الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: لا يجوز مطلقًا إلا لضرورة، ويجوز حذف الفعل بعد لا الطلبية إذا دل عليه دليل كقولك: اضرب زيدًا إن ساء وإلا فلا تضرب، لكن يحتاج ذلك إلى السماع، وإنما قال تجزم المضارع ليشمل نهي المخاطب نحو. {لَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي: لا تمنن بعبادتك مستكثرًا بها، والغائب نحو {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} والزائدة، وهي التي دخولها في الكلام كخروجها بالنسبة إلى النّفي، لأنها لا فائدة فيها أصلًا، لأنها تفيد توكيدًا ولا يعد عبثا.
لا يجوز ذلك في مثل كلام الفصحاء، لاسيما كلام الباري سبحانه، فتزاد قليلًا قبل أقسم، ومع واو العاطفة بعد النفي لفظًا نحو: ما جاءني زيدٌ ولا عمروٌ أو هو معنىً نحو: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ، وبعد أن المصدرية نحو:{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} كما: أي جاء أن تسجد بدون (لا) في موضع آخر من القرآن، وشذت زيادتها مع المضاف، وبعد مِنْ والباء واللام، وتجيء (لا) أيضًا للعطف لكن المصنف لم يذكرها، إما بناءً على أنها داخلة في النّافية أو لقلة استعمالها.
-
ما يأتي على أربعة أوجه
-
النوع الرابع: ما يأتي على أربعة أوجه، وهو أربعة. الضمير عائد إلى ما، فتذكيره بحسب الظاهر.
لولا
أحدها: أي ما جاء على أربعة أوجه، فتأنيث الضمر باعتبار كون (ما) عبارة عن الكلمة. لولا.
اعلم أن لولا مركبة من (لو) و (لا)، ولو قيل: والتركيب يمتنع بها الشيء لامتناع غيره، ولا للنفي الامتناعُ نفي في المعنى، والنفي إذا دخل على النفي صار إيجابًا فمن هنا صار معنى لولا هذه يمتنع بها الشيء لوجود غيره، كما في: لولا علي لهلك عمرو، وليست هذه هي التي للتخصيص لاختلاف معنى البابين، لأنها إذا كانت للتخصيص، تكون لارتباط الجملتين على معنى أن الثانية، امتنع مضمونها [لحصول] مضمون الأوّل.
فيقال فيها هي أي في لولا تارة حرف يقتضي، الجملة الفعلية: صفةُ حرفٍ امتنع جوابه لوجود شرطه، الضميران راجع إلى الحرف من غير تأويل. هذا موافق لما وُجد في أكثر كتب النحو، وأمّا ما ذكر في "التسهيل": امتناع جوابه لوجوب شرطه، فيكون مقابلًا لـ (لولا) الامتناعية بخلاف الأول، فإنه يعم.
وتختص لولا هذه بالجملة الاسمية المحذوفة الخبر، هذا الاختصاص، وكونها محذوفة الخبر على رأي من يقول: إن الاسم الواقع بعد لولا مرفوع بالابتداء كما مذهب البصريين.
وأما على [قول من] قال: إنه مرفوع بنفس لولا، وهو مذهب الفراء.
وفاعل فعل محذوف كما قال الكسائي، فليس كما ذكرنا، لأنها على كلا القولين لا تدخل على المبتدأ غالبًا، أي أكثريًا. هذا قيد لكونها محذوفة الخبر لا لتخصيصها بالجملة الاسمية، لأن دخولها على الجملة الاسمية واجب عند البصريين. وظاهر هذا القول يدل على أن مختار المصنف مذهب الرماني، والشجري، والشلويين، لأن عندهم لم يجب حذف الخبر مطلقًا، بل يجوز إظهاره إذا كان الخبر خاصًا، لأن سبب امتناع الثاني إن كان وجودًا للأول فحسب، فالحذف لازم، وإن كان أمرًا خاصًا صفة للأوّل زائدة على وجوده،
فلابد من إثبات الخبر نحو: لولا زيد يدفع عدوّه لأهلكه، بخلاف سائر النحاة. فإن خبر لولا عندهم يحذف مطلقا لدلالتها على الخبر مع قيام جوابها موضعه، ولو ظهر ليُؤوِّل بأن يجعل الأمر الخاص حالًا، وعامله الخبر المحذوف، أي لولا زيد موجود دافعًا عدوه لأهلكه. والحق أن نظرًا للأول أدق، لأن هذا التقدير زائدة على قدر الضرورة، و [لمجيء] ما يتعين أن يكون خبرًا بعد لولا، كقوله عليه السلام:
"لولا قومك حديث عهدهم، لأسست البيتَ على قواعد إبراهيم".
