الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتامّة عند الكوفيين وبعض البصريين، فعند ذلك البعض، فالمضارع مع (أنْ) شُبّه بالمفعول وليس بخبرٍ لعدم صدقه على الاسم، وتقدير المضاف تكلّف، وذلك لأنّ أصل عسى زيد أن يخرج، قارب زيدٌ أنْ يخرجَ، أي الخروجَ، ثم نقل إلى إنشاء الطمع، فالمضارع مع أنْ وإنْ لم يبق على المفعولية في صورة الإنشاء، فهو مشبّه بالمفعول الذي كان في صورة الخبر، فانتصب لشبهه المفعولَ.
وأمّا على مذهب الكوفيين، فالمضارع مع (أنْ) بدل اشتمال من زيد لأنّ فيه إجمالًا ثمّ تفصيلًا، وفي إبهام الشيء ثم تفسيره وقعٌ عظيم لذلك الشيء في النفوس، قال شارح الرضي: وهذا أقرب عندي.
فعلى هذين المذهبين إطلاق باب (كاد) يكون على سبيل التغليب بخروج (عسى) عنه.
الثانية والثالثة:
الواقعة حالًا
، والواقعة مفعولًا، وجه تغيير أسلوب السابق والآتي، إما إشارة إلى أنّ [كون] ذكر الحال في المتن قليل، أو إلى كون الحال والمفعول من واد واحدٍ.
ومحلّهما [النصب] أي: محل الحال والمفعول.
قوله: ومحلهما مبتدأ، وخبره النصب.
[الواقعة حالًا]
فالحالية نحو: {جَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} أي متباكين، وهو حال من ضمير جاؤوا، وهو الواو. فالحالية مبتدأ، نحوُ مرفوع لفظًا لكونه خبرها، ويجوز نصبه، إمّا لكونه مبنيًا لإضافته إلى الجملة، وإما بتقدير الفعل، وهو أمثّل نحوَ جاؤوا فحينئذٍ يكون خبر المبتدأ جملة فعلية.
[الواقعة مفعولًا به]
والمفعوليةُ بالرفع عطف على الحاليّة.
تقع في ثلاثة مواضع، والجملة الفعلية في محل الرفع عطف على الجملة الفعلية المقدّرة وهي أمثّل، وإن جاز عطف الجملة على [المفرد] من غير اعتبار الطرفين، لكنّ الشريف مال في بعض تصانيفه إلى الوجه الأول، فالياء في الحالية والمفعولية للمصدرية، أي لكون الشيء حالًا ومفعولًا لا للنسبة والمبالغة، لأن ياء النسبة مع تاء التأنيت إذا لحقت آخر الكلمة أفادت معنى المصدرية. كذا في "شرح اللّباب" في مباحث حروف المشبهة بالفعل.
محكيّةً بالقول، [محكيّة] منصوب إما على البدلية عن الجار والمجرور معًا على قول بعض النحاة، وهو أنّ معمول الفعل مجموع الجار والمجرور في اللغو، أو عن المجرور فقط حملًا على محله على قول محقّقي النّحاة، وهو أن معمولَ الفعل في اللغو هو المجرور فقط كما سيجيء في الباب الثاني، في المسألة الثالثة، فعلى هذا يكون معمولًا لـ (تقع)، وإما بفعل مقدّر وهو (أعني وأريد)، ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، وجَرُّه على أنه بدل من المجرور فقط حملًا على اللفظ، وإن لم يتحمّل رسم الخط في قوله: ومعلقًا نحو يجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو مثاله، ونصبه على الوجهين اللذين ذكرناهما قبل، نحو:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} . إنّ حرف من الحروف المشبهة بالفعل، اسمها ياء المتكلم، خبرها عبد الله، وجملة إني عبد الله محكيّة لقال. قال ابن الحاجب في "الأمالي": إن القول يحكي هذه الجملة موضع نصب بالإتفاق إلا أنها مفعول مطلق، أو مفعول به. انتهى.
فمذهب الجمهور هو الثاني، والمحققين هو الأوّل، كما نصّ عليه شارح "اللّب" في آخر بحث أفعال المتعدي.
وثانيةً: عطف على قوله محكيّة، وإعرابها كإعراب سابقها.
