المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حذف حرف العطف - شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح

[ابن مالك]

فهرس الكتاب

- ‌المُقَدمَة

- ‌اسم الكتاب ونسبته إلى ابن مالك

- ‌دوافع تأليف الكتاب

- ‌زمن تاليف الكتاب

- ‌مادة الكتاب

- ‌منهج الكتاب وأسلوبه

- ‌الشواهد والاستشهاد في الكتاب

- ‌القرآن الكريم وقراءاته:

- ‌الحديث الشريف:

- ‌الشعر:

- ‌أقوال العرب ولغاتها:

- ‌المنهج العام للاستشهاد في الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب

- ‌مآخذ على الكتاب

- ‌مخطوطات الكتاب المعتمدة

- ‌المخطوطة (أ):

- ‌المخطوطة "ب

- ‌المخطوطة "ج

- ‌المخطوطة "د

- ‌عملي في التحقيق

- ‌حذف حرف العطف

- ‌ وقوع جواب "لو" مضارعًا منفيا بـ "ما

- ‌ دخول" ما" على "جعل

- ‌ موافقة "علق" لـ "طفق

- ‌ إجراء فعل القول مجرى فعل الظن

- ‌ حذف المضاف وأقامة المضاف إليه مقامه:

- ‌ حذف همزة الإستفهام

- ‌حذف العائد على الموصول

- ‌ إجراء "رأى" البصرية مجرى "رأى" القلبية

- ‌ دخول لام الابتداء على خبر "كان

- ‌ وقوع الجملة القسمية خبرًا

- ‌ وقوع المضارع المثبت المستقبل جواب قسم غير مؤكد بالنون

- ‌ تلقي القسم بمبتدأ غير مقرون باللام

- ‌ الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه

- ‌ توسط القسم بين جزءي الجواب

- ‌لغة "أكلوني البراغيث

- ‌ إضافه الموصوف إلى الصفة

- ‌ استعمال "قط" غير مسبوقة بنفي

- ‌جمع "ضَيف" على "ضَعَفة

- ‌ إجراء "ما" الموصولة مجرى "ما" الاستفهامية في حذف ألفها

- ‌ حذف المجزوم بـ "لا" التي للنهى

- ‌ استعمال "على" اسمًا

- ‌ وقوع الجواب موافقًا للشرط لفظًا ومعنى

- ‌ إخلاء جواب "لو" المثبت من اللام

- ‌مهيم" اسم فعل بمعنى: أخبر

- ‌ استعمال "أحد" في الإيجاب

- ‌المصادر

الفصل: ‌حذف حرف العطف

ومنها قول عمر رضي الله عنه (إذا وسّع الله عليكم فأوسعوا

صلى رجل في إزارٍ ورداء، في إزارٍ وقميص، في إزارٍ وقَباء) (448).

قلت: تضمن هذا الحديث فائدتين:

إحداهما- ورود الفعل (449) الماضى بمعنى الأمر، وهو "صلى رجل". والمعنى: ليصل رجل. ومثله من كلام العرب (اتقَى الله امرؤ وفعل خيرًا يُثَبْ عليه)(450).

بمعنى (451): ليتق

وليفعل.

ولكونه بمعنى الأمر جيء بعده بجواب مجزوم كما يجاء بعد الأمر الصريح.

وأكثر مجيء الماضي بمعنى الطلب في الدعاء، نحو (452) نصر الله من والاك، وخذل من عاداك.

والفائدة الثانية- حذف حرف [10ظ]، العطف، فإن الأصل: صلى رجل في إزار ورداء، أو في ازار وقميص، أو في إزار وقَباء. ف‌

‌حذف حرف العطف

مرتين لصحة المعنى بحذفه.

ونظير هذا الحديث في تضمن الفائدتين قول النبي صلى الله عليه وسلم (تصدق امرؤ من ديناره، من درهمه

من صاع بره، من صاع تمره) (453).

(448) صحيح البخاري 1/ 97.

(449)

الفعل: ساقط من أ.

(450)

ينظر: كتاب سيبويه 1/ 100.

(451)

د: والمعنى.

(452)

نحو: ساقط من ج.

(453)

المسند 4/ 359 وفي صحيح مسلم 2/ 705. وسنن النسائي 5/ 57 برواية: "تصدق

رجل

".

ص: 117

ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا زبير اسق (454) ثم أرسل الماء) فقال الأنصاري: (أنه ابن عمتك)(455)

قلت:. يجوز في "أنه" الكسر والفتح؛ لأنها واقعة بعد كلام تام معلل بمضمون ما صدّر بها. وإذا كسرت قدر قبلها الفاء. وإذا فتحت قدر قبلها اللام.

وبعضهم يقدر بعد الكلام المصدَر بالمكسورة مثل ما قبلها مقرونًا بالفاء، كقولك فى "اضربه إنه مسيء" اضربه إنه (456) مسيء فاضربه.

ومن شواهد الكسر {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (457){وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (458){وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (459){وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (460) و {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} (461) و {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (462).

والفتح في هذه المواضع جائز في العربية (463). لكن (464) القراءة سنةِ متبوعة.

