الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال بعضهم:
أتتنا هدايا منه أشبهن فضله
…
ومن علي منعما ومتفضلا
ويحسن اختيار الظرف المناسب للهدية، حتى تكون أكثر وقعا على قلب المهدى إليه.
[عيادة المرضى والشاكين]
3 -
عيادة المرضى والشاكين: من حق المسلم على أخيه المسلم أن يعوده إذا مرض لغرض تأنيسه، وإدخال السرور عليه، وطمأنته، والتحدث إليه بما ينفعه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق المسلم على المسلم خمس. . . وذكر منها: وعيادة المريض» (1) .
وعلى الداعية إلى الله إذا زار أخاه المسلم أن يبشره بالبرء والكفارة، ويدعو له، ويجتهد في أن ينتقي له أطيب الكلام، مثل ما ورد:«لا بأس عليك طهور إن شاء الله» (2) .
أو يقول له مثلا: جعل الله علتك ماحية لذنوبك، ومضاعفة لثوابك، والتقيد بالمأثور أولى.
وأيضا ينشطه على شرب الدواء، ويسهل له الأمر، ويفتح له باب الأمل، ثم يدخل عليه بعد ذلك بما يريد أن يعظه، مع الاجتهاد في الحال التي عليها المريض، وإذا كان كافرا دعاه برفق إلى الإسلام.
[الزيارة]
4 -
الزيارة: فإن للزيارة سحرا تصنعه في قلوب كثير من الناس خاصة العصاة والمذنبين، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزور الناس في أنديتهم، وبيوتهم، وأماكن عملهم، بل كان يزور الكفار بغرض دعوتهم وهدايتهم.
(1) أخرجه: البخاري (3 / 112) ، ومسلم (14 / 143) .
(2)
أخرجه البخاري (13 / 477) ، ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» (1) .
إن كثيرا من الأسر في زماننا قد فقدت السيطرة على أبنائها، بسبب التفلت، والخروج على التعاليم الشرعية، والآداب والأعراف المرعية، فيحتاج الوالدان في الغالب إلى طرف ثالث يعالج هذا الانحراف لدى الأبناء، وليس هناك أقدر على مثل هذا النوع من الداء من أطباء القلوب، وهم الدعاة إلى الله تعالى، فلا بأس بأن يبادر الداعية إلى الله فيعرض على الوالدين مساعدتهما، أو يلبي طلبهما إذا هما دعواه، أو يطلب منهما إحضار ولدهما، فإن مجرد تلبية رغبتهما فيه كسب عظيم لهما؛ فضلا عن توقع تأثر الولد بكلامه.
وأذكر في هذا المعنى قصة جميلة لتنشيط نفوس الدعاة الذين فترت هممهم في هذا الجانب، وأصبحت الزيارة في باب الدعوة والدعاة خاصة بفئة من الناس يعرفون بتجمع معين، وطريقة خاصة في الدعوة، تقوم على الوعظ والتذكير، وتخلو من العلم والتأصيل، مع أن أسلوب الزيارة منهج نبوي، وطريقة سلفية.
هذه القصة حدث بها إبراهيم بن سليمان الزيات قال: كنا عند سفيان الثوري، فجاءت امرأة فشكت ابنها وقالت: يا أبا عبد الله أجيئُك به تعظه؟ فقال: نعم، جيئي به، فجاءت به، فوعظه سفيان بما شاء الله، فانصرف الفتى، فعادت المرأة بعد ما شاء الله، فقالت: جزاك الله خيرا يا أبا عبد الله، وذكرت بعض ما تحب من أمر ابنها، ثم جاءت بعد حين فقالت: يا أبا عبد الله ابني ما ينام الليل، ويصوم النهار، ولا يأكل ولا
(1) أخرجه: البخاري (3 / 219) .