للمفعول الأول في باب ظنّ، وإنما قيّده يعني بكونه ثانيةً لأن باب ظنّ من دواخل المبتدأ والخبر، والجملة لا تكون إلا خبرًا. نحو: ظننت زيدًا يقرأ، فإنّ (يقرأ) جملة فعلية مع فاعله، ومفعول ثانٍ لظننت.
اعلم أنّ الفعل المتعدّي إلى المفعولين على ضربين:
قسم يصحّ حمل مفعوله الثاني على الأول.
وقسم لا يصحّ.
والثاني إمّا أن يتعدّى إلى مفعولين بنفسه نحو: كَسَوْتُ زيدًا جُبّةً، أو بالهمزة نحو: أعطيت زيدًا درهمًا. فإنّ هذين المثالين لا يجوز أن يقال: زيد جبة، وزيد درهم. وجعلوا من هذا الباب ما يتعدّى إلى الثاني بواسطة الحرف، ثم حذف اتّساعًا مثل: اختار، واستغفر، وسمّى، وكنّى. الأول يتعدى بمن، والثاني بعن والثالث والرابع بالباء.
ثم الأصل تقديم ما هو الفاعل في المعنى، والمتعدّى إليه الفعلُ بنفسه، ومن ثم لم يجز: أعطيت صاحبه الدّرهم، واخترت أحدهم القومَ، للإضمار قبل الذّكر لفظًا ومعنىً، ويجوز الإقتصار هنا سواء كان ذلك الإقتصار على مفعولين معًا أو على أحدهما.
والقسم الأوّل يسمّى: أفعال القلوب، ويصحّ حمل مفعوله الثاني على الأوّل.
إمّا بنحو ما يقالُ في: علمتُ زيدًا فاضلًا، زيدٌ فاضل.
أو كان بمنزلته كما يقال في: علمت أبا يوسف أبا حنيفة، أبو يوسف أبو حنيفة، ولا يجوز الإقتصار على أحد مفعوليه على الأشهر، مع أنهما في الأصل مبتدأ وخبر، وحذفهما جائز في السّعة لأنّ مفعوليه معًا بمنزلة اسم واحد مضمونهما معًا هو المفعول به في الحقيقة، ولو حذف أحدهما كان كحذف بعض أجزاء الكلمة إلّا فيما وقع في مفعوله (أنَّ) المفتوحة بما بعدها، خفيفة أو ثقيلة، فإنّه واجب الاقتصار عند الأخفش، حيث قال: إن
المفتوحة مع مفعولها، هو المفعول الأول، فيقدّر المفعول الثاني. وأمّا عند سيبويه سَدَّ مَسَدَّ مفعوليها، فلا يكون اقتصارًا وإنْ جاز أنْ تُسْلَبَ منهما جميعًا كقوله:(مَنْ يَسْمَعْ يَخَلْ).
وهي سبعة أفعال وهي: ظننتُ وحسبتُ وخِلتُ، وهذه الثلاثة للظنّ.
وزعمت، وهي تارة تكون للظنّ، وتارة للعِلْم.
وعلمتُ ورأيتُ ووجدتُ، وهذه الثلاثةُ للعِلْمِ.
وقد يتعدى منها فعلان بإدخال الهمزة إلى مفاعيل ثلاثةٍ، وهما علمتُ ورأيتُ دون أخواتهما. إلّا عند الأخفش، فإن جميعها قد يتعدّى إلى الثالث بالهمزة عنده.
وقد يتضمن بعض الأفعال بمعنى أعلمتُ فيتعدى تعديته وهي أخبرتُ، وخبّرتُ، وحدّثت، وأنبأتُ، ونبّأتُ، فإنّ هذه الأفعال عند سيبويه تتعدّى إلى واحد بنفسه، وإلى الثاني بحرف الجر، ثم حذف اتساعًا، إلّا أنّها لمّا كانت مشتملة على معنى الإعلام تضمّنت معناه فتعدت تعديته.
وهذه الأفعال تتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل، مفعولها الأوّل كمفعول باب (أعطيت) في جواز الإقتصاد عليه كقولك: أعلمت زيدًا، والإستغناء عنه كقولك: أعلمتُ عمرًا منطلقًا. والثاني والثالث من مفعوليها كمفعولي (علمتُ) في وجوب ذكر أحدهما عند الآخر، وجواز تركهما معًا.
