المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عملي في التحقيق - شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

[ابن مالك]

فهرس الكتاب

- ‌المُقَدمَة

- ‌اسم الكتاب ونسبته إلى ابن مالك

- ‌دوافع تأليف الكتاب

- ‌زمن تاليف الكتاب

- ‌مادة الكتاب

- ‌منهج الكتاب وأسلوبه

- ‌الشواهد والاستشهاد في الكتاب

- ‌القرآن الكريم وقراءاته:

- ‌الحديث الشريف:

- ‌الشعر:

- ‌أقوال العرب ولغاتها:

- ‌المنهج العام للاستشهاد في الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب

- ‌مآخذ على الكتاب

- ‌مخطوطات الكتاب المعتمدة

- ‌المخطوطة (أ):

- ‌المخطوطة "ب

- ‌المخطوطة "ج

- ‌المخطوطة "د

- ‌عملي في التحقيق

- ‌حذف حرف العطف

- ‌ وقوع جواب "لو" مضارعًا منفيا بـ "ما

- ‌ دخول" ما" على "جعل

- ‌ موافقة "علق" لـ "طفق

- ‌ إجراء فعل القول مجرى فعل الظن

- ‌ حذف المضاف وأقامة المضاف إليه مقامه:

- ‌ حذف همزة الإستفهام

- ‌حذف العائد على الموصول

- ‌ إجراء "رأى" البصرية مجرى "رأى" القلبية

- ‌ دخول لام الابتداء على خبر "كان

- ‌ وقوع الجملة القسمية خبرًا

- ‌ وقوع المضارع المثبت المستقبل جواب قسم غير مؤكد بالنون

- ‌ تلقي القسم بمبتدأ غير مقرون باللام

- ‌ الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه

- ‌ توسط القسم بين جزءي الجواب

- ‌لغة "أكلوني البراغيث

- ‌ إضافه الموصوف إلى الصفة

- ‌ استعمال "قط" غير مسبوقة بنفي

- ‌جمع "ضَيف" على "ضَعَفة

- ‌ إجراء "ما" الموصولة مجرى "ما" الاستفهامية في حذف ألفها

- ‌ حذف المجزوم بـ "لا" التي للنهى

- ‌ استعمال "على" اسمًا

- ‌ وقوع الجواب موافقًا للشرط لفظًا ومعنى

- ‌ إخلاء جواب "لو" المثبت من اللام

- ‌مهيم" اسم فعل بمعنى: أخبر

- ‌ استعمال "أحد" في الإيجاب

- ‌المصادر

الفصل: ‌عملي في التحقيق

3 -

مكتبة جاريت رقم 135.

4 -

مكتبة حسن حسني عبد الوهاب بتونس رقم 389.

5 -

مكتبة الاسكوريال رقم 141.

6 -

المكتبة البلدية بالاسكندرية رقم 2005.

7 -

المكتبة الآصفية رقم 247 حديث.

8 -

مكتبة القرويين رقم 1438.

9 -

مكتبة رشيد افندي باستانبول رقم 1117/ 5.

10 -

مكتبة بروسه خراتشي زاده رقم 271/ 1.

11 -

مكتبة ييل رقم (154).

12 -

مكتبة بنكيبور رقم 151.

13 -

مكتبة الأوقاف بالرباط رقم (133) ورقم (951).

14 -

مكتبة الكتاني رقم 467.

15 -

مكتبة المتحف العراقي ببغداد رقم 10284، وهي مخطوطة حديثة.

16 -

مكتبة الخزانة العامة برباط الفتح رقم 951 د/1.

‌عملي في التحقيق

ترسمت في إخراج الكتاب خطى المحققِين الذين سبقوني في هذا الميدان، مع الأخذ بتوجيهات الباحثين في قواعد إخراج النصوص والاستفادة من خبرتي وتجربتي. ووضعت نصب عيني الخصائص التي امتاز بها "شواهد التوضيح" عن غيره من المصنفات مادة وطريقة تأليف. وهذه الميزات هي التي اضطرتني أحيانًا إلى الاجتهاد في تخريج مشكل نصوص البخاري، وتصحيح ألفاظه، وإن كانت طريقتي في الجملة لا تخرج عن الحدود المرسومة لخدمة الكتاب خدمة علمية.

وفيما يأتي أوجز أهم الخطوات التي اتبعتها:

أولًا- لم أتخذ واحدة من النسخ المعتمدة أصلًا. وإنما سرت في إثبات المتن على طريقة اختيار الأصوب والأحسن والأكثر مناسبة. ثم أشرت إلى ما يخالفه مما ورد في النسخ في الحاشية، مع الأخذ بنظر الاعتبار تسلسل النسخ الأربع في التفضيل، مقدمًا المخطوطة "أ" على غيرها، وواضعًا أرقامًا تدل على بداية كل صفحة من

ص: 42

صفحاتها، ورمزت بالحرف "و" لوجه الورقة، وبالحرف "ظ" لظهرها.

ثانيا- كتبت النص على ما نعرف اليوم من قواعد إلاملاء. وكانت جملة من كلماته على خلاف ذلك، مثل (احديهما = احداهما) و (هكذى = هكذا) و (يا بن = يا ابن). ولم انبه على الفروق التى لا يضر اغفال التنبيه عليها. كالتي ترد غالبًا في الترضية والتصلية وفي لفظ "تعالى" و"عز وجل" وما يشبه هذا.

ثالثا- حاولت التقيد بالنص الاصلي من اسلوب ابن مالك ومع ذلك اضطررت في مواضع قليلة جدًا إلى تصحيح ألفاظ واضافة كلمات اقتضاها السياق، مشيرًا إلى كل تغيير في الحاشية، وزدت أرقامًا متسلسلة فى بداية كل بحث توسعًا في الإيضاح.

رابعًا- خرجت الآيات والقراءات والأقوال الفصيحة والأحاديث الشواهد كما هو المعتاد في كتب النحو المحققة. ورجعت الآراء التي نقلها ابن مالك إلى أصحابها ما استطعت، ونبهت على ما فيها من اختلاف وتصرف إذا اقتضى الأمر.

خامسًا- ضبطت الأبيات الشعرية، ووضعت لها أرقامًا وذكرت قائليها ما أمكن، واستعنت عند التخريج بـ "معجم شواهد العربية" لعبد السلام هارون، وبديوان الشاعر -إن كان له ديوان- مع ذكر أقدم مصدر نحوي يرد فيه البيت.

وتحريت الشواهد في كتب النحو المتقدمة على ابن مالك، فإن لم توجد فيها خرجتها فى كتب المتأخرين عنه. وذلك لكي يتضح لنا تأثره بالسابقين أو تأثيره في اللاحقين.

سادسا- اعتمد ابن مالك "صحيح البخاري" في الدراسة، واستفاد من مخطوطاته بروايات مختلفة تجمع أكثرها النسخة اليونينية، التي شارك هو في الإشراف على إخراج نصها كما تقدم. ولذلك كان رجوعي في تخريج النصوص المشكلة أولًا إلى طبعة البخاري في القاهرة المعتمدة على تلك النسخة مع ملاحظة ما يأتي:

1 -

إذا اختلفت ألفاظ الحديث في موطن واحد من "صحيح البخاري" بسبب اختلاف نسخه المخطوطة أشرت إلى الاختلاف بقولي (وفي نسخة).

2 -

وإذا كان الحديث مكررًا بلفظ واحد في "الجامع الصحيح" أشرت إلى مواضع وجوده، وإذا كرر بألفاظ مختلفة اكتفيت بذكر الموضع الموافق لرواية ابن مالك.

3 -

وإذا لم أجد في "الجامع الصحيح" موطن الاشكال الذي ذكره ابن مالك أرجع إلى شروحه لإثبات رأي الشراح إن وجد، ولكي أتاكد من ورود الرواية في بعض مخطوطات البخاري التي قد اطلع عليها شراحه ولم تيسر إليها المطبوعة.

4 -

ومن النصوص المشكلة مالم أقف عليه في "الجامع الصحيح" ولم يذكره شارحوه،

ص: 43

فاضطررت إلى تخريجها من كتب الحديث الأخرى، مع الإشارة إلى ذلك في الحاشية.

5 -

ومنها نصوص موجودة في "الجامع الصحيح" وشروحه، ولكنها خالية من موطن الإشكال الذي نبه عليه المؤلف، فأثبت لفظه؛ لأن روايته هي محور البحث والإحتجاح.

6 -

ووجدت ابن مالك أحيانًا يتصرف في لفظ الحديث المشكل. فيحذف أو يزيد كلمة، أو يقدم في اللفظ أو يؤخره. وقد حاولت إثبات رواية البخاري، ولكني وجدت أن هذا يوجب تغيير عبارات أخرى خلال كلام ابن مالك في الشرح لتناسب السياق. لذلك أثبت في المتن غالبًا رواية ابنٍ مالك إذا كانت لا تخل بمعنى الحديث.

وما صوبته على وفق نص البخاري كان قليلًا. وهو لا يستدعي تبديلا في عبارات ابن مالك الأخرى.

7 -

أشرت في الحواشي إلى تمام بعض الأحاديث المدونة في المتن باختصار. إذا تطلب الأمر ذلك، ونسبت النصوص التي أهمل المؤلف ذكر قائليها.

لقد اقتضى هذا العمل مني قراءة "صحيح البخاري" من أوله إلى آخره مرات، والإستعانة بفهارس الحديث وكتب ابن مالك المطبوعة زيادة في التثبت، واطمئنانًا على سلامة التعليقات في الحواشي وصحتها.

والله الموفق للصواب

ص: 44

صفحة العنوان من مخطوطة المكتبة القادرية "أ"

ص: 45

الصفحة الأولى من مخطوطة الكتبة القادرية "أ"

ص: 46

الصفحة الأخيرة من مخطوطة المكتبة القادرية "أ"

ص: 47

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة ولي الدين "ب"

ص: 48

الصفحة الأول من مخطوطة مكتبة ولي الدين "ب"

ص: 49

الصفحة الأخيرة من كتاب (غريب الحديث) للثقفي

(مخطوطة مكتبة ولي الدين)

ص: 50

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة الأوقاف "ج"

ص: 51

الصفحة الأخيرة من مخطوطة مكتبة الأوقاف "ج"

ص: 52

صفحة العنوان من مخطوطة مكتبة رئيس الكتاب "د"

ص: 53

الصفحة الأخيرة من مخطوطة مكتبة رئيس الكتاب "د"

ص: 54

شواهد التَّوضيح وَالتَّصحيح لمشكلات الجَامِع الصَحيح

تَأليف

جمال الدين بن مالك الاندلسى

المتوفى سنة 672 هـ

ص: 55

بسم الله الرحمن الرحيم

ص: 57

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم.

قال الشيخ الإِمام العلامة فريد عصره أبو عبد الله جمال الدين محمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الجياني الطائي الأندلسي تغمده الله تعالى بالرحمة والرضوان، حامدًا لله رب العالمين، ومصليًا على سيدنا محمَّد سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين (1):

هذا كتاب سميته "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح".

(1) في بـ (بسم الله الرحمن الرحيم. رب يسر برحمتك وأعن. الحمد لله رب العالمين، وصلاته على سيدنا خاتم النبيين وآله أجمعين. قال الشيخ الإِمام البارع الفاضل حجة العرب وتاج الأدب وحيد دهره، وفريد عصره جمال الدين أبو عبد الله محمَّد بن مالك الطائي الجياني أعاد الله من بركاته، ومتع المسلمين بطول حياته).

وفي ج (بسم الله الرحمن الرحيم. وبه التوفيق والعصمة، قال الشيخ الإِمام العالم العلامة فريد دهره ووحيد عصره جمال الدين حجة العرب ولسان الأدب أبوعبد الله محمَّد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيانى رحمه الله ورضي عنه).

وفي د (بسم الله الرحمن الرحيم. وبه التوفيق. قال الشيخ الامام العلامة حجة العرب جمال الدين أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن مالك رحمه الله حامدًا لله رب العالمين، مصليا على محمد سيد المرسلين وعلى آله الطيببن الطاهرين).

ص: 58

فمنها قول ورقة بن نوفل (يا ليتنى أكون حيًا إذ يخرجك قومُك) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أو مخرجِىَّ هم؟)(2).

قلت: يظن أكثر الناس أن "يا" التي تليها "ليت" حرف نداء، والمنادى محذوف.

فتقدير قول ورقة على هذا: يا محمَّد، ليتني كنت حيًا. وتقدير قوله تعالى {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ} (3):يا قوم ليتنى كنت معهم. (4)

وهذا الرأي عندي ضعيف؛ لأن قائل "يا ليتني" قد يكون وحده، فلا يكون معه منادَّى ثابت ولا محذوف، كقول مريم عليها السلام (5){يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} (6).

ولأن الشيء إنما يجوز حذفه مع صحة المعنى بدونه إذا كان الموضع الذي ادّعي فيه حذفه (7) مستعملًا فيه ثبوته.

كحذف المنادى قبل أمر أو دعاء، فانه يجوز حذفه لكثرة (8) ثبوته، فإنّ الأمر والداعي (9) يحتاجان إلى توكيد اسم المأمور والمدعوّ بتقديمه على الأمر والدعاء.

واستعمل ذلك كثيرًا حتى صار موضعه منبهًا عليه إذا حذف، فحسن حذفه لذلك. فمن ثبوته قبل الأمر {يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} (10) {يَا بَنِي

(2) صحيح البخاري 1/ 6. وينظر 9/ 38.

(3)

النساء 4/ 73.

(4)

سقط من ج: يا قوم ليتني كنت معهم.

(5)

عليها السلام: سقط من أ.

(6)

مريم 19/ 23.

(7)

ج: ادعي حذفه فيه.

(8)

سقطت من بعد هذه الكلمة ورقة من ب،

(9)

د: أو الداعى. تحريف.

(10)

سورة البقرة 2/ 35.

ص: 59

إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} (11){يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ} (12){يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (13){يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (14){يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} (15){يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} . (16)

ومن ثبوته قبل الدعاء {يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ} . (17){يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا} (18){يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} . (19) ومنه قول الراجز: (20)

1 -

يارَب هب لي من لدنك مغفِرَه

تمحو خطاياي وأكفى المعذره

ومن حذف المنادَى المأمور قوله تعالى في قراءة الكسائي: "ألَا يا اسْجُدوا"(21) أراد: ألا يا هؤلاء اسجدوا. (22)

ومثال ذلك في الدعاء قول الشاعر: (23)

2 -

ألا يا اسلمِي يا دار ميّ على البِلَى (24)

ولا زال مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ القَطْرُ

(11) سورة البقرة 2/ 40.