(454) في المخطوطات: اسق يا زبير. وما أثبته هو رواية البخاري 3/ 183.

(455)

روي لفظ "أنه " بكسر الهمزة وفتحها. وللحديث رواية أخرى هى (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال (أن كان ابنَ عمتك) بفتح همزة "أن" فقط.

(456)

أنه: ساقط من ج.

(457)

سورة البقرة 2/ 153.

(458)

النساء 4/ 1.

(459)

النساء 4/ 2.

(460)

الاسراء 17/ 32.

(461)

طه 20/ 12. وفي ب: واخلع. تحريف.

(462)

طه 20/ 43.

(463)

العربية: ليست في د.

(464)

ج: ولكن. تحريف.

ص: 118

وقد ثبت الوجهان في {نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (465). فقرأ بالفتح نافع والكسائي، وكسر الباقون (466).

فحاصل ما تقرر أن الوجهين جائزان في " أنه ابن عمتك". والكسر أجود.

والله أعلم.

(465) الطور 28/ 52.

(466)

اليسير ص 203.

ص: 119

ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم (يا عائشة، لولا قومُك حديثو عهد بكفر لنقضت (467) الكعبة فجعلت لها بابين) (468) ويروى (

حديث عهدُهم بكفر (469).

قلت: تضمن هذا الحديث ثبوت خبر المبتدأ بعد "لولا" أعنى قوله "لولا قومُك حديثو عهد بكفر". وهو مما خفي على النحويين إلا الرماني و [ابن](470) الشجرى.

وقد يُسرت لي في هذه المسألة زيادة على ما ذكراه، فأقول وبالله أستعين (471).

إن المبتدأ المذكور بعد "لولا" على ثلاثة أضرب:

مخبر عنه بكون غيرمقيد.

ومخبرعنه بكون مقيد لا يدرك معناه عند حذفه (472).

ومخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه.

فالأول، نحو: لولا زيد لزارنا عمرو. فمثل هذا يلزم حذف خبره؛ لأن المعنى: لولا زيد على كل حال من أحواله لزارنا عمرو، فلم تكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها. فلزم الحذف لذلك. ولما في الجملة من ألاستطالة المحوجة الي (473) الاختصار.

الثاني -وهو المخبر عنه بكون مقيد، ولا يدرك معناه إلا بذكره، نحو: لولا زيد غائب لم أزرك، فخبر هذا النوع واجب الثبوت؛ لأن معناه يجهل عند حذفه.

ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "لولا قومك حديثو عهد بكفر" أو (حديث عهدهم بكفر".

(467) سقط من ج عبارة: لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين.

(468)

ليس في صحيح البخاري رواية بهذا اللفظ. والذي ورد في 2/ 171 منه (لولا حدثان

قومك

لولا إن قومك حديث عهدهم

لولا حداثة قومك

).

(469)

صحيح البخاري 1/ 42 - 43.

(470)

زيادة يقتضيها السياق. وينظر الأمالي الشجرية 2/ 211.

(471)

د: المستعان.

(472)

هذه العبارة سقطت من ج.

(473)

إلى: ساقطة من ج.

ص: 120

فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ لظُن أن المراد (474): لولا قومك على كل حال من أحوالهم لنقضت الكعبة وهو خلاف المقصود؛ لأن من أحوالهم بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل. وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة وبنائها على الوجه المذكور.

ومن هذا النوع قول عبد الرحمن بن الحارث لأبي هريرة (إني ذاكر لك أمرًا، ولولا مروان أقسم على فيه لم أذكره لك)(475).

ومن هذا النوع قول الشاعر (476):

82 -

لولا زهير جفاني كنت منتصرًا

ولم أكن جانحًا للسلم إذ جنحوا

ومثله (477):

83 -

لولا ابن أوس ناى ما ضيم صاحبه

يومًا ولا نابه وهن ولا حذر

الثالث -وهو المخبر عنه بكون مقيد يدرك معناه عند حذفه، كقولك: لولا أخو زيد ينصره لغلب، ولولا صاحب عمرو يعينه لعجز، ولولا حسن الهاجرة يشفع (478) لها لهجرت (479).

فهذه الأمثمة وأمثالها يجوز فيها [11و]، إثبات الخبر وحذفه؛ لأن فيها شبها بـ "لولا زيد لزارنا عمرو"، وشبها (480)، بـ " لولا زيد غائب لم أزرك" فجاز فيها ما وجب فيهما من الحذف والثبوت.

(474) المراد: ساقط من د.

(475)

صحيح البخاري 3/ 37.

(476)

قائل البيت مجهول. وهو في شرح الأشموني (بحاشية الصبان) 1/ 216 و 4/ 51 ومعجم

شواهد العربية 1/ 85.

(477)

قائل البيت مجهول. وشطره الأول فقط في شرح الأشموني 4/ 50، ومعجم شواهد العربيهّ

2/ 578 ..

(478)

ب: شفع.

(479)

ج: ما هجرت. ولم أقف على معنى العبارة.

(480)

د: أو شبها. وسقط من ب (لزاونا عمرو وشبها بلولازيد).

