الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واقع المسلمين:
إن العاقل المتأمل في واقع المسلمين عمومًا، وواقع الجماعات الإسلامية خصوصًا، يجد الإهمال العظيم، ويرى الثغرة الكبيرة التي أحدثها هذا الإهمال، فتوغل العدو منها، وتجاوز حدوده، وعثا في الأرض فسادًا.
إن عدونا قد أدرك ما نحن عليه من ضعف في الإيمان، وتمزق في الصفوف، فسعى إلى استدراجنا بمكر خبيث، إلى معركة لَسْنَا اليوم أهلًا لها، وليس بقدرتنا الصمود فيها، وليس لدينا من الاستعداد الإيماني، والإعداد المادي، ما يؤهلنا لاستحقاق النصر من الله، والوقوف في وجه عدونا.
فاستجبنا لمخططه، مدفوعين بعاطفة ساذجة، وحماس متهور، مهملين لسنن الله الشرعية، غافلين عن سنن الله الكونية، فكان ما كان ..
إن وقوع الصِّدَام مع العدو -وقبل الإعداد- إنما يعني ضَرْبَ الصحوة، وهدر الطاقات، وإضاعة الأوقات، والانشغال عن التربية والدعوة اللتين هما من عوامل الإعداد الذي هو من شروط النصر.
ولستُ أعني ههنا عُدَّةَ الحديد والنار، ولكني أعني ما هو أقوى منه .. عُدَّةَ التربية والإيمان، وَعَتَادَ وحدة الصف، والإحسان.
إن الآيات والأحاديث التي حَثَّتْ على التربية والإيمان، ووحدة الصف والإحسان، والأخوة والإخلاص، كثيرة .. وكثيرة جدًّا ..
وإن الآيات والأحاديث التي حَثَّتْ على سلاح الحديد والنار قليلة .. وقليلة جدًّا لا تكاد جميعها تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
ومع هذا كله ما يزال كثير من المسلمين بحاجة إلى هذه البديهات، وما يزال كثير منهم ينظرون إلى زبد الناس، وأغصان الأشجار، ولا ينظرون إلى القاعدة الحقيقية، والأصل الثابت .. إنهم يعملون، فيسقطون
…
ثم
…
يسقطون، ولا يتعظون .. كأنهم لا يرون واقع الناس، وكأنهم لا يفهمون السنن الكونية، ولا يعرفون القواعد الشرعية.
كأنهم لا يبصرون هذه الجماهير التي يعتمدون عليها، وهي تخادعهم.
وكأنهم لا يَتَّعِظُونَ بالتجارب التي مَرَّتْ بها شعوب إخوانهم فأهلكتهم، فلا ناصر لهم.
وأعجب من هذا كله أنهم لا يقبلون نصيحة، ولا يسمعون موعظة.
إن مَثَلَ الذين يجابهون قبل إتمام التربية، وتوحيد الصف، كَمَثَلِ القرية بلا سور.
وَكَمَثَلِ طبيب عليل فاقد للمناعة، يداوي مرضى أصيبوا بأمراض فَتَّاكَةٍ مُعدية.
كيف يجاهد من لم يتربَّ على التوحيد والأخلاق؟ !
كيف يجاهد من لم يذق طعم الصبر والأخوة؟ !
كيف يجاهد من لم يعرف التضحية والإيثار؟ !
كيف يجاهد من لم يتلذذ بالطاعة والانقياد؟ !
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].