الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ المُجْتهِد المُطْلَقُ
وَهُوَ: "الَّذِي -ذَكَرْنَاهُ آنِفًا (1) - إِذَا اسْتَقَلَّ بِإدْرَاكِ الأْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ الأْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ، وَأَحْكَامِ الْحَوَادِثِ مِنْهَا، مَعَ حِفْظِهِ لِأَكْثَرِ الْفِقْهِ، وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَذْهَبِ أَحَدٍ".
وَقِيلَ (2): "لَا يُشْتَرَطُ حِفْظُهُ لِفُرُوعِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الاِجْتِهَادِ". وَفِيهِ بُعْدٌ.
وقِيلَ (3): "يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَأَدَّى بِفَتْوَاهُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ".
* وَمِنْ شَرْطِهِ: أَنْ يَعْرِفَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ، وَحَقِيقَةَ ذَلِكَ وَمَجَازَهُ، وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَمُجْمَلَهُ وَمُبَيِّنَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَمُطْلَقَهُ وَمُقَيَّدَهُ، وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَصَحِيحَ السُّنَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَسَقِيمَهَا، وَمُتَوَاتِرَهَا (4) وَاحَادَهَا، وَمُرْسَلَهَا وَمُسْنَدَهَا، وَمُتَّصِلَهَا وَمُنْقَطِعَهَا، وَيَعْرِفَ الْوِفَاقَ وَالْخِلَافَ فِي مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، وَالْأَدِلَّةَ وَالشُّبَهَ (5) وَالْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْقِيَاسَ وَشُرُوطَهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَالْعَرَبِيَّةَ
(1) يُنظر: صـ 153.
(2)
هو قول ابن الصلاح في (أدب المُفتي): 88.
(3)
القائل هو: أبو إسحاق الإِسْفَرايني، وصاحبه أبو منصور البغدادي. (أدب المُفتي):88.
(4)
من (ب) و (ر ك)، وفي (أ): تواترها.
(5)
من (ب) و (ر ك)، وفي (أ): والشبهة.
الْمُتَداوَلَةَ بالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْعِراقِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ (1).
* وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهُ بِبَعْضِ ذَلِكَ؛ لِشُبْهَةٍ أَوْ إِشْكَالٍ، لَكِنْ يَكْفِيهِ مَعْرِفَةُ وُجُوهِ دَلَالةِ الْأَدِلَّةِ، وَكَيْفِيَّةِ (2) أَخْذِ الأْحْكَامِ مِنْ لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا.
* وَهَلْ يُشْترطُ مَعْرِفَةُ الْحِسَابِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ (3).
وَمِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ عُدِمَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، مَعَ أَنَّهُ الْآنَ أَيْسَرُ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الأوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ قَدْ دُوِّنَا، وَكَذَا مَا تتَعلَّقُ بِالاِجْتِهَادِ مِنَ الْآيَاتِ، وَالْآثَارِ، وَأُصُولِ الْفِقْهِ، وَالْعَرَبِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لَكِنَّ (4) الْهِمَمَ قَاصِرَةٌ، وَالرَّغَبَاتِ فاتِرَةٌ، وَنَارَ الْجَدِّ وَالْحَذَرِ خَامِدَةٌ، [وَعَيْنَ الْخَشْيَةِ وَالْخَوْفِ جَامِدَةٌ](5)؛ اكتِفاءً بِالتَّقْلِيدِ، وَاسْتِعْفَاءً مِنَ التَّعَبِ الْوَكِيدِ، وَهَرَبًا مِنَ الْأَثْقَالِ، وَأَرَبًا فِي تَمْشِيةِ الْحَالِ، وَبُلُوغِ الْآمَالِ، وَلَوْ بِأَقَلِّ الْأعْمَالِ.
وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، قَدْ أهْمَلُوهُ وَمَلُّوهُ، وَلَمْ يَعْقِلُوهُ لِيَفْعَلُوهُ.
(1) قال المؤلف في (الجامع المتصل): 6/ ب، و (الغاية): 17/ ب: "وأما العربية؛ فلأنَّها من أشرف العلوم وأجلها، ولا يمكن إنكار محلها، فإنها البضاعة التي لا بد منها، ولا يَستغنى العالم والمتعلم عنها، إذ بها يُعرف معنى الكلام ومغزاه، ومنطوق اللفظ وفَحْواه، وبها جمال المحافل والمنابر، وكمال الأصاغر والأكابر، وبها معاملتهم في العلم ومحاورتهم، وتدريسهم ومناظرتهم، وهي المرقاة المنصوبة إلى علم البيان ومعاني السُّنة والقرآن".
(2)
من (أ) و (ش م)، وفي (ب) و (ص): يكفيه.
(3)
يُنظر: (أدب المُفتي): 89، و (مقدمة المجموع): 1/ 96، و (المسودة): 2/ 965.
(4)
من (أ) و (ص) و (ح)، وفي (ب): لأن.
(5)
من (ب).
* وَقِيلَ (1): "الْمُفْتِي هُوَ: مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ عَلَى يُسْرٍ (2) مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ آخَرَ"(3).
* * *
(1) القائل هو: ابن الجويني. يُنظر (الغياثي): الفقرة 580، و (البرهان): الفقرة 1492.
(2)
من (أ) و (ص)، وفي (ب): ما تيسر.
(3)
يُنظر: (أدب المُفتي): 86، و (الدر النضيد): 313، و (منار أصول الفتوى):193.