(12)

الأعراف 7/ 31.

(13)

هود 11/ 76.

(14)

مريم 19/ 12. ولفظ "بقوة" سقط من أ.

(15)

لقمان 31/ 17.

(16)

الأحزاب 33/ 1.

(17)

الأعراف 7/ 134.

(18)

يوسف 12/ 97.

(19)

الزخرف 43/ 77.

(20)

لم أقف على الشاهد في كتاب.

(21)

النحل 25/ 27. وينظر: التيسير في القراءات السبع ص 168.

(22)

اسجدوا: ساقط من د.

(23)

هو ذو الرمة. ديوانه 1/ 559 واللامات، للزجاجي ص 11 ومعجم شوهد العربية 1/ 150

(24)

د: البلاى. تحريف.

ص: 60

[2و] فحسن حذف المنادى قبل الأمر والدعاء اعتيادُ ثبوته في محل ادعاء الحذف، بخلاف "ليت" فإن المنادَى لم تستعمله العرب قبلها ثابتًا، فادعاء حذفه باطل، لخلوه من دليل. (25)

فيتعين (26) كون "يا" التي تقع قبلها لمجرد التنبيهِ مثلَ "ألا" في نحو: (27)

3 -

ألا ليت شعري (28) هل أبيتنّ ليلة

بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجليل

ومثل "ها" في (29) قوله تعالى {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} ، (30) وفي قول السائل عن أوقات الصلاة (ها أنا ذا يا رسول الله). (31)

وقد يجمع بين "ألا" و"يا" توكيدًا للتنبيه، كلما جمع بين "كي" واللام ومعناهما واحد في قول الشاعر:(32)

4 -

أردتَ لكليما أن تطير بقربتي

فتتركها شنًّا ببيداءَ بلقعِ (33)

ف "كى" هنا إن جُعلت جارة فقد جمع بينها وبين اللام مع توافقهما معنى

(25) د: الدليل.

(26)

ج: فتعين.

(27)

البيت مما تمثل به بلال رضي الله عنه، وهو فى صحيح البخاري 3/ 28 و5/ 84 و 7/ 51 و 158 و 9/ 104 ونسبه العينى في عمدة القاري 10/ 250 إلى أبي بكر بن غالب بن عامر الجرهمي.

(28)

ج: شعر. تحريف.

(29)

في: ساقطة من د.

(30)

آل عمران 3/ 119.

(31)

في صحيح البخاري 1/ 23 (جاءه أعرابي فقال: متى الساعة

قال أين أراه السائل عن الساعة، قال: ها أنا يا رسول الله) من غير "ذا". وفي 8/ 206 (أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فى المسجد، قال: احترقت

فقال: أين المحترق؟ فقال: ها أنا ذا، قال: خذ هذا فتصدق به). ولم أقف على نص رواية ابن مالك فيما تيسر من كتب الحديث.

(32)

قائل البيت مجهول. ينظر: الانصاف 1/ 580 ومعجم شواهد العربية 1/ 230.

(33)

الشّن: الخَلَق من كل آنية.

ص: 61

وعملًا، وهو الأظهر. وإن جعلت الناصبة بنفسها فقد جمع بينها وبين "أن" مع توافقهما أيضا معنى وعملًا (34) وسهل ذلك اختلاف اللفظين.

فلو اتفق الحرفان لفظًا ولم يكونا حرفي جواب لم يجز اجتماعهما إلا بفصل، كقوله تعالى {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} (35) وقد يغني عن الفصل انفصالهما بالوقف على أولهما، كقول الراجز:(36)

5 -

لا يُنسك الأسَى تأسيا فما

ما من حمام أحدٌ معتصما

ومثل "يا" الواقعةِ قبل "ليت" في تجردها للتنبيه "يا" الواقعة قبل "حبذا" في قول الشاعر: (37)

6 -

يا حبذا جبل الريّان من جبل

وحبذا ساكن الريان من كانا

وقبل "ربّ" في قول الراجز (38):

7 -

يا رُبّ سارٍ بات ما توسدا

إلا ذراع العنس أو كف اليدا) (39)

* * * * *

وقوله "إذ يخرجك قومك" استعمل فيه "إذ" موافقة لـ "إذا" في أفادة الاستقبال.

وهو استعمال صحيح، غفل عن التبيه عليه أكثر النحويين. (40) ومنه قوله تعالى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} (41) وقوله تعالى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ}

(34) ارتبكت العبارة في د، فحصل فيها تقديم وتأخير سببه النسخ.

(35)

آل عمران 3/ 66.

(36)

قائل الرجز مجهول. ينظر: الجنى الداني ص 329 ومعجم شواهد العربية 2/ 533.

(37)

هو جرير. ديوانه ص 596 وشرح المفصل 7/ 140 ومعجم شواهد العربية 1/ 381.

(38)

قائل الرجز مجهول، ينظر: شرح المفصل 4/ 152 ومعجم شواهد العربية 2/ 461.

(39)

العَنس: الناقة. واليدا مخفوضة بإضافة "كف" إليها، وثتت الألف فيها لأنها شبهت بالرحى والفتى.

(40)

د:- كثير من النحوين.

(41)

مريم 19/ 39.

ص: 62

إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} (42) وقوله تعالى {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} (43)

وكما استعملت "إذ" بمعنى "إذا" استعملت "إذا" بمعنى "إذ" كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} (44) وكقوله تعالى {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} (45) وكقوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (46)

لأن "لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، و"لا أجد ما أحملكم عليه" مقولان فيما مضى. وكذا الانفضاض المشار إليه واقع أيضا فيما مضى. فالمواضع الثلاثة صالحة لي "إذ" وقد قامت "إذا" مقامها.

********

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم "أوَ مُخرِجى هم" فالأصل (47) فيه وفي أمثاله تقديم حرف العطف على الهمزة كما تقدم على غيرها من [2 ظ] أدوات الاستفهام، نحو {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ} (48)، ونحو {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (49) ونحو {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} (50)[ونحو {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} (51) ونحو {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} (52)]، (53) ونحو {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} (54)

(42) غافر 40/ 18.

(43)

غافر 40/ 70 - 71. وإلى هنا تتهي الورقهّ الساقطة من ب.

(44)

آل عمران 3/ 156.

(45)

التوبة 9/ 92.

(46)

الجمعة 62/ 11.

(47)

ج: فاصل.

(48)

آل عمران 3/ 101.

(49)

النساء 4/ 88.

(50)

الانعام 6/ 81.

(51)

العنكبوت 29/ 61.

(52)

الرعد 13/ 16.

(53)

ما بين المعقوفتين ساقط من ج.

(54)

التكوير 26/ 81.

ص: 63

فالأصل أن يجاء بالهمزة بعد العاطف كما جيء (55) بعده بأخواتها، فكان يقال في {أَفَتَطْمَعُونَ} (56) وفي {أَوَكُلَّمَا} (57) وفي {أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} (58)"فأتطمعون""و "وأكلما" و"ثم أإذا ما وقع" (59) لأن همزة الاستفهام جزء من جملة الاستفهام، وهى معطوفة على ما قبلها من الجمل. والعاطف لا يتقدم عليه جزءٌ مما عطف (60)

ولكن خُصت الهمزة بتقديمها على العاطف تنبيها على أنها أصل أدوات الاستفهام؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، وقد خولف هذا الأصل في غير الهمزة، فأرادوا التنبيه عليه، فكانت الهمزة بذلك أولى، لأصالتها في الاستفهام.

وقد غفل الزمخشري في معظم كلامه في "الكشاف"(61) عن هذا المعنى (62) فادعَى أن بين الهمزة (63) وحرف العطف جملة محذوفة معطوفًا عليها بالعاطف ما بعده (64).

وفي هذا من التكلف ومخالفة (65) الأصول ما لا يخفى.

وقد تقدم في كلامي على. "يا ليتنى"، أن المدعيَ حذف شيء يصح المعنى بدونه لا تصح دعواه حتى يكون موضع ادعاء الحذف صالحًا للثبوت، ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف، وما نحن بصدده بخلاف ذلك، فلا سبيل إلى تسليم الدعوى.

(55) ج: تحيى.

(56)

سورة البقرة 2/ 75.

(57)

سورة البقرة 2/ 100.

(58)

يونس 10/ 51:

(59)

ب: وثم إذا وقع. تحريف.

(60)

د: جزما عطف عليه. تحريف.

(61)

فى معظم كلامه في الكشاف: ليس في أب.

(62)

عن هذا المعنى: ليس في ج.

(63)

د: ببن هذه الهمزة.

(64)

جاء في تفسير قوله تعالى "أفما نحن بميتين" من الكشاف 4/ 45: (الذي عطفت عليه الفاء محذوف، معنا: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين) وينظر أيضا الكشاف 4/ 237

(65)

د: ومن مخالفة. تحريف.

ص: 64

وقد رجع الزمخشري عن الحذف إلى ترجيح (66) الهمزة على أخواتها بتكميل التصدير. (67)

******

والأصل في "أوَ مخرجىَّ هم" أو مخرجوي هم. فاجتمعت واو ساكنة وياء، فابدلت الواو ياء وأدغمت في الياء، وابدلت الضمة التي كانت قبل الواو كسرة تكميلًا للتخفيف، كما فعل باسم مفعول "رميت" حين قيل فيه: مرمىّ، وأصله: مرمُوي.

ومثل "مخرجيّ" من الجمع المرفوع المضاف إلى ياء المتكلم قول الشاعر: (68)

8 -

أودَى بنى وأودعوني حسرة

عند الرقاد وعَبرةٌ ما تقلع

و"مخرجى" خبر مقدم، و "هم" مبتدأ مؤخر. ولا يجوز العكس؛ لأن "مخرجى" نكرة، فإن إضافته اضافة غير محضة، إذ هو اسم فاعل بمعنى الاستقبال، فلا يتعرف بالأضافة. وإذا (69) ثبت كونه نكرة لم يصح جعله مبتدأ؛ لئلا يخبر بالمعرفة عن النكرة دون مصحح (70).

ولو روي "مخرجي" مخفف الياء على أنه مفرد غير مضاف (71) لجاز وجعل مبتدأ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر، كما تقول: أمخرجىِ بنو فلان؛ لأن "مخرجي" صفة معتمدة على استفهام، (72) مسندة إلى ما بعدها لأنه وإن كان ضميرًا فهو منفصل. والمنفصل من الضمائر [3 و]، يجري مجرى الظاهر.

(66) في ب: ترخيم. تحريف.

(67)

ينظر الكشاف 5/ 134 والجنى الداني، للمرادي ص 97 و 98.

(68)

هو أبو ذؤيب الهذلي. ينظر: ديوان الهذليين 1/ 2 وأوضح المسالك 2/ 238 ومعجم شواهد العربية 1/ 227.

(69)

د: فإذا.

(70)

د: لأن الخبر بالمعرفة عن النكرة دون مصحح لا يجوز.

(71)

غير مضاف: ورد في ب فقط.

(72)

خ: الاستفهام.

ص: 65

ومنه قول الشاعر. (73)

9 -

أمنجْزَ أنتمُ وعدًا وثقت به

أم اقتفيتم جميعا نهج عُرقوب

ومن هذا القبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم (أحيٌّ والداك). (74).

والاعتماد على النفي كالاعتماد على الاستفهام. ومنه قول الشاعر (75):

10 -

خليليً ما وافٍ بعهدي أنتما

إذا لم تكونا لي على من أُقاطع

(73) البيت مجهول القائل. ينظر: شرح الأشموني 1/ 190 و 2/ 293. ومعجم شواهد العربية 1/ 63.

(74)

صحيح البخاري 4/ 71.

(75)

البيت مجهول القائل، ينظر: شرح ابن الناظم ص 41 ومعجم شواهد العربية 1/ 223.

ص: 66

ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم (من يقم ليلة القدر إيمانًاواحتسابًا غفرله ما تقدم من ذنبه). (76)

وقول عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها (إنّ أبا بكر رجل أسيف، متى يقم مقامك رق)(77)

قلت: تضمن هذان الحديثان وقوع الشرط مضارعًا والجواب ماضيًا لفظًا لا معنى. والنحويون يستضعفون ذلك، ويراه بعضهم مخصوصًا بالضرورة. والصحيح الحكم بجوازه مطلقًا لثبوته في كلام أفصح الفصحاء، وكثرة صدوره عن فحول الشعراء، كقول نهشل بن ضمرة:(78)

11 -

يا فارس الحىّ يوم الروع قل علموا

ومدره (79) الخصم لا نِكسا ولا وَرعا (80)

ومدرك التبل في الأعداء يطلبه (81)

وما يُشأ عنده (82) من تبلهم منعا

وكقول أعشى قيس: (83)

(76) صحيح البخاري 1/ 16. وفي غير د (من يقم ليلة القدر غفر له).

(77)

في صحيح البخاري 4/ 182 (إنه رجل أسيف

). وفي نسخة: (متى يقوم

).

(78)

رواية البيتين في شعر نهشل بن حري ص 125 منقولين من وقعة صفين ص 267:

يا فارس الروع يوم الروع قد علموا

وصاحب العزم لا نكسا ولا طّبعا

ومدرك التبل في الاعداء يطلبه

وإن طلبت بتبل عنده منعَا

ولا شاهد فيه هنا.

(79)

أ: أو مدره. تحريف. والمدر: التقدم عند الخصومة والقتال.

(80)

ج: ودعا. تحريف. والورع: الجبان.

(81)

كذا في ب. وفي أج د: والاعداء تطلبه. والتبل: عداوة يُطلب بها.

(82)

أج: عندهم.

(83)

ديوانه ص 111 برواية "لما يرد

" وينظر شرح العمدة، لابن مالك ص 374.

