المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وإي إثبات بعد الاستفهام حيث اشترطوا لزوم سبق الاستفهام، وكونها - شرح قواعد الإعراب - جـ ١

[شيخ زاده]

فهرس الكتاب

- ‌ معرفة الجملة وأحكامها

- ‌[معنى الجملة]

- ‌[الجمل التي لها محل من الإعراب]

- ‌[الواقعة خبرًا]

- ‌ الواقعة حالًا

- ‌[الواقعة مفعولًا به]

- ‌[الواقعة مضافًا إليه]

- ‌[الواقعة جوابًا لشرط جازم]

- ‌[التابعة لمفرد]

- ‌[التابعة لجملة لها محل من الإعراب]

- ‌[الجمل التي لا محلّ لها من الإعراب]

- ‌[الجملة الابتدائية]

- ‌[صلة الموصول]

- ‌[الجملة المعترضة]

- ‌[الجملة التفسيرية]

- ‌[جواب القسم]

- ‌[الواقعة جوابًا لشرط غير حازم]

- ‌[التابعة لجملة لا محلّ لها]

- ‌[الجملة الحالية والوصفية]

- ‌[الباب الثاني] [الجار والمجرور]

- ‌[الباب الثالث] [في تفسير كلمات يحتاج إليها المُعْرِب]

- ‌ما جاء على وجه واحد

- ‌قَطُّ

- ‌عوضِ

- ‌أجل

- ‌بلى

- ‌ما جاء على وجهين

- ‌إذا

- ‌ما جاء على ثلاثة أوجه

- ‌إذ

- ‌ لما

- ‌نَعَمْ

- ‌إي

- ‌حتى

- ‌كلا

- ‌لأ

- ‌ما يأتي على أربعة أوجه

- ‌لولا

- ‌أن

- ‌إن

- ‌ من

- ‌اي

- ‌ما يأتي على خمسة أوجه

- ‌لو

- ‌قدَّ

- ‌ما يأتي على سبعة أوجه

- ‌ما يأتي على ثمانية أوجه

- ‌الواو

- ‌‌‌مايأتي على اثني عشر وجهًا

- ‌ما

- ‌[الباب الرّابع] [الإشارات إلى عبارات]

- ‌ الواو العاطفة: حرف عطف لمجرّد الجمع

- ‌ ثمَّ حرف عطف للترتيب والمهلة

- ‌[مَا يُعَابُ على الْمُعْرِب]

- ‌الحرف الزائد من القُرآن

- ‌الزَّائد عند النّحويّين

- ‌مصادر التحقيق ومراجعه

الفصل: وإي إثبات بعد الاستفهام حيث اشترطوا لزوم سبق الاستفهام، وكونها

وإي إثبات بعد الاستفهام حيث اشترطوا لزوم سبق الاستفهام، وكونها للإثبات، إلا أنها تختص بالقسم من الاستفهام غالبا بخلاف نعم، فإنها غير مختصّة به كما عرفت، ولا يستعمل بعد إي فعل القسم، فلا يقال: إي أقسمت بربي، ولا يكون المُقْسَم به بعدها إلا:(الرب، والله، ولعمري) نحو: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} . وربي قسم فعله محذوف مع وجود الاستفهام في أوّل الآية [وهو قوله تعالى]: {أَحَقُّ} .

‌حتى

الخامسة: حتّى، وأحد أوجهها. أي: أحد أوجه حتى، والتأنيث باعتبار الكلمة، أن تكون جارة فتدخل، الفاء: إما للتفسير، أو لربط الجزاء على الشرط المحذوف.

على الاسم الصريح، أي الخالص، والمراد منه ما يقابل المؤول والمضمر، وهو الظاهر بمعنى إلى، نحو {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. وتفسير القاضي بقوله: أي وقت مطلعه، أي طلوعه، لا كما قاله في بعض حواشيه: المطلَع بفتح اللام: مصدر ميمي، فيحتاج إلى مضاف ليكون المعنى صحيحًا، إذ يمكن تصحيح [الكلام] بأن يقال: يدوم سلام الملائكة إلى طلوع الفجر، أو يقال: لية القدر [ذات] سلامة إلى طلوع الفجر، بل للإعلام بأن المَطْلَع بفتح اللام مصدر ميمي لا اسم للزمان، لأنّه لا يحتاج إلى تقدير الوقت، ومثله في المصادر عند أكثر النحاة وأما عند أبي علي الفارسي إن المصادر تقع في الزمان ، فيُجعل لسعة الكلام زمانٌ لا على طريق حذف المضاف، فقول المصنف {حَتَّى حِينٍ} لتصحيح كون المطلع مصدرًا ميميًا لا لمجرد تصحيح المعنى.

