المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أدب القرآن السامي في هذا الباب] - البصيرة في الدعوة إلى الله

[عزيز بن فرحان العنزي]

فهرس الكتاب

- ‌[تقديم]

- ‌[المقدمة]

- ‌[فصل في معنى البصيرة]

- ‌[المحور الأول البصيرة فيما يدعو إليه]

- ‌[فصل فيما يدعو إليه الداعية]

- ‌[فصل منهج الأنبياء هو الدعوة إلى الله تعالى لا إلى شخص ولا إلى جماعة]

- ‌[فصل العلم قبل الدعوة]

- ‌[فصل في فضل العلم والتعليم]

- ‌[فصل في علم العقيدة]

- ‌[فصل واجبنا نحو العقيدة]

- ‌[شبهات وردود]

- ‌[فساد العقيدة هو سبب مصائب المسلمين]

- ‌[قاعدة الغاية تبرر الوسيلة]

- ‌[أصحاب المنهج الحق]

- ‌[فصل في منهج الدعوة إلى الله تعالى]

- ‌[فصل في الإكثار من الحديث عن العقيدة]

- ‌[فصل في علم السنة]

- ‌[حث السلف على التمسك بالسنَّة]

- ‌[احتراز]

- ‌[فصل في الوسائل لفهم نصوص الوحيين]

- ‌[فصل في العناية بمعرفة الأحكام]

- ‌[حث الأئمة على التفقه]

- ‌[خطر الإفتاء بغير علم]

- ‌[فصل في ضرورة الاعتناء بمعرفة القواعد والضوابط العامة للدين ومقاصد الشريعة وأصولها]

- ‌[المحور الثاني البصيرة في حال المدعوين وكيفية دعوتهم]

- ‌[مدخل]

- ‌[فصل البصيرة في حال المدعوين وكيفية دعوتهم]

- ‌[فصل الدعوة إلى الله بالحكمة]

- ‌[المعنى اللغوي للحكمة]

- ‌[المراد من الحكمة في باب الدعوة]

- ‌[معاني الحكمة في القرآن الكريم]

- ‌[فصل في أركان الحكمة]

- ‌[الركن الأول العلم]

- ‌[الركن الثاني الحلم]

- ‌[الركن الثالث الأناة]

- ‌[فصل تطبيقات الحكمة في أبواب التعليم والفتوى وغيرهما]

- ‌[المسألة الأولى الحكمة في باب التعليم]

- ‌[اختيار المتعلم]

- ‌[اختيار الفن المناسب للمتعلم]

- ‌[من الحكمة جعلهم يتفاعلون معه]

- ‌[من الحكمة كتمان بعض العلم للحاجة]

- ‌[اختيار الوقت المناسب]

- ‌[استعمال وسائل للتفهيم وتقنيات التعليم]

- ‌[المسألة الثانية الحكمة في باب الفتوى]

- ‌[الزيادة على الجواب]

- ‌[الإجابة عما فيه فائدة]

- ‌[حسم مادة الشر عند المستفتي]

- ‌[التمييز بين المستفتين]

- ‌[المسألة الثالثة وسائل تأليف القلوب]

- ‌[الشفاعة لمن احتاج إليها]

- ‌[الهدية]

- ‌[عيادة المرضى والشاكين]

- ‌[الزيارة]

- ‌[الإعانة المالية]

- ‌[فصل الدعوة إلى الله بالموعظة الحسنة]

- ‌[العظة مسلك الأنبياء في الدعوة]

- ‌[القصص وأثرها في الوعظ]

- ‌[تحري الصحيح الثابت واجتناب ما سواه]

- ‌[الأمثال وأثرها في الوعظ]

- ‌[بعض الأمثال في السنَّة النبوية]

- ‌[من صور الحسن في الموعظة]

- ‌[الصورة الأولى الاختصار فيها]

- ‌[الصورة الثانية التنويع فيها]

- ‌[فصل التنويع في الخطاب الدعوي]

- ‌[من أخطاء الخطباء]

- ‌[الأسلوب الأمثل للمحاضرات]

- ‌[الصورة الثالثة ترك وعظ المنشغل عنك]

- ‌[الصورة الرابعة اللين في الموعظة]

- ‌[الصورة الخامسة استعمال السر والعلانية في الموعظة]

- ‌[الصورة السادسة الترغيب والترهيب]

- ‌[فصل في المجادلة بالتي هي أحسن]