ص: 67

12 -

وما يُرد من جميع بعدُ فرقه

وما يُرد بعدُ من ذي فُرقة جمعا

وكقول حاتم: (84)

13 -

وانك مهما تُعطِ بطنك سؤله

وفرجك نالا منتهَى الذم أجمعا

[وقبله:

أكف يدي عن أن ينالى التماسها

أكفّ صحابي حين حاجتنا معا

أبيت هضيم الكشح مضطرم الحشا

من الجوع أخشى الذم أن أتضلعا] (85)

وكقول رؤية: (86)

14 -

ما يُلقَ في أشداقه تلهما

إذا أعاد الزأر أو تنهم

ومثله: (87).

15 -

إن يسمعوا سَيئة (88) طاروا بها فرحًا

عني وما يسمعوا من صالح دفنوا

ومثله: (89)

16 -

إن تستجيروا أجرناكم وإن تهنوا

فعندنا لكم الانجادُ مبذولا (90)

ومثله: (91)

17 -

متى تأته ألفيته متكفلا

بنصرة مذعور وترفيه (92) بائس

(84) ديوانه ص 99 والجنَى الداني ص 550.

(85)

ما بين المعقوفتين ثبت في أفقط.

(86)

لم أقف في ديوانه على الرجز، وشطره الأول في تهذيب اللغة للأزهري 6/ 318 بدون نسبة.

(87)

البيت لقعنب بن ضمرة. معاني القرآن، للفراء 2/ 276 ومعجم شواهد العربية 1/ 393.

(88)

د: سيئا. تحريف.

(89)

لم أقف على الشاهد في كتاب.

(90)

في ج: مبذول. تحريف.

(91)

لم أقف على الشاهد في كتاب.

(92)

د: وترفيد.

ص: 68

ومثله: (93)

18 -

إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا

ملأتم أنفس الأعداء إرهابا

ومما يؤيد (94) هذا الاستعمال قوله تعالى {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} (95) فعطف على الجواب الذي هو"ننزل""ظلّت"(96) وهو ماضي اللفظ، ولا يعطف على الشيء غالبًا إلا ما يجوز أن يحل محله، وتقدير حلول "ظلت" محل "ننزل": إن نشا ظلت أعناقهم لما ننزل خاضعين.

[3 ظ] ولهذا الاستعمال أيضًا مؤيد من القياس. وذلك أن محل الشرط مختص بما يتأثر بأداهّ الشرط لفظًا أو تقديرًا (97) واللفظي أصل للتقديري. (98) ومحل الجواب محل غير مختص بذلك، لجواز أن يقع فيه جملة اسمية وفعل أمر أو دعاء (99) أو فعل مقرون بـ "قد" أو حرف تنفيس أو بـ "لن" أو بـ "ما" النافية.

فإذا كان الشرط والجواب مضارعين وافقا الأصل؛ لأن المراد منهما الاستقبال، ودلالة المضارع عليه موافقة للوضع، ودلالة الماضي عليه مخالفة للوضع. وما وافق الوضع أصل لما خالفه.

وإذا كانا ماضيين خالفا الأصل، وحسنهما وجود التشاكل

وإذا كان أحدهما مضارعًا والأخر ماضيًا حصلت الموافقة من وجه والمخالفة من وجه. وتقديم الموافق أولى من تقديم المخالف؛ لأن المخالف نائب عن غيره، والموافق ليس نائبًا، ولأن المضارع بعد أداة الشرط غير مصروف عما وضع له، إذ هو باق على الاسقبال والماضي بعدها (100) مصروف عما وضع له، إذ هو ماضي اللفظ

(93) قائل البيت مجهول. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم ص 273 ومعجم شواهد العربية 1/ 30.

(94)

د: يؤكد. تحريف.

(95)

الشعراء 26/ 4. وفي د. خاظعين. تحريف.

(96)

بـ: ضلت. تحريف.

(97)

في د: لفظًا وتقدير. تحريف.

(98)

بـ: والفظي أصل التقديري. تحريف.

(99)

ج: ودعاء. تحريف.

(100)

د: بعده.

ص: 69

مستقبل المعني، فهو ذو تغير (101) في اللفظ دون المعنى، على تقدير كونه في الأصل مضارعًا، فردّته الأداة ماضي اللفظ ولم تغيّر معناه. وهذا مذهب المبرد.

أو هو ذو تغيّر (102) في المعنى دون اللفظ، على تقدير كونه في الأصل ماضي اللفظ والمعنى، فغيرت الأداة معناه دون لفظه. وهذا هو المذهب المختار.

وإذا كان ذا تغيَّر (103) فالتأخر أولى به (104) من المتقدم؛ لأن تغيير الأواخر أكثر من تغيير الأوائل. (105)

(101) د: تغيير.

(102)

أج د: تغيير. تحريف.

(103)

ج د: تغيير. تحريف.

(104)

ب: فالتأخر به أولى.

(105)

بعدها في ب فقط: كملت.

ص: 70

ومنها قول أبى جهل لعنه الله تعالى لـ[أبي](106) صفوان (متى يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي، تخلفوا معك). (107)

قلت: تضمن هذا الكلام ثبوت ألف "يراك" بعد "متى" الشرطية. وكان حقها أن تحذف فيقال: متى يرك، كما قال الله تعالى {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا}. (108) وفي ثبوتها أربعة أوجه:

أحدها (109) - أن يكون مضارع "راء" بمعنى "رأى"(110) كقول الشاعر. (111)

19 -

إذا راءنى أبدى بشاشة واصل

ويألف شنآني إذا كنت غائبا

ومضارعه "يراءُ" فجزم فصار "يَرَأ"، ثم ابدلت همزته ألفًا، فثبتت موضع الجزم، كما ثبتت الهمزة التي هي بدل منها. ومثله {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} (112) في وقف (113)، حمزة وهشام. (114)

الثاني- أن تكون "متى" شبهت بـ "إذا" فأهملت، كما شبهت "إذا" بـ "متى"

فأعملت، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ وفاطمة رضي الله عنهما (إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا

(106) زيادة من صحيح البخاري 5/ 91 تصلح النص.

(107)

في متن البخاري 5/ 91 "متى يراك" وقال ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 286 (قوله: إنك متى يراك الناس، في رواية الكشمهينى وحده، متى ما يراك الناس بزيادة ما).

(108)

الكهف 18/ 39.

(109)

احدها: ساقط من ج.

(110)

في نوادر أبي زيد ص40 (وقال أبو الفضل الرياشي

وقوم من العرب يؤخرون الهمزة في رأى ونأى فيقولون راءَ وناءَ يا هذا).

(111)

لم أقف على قائل البيت.

(112)

النجم 53/ 36.

(113)

ج: قراءة. تحريف.

(114)

ينظر "وقف حمزة وهشام على الهمزة" في التيسير في القراءات السبع ص 37 وما بعدها.

ص: 71

أربعًا وثلاثين، وتسبحّا ثلاثًا وثلاثين، وتَحْمدا ثلاثًا وثلاثين). (115)

وهو في النثر نادر، وفي الشعر [4 و] كثير، [كقوله:(116)

20 -

وإذا تصبك خصاصة فارجُ الغنَى

وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب] (117)

ومن تشبيه "متى" بـ "إذا" وإهمالها قول عائشة رضي الله عنها (إن أبا بكر رجلٌ أسيف، وإنه (118) متى يقومُ مقامك لا يُسمعُ الناس) (119)

* * * * *

ونظير حمل "متى" على "إذا" وحمل "إذا" على "متى" حملُهم "إنْ" على "لو" في رفع الفعل بعدها، وحملُهم "لو" على "إن" في الجزم بها.

فمن رفع الفعل بعد "إن" حملًا على "لو" قراءة طلحة {فإمَّا تَرَيْنَ مِنَ البشر أحدًا} (120) بسكون الياء وتخفيف النون، فأثبت نون الرفع في فعل الشرط بعد "إن" مؤكدة بـ "ما" حملًا لها على "لو".

ومن الجزم بـ "لو" حملًا على "إنْ" قول الشاعر (121):

21 -

لوتعذ حين فَر قومك بي

كنت من الأمن في أعز مكان

ومثله (122):

22 -

لو يشأ طار به ذو مَيعةٍ

ْلاحقُ الآطالِ نهدٌ ذو خُصل

(115) صحيح البخاري 5/ 24. وفي نسخة (فكبرا

وسبحا

واحمدا

) وفي أخرى (فكبرا

وتسبحان

وتحمدان).

(116)

للنمر بن تولب. شعره ص 44 والجنى الداني ص 360.

(117)

ما بين المعكوفتين زيادة من ج د.

(118)

وانه: ساقط من ب.

(119)

صحيح البخاري 1/ 173. وفي نسخة "وإنه متى ما يقم

"

(120)

مريم 19/ 26.

(121)

لم أقف على الشاهد في كتاب.

(122)

البيت لعلقمة الفحل، ينظر: ديوانه ص 134 والأمالي الشجرية 1/ 333 ومعجم شواهد العربية 1/ 260.

ص: 72

ومثله قول الآخر (123):

23 -

تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت

إحدى نساء بني ذُهل بن شيبانا

الوجه الثالث- أن يكون أجرى المعتل مجرى الصحيح، فأثبت الألف واكتفى بتقدير حذف الضمة التي كان ثبوتها منويا في الرفع. ونظيره قول الشاعر (124).

24 -

وتضحكُ مني شيخة عبشمية

كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا

ومثله قول الراجز: (125)

25 -

إذا العجوزُ غضبت فطلّق

ولا ترضاها ولا تملّق (126)

ومن هذا على الأظهر قول النبي صلى الله عليه وسلم "من أكل من هذه الشجرة فلا يغشانا) (127)

وجعلً الكلام خبرًا بمعنى النهى جائز.

وأكثر ما يجرَى المعتل مجرى الصحيح فيما آخره ياءٌ أو واو. فمن ذلك قراءة قنبل {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} (128) وكذا قول الشاعر: (129)

26 -

ألم يأتيك والأنباء تنمي

بما لاقت لبون بني زياد

ومنه قول عائشة رضي الله عنها (إن يقم مقامك بيكي). (130) وقول رسول الله

(123) هو لقيط بن زرارة. ينظر: الجنى الداني ص 297 ومعجم شواهد العربية 1/ 382.

(124)

هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي. ينظر: سرّ صناعة الإعراب 1/ 88 ومعجم شواهد العربية 1/ 423.

(125)

هو رؤية. ملحقات ديوانه ص 179 وسر صناعة الإعراب 1/ 89 ومعجم شواهد العربية 1/ 423.

(126)

ج: "فطلقي

تملقي". تحريف.

(127)

صحيح البخاري 1/ 205.

(128)

يونس 12/ 90. وشظر: إتحاف فضلاء البشر ص 15 أو 267 والبحر المحيط 5/ 342.

(129)

هو قيس بن زهير. الكتاب 3/ 316 ومعجم شواهد العربية 1/ 123.

(130)

صحيح البخاري 1/ 172. وفي نسخة "يبكِ".

ص: 73

- صلى الله عليه وسلم في، إحدى الروايتين (مُروا أبا بكر فليصلي بالناس). (131)

ومن مجيئه فيما آخره واو قول الشاعر: (132)

27 -

هجوت زبّان ثم جئت معتذرًا

من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع

الوجه الرابع- أن يكون من باب الإشباع، فتكون الألف متولدة عن إشباع حركة الراء بعد سقوط الألف الأصلية جزمًا.

وهى لغة معروفة، أعني إشباع الحركات الثلاث وتوليد الأحرف الثلاثة بعدها. (133)

فمن ذلك قراءة أبي جعفر {سواءٌ عليهم آستغفرت لهم} (134) بمد الهمزة، والأصل "استغفرت" بهمزة وصل. ثم دخلت همزة الاستفهام فصار: "أاستغفرت، بالقطع والفتح والقصر (135) مثل {أصطفى البناتِ على البنين} (136) وسقطت همزة الوصل سقوطًا لا تقدير معه، كما يفعل بها بعد واو العطف وفائه، وأشبعت فتحة همزة الاستفهام فتولدت بعدها ألف، كما قالوا: بينا زيد قائم جاء عمرو، يريدون:(137) بين أوقات قيام زيد جاء عمرو، فأشبعت فتحة النون وتولدت الألف. وحكى الفراء عن بعض العرب (أكلت [4ظ] لحما شاة). (138) يريد: لحم شاة، فأشبع فتحة الميم وتولدت الألف.

ومن إشباع الفتحة قول الفرزدق (139):

(131) روى الحديث فى صحيح البخاري 1/ 160 و 163 و 164 و 172 بلفظين: الأول- فليصل، بأسكان اللام الأولى وحذف الياء. والثاني- فلِيصليَ، بكسر اللام الأولى وإثبات الياء مفتوحة. أما إثبات الياء ساكنة فهو مما لم أقف عليه عند غير ابن مالك. ولعل في الحديث لفظًا ثالثًا خرجه هو. وينظر أيضًا: فح الباري 2/ 345.

(132)

قائل البيت مجهول. ينظر: شرح المفصل 10/ 104 - 105 ومعجم شواهد العربية 1/ 230.

(133)

تفصيل الكلام على "الاشباع" في سر الصناعة 1/ 27 وما بعدها

(134)

المنافقون 63/ 6 وينظر المحتسب 2/ 322. ولأبي جعفر قراءة أخرى في هذه الآية ستذكر

فى البحث المرقم 28.

(135)

ج: بالقطع والقصر وبالفتح والقصر.

(136)

الصافات 37/ 153.

(137)

ج: وتريدون. تحريف

(138)

ينظر: المحتسب، لابن جني 1/ 258.

(139)

ديوانه 2/ 771.

ص: 74

28 -

فظلا يخيطان (140) الورَاق عليهم

بأيديهما من أكل شر طعام ومثلة: (141)

29 -

فأنت من الغوال حين تُرمَى

ومن ذمّ الرجال بمنتزاح ومثلة: (142)

30 -

أقول إذ خرت على الكلكال (143)

يا ناقتا ما جلت من مجال ومثل ذلك في الياء رواية أحمد بن صالح عن ورش {مالكي يوم الدين} . (144) ومنه قول الشاعر: (145)

31 -

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة

نفي الدراهيم (146) تنقاد الصياريف

ومثل ذلك في الواو قراءة الحسن رضي الله عنه {سأَوريكم دارَ الفاسقين} (147) بإشباع ضمة الهمزة ومثله رواية أحمد بن صالح عن ورش (148){إياك نعبدو وإياك نستعين} (149) بإشباع ضمة الدال. ومنه قول الشاعر: (150)

(140) ج: يخصان. تحريف.