وعلى الاسم المؤوّل معطوف على الاسم الصريح، وقوله: بأن، متعلّق إلى المؤول، ومضمرةٍ إما بالجر صفة إنْ، أو بالنصب حال عنها، وقوله: من الفعل المضارع، بيان الاسم المؤول،

ص: 98

هذا هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين فإن حتى إذا دخلت على الاسم المؤول تكون حرف جر عندهم. والنصب بعدها بإضمار إن وعند الكوفيين والكسائي والفراء إنها ناصبة بنفسها. وأجازوا إظهار أن بعدها تأكيدًا، وأما إذا دخل على الاسم الصريح، فالجر بإضمار إلى عند الكسائي ويجوز إظهارها تأكيدًا، وعند الفراء لنيابه (حتى) منابها، وعند الكوفيين هي جارة بنفسها لشبهها بـ (إلى). فتكون تارة بمعنى إلى نحو:{حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} الأصل: حتى أن يرجعَ، على مذهب سيبويه كما عرفت قبيل هذا، أي إلى رجوعه، فعلم منه أن يرجع مع أنه مؤول بالمصدر، أي إلى زمن رجوعه.

قدّر المضاف كما هو مذهب أكثر النُّحاة، لأن المصدر لابدّ له من زمان، فيكون حصوله فيه، لكن دلالة المصدر على الزمان بالالتزام.

وتارة أي، مرة بمعنى كي إذا كان ما قبل حتَّى سببًا لما بعدها. نحو أسلِم حَتَّى تدخل الجنَّةَ، أي: كى تدخل الجنة، ولم يفسره المصنف بناء على ظهور معنى السببية فيه.

وقد يحتملها، أي: يحتمل حتى أن يكون بمعنى إلى وكي. كقوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ، أي: إلى أن تفيء، أو كي تفيء، أي: إلى أن ترجع، أو كي ترجع.

اعلم: أن علامة كونها بمعنى إلى وكي إذا وضعتهما موضع حتى يكون المعنى صحيحًا. وزعم ابن هشام وابن مالك أنّها، أي أن حتى قد تكون بمعنى إلا كقوله، أي قول الشاعر:

ص: 99

لَيسَ الْعَطَاءُ مِنَ الْفُضُولِ سماحةً

اللام في (الفضول) إما:

مُغْنٍ عن المضاف إليه، أو عوض عنه، أي ليس الإحسان من زيادة المال الفضل والفضيلة خلاف النقص والنقيصة. يقال: فضل من الشيء، وفَضَل منه شيء بفتح العين، يَفْضُلُ بالضم مثل دَخَلَ يدخلُ، وفيه لغة أخرى، وهي بكسر العين وفتحها في الغابر مثل: حَذِرَ يَحْذَرُ، وحكاها ابن السكيت. وقيل: فيه لغة بالكسر في الماضي والضم في المستقبل، مركبة منهما يقال: فَضِلَ يَفْضُلُ، لكن هذا شاذ لا نظير له. ويؤيده ما قال سيبويه: هذا عند أصحابنا يجيء على لغتين. ذكره في "الصحاح". سماحةً: بالنصب خبر ليس، السماحة: الجود.

حتى تَجُودَ، وَمَا لَدَيْكَ قَليِلُ [الكامل]

فما: موصولة، ولديك: ظرف مكان صلة ما، والموصول مع الصلة مبتدأ، وقليل: خبره. وفي بعض النسخ: إلَّا قليل، فما بمعنى ليس، ولا يعمل لانتقاض عمله بإلا، فما بعده مبتدأ وخبر.