- ‌[أساس المجادلة الرغبة في الوصول إلى الحق]

- ‌[أدب القرآن السامي في هذا الباب]

- ‌[حاجة الداعية إلى فن الجدل والمناظرة]

- ‌[خلاصة نفيسة للعلامة السعدي]

- ‌[فصل في تأثير القدوة الصالحة على الناس]

- ‌[الدعوة بالعمل قبل القول]

- ‌[كلمة جامعة عن آداب الداعية]

- ‌[خلاصة]

الفصل: ‌[أدب القرآن السامي في هذا الباب]

إحسان الظن بالخصم، وعدم سحب نتائج المجادلة إلى الحياة العملية، إنما تنتهي بانتهاء مجلسها، يقول يونس الصفدي:" ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يوما في مسألة ثم افترقنا، ولقيني وأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة "(1) .

وأما مع غير المسلمين فالواجب أيضا استعمال الأسلوب الحسن في النقاش، واحترام الخصم المقابل، وإن سوء أدب المقابل، وقلة حيائه لا يسوغ أبدا معاملته بالمثل؛ لأن المسلم يتعامل من منطلق ما يمليه عليه دينه، وما تفرضه أخلاقه إلا الذين ظلموا منهم، فيجوز- والحالة هذه- التعنيف عليهم، وزجرهم بالقول الذي يكون وقعه شديدًا على نفوسهم من باب العقوبة والزجر لهم.

[أدب القرآن السامي في هذا الباب]

أدب القرآن السامي في هذا الباب: وقد أعطانا القرآن الكريم نماذج تطبيقية للمجادلة بالتي هي أحسن تربية لنا وتعليما، منها: قول الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران: 64](2) .

وقد أمر الله تعالى نبييه موسى وهارون عليهما السلام أن يجادلا الطاغية فرعون بالتي هي أحسن، وأن يُلينا له القول، قال تعالى:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44](3) .

لأن للرياسة سُكرا والتغليظ لا يناسب من هو في مثل حاله، وقد بين ربنا تبارك وتعالى هذا القول اللين بقوله:{هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} [النازعات: 18](4) فأخرجه

(1) سير أعلام النبلاء (10 / 16) وقد علق الذهبي على هذه القصة فقال: " هذا يدل على كمال عقل الإمام وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون ".

(2)

آل عمران: 64.

(3)

طه: 44.

(4)

النازعات: 18.

ص: 124

مخرج السؤال لا الأمر، وذلك لموضع تجبر فرعون وعتوه.

وقال تعالى مادحا نبيه صلى الله عليه وسلم بما امتن عليه من جعله رحيمًا بالمدعوين، مشفقًا عليهم، وأن ذلك من أسباب إقبالهم عليه فقال:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159](1) .

وأيضا قد يكون في التعنيف والغلظة على الكافر مفاسد كبيرة، فقد يقوده ذلك لسب الله تعالى، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سب الإسلام، ولأجل هذا نهى الله تعالى عن سب آلهة الكفار مع أن سبها من الدين، وذلك خشية تولد منكر أعظم قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108](2) .

وإذا كنا قد أُمرنا بمجادلة أهل الكتاب والملحدين بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم فأهل الإسلام أولى بأن يراعى في جدالهم الرفق واللين، وإظهار الرحمة بهم، وليست هذه قاعدة مطردة، فقد يحتاج المجادل إلى نوع إغلاط وشدة حسب مقتضيات الحال، كما بينت في البصيرة في الوعظ وذلك لمصلحته، لكونه قد يستفيد من الإغلاظ أكثر من الترفق.

على كل حال، فإن حسن الخلق مع الغير قيمة أعلى الإسلام من شأنها، وأكد عليها، وأكثر من الإشارة إليها؛ فهي أحد معايير القرب من الله تعالى.

إلا أننا نلحظ في الآية الكريمة تقييد الموعظة والمجادلة بالحسن، وإطلاق الحكمة.

يقول ابن القيم جوابا على هذا: " أطلق الحكمة ولم يقيدها بوصف الحسنة؛ إذ كلها حسنة، ووصْفُ الحسن لها ذاتي، وأما الموعظة فقيدها بوصف الإحسان، إذ ليس كل موعظة حسنة، وكذلك الجدال قد يكون

(1) آل عمران: 158.

(2)

الأنعام: 108.

ص: 125