(141)

البيت لإبراهيم بن هرمة. ديوانه ص 87 وسرّ صناعة الإعراب 1/ 29 ومعجم شواهد العربية 1/ 88.

(142)

البيت مجهول القائل: ينظر: الإنصاف 1/ 25 ومعجم شواهد العربية 2/ 527.

(143)

الكلكل والكلكال: الصدر من كل شىء.

(144)

الفاتحة 1/ 4. وينظرْ البحر المحيط 1/ 20.

(145)

هو الفرزدق. ديوانه 2/ 570 والكتاب 1/ 28 ومعجم شواهد العربية 1/ 240.

(146)

ب: الدراهم. تحريف.

(147)

الأعراف 7/ 145. وينظر: المحتسب 1/ 258.

(148)

عن ورش: سقط من أ.

(149)

الفاتحة1/ 5. والقراءة المشهورة "إياك نعبد

".

(150)

هو إبراهيم بن هرمة. ديوانه ص 118 وسرّ صناعة الإعراب 1/ 30 ومعجم شواهد العربية 1/ 165.

ص: 75

32 -

وأنتي حوثما يُشري الهوَى بصري

من حوثما سلكوا أثني (151) فأنظُورُو

[هكذا رواه ابن الأعراب "يشري" معجمة. أي: يقلق ويحرك]. (152) ومثله: (153)

33 -

عيطاءُ جماءُ العظام عُطبولْ

كأن في أنيابها القَرنفُولْ (154)

(151) د: ادنو، وهي رواية في البيت.

(152)

ما بين المعقوفتين ورد في أفقط. وينظر: المحتسب 1/ 259.

(153)

البيت مجهول القائل، ينظر: المحتسب 1/ 259 ومعجم شواهد العربية 2/ 518.

(154)

امرأة عيطاء: طويلة العنق جماء العظام: كثيرة اللحم. عُطبول: جميلة فتية ممتلئة.

ص: 76

ومنها قول سهل بن سعد (فأعطاه إياه) يعني القائل (ما كنت لأُوثر بنصيبى منك أحدًا)(155)

وقول هِرَقْل (كيف كان قتالكم إياه)(156).

وقول المرأة (يا رسول الله، إني نسجت هذه بيدي لأكسوكها)(157).

وقول رجل من القوم (يا رسول الله، اكسنيها)(158).

وقول القوم للرجل (ما أحسنت، سألتها إياه)(159).

قلت: في الحديث الأول والثاني استعمال ثاني الضميرين منفصلًا مع إمكان استعماله متصلًا.

والأصل أن لا يستعمل المنفصل إلا عند تعذر المتصل، كتعذره لإضمار العامل، (160) نحو {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (161) وعند التقديم، نحو:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (162) وعند العطف، نحو {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ} (163) وعند وقوعه بعد "إلا" وبعد واو المصاحبة، نحو قوله تعالى {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا

(155) صحيح البخاري 3/ 136 و 139.

(156)

صحيح البخاري 1/ 7 و 4/ 23 و 44.

(157)

رواية البخاري في 3/ 76 و 7/ 189 "أكسوكها" من غير لام. وفي 2/ 94 "قالت: نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها".

(158)

صحيح البخاري 3/ 76 و 7/ 189. وينظر أيضًا 2/ 94.

(159)

صحيح البخاري 3/ 76 و 7/ 189.

(160)

بـ: الفاعل. تحريف.

(161)

سورة البقرة 2/ 40.

(162)

الفاتحة 1/ 5.

(163)

النساء 4/ 131.

ص: 77

إياه) (164)، وكقول الشاعر (165):

34 -

فآليت لا أنفك أحذو قصيدة

تكون وإياها بها مثلًا بعدي

وإنما كان استعمال المتصل أصلًا لأنه أخصر وأبين:

أما كونه أخصر فظاهر (166).

وأما كونه أبين فلأن المتصل لا يعرض معه لبس أصلًا. والمنفصل قد يعرض به في بعض الكلام لبس. وذلك أنه لو قال قائل: إياك أخاف لاحتمل إن يريد إعلام المخاطب بأنه يخافه، ويحتمل أن يريد (167)، تحذيره من شيء وإعلامه بأنه خائف من ْذلك الشيء. فالكلام على القصد الأول جملة واحدة، وعلى القصد الثاني جملتان.

فلو قال (168) موضع "إياك أخاف" أخافك، لأمن اللبس.

وإذا علمت هذه القاعدة لزم أن يُعتذر عن جعل منفصل في موضع لا يتعذر فيه [5 و] المتصل.

فإن كان مع مباشرة العامل خص بضرورة الشعر ونسب إلى الضعف كقول الراجز، (169):

35 -

إني لأرجو محرزًا أن ينفعا

إياىِ لما صرت شيخًا قلِعا

وكذا المفصول بتاء التأنيث، كقول الفرزدق (170):

(164) يوسف 12/ 40.

(165)

هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين 1/ 159 والجمل للزجاجي ص 307 ومعجم شواهد العربية 1/ 109.

(166)

ج: فواضح.

(167)

يريد: ساقط من ج.

(168)

د: قلت. تحريف.

(169)

لم أقف على قائل الرجز. وهو من شواهد ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 403. وذكر في لسان العرب "قلع" 8/ 291.

(170)

ديوانه 1/ 264 والإنصاف 2/ 698 ومعجم شواهد العربية 1/ 183.

ص: 78

36 -

إني حلفتُ ولم أحلف على فندٍ

فناءَ بيتٍ من الساعين معمورٍ

بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت

إياهم الأرض في دهر الدهارير

وكذا المفصول بضميررفع- إذا لم يكن الفعل من باب "كان" - يجب إتصاله بالضمير الذي اسند إليه الفعل، نحوا {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (171) و {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (172).

ولا يجوز انفصاله إلا فى ضرورة، كقول الشاعر (173):

37 -

أما عطاؤك يا ابن الأكرمين فقد

جعلت إياه بالتعميم مبذولا

فإن كان الفعل من باب "كان" واتصل به ضمير رفع جاز في الضمير الذي الاتصال، نحو: صديقي كنتَه والانفصال نحو: صديقي كنت إياه.

والاتصال عندي أجود؛ لأنه الأصل وقد أمكن، ولشبه (174) كنت " فعلته".

فمقتضى هذا الشبه أن يمتنع "كنت إياه" كما يمتنع " فعلت إياه " فاذا لم يمتنع أقل من أن يكون مرجوحًا وجعله أكثر النحوين راجحا، وخالفوا القياس والسماع - أما مخالفة القياس فقد ذكرت.

وأما مخالفة السماع فمن قبل (175) أن الاتصال ثابت يْا أفصح الكتب المنثور (176)، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه (إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن

(171) سورة البقرة 2/ 3.

(172)

القصص 28/ 78

(173)

لم أقف على الشاهد في كتاب.

(174)

أ: ويشبة. تحريف.

(175)

د: قبيل. تحريف.

(176)

الشواهد التي سيذكرها ابن مالك، فيها ضمير النصب متصل بالفعل الناقص، قرره قبلُ وخْالف فيه "أكثر النحويين" هو اتصال ضمير النصب بعد ضمير الرفع بالضمة الناقص ، مثل: صديقي كنته.

ص: 79

يكنه (177) فلا خير لك في قتله). وكقول بعض العرب (عليه رجلًا ليسني)(178). وفي أفصح الكلام المنظوم كقول الشاعر (179):

38 -

لجاري (180)، من كانه عزة (181)

يخال ابن عم بها أو أجل

ومثله (182):

39 -

فإن لا يكنها أوتكنه فانه

أخوها غذته أمه بلبانها

ومثله (183):

40 -

كم ليث اعتن (184) لي ذا أشبل غرثت

فكأنني أعظم الليثين إقداما

ولم يثبت الانفصال إلا في شعر قليل، كقول الشاعر (185).

(177) لفظ البخاري في 2/ 112 أو 4/ 86 ومسلم في 4/ 2244: "

وإن / يكنه".

(178)

قاله بعضهم وقد بلغه إن انساناً يهدده. وعليه: اسم فعل بمعنى الأمر، ورجلا: مفعول به.

والمعى: ليلزم رجلًا غيري. ينظر: كتاب سيبويه 1/ 250 والتصريح على التوضيح1/ 110.

(179)

لم أقف على الشاهد في كتاب ولم يتضح لي معناه.

(180)

ج: بجاري.

(181)

أ: غرة، ج: غيره.

(182)

الببيت لأبي الأسود الدؤلي. ديوانه ص 82 والكتاب 1/ 4 (186) 6 ومعجم شواهد العربية1/ 400

(183)

البيت ذكره ابن مالك في شرح التسهيل1/ 64و 171.

(184)

ج: اغتن. وفي شرح التسهيل: اغتربي. ومعنى اعتن تعرض.

(185)

لم أقف على البيت في كتاب.

ص: 80

41 -

عهدت خليلي نفعُه متتابع

فإن كنتَ إياه فإياه كن حقًا (186)

والذي ينبغي أن يعلم في هذه المسألة أنه إذا تعلق بعامل واحد ضميران متواليان، واتفقا في الغيبة وفي التذكير أو التأنيث وفي الافراد أو التثنية أو الجمع. ولم يكن الأول مرفرعًا، وجب كون الثاني بلفظ الانفصال، نحو: فأعطاه إياه، ولو قال فأعطاهوه (187) بالاتصال لم يجز، لما في ذلك من استثقال توالي المثلين مع إيهام كون الثاني توكيدا (188) للأول.

وكذا لو اتفقا (189) في الافراد والتأنيث [5 ظ] نحو: أعطاها إياها، أو في (190) التثنية والجمع بصيغة واحدة، نحو: أعطاهما إياهما، وأعطاهم إياهم، وأعطاهن ، إياهن.

والاتصال في هذا وأمثاله ممتنع.

فلو اختلفا جاز الاتصال والانفصال، كقول بعض العرب: (هم أحسن

الناس وجوهًا وأنضرهموها) (191) رواه الكسائي. وكقول الشاعر (192):

42 -

لوجهكَ في الإحسان بسط وبهجة

أنا لهماه قفو أكرم والدِ (193)

(186) قول ابن مالك في هذا الشاهد لا علاقة بينه وبين الشواهد المتقدمة عليه؛ لأن "كان " هنا جاء مرفوعها ضمير رفع متصلًا بها في "فإن كنت إياه"أوتقدم المنصوب عليها في "فاياه كن حقا" فمن الحسن ن يكون خبرها ضمير نصب منفصلًا في الوضعين. أما الشواهد السابقة "لجاري من كانه " و "إن يكنه فلن" وغيرهما فإن مرفوعًا "كان" أما ضمير مستقر أو اسم ظاهر، فحسن فيها اتصال ضمير النصب الواقع موقع الخبر بها.

(187)

أ: فأعطاه هوه. تحريف.

(188)

ج: توكيدا.

(189)

ج: اتفقا توكيدا. تحريف.

(190)

في: ساقطة من ج.

(191)

شرح الألفية، لابن الناظم ص 25.

(192)

قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الألفية، لابن الناظم ص 25 ومعجم شواهد العربية 1/ 115.

(193)

القَفو: مصدر قولك: قفا يقفو. وهو أن يتبع الَشيءَ.

ص: 81

ومن الانفصال قوله صلى الله عليه وسلم (ما من الناس من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (194) إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم) (195).

فإن اختلفا وتقاربت الهاءان، نحو: أعطاهوها وأعطاهاه (196) ازداد إلانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا (197) من قرب الهاء من الهاء، إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو: أعطاهوها، وبالألف في نحو: أعطاهاه، بخلاف "أنضرهموها"، و "أنا لهماه" وشبهه.

ولترجيح الانفصال في نحو "أعطاهاه" جيء به دونَ الاتصال في قول القوم للرجل "ما أحسنت، سلتها إياه" ولم يقولوا: سألتهاه، ولو قيل لجاز.

فإن اختلف الضميران بالرتبة وقدم أقربهما رتبة جاز اتصال الثاني وانفصاله، نحو: أعطيتكه، وأعطيتك إياه.

والاتصال أجود، لموافقة (198) الأصل، ولان القرآن العزيز نزل به دون الانفصال، كقوله تعالى {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} (199).

وعليه جاء قول المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم "لأكسوكها". وقول الرجل له صلى الله عليه وسلم "اكسنيها"[وقول الخضر عليه السلام (يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه)](200).

وسيبويه يَرى الاتصال في هذه الأمثله ونحوها واجبا، والانفصال ممتنع (201).

والصحيح ترجيح الاتصال وجواز الانفصال. ومن شواهد تجويزه قول النبي صلى الله عليه وسلم

(فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم)(202).

ومما يراه سيبويه أيضًا أن ثاني الضميرين المنصوبين بـ "ظن" أو إحدى أخواتها

(194) لم يبلغوا الحنث: ساقط من أب.

(195)

الحديث في صحيح البخاري 2/ 119 برواية "ما من الناس مسلم

، وينظر أيضًا 5/ 88.

(196)

أ: وأعطاها هوه. تحريف.

(197)

ج: مخلصا.

(198)

بـ: لموافقته.

(199)

الأنفال 8/ 43. وفي بـ: واذ يريكم. تحريف.

(200)

صحيح البخاري 1/ 41. وما بين المعقوفتين ساقط من ب.

(201)

الكتاب 2/ 363 و 364.

(202)

لم أقف على الحديث فيما تيسر من كتب الحديث. وهو في شرح التسهيل لابن مالك 1/ 169 وشرح الألفية لابن الناظم ص 24.

ص: 82

يجوز اتصاله وانفصاله مع ترجيح الانفصال (203).

والصحيح عندي ترجيح الاتصال لموافقة الأصل، ولتشابه "ظننتكه" و "أعطيتكه".

فلو قدم الأبعد في الرتبة امتنع الاتصال ووجب الانفصال، نحو: أعطيته إياك، وحسبته إياك.

وأجاز المبرد إلاتصال في هذا النوع، كقولك: أعطيتهوك. وحكى سيبويه تجويز ذلك عن بعض المتقدمين، ورده بأن العرب لم تستعمله (204).