ويجوز كونها موصولة، والاستثناء من لديك بتأويل النفي، لأن الاستثناء من المثبت يكون على مقتضى العامل إذا لم يتعذر، نحو: قرأت إلَّا يوم كذا، وبتقدير النفي إذا تعذر، وهاهنا متعذر فيجب، وتقديره: ولا يكون في لديك إلا قليل أي إلَّا أن تجود، وهو استثناء منقطع، وعنوان هذا القول بالزعم الذي كنيته الكذب إشارة، كما أن الاستدراك بهذا البيت ضعيف، لجواز أن تكون حتى في هذا للغاية، بمعنى إلى حيث.

قال في "البسيط" تفسير قولهم: لا أقوم إلا أن تقوم، وقولهم: لا أفعل إلَّا أن تفعل بحتى تفعل ليس بنص لكون حتى بمعنى إلا لأن قولهم ذلك تفسير معنىً.

ص: 100

واعلم أنّ المصنف ذكرها في النوع الثالث، مع أن معناها أكثر من الثالث لأن ما وجد من المعنى الذي غير ما ذكره المصنف، فراجع إلى كونها جارة.

والثاني: أن تكون حرف عطف تفيد الجمع المطلق كالواو. وهذه العبارة تُشعِرُ ظاهرًا أنَّ حتى كالواو في الجمع لا ترتيب فيها، كما زعم بعض النحاة، لكن الحق أن يكون فيها جمع وترتيب ومهملة [متوسطة] بين الفاء وثمّ، لكن المهملة المعتبرة فيها بحسب الذهن، فإن المناسب في: مات الناس حتى الأنبياء، بحسب الذهن أن تعلق الموت أولًا بغير الأنبياء، وتعلق بالأنبياء بعد التعلق بهم، وإن كان موت الأنبياء في أثناء سائر الناس بحسب الخارج بخلاف ثم، فإن المهملة المعتبرة فيها بحسب الخارج نحو جاءني زيد ثم عمرو: إلا أن المعطوف بها أي بحتى مشروط بأمرين.

هذا تفريق بين الواو وحتى العاطفة بعد اشتراكهما في الجمع، أي: يُفَرق بين حتى والواو من جهتين:

أحدها: أن يكون المعطوف بعضًا أي جزءًا من المعطوف عليه في الحقيقة. هذا هو المختار وإن قال بعضهم: أو بالتأويل نحو: ضربني السادات حتى عبيدهم، فإن العبيد صار كالجزء منهم بالمجاورة والاختلاط بهم.

والثاني: أن يكون غاية له في شيء، وزاد صاحب التسهيل قيدًا آخر، وهو مفيد احترازًا من نحو: صُمتُ الأيّام حتّى يومًا. لكن سائر النحاة لم يذكروه بناء على أن مثل هذا لا يتّصف بكونه غاية، فيخرج من لفظه للغاية نحو مات الناس حتى الأنبياءُ. لأن الأنبياء - عليهم السلام - غاية للناس، بالنسبة إلى كمالات نوعه، في شرف المقدار وهو ما يقدرُ [به] الشيء، أي يُعرف قدره، وإضافة الشرفِ إليه بمعنى مِنْ، ويجوز أن يكون بمعنى اللام.

وعكسِه بالجر: عطف على [شرف] أو عكس الشرف وهو الخساسة نحو: زارني الناسُ حَتى الحجّامُون، فإنهم غاية في خساسة المقدار.

ص: 101

اعلم: أن الغاية قد تكون في الخساسة والشرف كما في المثالين المذكورين، وقد يكون في القوة والضعف، وأشار إليه المصنف بقوله، وقول الشاعر: عطف على ماتَ الناس:

قَهَرنَاكُمُ حتى الكُمَاةَ، فَأنتمُ

والكَماءُ بفتح الكاف هو الشجاعة، وجمعه الكُماة، بضم الكاف، كأنهم جمعوا كام مثل قاض وقضاة، كذا في "الصحاح"

تَهَابُوننا حتى بنينا الأصاغِرَا [الطويل]

الهيبة والمهابة هي الإجلال والمخافة، فالمعنى: أنتم تهابوننا بغاية المهابة، وإنما قلنا كذا لأن المفاعلة والمتفاعلة إذا كانتا من جانب واحد تكونان للمبالغة، وهنا كذلك.

