الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهم يسيرون على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، سواء قالوها بألسنتهم أو ترجمتها أفعالهم، ولذلك تجد هذا الصنف كثير التخبط والتقلب والترحل في أمور الدنيا والدين، ويغلب على من سلك هذا السبيل الطيش، والعجلة، والتهور، والمغامرة.
وهذا الفكر ينزع في الغالب إلى التسخط على الناس، ورميهم بالعظائم؛ كتكفيرهم وإخراجهم من الملة لاعتقادهم وجوب استجابة الناس لكل ما يدعون إليه، ولزوم امتثالهم للنصيحة، وهذا ليس من منهج أهل السنَّة والجماعة.
يقول ابن حزم الأندلسي رحمه الله: ". . . ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، ولكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده "(1) .
وقد يحصل منهم أيضا جناية على الدين وأحكامه، وأيضا جناية على المسلمين، وذلك باستعمالهم وسائل غير مشروعة، قد تعود بالضرر على المسلمين أفرادا أم جماعات.
وأما الوسط فهم أهل الحق والصواب الذين يعتقدون أن هداية التوفيق بيد الله تعالى، ولكن ذلك لا يمنعهم من العمل والدعوة والتبليغ، بل يتفانون فيهما، ويبذلون أقصى ما يمكنهم، ولكن وفق المنهج الشرعي الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين.
[أصحاب المنهج الحق]
أصحاب المنهج الحق: وأهل هذا المنهج هم نتاج البيئة العلمية النظيفة التي لم تكدرها بدعة ولا خرافة، ولم يَشُبها شيء من هوى النفوس، المقتدون بالعلماء الربانيين، السائرون على طريقة السلف الصالح، رضوان الله عليهم أجمعين،
(1) الأخلاق والسير ص44.
ولذلك تجدهم من أكثر الناس ثباتا، وألينهم عريكة، وأوسعهم أفقا، وفي التاريخ القريب والبعيد خير شاهد على ما أقول.
وفي الفتن تجد هذا الصنف على طول الزمان من أوفق الناس تعاملا معها، وإعمالا لقواعد المصالح والمفاسد، وفهما للوسائل والمقاصد، فدعوتهم كشجرة أصلها ثابت، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
فعلى الداعية إلى الله تعالى الانقياد التام، والتسليم الكامل للنبي صلى الله عليه وسلم، وتقديم قوله ومنهجه ورأيه على قول كل أحد من البشر، وأن يجعل هواه تبعا لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65](1) .
(1) النساء: 65.