وقد روى أن عثمان رضي الله عنه قال (أن الباطل أراهمني شيطانًا)(205)، ففيه حجة للمبرد على سيبويه رحمهما الله تعالى.

وأما قول المترجم عن هرقل "كيف كان قتالكم إياه" ففيه انفصال ثاني الضميرين، ولو جعله متصلًا لجاز، كقول الشاعر (206):

[6 و] 43 - فلا تطمع أبيت اللعن فيها

ومنعكها بشيء يستطاع

(203) الكتاب 2/ 365 - 366.

(204)

في الكتاب (2/ 363 - 364)

فإن بدأ يالخاطب قيل نفسه فقال: اعطاكني، أو بدأ

بالغائب قبل نفسه فقال: قد أعطاهوني فهو قبيح لا تكلم به العرب، ولكن النحويين قاسوه).

(205)

في شرح التسهيل لابن مالك 1/ 168 "ولكن يعضد من أجاز القياس في ذلك ما رؤئ ابن الأنباري في "غريبه" من قول عثمان رضي الله عنه: اراهمني الباطل شيطانًا). وبهذا اللفظ رواه ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" 2/ 57. وينظر: شرح ابن عقيل 1/ 156 والتصريح 1/ 108.

(206)

ينسب البيت لقحيف اومخنف العجلي. وقيل لرجل من تميم سأله بعض الملوك فرسًا له مقال ذلك. ينظر: شرح الألفية لابن الناظم ص 24 ومعجم شواهد العربية 1/ 225.

ص: 83

ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلِى)(207).

قلت: تضمني هذا الحديث ضمير غيبة مضافا إليه "سبيل" وضميري حضور، أحدهما في موضع جر بالباء، والآخر في موضع جر بإضافة "رسل".

وكان اللائق في الظاهر أن يكون بدل الياءين هاءان، فيقال: انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إِيمان به وتصديق برسله. فلو قيل هكذا لكان مستغنيا عن تقدير وتأويل.

لكن مجيئه بالياء يحوج إلى التأويل (208)؛ لأن فيه خروجًا من (209) غيبة إلى حضور، على تقدير اسم فاعل من "القول" منصوب على الحال، محكى به النافي والمنفي وما يتعلق به. كانه قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلاً: لا يخرجه إلا إِيمان بي وتصديق (210) برسلي.

والاستغناء بالمقول النائب (211) عن القول المحذوف، حالًا وغير حال كثير.

فمن حذفه وهو حال قوله تعالى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} (212). أي: قائلين ربنا تقبل منا. ومثله {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} (213) أي: قائلين سلام عليكم. ومثله

(207) صحيح البخاري 1/ 17.

(208)

(تبسط ابن مالك في توجيه ما في الحديث الشريف من خروج من ضمير الغيبة إلى ضمير الحاضر من الوجهة النحوية واللغوية، وتمحل التأويل الطويل، والذي أراه أن الحديث هو من باب "الالتفات" الذي يعقد له أصحاب البلاغة المباحث في كتبهم موضحين هذا الاسلوب من الوجهة المعنوية والجمالية. ينظر على سبيل المثال: المثل السائر، لابن الأثير 2/ 170 - 191 ..

(209)

بـ ج: عن.

(210)

ج: أو تصديق. تحريف.

(211)

أ: الثابت. ج: الغائب. تحريف.

(212)

سورة البقرة 2/ 127.

(213)

الرعد 13/ 23 - 24.

ص: 84

{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} (214) أي قائلين.

ومن حذفه وهو غيرحال قوله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (215) أي: فيقال لهم: أكفرتم. ومثله {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (216) أي: يقولون: ما نعبدهم.

ويجوزأن تكون الهاء من "سبيله" عائدة على "من" ولـ "سبيله" نعت محذوف، كانه قيل: انتدب الله لمن خرج في سبيله المرضية، التي نبه عليها بقوله {إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (217) وبقوله تعالى {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} (218).

فإن النعت يحذف كثيرا إذا كان مفهومًا من قوة الكلام، كقوله تعالى {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} (219). أي: إلى معادٍ أي معادٍ أو: إلى معادٍ تحبه. وكقوله: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} (220)، أي: قومك المعاندونْ.

ثم اضمر بعد "سبيله" قول حكي به ما بعد ذلك، لا موضع له من الاعراب.

(214) غافر 7/ 40.

(215)

آل عمران 3/ 106.

(216)

الزمر 3/ 39.

(217)

الفرقان 25/ 57.

(218)

الإنسان 3/ 36.

(219)

القصص 28/ 85.

(220)

الأنعام 6/ 66.

ص: 85

ومنها قول عائشة رضي الله عنها في باب المحصب (انما كان منزل ينزله النبى (221) صلى الله عليه وسلم) (222)، تعني المحصب (223) [قلت: في رفع "منزل " ثلاثة أوجه:

أحدها- أن تجعل "ما" بمعنى (الذي) واسم "كان" ضمير يعود على "المحصب"] (224) فإن هذا الكلام مسبوق بكلام ذكر فيه (المحصب). فقالت أم المؤمنين رضي الله عنها: إن الذي كانهُ المحصَب منزل ينزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حذف خبر (كان) لأنه ضمير متصل كما يحذف المفعول به إذا كان ضميرا متصلًا ويستغني بنيته. كقولك: زيد ضرب عمرو. تريد: ضربه عمرو.

ومن حذف الضمير (225) المتصل خبرًا ل (كان) قول الشاعر (226):

44 -

فأطعمنا من لحمها وسديفها

شواءً، وخيرالخير ما كان عاجله.

أراد: وخير الخيرالذي كأنَه عاجلُه. ومثله- قول الآخر (227)،:

45 -

أخ مخلص وافٍ صبورٌ محافظ

على الود والعهد الذي كان مالك

(221) في المخطوطات: رسول الله. وما اثبته هو لفظ البخاري.

(222)

صحيح البخاري 2/ 211. وفي نسخة" منزلًا"، بالنصب.

(223)

تعنى المحصب: ساقط من ج.

(224)

ساقط من بـ.

(225)

د: المضمر.

(226)

قائل البيت مجهول. ينظر: المفاصد النحوية، للعينى 4/ 124 ومعجم شواهد العربية 1/ 288.

(227)

قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الأشموني على الألفية 1/ 171 ومعجم شواهد العربية

ص: 86

[6 ظ] أراد: الذي كانَه مالك، و "الذي" وصلته مبتدأ، وقد أخبر عنه (228) بخمسة أخبار متقدمة (229).

ومثل هذا البيت في الاكتفاء بنية الخبر عن لفظه قوله (230):

46 -

شهدت دلائل جمة لم أحصها

أن المفضل لن يزالَ عتيق

أراد: لن يزاله (231)

وأجاز أبو علي الفارسي أن يكون من هذا القبيل قول الشاعر (232):

47 -

عدو عينيك وشانيهما

أصبح مشغولٌ بمشغول

على أن يكون التقدير: أصبحه مشغول بمشغول. وأجاز أيضاً أن تكون "أصبح" زائدة.

ومما يتعين كونه من هذا النوع قول النبي صلى الله عليه وسلم (أليس ذو الحجة)(233) بعد قوله (أى شهر هذا)، والأصل: أليسَه ذو الحجة.

ويمكن أن يكون مثله قول أبى بكر رضي الله عنه (بأبي، شبيهٌ بالنبى، ليس شبيه بعليٍ (234).

الوجه الثاني- أن تكون "ما" كافة (235)، ويكون "منزل" اسم "كان" وخبرها

(228) بـ: عنها. تحريف.

(229)

الذي أراه من ظاهر ألفاظ البيت أن لفظ "الذي" صفة لـ "العهد". ولفظ "أخ" وما بعده- خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هو.

(230)

لم أقف على البيت في كتاب.

(231)

الأولى أن يكون "عتيق" خبر "أن" و" لن يزال" اعتراضًا بين الأسم والخبر.

(232)

لم أقف على قائل البيت. ينظر: شرح الأشموني 1/ 241 ومعجم شواهد العربية 1/ 322

(233)

صحيح البخاري 2/ 206 ورُوي في 5/ 224 بلفظ "ذو" ولفظ "ذا" بالرفع والنصب.

ورُوي في 1/ 27 بلفظ "أليس بذي الحجة".

(234)

صحيح البخاري 5/ 33. وفي نسخة منه "ليس شبيها".

(235)

من (الوجه) إلى هنا مطموس في ب.

ص: 87

ضمير عائد على"المحصب"، فحذف الضمير، واكتفي بنيته على نحو ما تقرر في الوجه الأول.

لكن في الوجه الأول تعريف الاسم والخبر، وفي هذا الوجه تعريف الخبر وتنكير الاسم، إلا أنه نكرة مخصصة بصفتها، فسهل ذلك كما سهل في قول الشاعر (236):

48 -

قفي قبل التفرق يا ضباعا (237)

ولايك موقف منك الوداعا

ف "منك" صفة لـ " وقف" قربته من المعرفة، وسهلت كون الخبر " آلوداع"(238).

على (239) أنه لوكان اسم "كان" نكرة محضة. وخبرها معرفة محضة (240) لم يمتنع، لشبههما بالفاعل والمفعول. ومن شواهد ذلك قول حسان رضي الله عنه (241):

49 -

كأن سيئة من بيت رأس

يكون مزاجَها عسلَ وماءَ

فجعل "مزاجَها" خبرًا، وهو معرفة محضة، و"عسل" اسماة وهو نكرة محضه، ولم تحوجه ضرورة، لتمكنه من أن يقول: يكونُ مزاجُها عسلَ (242) وماء، فيجعل اسم "كان" ضمير "سبيئة" و "مزاجُها عسل" مبتدأ وخبر في موضع نصب بـ "كان".

الثالث- أن يكون "منزل" منصوبًا في اللفظ، إلا أنه كتب بلا ألف على لغة

(236) هو القطامي. ديوانه ص 17 والكتاب 1/ 243 ومعجم شواهد العربية 1/ 213.

(237)

اسم علم منادى مرخم.

(238)

د: الوداعا.

(239)

ج: وعلى. تحريف.

(240)

سقط من ج: وخبرها معرفة محضة.

(241)

ديوانه ص 3 والكتاب 1/ 49 ومعجم شواهد العربية 1/ 20.

(242)

بـ: علا. تحريف.

ص: 88

ربيعة (243)، فانهم يقفون على المنصوب المنون بالسكون وحذف التنوين بلا بدل كما يفعل أكثر (244) العرب في الوقف على المرفوع والمجرور.

وانما كتب المنون المنصوب بالألفط لأن تنوينه (245) يبدل في الوقف ألفًا، فروعي جات الوقف كما روعي في (246)"أنا"فكتب بألف (247) لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا [بحذفها وصلًا، وكما روعي في ":مُسلمة" ونحوه (248)، فكتب بالهاء لثبوتها وقفًا، ولم يبالوا](249) بثبوتها في الوصل تاء. وكما (250) روعي في "به" و"له" ونحوهما، فكتبا بلا ياء ولاواو كلما يوقف عليهما. ولوروعي فيهما جانب الوصل لكتبا بياء وواو (251).

فمن لم يقف على المنون المنصوب بألف استغنى عنها في الخط؛ لأنها على لغته ساقطة وصلًا ووقفًا (252).

(243) ذكر هذه اللغة ابن جني في الخصائص 2/ 97 من غير عزو ال قوم. وقال الألوسي في الضرائر ص 63 (ونسبها ابن مالك ال ربيعة).

(244)

أكثر: ساقطة من بـ.

(245)

د: ثبوته، بـ: المنون المنصوبات بالالاف لا تنوينه، تحريف.

(246)

في: ساقطة من في.

(247)

ج د: بالألف.

(248)

بـ: غيره ومخوه، تحريف.

(249)

ساقط من د.

(250)

ج: كلما، بإسقاط الواو.

(251)

بـ: بباء واو. تحريف.

(252)

ج: وقفا ووصلا.

ص: 89

ومنها أن بعض الصحابه رضي الله عنهم سئل: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أربع. كذا في بعض النسخ برفع "أربع". وفي بعضها بالنصب (253).

قلت: الأكثر في جواب الاستفهام بأسمائه مطابقة اللفظ والمعنى. وقد يكتفى بالمعنى في الكلام الفصيح.

فمن مطابقة اللفظ والمعنى قوله تعالى {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى} و (254). و {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ} (255){قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (256). وكذا {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} (257) بعد "مَن" الثانية والثالثة، وهى قراءة أبي عمرو (258).

[ومن مطابقة المعنى وحده قوله تعالي {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} بعد "من" الثانية- والثالثه في قراءة غير أبي عمرو (259)]، وقوله تعالى {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} (260) وقوله {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} (261)

(253) أورد البخاري في صحيحه 3/ 3 الجواب في حديثين، أحدهما مسند إلى عبد الله بن عمر، والثاني إلى أنس رضي الله عنهما، وأورده في 5/ 181 مسندًا إلى عبد الله بن عمر بلفظ "أربعًا" فقط.

(254)

طه 20/ 49 و 50.

(255)

طه 20/ 17 و 18.

(256)

و (257){قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} . المؤمنون 23/ 84 - 89.

(258)

التيسير في القراءات السبع ص 160 وقراءة غيرأي عمرو من السبعة ذكرتها في الحاشية المتقدمة.

(259)

تنظر الحواشي الثلاث المتقدمة. وما بين المعقوفتين ساقط من بـ.

(260)

{قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ} . طه 20/ 95 - 96.

(261)

{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} الأعراف 7/ 12.

ص: 90

ومن هذا النوع قول القائل (بلى وِجاذًا) حين قيل له: (أما في (262) مكان كذا وَجْذ) (263). ولو قصد تكميل المطابقة لرفع وقال: بل وجاذ.

ومن الاكتفاء بالمعنى قوله عليه السلام (أربعين يومًا) حين قيل له: (ما لُبثه في الأرض)(264) فأضمر "يلبث" ونصب به "أربعين" ولو قصد تكميل المطابقة لقيل (265): "أربعون يوما" بالرفع؛ لأن الاسم المستفهم به في موضع رفع.

فعل ما قررته: النصب والرفع في "أربع" بعد السؤال عن الاعتمار جائزان (266)، إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر.