ص: 121

ومن هذا النوع قول أبي العلاء المعرَي في وصف سيف:

84 -

فلولا الغمدُ يُمسكه لسالا (481)

وقد خطاه بعض النحوين (482) وهو بالخطأ أولى.

(481) صدر البيت (يذيب الرعب منه كل عضب). ينظر: ديوان سقط الزند ص 14 والمقرب 1/ 84 ومعجم شواهد العربية 1/ 269.

(482)

ينظرة المقرب 1/ 84 وشرح جمل الزجاجي، لابن عصفور 1/ 351 - 352.

ص: 122

ومنها قول النبي (483)(عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت [جوعا] فدخلت فيها النار)(484).

قلت: تضمن هذا الحديث استعمال "في" دالة على التعليل، وهو مما (485) خفي على أكثر النحويين مع وروده في القرآن العزيز والحديث والشعر القديم.

فمن الوارد في القرآن العظيم قوله تعالى {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} . (486) وقوله تعالى {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (487).

ومن الوارد في الحديث"عذبت امرأة في هرة" و (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير)(488).

ومن الوارد في الشعر القديم قول جميل (489):

85 -

فليت رجالًا فيك قد نذروا دمي

وهموا بقتلي يا بُثينَ لقوني

ومنه قول أبي خراش (490):

(483) صحيح البخاري 3/ 139. وروي في 5/ 214 بلفظ: "سجنتها" و "ربطتها" بدلا من

"حبستها". وما بين المعقوفتين ليس في المخطوطاتْ.

(484)

ج: ما. تحريف.

(485)

الأنفال 8/ 68.

(486)

من "أخذتم" إلى هنا ساقط من ب.

(487)

النور 24/ 14.

(488)

صحيح البخاري 2/ 114 و 8/ 20. وينظر أيضا 1/ 62و 8/ 21 وروي في 2/ 118 بلفظ "من كبير" ..

(489)

ديوانه ص 210.

(490)

البيت في ديوان الهذليين 1/ 155 منسوب لأبي ذؤيب.

ص: 123

86 -

لَوَى رأسَه عني ومالَ بوده

أغانيج خَود كان فينا يزورُها

ومثله قول الآخر (491).

87 -

أفي قَمَلي من كليبٍ هَجوتُه

أبوجهضَم تَغلي في مَراجِلُه (492)

(491) البيت في لسان العرب " قمل" 14/ 87 نقله عن ابن بري بدون نسبة.

(492)

القَملي، بالتحريك، الحقير، الصغير الشأن.

ص: 124

ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أحب أنه يحول لي ذهبا)(493).

قلت: تضمن هذا الحديث استعمال (حول) بمعنى "صير"، وعاملة عملها.

وهو استعمال صحيح خفى على أكثر النحويين.

والموضع الذي يليق (494) أن يذكر فيه باب "ظن" وأخواتها. لأنها تقتضي مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر.

وقد جاءت في هذا الحديث مبنية لما لم يسم فاعله، فرفعت أول المفعولين، وهو ضمير عائد إلى"أحد" ونصبت (495) ثانيهما، وهو "الذهب" فصارت ببنائها لما لم يسم فاعله جارية مجري "صار" في رفع ما كان مبتدأ ونصب ما كان خبرًا، وهكذا حكم "ظن" وأخواتها.

وكذا حكم ما صيغ منها على صيغة مطاوعةٍ، كارتد وتحول، فانه بزيادة التاء تجدد له حذف ما كان فاعلًا، وجعل أول المفعولين فاعلًا، وجعل ثانيهما خبرًا منصوبًا، كما تجدد مثل ذلك فيٍ "حول" إذا بني لما لم (496) يسم فاعله، كقولك في (497) "حول الله طائفة من اليهود قردة": تحولت (498) طائفة من اليهود قردة (499)، و: حولت طائفة من اليهود قردة (500).

ف "حَول" جارٍ مجرى"صير" في نصب مفعولين هما في الأصل مبتدأ وخبر. و " تحول"و"حُول" جاريان مجرى" صار" في رفع المبتدأ ونصب الخبر.

(493) في المخطوطات (ما احب أنه يحول لي أحد ذهبا). وأسقطت لفظ "أحد" اتفاقًا مع رواية البخاري في 3/ 144ومع ما سيذكره ابن مالك في توجيه الحديث.

(494)

أ: يليق به. تحريف.

(495)

د: ونصب. تحريف.

(496)

ب: اذ بني ما لم. تحريف.

(497)

في: ساقط من ج.

(498)

أب د: وتحولت. واسقطت الواو ليستقيم النص.

(499)

سقط من ج: تحولت طائفة من اليهود قردة.

(500)

سقط من ب: وحولت، طائفة من اليهود قردة.

ص: 125

وقد خفي هذا المعنى على من أنكر على الحريري قوله فيْ الخمر (501):

88 -

وما شيء إذا فسدا

تحول غيه رشدا

زكى العرقِ آخرُه

ولكنْ بئس ما ولدا

(501) مقامات الحريري ص.365 المقامة الثانية والأربعون (البحرانية).

ص: 126