الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى أوضح سبيل الدعوة ومنهاجها بقوله: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108](1) .
قال ابن كثير رحمه الله: ". . . أن هذه سبيله، أي: سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقه ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك، ويقين وبرهان، هو وكل من اتبعه، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي "(2) .
وقد عرّف العلماء البصيرة، فقال البغوي رحمه الله:" والبصيرة: هي المعرفة التي تُميّز بها بين الحق والباطل "(3) .
وقال القرطبي رحمه الله: {عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108] أي: على يقين وحق " (4) .
(1) يوسف: 108.
(2)
تفسير القرآن العظيم (4 / 422) .
(3)
معالم التنزيل (4 / 284) .
(4)
أحكام القرآن (9 / 179) .
وقال الراغب رحمه الله: {عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108] أي: على معرفة وتحقيق " (1) .
وذكر الكفوي رحمه الله البصيرة بأنها: " قوة في القلب تدرك بها المعقولات، وقوة القلب المدركة بصيرة "(2) .
وبين ابن عاشور رحمه الله البصيرة بأنها: " هي الحجة الواضحة "(3) .
ولأهمية البصيرة كانت من الفرائض، كما أشار إلى ذلك الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مسائل:" كتاب التوحيد ".
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: " ووجه ذلك: أن اتباعه صلى الله عليه وسلم واجب، وليس أتباعه حقًّا إلا أهل البصيرة، فمن لم يكن منهم فليس من أتباعه، فتعيّن أن البصيرة من الفرائض "(4) .
والبصيرة من أعلى درجات العلم، كما أشار إلى ذلك ابن القيم بقوله:" أعلى درجات العلم: البصيرة؛ التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه هي الخِصّيصة التي اختص بها الصحابة عن سائر الأمة، وهي أعلى درجات العلماء "(5) .
والبصيرة في الدعوة لا تختص بالعلم الشرعي فقط، بل تشمل: العلم بالشرع، والعلم بحال المدعو، والعلم بالسبيل الموصل إلى المقصود، وهو الحكمة، فيكون بصيرا بحكم الشرع، وبصيرا بحال المدعو، وبصيرا بالطريق الموصلة لتحقيق الدعوة.
تظهر أهميّة البصيرة في الدعوة في أمور منها:
أن البصيرة صفة من صفات الأنبياء والعلماء الراسخين.
(1) مفردات القرآن ص 127.
(2)
الكليات ص 247.
(3)
التحرير والتنوير (7 / 65) .
(4)
تيسير العزيز الحميد ص 95.
(5)
مدارج السالكين (3 / 356) .
2 -
أن البصيرة ركن من أركان الدعوة وقاعدة من قواعدها الكبرى.
3 -
البصيرة في الدعوة تجنب الداعية الضعف في الرأي، والانحراف في المنهج.
4 -
بالبصيرة تستثمر الأوقات، وتعرف الأولويات، ويُعطى كل ذي حق حقه.
وقد أجاد الشيخ عزيز بن فرحان العنزي في كتابه " البصيرة في الدعوة إلى الله " حيث احتوى كتابه على محورين هامين؛ هما. البصيرة فيما يدعو إليه الداعية، والبصيرة في حال المدعوين، وكيفية دعوتهم، وقد ضمَّن المحورين فصولًا مهمة، ربط المؤلف فيه بين المنهج العلمي والعملي في طرحه لهذا الموضوع فجزاه الله خيرا، وشكر الله له صنيعه، ووفقه وإخوانه الدعاة لخدمة الإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . .
وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