الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأتاه رجل فقال:
ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليك؟ [وفي رواية: ((أَخَصَّكُمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء))؟ ] قال: فغضب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إِلَيَّ شيئًا يكتمه الناس [وفي رواية: ((ما خَصَّنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لم يَعُمَّ الناس كافة))]، غير أنه قد حدثني بكلمات أربع، قال: فقال: ما هُنَّ يا أمير المؤمنين؟ قال: قال: ((لعن الله من لعن والده، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى مُحْدِثًا، ولعن الله من غَيَّرَ المنار)) (1).
بل حَذَّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوليمة المخصصة بطبقة دون طبقة، فقال:((شَرُّ الطعام طعامُ الوليمة يُدْعَى إليها الأغنياء، ويُترك المساكين)) (2).
هذا حكم مَنْ خَصَّ بطعامه طبقة دون طبقة، فكيف بمن يخصص دعوة، أو علمًا بقوم دون قوم؟ !
إن الحزبية مرفوضة في دين الله حتى في الطعام، وحتى في القرآن.
لا تَسْوِيغَ مع النص:
واعلم أننا مهما قَدَّمْنَا من مسوغات، وتأويلات، وأعذار في جواز التخصيص، فلن تكون هذه الأعذار مقبولة؛ ذلك لأنه ما خالف مخالفٌ إلا سَوَّغَ واعتذر.
(1) مسلم (3/ 1567) وغيره.
(2)
مسلم (2/ 1055).
فما خالف آدم إلا وله تأويل:
{وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20].
وما خالف أصحاب أُحُدٍ -إذ خالفوا- إلا ولهم مُسَوِّغٌ يرونه.
وما حصل من إراقة دماء مئات الألوف من المسلمين، وتيتم أطفالهم، من لدن صدر الإسلام إلى قتال الأفغانين والصوماليين بعضهم بعضًا، إلا بمسوغات وتأويلات ..
فليحذر الذين يخصصون دعوتهم، ويغلقون أبوابهم بتأولات دون تأولات آدم عليه السلام بكثير، وأعذار دون أعذار سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فيما عاتبه فيه ربه، وقد نزل من القرآن في معاتبته، وهو أسدُّ الناس رأيًا، وأخلصهم نية، وأقومهم سبيلًا صلى الله عليه وسلم.
{عَبَسَ وَتَوَلَّى
…
}.
{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43].
{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} . [الأنفال: 68].
وإذا كان هذا في حقه صلى الله عليه وسلم إذ اجتهد ولم يُصِبْ ما يريده الله ..
وإذا كان ذلك في حق أصحابه، وأعذارُهُمْ أعذارٌ شرعية واضحة بَيِّنَةٌ ..
فما ندري ما يُنزل ربنا ونحن نتعمد المخالفة بأعذار هي نفسها أعذار قبيحة، وذنوب واضحة، ومبررات باطلة؛ كالحزبية، والسرية، والتنظيم، والبلدية، والطبقية العلمية (1)،
(1) الطبقة العلمية: الشهادات وغيرها، والبلدية: نسبة للبلد.