ويجوز أن يكون كتب على لغة ربيعة، وهو في اللفظ منصوب كما تقدم في ثالث من أوجه "إنما كان منزل"(267)]، ويجوز أن يكون المكتوب بلا ألف (268) منصوبا غير منون، على نية الاضافة، كانه قال: أربع عُمر، فحذف المضاف إليه وترك المضاف على ما كان عليه من حذف التنوين، ليُستدل بذلك على قصد الإضافة.

وله نظائر (269):

منها قراءة ابن محيصن {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} (270) بضم الفاء دون تنوين، على تقدير: لا خوفُ شى (271).

ومنها ما روَى بعض الثقات من قول بعض العرب {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} ) بضم الميم دون تنوين.

(262) في: ساقطة من ج. وفي ب د: أفي. تحريف.

(263)

كتاب سيبويه 1/ 255 - 256. والوَجذ: موضع يمسك الماء .. جمعه: وجاذ.

(264)

المسند 4/ 181. والرواية في سنن أبي داود 2/ 431: " أربعون يومًا".

(265)

ج: نفال. تحريف.

(266)

ج: جائز. تحريف.

(267)

ينظرآخر البحث رقم (6) المتقدم. وما بين المعقوفتين ساقط من ب.

(268)

ب: المكتوب بالألف. تحريف.

(269)

ب: نضائر. تحريف.

(270)

سورة البقرة 2/ 38. وينظر: إتحاف فضلاء البشر 134 وتفسير ابن عطية 1/ 248 والبحر المحيط 1/ 169.

(271)

ب: بيني ، تحريف.

ص: 91

ومنها على أصح. المذهبين قولُ الشاعر (272):

50 -

أقولُ لما جاءني فخره

سبحانَ مِن علقمة الفاخر

أراد: سبحان الله، فحذف (273) وترك المضاف على ما كان عليه.

ومنها قول الشاعرّ (274):

51 -

أكالئها حتي أعرسَ بعد ما

يكونُ سُحَيراً أو بُعَيدَ فأهجعا (275)،

أراد: أو بعيد سحير، فحذف وترك المضاف على ما كان عليه قبل الحذف (276). ومثله قول الآخر (277):

52 -

وإنَّ زمانًا فرق الدهر بيننا

وبينكمُ فيه لحق مَشوم

أراد: لحقه مشوم، فحذف المضاف إليه وترك (278) المضاف على ما كان عليه.

(272) هو الأعشى. ديوانه ص 143 والكتاب 1/ 324 ومعجم شواهد العربية 1/ 191.

(273)

ج: فحذف المضاف إليه.

(274)

هو سويد بن كراع يصف تنقيحه شعره وقوافيه. والشاهد في معاني القرآن، للفراء 2/ 230 برواية: أكابدها. وفي البيان والتبيين 2/ 12 برواية "أو بعيداً" ولا شاهد فيه حينئذ.

(275)

أكالئها: اراقبها. والتعريس: النزول في آخر الليل.

(276)

قبل الحذف: ساقط من د.

(277)

لم اتف على قائل اليت في كتاب.

(278)

وترك: مكررة في ب.

ص: 92

ومثله قولُ. الآخر (279):

53 -

سقى الأرضين الغيث (280) سهل وحزنها

فنيطت غرى الامال بالزرع والضرع

أراد: سهلها وحزنها، فحذف الثاني وترك الأول مهيئاً بهيئة الإضافة، لتعلم ولا تجهل.

(279) قائل البيت مجهول. وشطره الأول في ابن عقيل 2/ 79 والأشموفي 2/ 274. وينظر: معجم شواهد العربية 1/ 229.

(280)

ب: غيث. تحريف.

ص: 93

[7ظ] ومنها قول عبد الله بن أبي قتادة رضي الله عنهما (أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم)(281).

وقول أبي هريرة رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كل أمتي معافى

إلا المجاهرون) (282).

قلت: حق المستثنى ب "إلا" من كلام تام موجب أن ينصب، مفردًا (283) كان أو مكملَا معنا. بما بعده.

فالمفرد نحو قوله تعالى {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (284).

والمكمل معناه بما بعده نحو قوله تعالى {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ} (285).

ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين (286) في هذا النوع إلا النصب. وقد أغفلوا وروده مرفوعاَ بالابتداء ثابت الخبر ومحذوفه. فمن الثابت الخبر قول ابن أبي قتادة "أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم". ف "إلا" بمعنى "لكن" و "أبو قتادة" مبتدأ.

و"لم بحرم "خبره.

ونظيره من كتاب الله تعالى قراءة ابن كثير وأبى عمرو: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ " (287) ف "امرأتك" مبتدأ، والجملة بعده خبره (288)

(281) صحيح البخاري 3/ 15. وفي نسخة "أبا قتادة". وسقط من ب (رض الله عنهما أحرموا

كلهم إلا أبو قتادة).

(282)

فى صحيح البخاري8/ 24: إلا المجاهرين. وقال ابن حجر فى فتح الباري 13/ 97) (وفى

رواية النسفى: إلا المجاهرون، بالرفع).

(283)

ج: منفردا. تحريف.

(284)

الزخرف 43/ 67.

(285)

الحجر 15/ 59.

(286)

د: ولا يعرف أكثر النحويين المتأخرين من البصريين.

(287)

هود 11/ 81. وقبلها {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}

) وقرأ غير ابن كثير وأبى عمرو من السبعة بنصب "امرأتك". التيسير في القراءات السبع ص هـ 12.

(288)

د: خبر. تحريف.

ص: 94

ولا يصح أن تجعل "امرأتك" بدلًا من "أحد" لأنها لم تسر معه، فيتضمنها ضمير ألمخاطبين. ودل على أنها لم تسر معه قراءة النصب، فإنها أخَرجتها من أهله (289) الذين أمر أن يسري بهم. وإذا لم تكن في الذين سُري بهم لم يصح أن تبدل من فاعل "يلتفت" لأنه بعض ما دل عليه الضمير المجرور ب "من".

وتكلف بعض النحويين الإجابة عن هذا بأن قال: لم يُسرَ بها ولكنها شعرت بالعذاب فتبعتهم ثم التفتت فهلكت.

وعلى تقدير صحة هذا فلا يوجب ذلك دخولها في المخاطبين بقوله "ولا يلتفت منكم أحد".

وهذا والحمد لله بين، والاعتراف بصحته متعين.

ومن المبتدأ الثابت الخبر بعد"إلا" ما في (290)"جامع المسانيد"(291) من قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما للشياطين من سلاح (292) أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجون، أولئك

المطهرون المبرؤون من الخنا (293).

وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ} (294). ومن أمثلة سيبويه في هذا النوع (لأفعلن كذا إلا حله (295) أن أفعل كذا (296) ومن الابتداء بعد (إلا) المحذوف (297) الخبر [قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تدري نفس

(289) اهله: ساقط من ب.

(290)

ج: ما جاء في.

(291)

جامع المسانيد بألخص الأسانيد. كتاب جليل في الحديث الشريف لابن الجوزي المتوفْى سنة 597 هـ. تنظر مخطوطاته في كتاب "مؤلفات ابن الجوزي" ص. 9. وجاء في نسخة أب: "المسانيد" وما أثبته هو المشهور المعروف.

(292)

سلاح. ساقط من ب.

(293)

ب: الخطأ. تحريف.

(294)

الغاشية 88/ 23 و 24. وقبل الشاهد "لست عليهم بمصيطر".

(295)

ج: جله. تصحيف.

(296)

عبارة الكتاب 2/ 342) ومثل ذلك قول العرب: والله لأفعلنْ كذا وكذا إلا جل ذلك أن

أفعل كذا وكذا).

(297)

أ: لمحذوف. ب د: محذوف. وما أثبته من ج.

ص: 95

بأي أرض تموت إلا الله) (298) أي: (299) لكن الله. يعلم باي (300) أرض تموت كل نفس.

ومن ذلك] (301) قول النبي صلى الله عليه وسلم "كل امتي معافى إلا المجاهرون). أي: المجاهرون (302) بالمعاصي لا يُعافون.

وبمثل هذا تأول الفراء قراءة بعضهم {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (303) أي: إلا قليل منهم لم يشربوا (304).

ومثله قول الشاعر (305):

54 -

لدم ضائع تغيب عنه

أقربوه إلا الصبا والدبور

أي: لكن الصبا والدبورُ لي يتغيبا عنه، ومثله قول الآخر (306):

55 -

عرفت الديار كرقم الوحيْ (307)

يزبرها الكاتب الحميريْ

(298) صحيح البخارى في 9/ 142.

(299)

أى: ساقطة من ج.

(300)

أ: يعلم أى. تحريف.

(301)

ما بين المعقوفتين ثبت في ب بعد الشاهد (54) بعد قول المؤلف (لم يتغيبا عنه). وماأثبته هو

الوارد في المخطوطات الأخرى.

(302)

د: المجاهرون منهم.

(303)

سورة البقرة 2/ 249، وهي قراءة عبد الله وأبى وألاعمش ينظر. البحر المحيط 2/ 266.

(304)

ذكرالفراء في معاني القرآن 1/ 166 القراءة ولم يبد رأيه فيها.

(305)

هو أبو زبيد الطائى. ينظر شرح ابن الناظم ص 117 ومعجم شواهد العربية 1/ 172 ورواية الديوان ص 34 نقلًا من "المعانى الكبير" لابن قتية 2/ 1023:

من دمٍ ضائعٍ تغيب عنه

أقربوه إلا الصدى والجيوب

(306)

هو أبو ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين1/ 64و65 والبيت الثاني في المفصل ص5.وبين

البيتين فى ديوان الهذليين ثلاثة آبيات أخرى.

(307)

فى ديوان الهذلِيين: كرقم الدواة. والرقم،: الخط.

ص: 96

على "أطرقا" باليات الخيا

مِ إلا الثمام وإلا العصى (308)

أي: إلا الثمامُ والعصي لم تَبلَ (309).

وللكوفيين في هذا الذي يفتقر إلى تقدير مذهب آخر، وهو إن يجعلوا "إلا" حرف عطف، وما بعدها معطوف على ما قبلها (310).

(308) أطرقا: موضع. وانما اراد: عرفت الديار على أطرقا. الثمام شجر تعمل منه الخيام.

العصي: خشب بيوت الأعراب.

(309)

في ديوان الهذليين 1/ 66: قال ابن الأعرابي: أراد: الا الثامُ وإلا العصى فانهما لم يبليا.

(310)

ينظر: الإنصاف 1/ 266. المسألة 35.

ص: 97

ومنها وقوع المبتدأ نكرة محضة بعد "إذا" المفاجأة وبعد واو الحال ، كقول بعض الصحابة رضي الله عنهم (إذا رجل يصلي)(311).

[8و] وكقول عائشة رضي الله عنها (ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرمةٌ على

النار) (312).

ومثله: (فدخل وحبل ممدود)(313).

قلت: لا يمتنع الابتداء بالنكرة على الإطلاق، بل إذا لم يحصُل بالابتداء (314) بها فائدة، نحو: رجل (315) تكلم، وغلام احتلم، وامرأة حاضت. فمثل (316) هذا من الابتداء (317) بالنكرة قرينة تتحصل (318) بها الخلوه من الفائدة، إذ لا تخلو الدنيا من رجل يتكلم، ومن غلام يحتلم، ومن (319) أمرأة تحيض.

فلو اقترن بالنكرة قرينة تتحصل (320) بها الفائدة جاز الابتداء بها.

فمن القرائن التي تتحصل بها الفائدة الاعتمادُ على " إذا" المفاجأة كقولك: انطلقت فإذا سبع في الطريق، أتيت زيدًا فإذا رجل يخاصمه. ومنه قول الصاحب

(311) في صحيح البخاري 2/ 78 (حدثنا الأزرق بن قيس قال

فبينا انا على جرف نهرٍ إذا رجلَ يصلي). وفي نسخة "إذجاء رجل يصلي".

(312)

صحيح البخاري 7/ 11.

(313)

ليس في صحيح البخاري حديث بهذا اللفظ. والموجود في 2/ 64 (عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبلَ ممدود بين الساريتين). والشاهد فى صحيح مسلم 1/ 542 بلفظ (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وحبل ممدود

). وهو من كلام أنس أيضا ..

(314)

كذا في د. وفي المخطوطات الأخرى: الابتداء، بدون باء.

(315)

ج: كرجل. تحريف.

(316)

ج: مثل. بدون فاء. تحريف.

(317)

الابتداء: ساقط في ب.

(318)

أب: يمنع.

(319)

من: ساقط من ج.

(320)

ج: تحصل.

ص: 98

رضي الله عنه "إذا رجل يصلي". ومنه قول الشاعر (321):

56 -

حسبتك فى الوغَى مِردَى (322) حروب

إذا خَور لديك فقلت سحقًا

وكذا الاعتماد على واو الحال، كقولك: انطلقت وسبع في الطريق، وأتيت فلانًا ورجل يخاصمه. ومنه قوله تبارك وتعالى {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (323).

ومنه "ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرمة على النار" و "دخل وحبل ممدود". ومنه قول الشاعر (324):

ْ57 - سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدأ

محياك أخفى ضوؤه كل شارق

وكذا الاعتماد على "لولا" كقول الشاعر (325):

58 -

لولا اصطبارٌ لأودَى كل ذي مِقةٍ

حين استقلتْ مطاياهن للظعن

وكذا كون النكرة معطوفة أو معطوفًا عليها.

فالمعطوفة (326) كقول الشاعر (327):

(321) قائل البيت مجهول، ينظر: شرح الأشموني 1/ 206 ومعجم شواهد العربيهْ 1/ 243

(322)

ب: من ذي. تحريف.

(323)

آل عمران 3/ 154: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}

(324)

قائل البيت مجهول. ينظر شرح الألفية، لابن الناظم ص 45 ومعجم شواهد العربية

(325)

قائل البيت مجهول. ينظر: شرح إلأشموني 1/ 207 ومعجم شواهد العربية 1/ 402.

(326)

ج: فالمعطوف. تحريف.

(327)

قأئل البيت مجهول، ينظر: المغني 2/ 521 برمعجم شواهد العربية 1/ 213.

ص: 99

59 -

مني اصطبار (328) وشكوى من معذبتي

فهل باعجب من هذا امرُؤ سمعا

والمعطوف (329) عليها كقوله تعالى {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} (330) على أن يكون

التقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما.