وقال أبو البقاء: هذا أي كون الخبر محذوفا إذا لم تقع بعدها إن، فإن وقعت أظهر الخبر لليس كما في قوله تعالى:{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} .
نعم لو قيل: مراد المصنف من قوله: غالبًا، أن يقال: عند الأكثر لكان مذهبه مذهب الجمهور، كان غالبًا قيدًا لـ (الكلّ) لكن لا يكون حق العبارة هكذا فليتأمّل.
نحو: لولا زيد لأكرمتك. يعني وجود زيد يمنع إكرامي منك، فلولا هذه تحتاج إلى جواب بـ اللام، ولا يجوز حذفها من جوابها، لكن قد تُحذف مع الجواب، وإنّما لزم دخولها في جوابها لأنها غير عاملة بمنزلة (لو) فدخلت تأ كيدًا للربط.
وتارة حرف تحضيض أي: تحريض، يقال: حضه أي: حرّضه كذا في الجوهري. وعرض، بعد أحد الوجوه الأربعة، وإنَّما لم يقل تارة كما في السابق واللاحق إما لاشتراكهما في الاختصاص بالمستقبل أو للإشعار إلى قلة كونها للعرض. أي طلب بإزعاج أي: بعنف أو طلب برفق، وهذا ضدّ العنف، يقال: رَفُقَ بضمّ العين يرفَقُ بفتحها، وحكى أبو زيد: رفقته، وأرفقته بمعنى كذا في "الصحاح".
قوله: أي طلب بإزعاج، تفسير لـ (لولا) التحضيضية.
وقوله: أو برفق، تفسير لـ (لولا) التي للعرض.
فإذا علمتَ ما [تلونا عليك] عرفت أن قوله: وعرض ليس عطف تفسيرٍ لتحضيض بل بيان أحد أوجهها كما قلنا.
فلولا هذه إذا دخلت على المستقبل يكون للتحضيض، وإذا دخلت على الماضي ولا تكون للتَّنديم والتوبيخ بل للعرض، فيكون الماضي في حكم الاستقبال. نصّ عليه الشيخ الرضي.
وقال بعض النحاة: إذا لم يكن في الماضي للتوبيخ، يكون للاستفهام أو للتحضيض أو للعرض، لكن الأكثر على ما قاله الشيخ الرضي.
فتختص. يقال خُصّت بالشيء خَصُوصًا وخَصُوصية، بفتح الخاء المعجمة والضم، لكن الأول أفصح، أي تختص لولا التي للتحضيض والعرض بالمضارع إذا كانت للتحضيض، أو ما هو في تأويل المضارع إذا كانت للعرض.
نحو {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} ، مثال التحضيض.
و: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [مثال] للعرض، فتمَّ اللفُّ والنشرُ على الترتيب الذي وجهنا، فلو لم يكن مراد المصنف على ما قلنا لكان مخالفًا لجمهور النحاة وأهل المعاني ولَشوش الأمرَ في عدها مما جاء على أربعة أوجه، وجوّز بعض النحاة دخولَ لولا هذه الجملةَ الأسميةَ نحو: لولا زيد قائم.
وتارة حرف توبيخ أي: تهديد، فتختص بالماضي لفظًا ومعنى نحو {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً} أي: هلا منعهم من الهلاك آلهتهم الذين يتقرّبون بهم إلى الله حيث قالوا: شفعاءَنا عند الله، وقيل: الإبهام لتحقير المقول، ويرشدك إليه أحد
قوله في صدد الردّ. وقال الهروي: قد يكون للاستفهام. نحو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} . أي: هلا أخرتني.
و {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} . أي: هلا أنزل إليك ملك كما رأي أكثر المفسرين. قال الهَرَوي بفتح الهاء والراء المهملة: والظاهر: الواو إما زائدة لتأكيد اللصوق بين القول ومقوله، أو ابتدائية! أنّها في الأول أي في:{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} للعرض، وفي الثاني أي في:{لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} للتحضيض.
فـ (لولا) لا تكون للاستفهام عنده.
وزاد الهروي معنىً آخر، وهو أن تكون نافية بمعنى لم. هذا التعبير موافق لما وقع في "التسهيل" حيث قال: وقد يلي الفعل (لولا) غيرُ مفهمة تحضيضًا فَتُؤول بلو لم. انتهى وما وقع في "الارتشاف" وقد تكون (لولا) نافية بمعنى (ما). قال شارح "الألفية":
فـ (لولا) هذه ليست بمركبة بل (لو) على حالها، و (لا) نافية للماضي.
وجعل الهروي منه كونها نافية {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} وجملة {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ} مفعول لجعل. وقوله: أي لم يكن قرية آمنت. تفسير لكونها بمعنى النفي، قوله: والظاهر أن المراد فهلا ردٌّ لما قال الهروي، وهو أي: كونها بمعنى هلا قول الأخفش