ولما كان مصرعا هذا البيت جامعًا للغايتين أشار إليه بقوله: فالكماة: الفاء إمّا للتفسير. أو لربط الجزاء للشرط المحذوف، غاية في القوة، والبنون الأصاغر غاية في الضعف.

والثالث: أن يكون حتى حرف ابتداء، وإنما سُمي به لأنه يبتدأ به لأنه داخل على المبتدأ كما توهم البعض، لأنه قد تدخل على الفعل، والفعل لا يكون مبتدأ.

ويرشدك إليه قول المصنف: فتدخل على ثلاثة أشياء: جمعُ شيء، وفيها مذاهب، وإنها غير منصرف بالاتفاق، قال الكسائي: أشياء على وزن أفْعَال مثل: فَرَح وأفرَاح، وإنما تُرك صرفها لكثرة استعمالها، ولأنها شبهت بفعلاء، كذا قالوا، لكن هذا لا يوجب عدم انصرافها كما في أبناء وأسماء، ولهذا قال "شارح الديباجة ": فعلى هذا القول منصرف.

وقال الخليل: أصلها شيئاء على وزن فعلاء، جمع على غير واحد، ثم استثقلوا الهمزتين في آخره فقلبوا الأولى إلى الصدر فصار: أشياء، وعلى وزن أفعال، ويدل على صحة ذلك أنها لا تنصرف، وأنها تصغر على أشيياء، وقال الأخفش والفراء: أصلها أشيئاء

ص: 102

على أفعلاء، وحذفت الهمزة التي بين الياء والألف للتخفيف، فصار أشياء، لكن عند الأخفش جُمِعَ على غير واحد لأن (فَعْل) لا يُجمع على أفعلاء، وهذا القول مرجوحٌ لأن كل جمع كُسر على غير واحِدِهِ، وهو من أبنية الجمع فإنه يُرَد في تصغيره إلى واحده. فيما لا يُفعل بالألف والتاء، فيجب أن يقول في تصغيره: شييئاه مع أنه لم يُسمع، وهذا القول لا يلزم الخليل لأن فعلاء ليس من أبنية الجمع، وعند الفراء أصله: شيء بالتشديد كـ (هين) على وزن فَيْعل بالفتح والسكون ثم خُفّفَ فقيل: شيء، كما قالوا: هَيْن، فلذا جُمِع على أشياء، فحذفت الهمزة الأولى للتخفيف، ومن هنا، أي لأجل كون أصل أشياء عند الأخفش والفراء. قال أبو الحسن الجار بردي: وفيها ثلاثة مذاهب مع كون الأقوال فيها أربعة.

الفعلُ الماضي: بالرفع خبر مبتدأ محذوف، فقوله: والمضارع المرفوع، والجملة الاسمية معطوفان عليه بتقدير الثاني والثالث.

وبالنصب بتقدير أعني الفعل.

وبالجر بدلًا من ثلاثة أشياء.

فقوله والمضارع المرفوع والجملة الاسمية معطوفان عليه بلا تقدير، فلمّا تعدد المتبوع معنىً أجري الإعراب على كل واحد منهما، فَعُلم من هذا أن أحد البدلين يجوز أن يعطف على الآخر، ويكون المجموع بدلًا من أشياء، فبالنظر إلى كل واحد بدل البعض، وإلى المجموع بدل الكل، ذكره الكرماني، شارح "البخاري".

واعلم أيضًا: أنْ أحد الحالين، أعني الحال من الفاعل، والحال من المفعول، يجوز عطف أحدهما على الآخر، كقولك: لقيت زيدًا راكبًا وماشيًا. نحو: {حَتَّى عَفَوْا} فإنّ حَتّى هنا

ص: 103

ابتدائية، وأنْ غير مضمرة، هذا هو الحق لكن فسر أبو البقاء بـ (إلى أن عفوا) وقال شارح الألفية: فتوزع في ذلك الماضي بأن حَتى قبله ابتدائية، وأنْ غير مضمرة، فَعُلِمَ من دخولها جواز كونها جارة في الماضي، وقال ابن مالك وهو وَهْمٌ.