وإنما ذكرت من القرائن ما يناسب "إذا" والواو في كون النحوين لا يذكرونه، ولم أقصد استقصاءها، إذ لا حاجة (331) إلى ذلك في هذا المختصر.

(328) ج: اصطباري. تحريف.

(329)

د: المعطوفة. تحريف.

(330)

محمَّد 47/ 21.

(331)

ب: لا حاجة لي.

ص: 100

ومنها قول أبي برزة (332) رضي الله عنه (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

سبع غزوات أو ثماني) (333).

قلت: الأجود أن يقال: سبع غزوات أو ثمانيًا، بالتنوين؛ لأن لفظ "ثمان" وإن كان كلفظ "جوارٍ" في أن ثالث حروفه ألف بعدها حرفان ثانيهما ياء، فهو يخالفه في أن "جواري" جمع، و "ثمانيا" ليس بجمع.

واللفظ بهما في الرفع والجر سواء، ولكن تنوين "ثمان" تنوين صرف كتنوين "يمان"(334) وتنوين "جوار" تنوين عرض، كتنوين "أُعَيْم"(335).

وإنما يفترق لفط "ثمان" ولفظ "جوارٍ" في النصب، فإنك تقول: رأيت جواري ثمانيًا، فتترك تنوين "جوار" لأنه غير منصرف- وقد استغنى عن تنوين العوض بتكمل لفظه- وتنون "ثمانياً" لأنه منصرف، لانتفاء الجمعية.

ومع هذا ففي قوله "أو ثماني"، بلا تنوين ثلاثة أوجه:

أحدها -وهو أجودها، أن يكون إ اد: أو ثماني غزوات، ثم حذف المضاف إليه وأبقَى المضاف على ما كان (336) عليه قبل الحذف، وحسن الحذفُ دلالة ما تقدم (337) من مثل المحذوف، مثله قول الشاعر (338):

60 -

خمسُ ذودٍ أوست عُوضتُ منها

مئة غيرَ أبكرٍ وإفالَ، (339)

(332) ب: هريرة. تحريف.،

(333)

لفظ البخاري 2/ 78) غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمان).

وجاء في نسخة بلفظ "ثماني" وبلفظ "ثمانيًا"، وفي فتح الباري 3/ 324 "أو ثماني".

(334)

ب: ثمان. تصحيف.

(335)

أُعيْم: تصغير أعمى، غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرًا، تقول: هذا أعيم ومررت بأعيم، ورأيت أعيمي. والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في ْنحو: جوارٍ. ينظر: شرح الأشموني 3/ 273.

(336)

ب: على ما هو.

(337)

ج: ما تقدم عليه.

(338)

لم أقف على البيت في كتاب.

(339)

الافال: صغار الإبل، بناتُ مخاض ونحوها.

ص: 101

وهذا من الاستدلال بالمتقدم على المتأخر، وهو في غير الاضافة كثير (340) كقوله تعالى {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} (341).

والأصل: والحافظات فروجهنَ، والذاكرات الله كثيرًا.

الوجه الثاني- أن تكون الاضافة غير مقصودة، وترك تنوين "ثمان" لمشابهته "جواريَ" لفظًا ومعنى.

أما اللفظ (342) فظاهر.

وأما المعنى فلأن "ثمانيا" وإن لم يكن له [8و]، واحد من لفظه، فإن مدلوله جمع (343).

وقد اعتبر مجرد الشبه اللفظي في "سراويل" فأجري مجرى "سرابيل" فلا يستبعد اجراء "ثمانٍ" مجرى "جوارٍ". ومن اجرائه مجراه قول الشاعر:

61 -

يحدو ثمانيَ مولعًا بلَقاحها ...... (344)

الوجه الثالث- أن يكون في اللفظ" ثمانيا" بالنصب والتنوين، إلا (345) أنه كتب على اللغة الربعية (346)، فانهم يقفون على المنون المنصوب بالسكون، فلا يحتاج الكاتب على لغتهم إلى ألف؛ لأن من أثبتها في الكتابة لم يراع إلا جانب الوقف، فإذا كان يحذفها في الوقف كما يحذفها في الوصل لزمه أن يحذفها خَطًا.

وقد تقدم الكلام على هذا بأكمل بيان (347).

(340) ب: كثيرة. تحريف.

(341)

الأحزاب 33/ 35.

(342)

ج: لفظًا. تحريف.

(343)

د: جماعة. تحريف.

(344)

تمام البيت "حتى هممن بزيغَة الأرتاج". وقائله ابن ميادة، ينظر: شعره ص 91 والكتاب 3/ 231 ومعجم شواهد العربية 1/ 79. والزيغة: مصدر زاغ، أي: مال، وارتجت الناقة: إذا أغلقت رحمها على ماء الفحل.

(345)

إلا: مكررة في ب. تحريف.

(346)

ج د: الربيعية. تحريف.

(347)

ينظر البحث رقم 6 و 7.

ص: 102

ومن المكتوب على لغة زبيعة (إن الله حرم عليكم عقوق الامهات، ووأدَ البنات، ومنعَ وهاتِ)(348). أي: ومنعا وهاتِ، فحذف الألف لما ذكرت لك.

وحذفها هنا بسبب آخر لا يختص بلغة، وهو أن تنويق "منعًا" ابدل واوًا وادغم في الواو، فصار اللفظ بعين تليها واو مشددة، كاللفظ "يُعَول" وشبهه، فجعلت (349) صورته في الخط مطابقهْ للفظه، كما فعل بكلم كثيرة في المصحف.

ويمكن أن يكون الأصل. ومنع حق وهاتِ، فحذف المضاف إليه وبقيت هيئة الاضافة.

(348) لفظ الحديث في صحيح البخاري 8/ 4 (إن الله حرم عليكم عقوق الامهات ومنع وهات

ووأد البنات). وفيْ نسخة ورد بلفظ "وفعا".

(349)

د: فجعل تحريف.

ص: 103

ومنها قول عبد الله بن بسْر (إن كنا فرغنا في هذه الساعة)(350).

وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأيم الله لقد كان خليقًا للامارة، وإن كان من أحب الناس إليّ)(351).

وقول معاوية (إن كان من أصدق هؤلاء)(352). يعني كعب الأحبار.

وقول نافع (كان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير (353) حتى إن كان يُعطي عن بني) (354).

قلت: تضمنت هذه الأحاديث استعمالًا "إن" المخففة المتروكة العمل عاريًا ما بعدها من اللام الفارقة لعدم الحاجة إليها.

وذلك لأنه إذا خففت "إن"(355) صار لفظها كلفظ "إن" النافية، فيخاف التباس الاثبات بالنفي عند ترك العمل، فالزموا تالي ما بعد المخففة اللام المؤكدّة مميزة لها (356).

ولا يحتاج إلى ذلك إلا في موضع صالح للنفي والاثبات، نحو: إن علمتك لفاضلًا، فاللام هنا لازمة، إذ لو حذفت- مع كون العمل متروكًا وصلاحية الموضع للنفي- لم يتيقن (357) الاثبات، فلو لم يصلح الموضع للنفي جاز ثبوت اللام وحذفها.

فمن الحذف "إن كنا فرغنا في هذه الساعة" و (إن كان من أحب الناس الى) و "إن كان من أصدق هؤلاء" و "إن كان يعطىِ عن بين".

ومنه قول عائشة رضي الله عنها (إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن) وقول عامر بن ربيعة (إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثنا ومالنا طعام إلا السلْف من التمر).

(350) صحيح البخاري 2/ 23.

(351)

صحيح البخاري 5/ 179.

(352)

صحيح البخاري 9/ 136.

(353)

في المخطوطات: عن الكبير والصغير: وما أثبته من صحيح البخاري.

(354)

صحيح البخاري 2/ 255. وفي نسخة "إن كان ليعطي

" بزيادة اللام.

(355)

إن: ساقطة من د.

(356)

لها: ساقطة من أ.

(357)

د: يتبين. تحريف.

ص: 104

حديث عائشة من "جامع المسانيد"(358) وحديث عامر من "غريب الحديث"(359).

ومنه قراءة أبي (360) رجاء {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (361). أي: وإن كل لِلذي هو متاع الحياة الدنيا، فحذف من الصلة المبتدأ وأبقَى الخبر.

ومنه قول الطرماح بن حكيم (362):

62 -

أنا ابن أباة الضيم من آل مالك

وإن مالك كانت كرام المعادن

ومثله قول الآخر (363):

63 -

إنْ كنت قاضي نحبي يوم بينكم

لو لم تمنوا بوعد (364) بعد توديع

[9و]، ومثله (365):

64 -

أخي إنْ علمتُ الجود للحمد منميًا (366)

وللود مثبتًا وللمال مفنيا

(358) ب: المساند.

(359)

لم أقف على حديث عامر بهذا اللفظ، وفي مسند إلامام أحمد 3/ 446 حديث خال من موطن الاستدلال هو (عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، وكان بدريًا، قال: لقد كان- رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثا في السرية يا بنى ومالنا زاد إلا السلف من التمر.

(360)

د: ابن عمر. تحريف.

(361)

الزخرف 35/ 43 وينظر: المحتسب 2/ 255 والبحر المحيط 8/ 15.

(362)

ديوانه ص 512 وشرح ابن الناظم ص 168 ومعجم شواهد العربية 1/ 395.

(363)

قائل البيت مجهول: ينظر: مغني اللبيب 1/ 256 ومعجم شواهد العربية 1/ 231.

(364)

ب: بعود.

(365)

لم أقف على البيت في كتاب. وشطره الثاني غير مسقيم الوزن.

(366)

ج: مبقيا.

ص: 105

ومثله (367):

65 -

إنْ وجدت الكريم يمنع أحيا

نًا وما إن بذا يُعد بخيلا

وقد اغفل النحويون التنبيه على جواز حذف اللام عند الإستغناء (368) عنها بكون الموضع غير صالح للنفي، وجعلوها عند ترك العمل لازمة على الإطلاق، ليجرى الباب على سنن واحدٍ. وحاملهم (369) على ذلك عدم الاطلاع على شواهد السماع، فبينت إغفالهمً، وثبث الاحتجاج عليهم لا لهم.

وازيد على ذلك إن اللام الفارقة إذا كان بعد مُا ولي "إنْ" نفيُ واللبس مأمون فحذفها واجب، كقول الشاعر (370):

66 -

انِ الحقُ لا يخفَى على ذي بصيرة

وإن هو لم يعدم خلاف معاند

ومثله (371):

67 -

أما انْ علمتُ الله ليس بغافل

فهان اصطباري أن بليت بظالم

(367) لم أقف على البيت في كتاب.

(368)

ب: الاغتناء. تحريف.

(369)

د: وحملهم. تحريف،

(370)

البيت مجهول القائل. ينظر: مغني اللبيب 1/ 256 ومعجم شواهد العربية 1/ 256.

(371)

لم أقف على البيت في كتاب.

ص: 106

ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما مثلكم واليهودِ والنصارى كرجل (372) استعمل عمالًا) (373)

قلت: تضمن هذا الحديث العطف على ضمير الجر بغير إعادة الجار. وهو ممنوع عند البصريين (374) إلا يونسَ وقطربًا والأخفش (375).

والجواز أصح من المنع، لضعف احتجاج المانعين (376) وصحةِ استعماله نثراً ونظما (377).

أما ضعف احتجاجهم فبين، وذلك أن لهم حجتين:

إحداهما- (378) أن ضمير الجر شبيه بالتنوين ومعاقب له، فلم يجز العطف عليه كمالا يعطف على التنوين.

الثانية- أن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصح حلول كل واحد منهما محل الآخر، وضمير الجر لا يصح حلوله محل ما يعطف عليه، فمنع العطف عليه إلا باعادة حرف الجر، نحو قوله تعالى {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا} (379).

والحجتان ضعيفتان (380)

أما الأولى، فيدل على ضعفها أن شبه الضمير (381) بالتنوين ضعيف، فلا

(372) في أج د: كمثل رجل. وما أثبته من ب وصحيح البخاري.

(373)

صحيح البخاري 3/ 112. وروي لفظ " اليهود، بالجر والرفع.

(374)

ينظر المسألة 65 من الإنصاف 2/ 462.

(375)

مذهب الأخفش في معاني القرآن غير ما نسب إليه هنا. فقد ذكر في ص 374 قوله تعالى {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ثم قال بعده (وقال بعضهم: "والأرحامِ" جرْ، والأول أحسن، لأنك لا تجري الظاهر المجرور على المضمر المجرور).

(376)

د: الاحتجاج للمانعين. تحريف.

(377)

أج: نظمًا ونثرًا.

(378)

ب: احدهما. تحربف.

(379)

فصلت 11/ 41.

(380)

ب: ضعيفان. تحريف.

(381)

د: المضمر.

ص: 107

يترتب عليه ايجاب ولا منع، ولو منع من العطف عليه (382) لمنع من توكيده ومن الإبدال منه؛ لأن التنوين لا يؤكد ولا يبدل منه، وضمير الجر يؤكد ويبدل منه بإجماع، فللعطف عليه (383) أُسوة بهما.

وأما الثانية فيدل على ضعفها أنه لو كان حلول كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه محل الآخر شرطًا في صحة العطف لم يجز: (رب رجل وأخيه). ولا:

68 -

أي فتى هيجاءَ أنت وجارِها

. . . . . . . . . . . (384)

ولا (كم ناقة لك وفصيلها)(385) ولا (الواهبُ الآمة وولدها) ولا (زيدَ وأخوه منطلقان).

وأمثالُ ذلك من المعطوفات الممتنع تقدمها وتأخر ما عُطفت عليه كثيرة (386).

فكما لم يمتنع فيها العطف، لا تمنع في "مررت بك وزيدٍ" ونحوه. ولا في (إنما مثلكم واليهود والنصارى".

ومن مؤيدات الجواز قوله تعالى {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (387)، فجر"المسجد" بالعطف على الهاء المجرورة بالباء لا بالعطف على "سبيل"؟ لاستلزامه العطف على الموصول وهو "الصد" قبل تمام صلته؛ لأن "عن سبيل" صلة له، إذ هو متعلق به، و "كفر" معطوف على "الصد"[فإن جُعل المسجد معطوفًا على "سبيل" كان من تمام الصلة للصد](388)، و "كفر" معطوف عليه، فيلزم ما ذكرته من العطف على الموصول قبل تمام الصلة، وهو ممنوع بإجماع، فإنْ

(382) عليه: ساقط من د.

