواء كان مثبتًا [أو منفيًا] نحو: قام زيد، فتقول:(نعم، أي: نعم قام زيد)، أو منفيا: ما قام زيد، فتقول: نعم.
أي ما قام.
وحرف إعلام إذا وقعت بعد الاستفهام، سواء كان سؤالًا عن موجب نحو: أقام زيد؟ فتقول: نعم، مريدا بالإعلام بأنه قام.
أو منفيًا كما في جواب من قال: ألم يقم زيد؟ فتقول: أي نعم لم يقم.
فنعم بعد الاستفهام ليست للتصديق، لأن التّصديق إنّما يكون في الخبر، فلذلك قيل: فالأَوْلى أن يقال: هي بعد الاستفهام لإثبات ما بعد أداة الاستفهام نفيًا كان أو إثباتًا.
ولهذا قال ابن عبّاس: لو قالوا في [جواب]: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} : نعم لكان كفرًا، فيصح لهذا الاعتبار أن يقال لها: حرب الإيجاب، أي: إثبات ما بعد حرف الاستفهام، لكن الأظهر أن يقال: الإيجاب في الإيجاب والكلام المثبت، لا المنفي المستفهم عنه.
وجوّز بعض النحاة إيقاعها موقع بلى، إذا جاء بعد همزة داخلة على نفي لفائدة التقدير، فيجوز أن يقال في جواب:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} و {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} : نعم، لأن الهمزة
للإنكار دخلت على النفي فأفادت الإيجاب، ولهذا عطف [على] {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} قولَهُ:{وَوَضَعْنَا [عَنْكَ]} فكأنه: شرحنا لك صدرك ووضعنا عنك وزرك، فيكون (نعم) في الحقيقة [تصديقًا] للخبر المثبت المؤول به الاستفهام [معنىً] لا تقديرًا لما بعد همزة الاستفهام مع النفي. فلا يكون جوابًا للاستفهام، لأن جوابه يكون بما بعد أداة، بل هو كما قيل: قام زيد بالإخبار، فنقول: نعم، مصدقًا للخبر المثبت. وقد اشتهر في العرف هذا القول.
فلو قيل لك: أليس عليك دينار، فقلت: نعم، ألزمت بالدينار. هذا ليس بمناقض لما قاله ابن عباس، لأن قوله مبني على [كون نعم تقديرًا لما بعد همزة الاستفهام، وبناء هذا القول مبني على كونه] تقديرًا لمدلول الهمزة مع حرف النفي.
وحرف وعد، هذه العبارة موافقة لما يوجد في كتب اللغة حيث قال في "الصحاح": نعم: عدة وتصديق. وأما عبارة أكثر كتب النحو: نعم مقررة لما سبق.
لعل وجهه عند النحاة لما رأوا اختلاف هذه الوجوه بحسب الاعتبار لعدم خروجها عن الجوابية، فعبرَّوا بكلام يعم الجميع، فعلى هذا ما قاله المصنف لا يخلو من المسامحة: إذا وقت بعد الطلب سواء كان ذلك طلب الفعل، (كقولك لمن قال لك): نحو: أحسن إلى فلان فتقول: نعم، عند وعدك بالإحسان، أو طلب ترك الفعل، كقولك نعم لمن قال: لا تضربني، أي لا أضربك، فإنك وعدت بعدم الضرب إليه، وكذا لو قلت: نعم،