المضارع المرفوع، احتراز من المنصوب بـ أن، لأن حتى فيه، لا تكون إلَّا جارة. نحو {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} في قراءة من رفع وهو نافع، فعلى هذا تكون الآية حكاية عن الحال الماضية، لأن حتى الابتدائية لا تدخل على المضارع، إلَّا بتحقيق الحال. أو لحكاية حال الماضي فلا يدخل على المضارع المقدر فيه (أن)، لأنها علم الاستقبال، فمن نَصَبَ بتقدير أنْ يجعل حتى جارة.

والجملة الاسمية كقوله، أي قول الشاعر:

بدجلة حتى ماء دجلةَ أشكل

إعرابه في الباب الأول، في المسألة الثانية فلينظر.

اعلم: أن حتى الابتدائية تدخل على الجملة الاسمية، فيكون ما قبلها سببًا لما بعدها، مع كون ما بعدها من جنس ما قبلها، سواء كان حقيقة أو حكمًا بأن يكون بينهما ملابسة، يقال: ضربتُ القومَ حتى زيد غضبان، لأن بين الضرب والغضب ملابسة، فكأنه كان من جنس الضرب، وخبر تلك الجملة تارة يكون موجودًا، كما في المثال المذكور، وتارة يكون مقدرًا كما في: أكلت السمكة [حتى] رأسُها بالرفع، لأن تقديره: حتى الرأسُ مأكول. وتدخل أيضًا على الفعل سواء كان ماضيًا أو مضارعًا، فلا يلزم كون ما بعدها من جنس ما قبلها، بل يكفي أن يكون سببًا لما بعدها كما في المثالين اللذين ذكرهما المصنّف. وحتّى الجارة تدخل على الاسم فيكون مدخولها إمّا بعضًا مما قبلها كقولك: أكلت السمكة [حتى رأسِها] بالجر أو مجاورًا

ص: 104

لها كما في: نمت البارحة حتى الصباح، وتدخل أيضًا على المضارع بإضمار (أنْ) المصدرية، ولا تدخل على الماضي في الأصح، وإنْ جوّزه أبو البقاء. وكذا لا تدخل على المضمر خلافًا للمبرد، فإنه يجوز مستدلًا بما وقع في بعض أشعار العرب على سبيل النُّدرة. والجمهور يحكمون بشذوذه فلا يجوّزونه قياسًا، وحتى العاطفة تدخل على الاسم المفرد كما في: أكلت السمكةَ حتى رأسَها على تقدير النصب. ويكون مدخولها بعضًا مما قبلها، فبعض النحاة عمَّ البعضية بكون بعضًا في الحقيقة أو شبهًا بالبعض المجاورة، لكن التعميم ليس بجيد لأن أصل حتى أن تكون جارة لكثرة استعمالها، فتكون العاطفة محمولة عندهم على الجارة، وإذا كانت محمولة عليها لم يستعملوها في معنييها جميعًا، ليبقى للأصل مزيّة على الفرع، وإنما استعملوها في أظهر معنييها، وهو كون مدخولها جزءًا لأن اتحاد الأجزاء في تعلق الحكم أعرف في العقل وأكثر في الوجوه من اتحاد المجاورين، هكذا في بعض الشروح. واختلفوا في دخولها على الجملة الاسمية، فلذلك لم يذكر المصنف مثالًا لها.

وكذا في دخولها على الفعل سواء كان ماضيًا أو مضارعًا فقيل: في الأفعال تكون ابتدائية، لأن حتى لا تعطف على الجملة أبدًا، كذا في "شرح الرضي" و"شرح الألفية"، وهذا مذهب الجمهور.

وأمّا عند البعض، يجوز أن تكون حتى عاطفة في الفعل نحو: نظرتُ أو أنظر حتّى أبصرتُ أو أبصر. فإن أبصرت أو أبصر معطوف بحتّى على نظرت أو أنظر لوجود الشرط المذكور، وهو كون المعطوف جزءًا من المعطوف عليه.

فإذا عرفت ما تلونا عليك علمت أن حتى في مثل قولك: جاءني زيد حتى عمرو ليست للجر، وجارة لفقدان الشرط المذكور فيهما، بل هي حرف ابتدائية، ذكره ابن يعيش.

ص: 105