الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حُبُّ الدنيا، وكراهية الموت)) (1).
فالجماعة التي اتصفت بهذه الصفة هي الجماعة التي تَجِدُ جميعَ أفرادها على عقيدة الصحابة، وعلى منهج واحد، هو منهج السلف، في أي زمان كانوا، وفي أي مكان وُجِدُوا، لا تَتَلَوَّنُ عقيدتهم حسب الزمان، ولا يتبدل منهجهم حسب المكان.
من صفات المخالفين:
ويخرج من صفة الطائفة المنصورة هذه -الاجتماع على التوحيد والمنهاج، والافتراق عليهما- كُلُّ مَنْ تَجَمَّعَ على فكر معين، أو تحزب على رجل معين، أو على بلد معين، أو على نسب معين، يجتمعون عليه، ويفترقون عليه ..
وهؤلاء الذين يكون أُسُّ تجمعهم على جزء من الدين؛ كالفقه، أو السياسة، أو الجهاد، سرعان ما يذوبون إذا ما انتهى محور تجمعهم، وكم من جماعة فَشِلَتْ إذا فَشِلَ قائدها، وكم من جماعة انتهت إذا ما انتهى مُؤَسِّسُهَا.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
((ليس لأحد أن يُنَصِّبَ للأمة شخصًا يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصِّب لهم كلامًا يوالي عليه، ويعادي عليه، غير كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا مِنْ فِعْلِ أهل البدع الذين
(1) أبو داود (4/ 111)، وأحمد (5/ 278)، وسنده صحيح.
يُنَصِّبُونَ له شخصًا، أو كلامًا، يفرقون به بين الأمة)) (1).
وقال رحمه الله:
((كُلُّ ما خرج عن دعوى الإسلام، والقرآن، من نسب، أو بلد، أو جنس، أو مذهب، أو طريقة، فهو من عزاء الجاهلية)) (2).
ومعنى قوله: ((يجتمعون عليه)): أي: مَنْ سَلَّمَ لهم بفكر صاحبهم ومذهبه؛ جمعوه معهم، وَعَدُّوهُ منهم، ولو كان على ما كان عليه من المخالفات الشرعية؛ كترك بعض الواجبات، بل حتى لو خالف في كل شيء غير فكر صاحبهم؛ كمخالفته للعقيدة الصحيحة، أو المنهاج القويم .. فالمهم عندهم أن يلتقي معهم على فكر صاحبهم.
ومعنى قوله: ((يفترقون عليه)):
أي: إذا خالف المرء قائدهم، أو زعيمهم؛ فارقوه، ومن صفوفهم فصلوه، ولو كانت مخالفته بناء على أدلة شرعية، وكان من أعلم العلماء، واتقى الصلحاء.
ومن غريب صفات المخالفين للطائفة المنصورة في هذه الصفة اختلافهم فيما بينهم في العقيدة، والمنهج، فتجد عقائدهم تَتَلَوَّنُ بِتَلَوُّنِ البلدان، ومناهجهم تتغير بتغيير السلطان، ففي بلد تجد هذه الجماعة تحارب حزبًا معينًا، وفي الوقت عَيْنِهِ تجد هذه الجماعة نفسها تحالف أو تثني على الحزب نفسه في بلد آخر، وعقيدته واحدة، وضلاله واحد، فما الذي يجمعهم إذن؟ !
(1) مجموع الفتاوى (2/ 240).
(2)
اقتضاء الصراط (17).