والمفعول الثالث لهذه الأفعال يقع جملة كما في المفعول الثاني للمتعدّي إلى مفعولين فلذلك قال المصنّف:
والثالثة أن تقع تالية للمفعول الثاني في باب أعلم، وفي ما تضمّن معناه، وتعدّى تعديته، نحو: أعلمتُ زيدًا عمرًا أبوه قائم. فجملة (أبوه قائم) في محل النّصب، على أنها مفعول ثالث لذلك الفعل.
ومعلّقًا عنها العامل. أي عن الجملة العامل. هذا قسم ثالث من أقسام الجملة التي تقع في محل النّصب على كونها مفعولًا، ولا ردّ على المصنّف بأن يقال:
لِمَ لَمْ يقل: الأول والثاني والثالث؟. كما يقال في أمثاله.
لأنّ ترك ترتيبه المذكور، إما مبنيٌّ على الظهور، أو مبني على التَّفنُّن في العبارة، لكونه نوعًا من البلاغة، على أن تعيين الطريق خارج من قانون البحث.
ومعنى التعليق والإلغاء، إبطال العمل، ولكن الفرق بينهما من مهمّات هذا الفنّ.
فالإلغاء: هو ترك العمل لفظًا ومعنىً لغير مانع.
والتعليق: ترك العمل لفظًا لا معنىً لمانع.
فالإلغاء جائز، والتعليق واجب، والمعلق عامل في المحلّ بخلاف الملغي.
واعلم أيضًا أن أفعال القلوب تختصُّ بالإلغاء، وأمّا التعليق فيجوز في الأفعال التي تشبه أفعال الشكّ واليقين في كونها إمّا غير محقّق الوقوع نحو:
(عرف وعلم) بمعنى عرف، ونظر، وتفكّر، وغير ذلك من الأفعال التي لزم [معنى] العلم لمفهومها، وما عدا ذلك من الأفعال التي تتعلق عن العمل إلا عند يونس، فإن التّعليق في جميع الأفعال جائز عنده، والكسائيُّ كيونس في الواقع، وكالجمهور في المنتظر.
فالمعلّق إمّا أن يطلب مفعولًا واحدًا نحو: عرفت هل زيد في الدّار، فالجملة في موضع مفعول واحد.
أو اثنين، فتكون تلك الجملة في مقام المفعولين: علمت لَزَيدٌ في الدّار. أو أكثر، فتقوم تلك الجملة مقام الثاني والثالث نحو: أعلمتك ما زيد في الدّار، نحو قوله تعالى:{لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} و {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} . تعلّق عمل الفعل في الآيتين، لأنّ الاستفهام، وحروف النفي، وحروف الابتداء إذا دخل على معمول أفعال القلوب أو ما أشبهها تعلَّق العمل فيها، لأنّك لو أعملتها لجعلتَ ما بعد الاستفهام، وحرف النفي، وحرف النداء، وحرف الابتداء معمولًا لما قبلها، فيخرج عن أن يكون له صدر الكلام.
و (أي) للاستفهام في الآيتين، فتكون معربة أَلْبَتَّة، وهو اسم من الأسماء اللازمة للإضافة، فإذا أضيف إلى النكرة أضيف إلى الواحد والاثنين والجماعة. وإذا أضيف إلى المعرفة أضيف إلى الاثنين فصاعدًا.
وعن العلامة الزّمخشري: يجوز إضافته إلى الواحد المعرفة، كما نصّ بعض شرّاح "المفصل".
ولكن عند الاضافة إلى الواحد سواء كان ذلك الواحد معرفة أو نكرة، لا يكون إلّا مؤوّلًا بمعنى الجمع.
فعند الإضافة إلى المعرفة معرفةٌ عند عامة النّحاة، وإن كانت نكرة معنىً، وخلافًا لصاحب "التخمير"، عنده يكون نكرة، ولو بعد الإضافة إلى المعرفة.
فـ (أيُّ) في الموضعين مبتدأ على المذهبين، إمّا بالتعريف أو بالتّخصيص. بالإضافة إلى الحزبين وإلى الهاء، و (أحصى) و (أزكى) خبره، والجملة قائمة مقام المفعولين في (لنعلَم) ومقام مفعول واحدٍ في (فلينظر). وسيجئ في بحث (أيّ) تفصيل متّسع -إن شاء الله تعالى-.