(383)

فللعطف: ساقط من ب. وعليه: ساقط من د.

(384)

تمامه: (إذا ما رجال بالرجال استقلت) والبيت مجهول القائل. ينظر: كتاب سيبويه 2/ 55

ومعجم شواهد العربية 1/ 73.

(385)

الأصول، لابن السراج 1/ 393.

(386)

كثيرة: ساقطة من د.

(387)

سورة البقرة 2/ 217.

(388)

ما بين المعقوفتين ساقط من أ. وفي ب: الصلة الصد. وفي ج: صلة الصد. وما أثبته من د

ص: 108

عطف على الهاء خلص من ذلك، فحكم برجحانه لتبين (389) برهانه ومن مؤيدات الجواز قراءة حمزة {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (390)

بالخفض. وهي أيضًا قراءة ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والنخعي والأعمش ويحيى بن وثاب [9ظ]، وأبي رزين (391).

ومن مؤيداته قول بعض العرب (ما فيها غيره وفرسِه)(392).

وأجاز الفراء أن يكون {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} (393) معطوفًا على {لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} وأنشد سيبويه (394):

69 -

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا

فاذهب فما بك والأيام من عجب

وأنشد أيضا (395):

70 -

آبك أية بىَ أو مصدر

من حمر الجلة نهد حَشْور (396)

(389) ج. لتبيين.

(390)

النساء4/ 1. وقرأ غير حمزة من السبعة بنصب "الأرحام".

(391)

ينظر: التيسير ص 93 والانصات 2/ 463 وشرح المفصل 3/ 78 والبحر المحيط 3/ 157.

(392)

ذكره ابن مالك في شرح العمدة ص 661 وابنه بدر الدين في شرح الألفية ص 212.

(393)

الحجر 15/ 20 {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} . قال الفراء في معاني القرآن 2/ 86 وقد يقال إنْ "من" في موضع خفض يراد: وجعلنا لكم فيها معايش ولمن).

(394)

الكتاب 2/ 383. وقائل البيت مجهول. ينظر: معجم شواهد العربية 1/ 61.

(395)

الكتاب 2/ 382. والبيت مجهول القائل. ينظر: معجم شواهد العربية 2/ 479. ومكان الشاهد فراغ في أ. وهو ساقط من د.

(396)

آبك: ويلك. وهو يقال لمن تنصحه ولا يقبل ثم يقع فيما حذرته منه. أيهْ: يقال أيهت بفلان إذا دعوته، كأنك قلت: يا أيها الرجل. المصدر: الشديد الصدر. والجلة: المسَان، واحدها جليل. والحشور: المنتفخ الجنبين.

ص: 109

وأنشد غيره (397):

72 -

إذا أوقدوا نارًا لحرب عدوهم

فقد خاب من يصلَى بها وسعيرِها (398)

ومثله (399):

72 -

بنا أبدًا لا غيرِنا تُدرَك المنَى

وتكشَف غماءُ الخطوب الفوادحِ

ومثله (400):

73 -

لو كان لي وزهيرِ ثالثَ وردت

من الحمام عدانا شر مورود

ومثله (401):

74 -

به اعتضدن أومثله تك (402) ظافرًا

فما زال معتزًا به من يظاهره

وجعل الزمخشري في "الكشاف" أشد" (403) معطوفًا على الكاف والميم من {فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ} ولم يجز عطفه على "الذكر" (404).

والذي ذهب إليه هو الصحيح؛ لأنه لو عطف على "الذكر" لكان "أشد" صفة

(397) البيت مجهول القائل ينظر: شرح ابن الناظم ص 212 ومعجم شواهد العربية 1/ 88.

(398)

من "وأنشد" إلى نهاية البيت ساقط من ج.

(399)

البيت مجهول القائل. ينظر شرح ابن الناظم ص 212 ومعجم شواهد العربية 1/ 88.

(400)

لم أقف على قائل البيت. وهو في البحر المحيط 2/ 148.

(401)

لم أقف على البيت في كتاب.

(402)

ب: بك. تصحيف.

(403)

سورة البقرة 2/ 200 {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}

(404)

الكشاف 1/ 247 - 248

ص: 110

لـ "ذكر" وامتنع نصب "الذكر" بعده؛ لأنك لا تقول: ذكرك (405) أشد ذكرًا، وإنما تقول: ذكرك أشدُّ ذكرْ. وتقول: أنت أشد ذكرًا (406)، ولا تقول: أنت أشد ذكر.

لأن الذي يلي أفعل التفضيل من النكرات إنْ جُر فهو كل لأفعل، وأفعل بعض له. وإن نصب فهو فاعل في المعنى للفعل الذي صيغ منه أفعل، ولذلك تقول: أنت أكبر رجل، وأكثر مالًا. فـ "أكبر"بعض ما جُر به، و" أكثر" بمنزلة فعل، وما انتصب به بمنزلة (407) فاعل، كأنك قلت: كثر مالك، أو: فاق مالك غيره كثرة، فقد تبين بالدلائل التي أورد تها صحة العطف على ضمير الجر، دون إعادة العامل، واعتضدت رواية جر" اليهود والنصارى" في الحديث المذكور.

ولو رُوي بالرفع لجاز على تقدير: ومثلُ اليهود، (408) ثم يحذف المضاف ويُعطى المضاف إليه إعرابه.

(405) أ: وذكرك. تحريف.

(406)

سقط من أ: أنت اضد ذكرا.

(407)

سقط من ِأ: فعل وما انتصب به بمنزلة.

(408)

د: اليهود والنصارى.

ص: 111

ومنها قول [رسول الله صلى الله عليه وسلم عن](409) أبي هريرة رضي الله عنه (فلما قدم جاءه بالألف دينار)(410).

قلت: في وقوع "دينار" بعد "الألف " ثلاثة أوجه:

أحدها، وهو أجودها، أن يكون أراد: بالألف ألف دينار، على إبدال"ألف" المضاف من المعرف بالألف واللام، ثم حذف المضاف، وهو البدل، لدلالة المبدل منه عليه، وأبقَى المضاف إليه على ما كان عليه من الجزء كما حذف المعطوف المضاف وترك المضاف إليه على ما كان عليه قبل الحذف في نحو (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاءَ شحمةَ)(411).

وفي باب الاستعانة باليد في الصلاة (ثم قام فقرأ العشر آيات)(412) يحمل أيضاً على أن المراد: فقرأ العشر عشرآيات، على البدل، ثم حذف البدل وبقي ما كان مضافًا إليه مجرورا.

ومن حذف البدل المضاف لدلالة المبدل منه عليه ما جاء (413) في "جامع المسانيد"(414) من قول النبي صلى الله عليه وسلم (خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم المحجلُ ثلاث).

أي: المحجلُ (415) محجلُ ثلاث. وهذا أجود من أن يكون على تقدير: المحجل في ثلاث.

(409) زيادة تصحح النص من صحيح البخاري 3/ 118.

(410)

هكذا ورد النص في المخطوطات. وجاء في صحيح البخاري 3/ 118 (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله أنه ذكر رجلًا من بني اسرائيل

ثم قدم الذي كان اسلفه فأتى بالألفِ دينار

).

(411)

كتاب سيبويه 1/ 65.

(412)

من كلام ابن عباس رضي الله عنه، ولفظه في صحيح البخاري 2/ 74 (فجلس، فمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر آيات). وفي نسخة: العشر الآيات.

(413)

جاء: ساقطة من ب ج.

(414)

إب د: المساند. وقد اطرد اثبات" المساند" بدلًا من "المسانيد، في نسخة أب.

(415)

سقط من ب: ثلاث أي المحجل.

ص: 112

ومن حذف البدل المضاف لدلالة المبدل منه عليه قول الراجز: (416)

75 -

الأكل المالَ اليتيمِ بطرا

يأكل نارًا وسصيلى سقرا

أراد: الأكل المالَ مالَ اليتيم. ومثله قول الشاعر (417):

76 -

المالُ ذي كرم ينمي (418) محامدَه

ما دام يبذله فيْ السر والعلن

[10و] أراد: المالُ مال ذي كرم.

وقد يحذف المضاف باقيًا عمله وإن لم يكن بدلًا، كقوله عليه السلام:(فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين صلاة)(419)[أي: فضل سبعين صلاة. وهو من "جامع المسانيد" (420).ويجوز إن يكون الاصل: بسبعين صلاة](421) فحذفت الباء وبقي عملها

الوجه الثاني- أن يكون الأصل: جاءه بالألف الدينار، والمراد بالألف الدنانير، فاوقع المفرد موقع الجمع (422) كقوله تعالى:{أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} (423) ثم حذفت اللام من الخط صيرورتها (424) بالادغام دالًا، فكتب على اللفظ كما كتب {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} (425) في "الأنعام" على صورة "ولدار الأخرة".

(416) قائل الرجز مجهول والشطر الأول في همع الهوامع 2/ 52 والدرر اللوامع 2/ 65.

(417)

لم أقف على البيت في كتاب.

(418)

د: تنمي.

(419)

الحديث من "جامع المسانيد" كما ذكر المؤلف.

(420)

ب د: المساند.

(421)

ما بين المعقوفتين سقط من أ.

(422)

ج: الجملة. تحريف.

(423)

النور 24/؟ 3.

(424)

ب: لضرورتها. تحريف.

(425)

الأنعام 6/ 32.

ص: 113

الوجه الثالث- أن يكون "الألف" مضافا الى "دينار" والألف واللام زائدتان (426) فلذلك لم يمنعا من الإضافة، ذكر جواز هذا الوجه أبو على الفارسي، وحمل عليه قول الشاعر (427):

77 -

تُولي الضجيعَ إذا تنبه مَوهنًا

كالأقحُوان من الرشاش المستقي

قال أبو على: أراد من رشاش المستقي، فزاد الألف والسلام. ولم تمنعا من (428) إلاضافة.

ولقوله "فقرأ العشر آيات" من هذا الوجه الثالث نصيب، أعني كون الألف واللام زائدتين غير مانعتين (429) من الاضافة.

(426) هكذا ورد بالرفع في المخطوطات. وتحمل الجملة على الاستئناف.

(427)

هو القطامي. ديوانه ص 36 وشرح التصريح على التوضيح 2/ 24 ومعجم شواهد العربية.

(428)

خ: فْي. تحريف.

(429)

أ: مانعين.

ص: 114

ومنها قول أم عطية رضي الله عنها (أمرنا أن نخرج الحيضَ يوم العيدين)(430)

قلت: في هذا الحديث توحيد "اليوم" المضاف إلى "العيدين". وهو في المعنى

مثنى. ولو روي بلفظ التثنيةِ على الأصل، وبلفظ الجمع لأ من اللبس لجاز.

ففيه (431) وفي أمثاله ثلاثة أوجه:

فمن الوارد بافراد ما في حديث الوضوء من قول الراوى (ومسح أذنيه ظاهرَهما وباطنهما)(432). ومنه ما حكى الفراء من قول بعض العرب (أكلت رأس شاتين)(433).

ومنه قول الشاعر (434):

78 -

حمامةَ بطن الواديين ترنمي

سقاك من الغر الغوادي مطيرها

ومن الوارد بلفظ التثنية قول الشاعر (435):

79 -

فتخالسا نفْسَيهما بنَوافذٍ

كنوافذِ العُبُط التي لا تُرقعُ (436)

(430) صحيح البخاري 1/ 94. وفي نسخة: يوم العيد.

(431)

أج: فيه. بدون فاء.

(432)

(من كلام المقدام بن معدي كرب الكندي. وهو في سنن أو داود 1/ 28 بلفظ "فمسح أذنيه

". وينظر المصدر نفسه 1/ 27 وسنن ابن ماجة 1/ 152.

(433)

(في معاني القرآن، للفراء 1/ 308) ويجوز في الكلام على أن تقول. ائتني برأس شاتينِ).

(434)

هو الشماخ بن ضرار (ديوانه ص 44) أو توبة بن الحمير (ديوانه ص 36). وينظر المقرب

2/ 128 ومعجم شواهد العرية 1/ 159.

(435)

هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين 1/ 20: الأمالي الشجرية 1/ 12 ومعجم شواهد العربية 1/ 227.

(436)

العبط شقوق في ثياب جدد. يقول: إن كلا من البطلين قد اختلس نفس صاحبه بطعنات نوافذ تشبه في اتساعها ونفاذها وعدم ألتئامها شقوقًا في ثياب جدد لا ترقع بعد شقها.

ص: 115

ومن الوارد بلفظ الجمع قوله تعالى {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} (437) و {ِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (438) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه)(439).

وقد اجتمعت التثنية والجمع (440) في قول الراجز (441):

80 -

ومَهْمهينِ قَذفَين (442) مرْتين

ظهراهما مثل ظهور التُرْسَين (443)

ويلحق بهذا توحيد خبر المثنى المعبر عنه بواحد كالتعبير عن الأذنين والعينين بحاسةٍ، فاجراء هذا (444) النوع مجرى الواحد جائز، كقوله صلى الله عليه وسلم (من أفرى الفِرى أن يرى (445) عينيه مالم تر) (446). ولو راعى اللفظ القال: ما لم تريا.

ومثل الحديث قول الشاعر (447):

81 -

وكأن في العينين حب قرنفل

أوسنبلا كحلت به فانهلت

(437) الأعراف 7/ 23: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} .

(438)

التحريم 66/ 4.

(439)

الموطأ 2/ 914 - 915.

(440)

سقط من أ: التثنية والجمع.

(441)

نسب في كتاب سيبويه 2/ 48 إلى خطام المجاشعي. وفي 3/ 662 إلى هميان بن قحافة.

وينظر: معجم شواهد العربية 2/ 543.

(442)

أ: فدفدين. وهي رواية في البيت.

(443)

يصف فلاتين بعيدتين لا نبت فيهما. وشبههما بالترسين في الاستواء.

(444)

ب: ما، تحريف.

(445)

ج: يري المرء. تحريف.

(446)

صحيح البخاري 9/ 54.

(447)

هو سلمئ بن ربيعة. ينظر: الأمالي الشجريهَ 1/ 121، ومعجم شواهد العربية 1/ 75.

ص: 116