المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ القسم الثالث:المجمل المحتاج إلى بيان - صفة المفتي والمستفتي - ت أبي جنة

[ابن حمدان]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌ ترجمة المؤلف

- ‌مصادر ترجمة المؤلف

- ‌الفصل الأول (حياته الشخصية)

- ‌ اسمه:

- ‌ تاريخ موده:

- ‌ مكان المولد:

- ‌ نعته:

- ‌ كنيته:

- ‌ نسبته:

- ‌ أسرته:

- ‌ خُلقه:

- ‌ محنته:

- ‌ وفاته:

- ‌الفصل الثاني (حياته العلمية)

- ‌المبحث الأَول طلبه للعلم

- ‌المبحث الثاني رحلاته

- ‌المبحث الثالث شيوخه

- ‌المبحث الرابع تلاميذه

- ‌المبحث الخامس مناصبه

- ‌المبحث السادس ابن حمدان الموسوعة

- ‌المبحث السابع ابن حمدان الأصولي والفقيه

- ‌المبحث الثامن ابن حمدان المحدث

- ‌المبحث التاسع أوصافه العلمية

- ‌المبحث العاشر عقيدته

- ‌المبحث الحادي عشر مؤلفاته

- ‌القسم الأول المؤلفات المطبوعة

- ‌القسم الثاني المؤلفات المخطوطة

- ‌ سبب تصنيف الكتاب:

- ‌ سبب تصنيف الكتاب:

- ‌القسم الثالث المؤلفات المفقودة

- ‌القسم الرابع المؤلفات التي لا تصح نسبتها إليه

- ‌ دراسة الكتاب

- ‌المبحث الأول تحقيق اسم الكتاب

- ‌المبحث الثاني صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف

- ‌المبحث الثالث زمن تصنيف الكتاب

- ‌المبحث الرابع بَيْنَ كتاب ابن الصلاح وكتاب ابن حمدان

- ‌المبحث الخامس منهج المؤلف في كتابه

- ‌المبحث السادس مصادر المؤلف

- ‌المبحث السابع طبعات الكتاب

- ‌المبحث الثامن دواعي إعادة تحقيق الكتاب

- ‌المبحث التاسع وصف النسختين الخطيتين

- ‌المبحث العاشر عملي في تحقيق الكتاب

- ‌المبحث الحادي عشر الصعوبات التي واجهتني خلال التحقيق

- ‌ الإجراءات التي اتخذتها للتغلب على هذه الصعوبات:

- ‌ ملاحظة:

- ‌المبحث الثاني عشر الرموز المستخدمة في التحقيق

- ‌بَابُ وَقْتِ إبَاحَةِ الْفُتْيَا، وَاسْتِحْبَابِهَا، وَإِيجَابِهَا، وَكَرَاهَتِهَا، وَتَحْرِيمِهَا

- ‌تَحرُمُ الْفَتْوَى عَلَى الْجَاهِلِ بِصَوَابِ الْجَوَابِ:

- ‌بَابُ صِفَةِ الْمُفْتِي، وَشُرُوطِهِ، وَأَحْكَامِهِ، وَآدَابِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌الْقِسْمُ الْأَوَّلُ المُجْتهِد المُطْلَقُ

- ‌الْقِسْمُ الثّانِي مُجْتَهِدٌ فِي مَذهَبِ إِمَامِهِ، أَوْ إِمَامِ غَيْرِهِ

- ‌الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمُجْتَهَدُ فِي نَوْعٍ مِنَ الْعِلْمِ

- ‌الْقِسْمُ الرَّابِعُ الْمُجْتَهدُ فِي مَسَائِلَ، أَوْ مَسْأَلَةٍ

- ‌بَابُ بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمُفْتِي، وَآدَابِهِ، وَمَا يَتَعلَّقُ بِهِ

- ‌فَصْلٌ* إِذَا عَمِلَ الْمُسْتَفْتِي بِفُتْيَا مُفْتٍ فِي إِتْلَافٍ، ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُ

- ‌فَصْلٌ* يَحْرُمُ التَّسَاهُلُ فِي الفَتْوَى، وَاسْتِفْتَاءُ مَنْ عُرِفَ بِذَلِكَ

- ‌فَصْلٌ* لَيْسَ لِمَنِ انْتَسَبَ إِلَى مَذْهَبِ إِمَامٍ فِي مَسْأَلةٍ ذَاتِ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ؛ أَنْ يَتَخَيَّرَ فَيَعْمَلَ أَوْ يُفْتِيَ بَأَيِّهمَا شَاءَ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الاسْتِفْتَاءِ، وَالْفَتْوَى، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا

- ‌فَصْلٌ* يَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُفْتِي فِي فَتْوَاهُ الْحُجَّةَ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْمُسْتَفْتِي، وَأَحْكَامِهِ، وَآدَابِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ

- ‌فَصْلٌ* هَلْ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يَتَخَيَّرَ وَيُقَلِّدَ أَيَّ مَذْهَبٍ شَاءَ أَمْ لا

- ‌فَصْلٌ* إِذَا اخْتَلَفَ عَلَى الْمُسْتَفْتِي فُتْيَا مُفْتِيَيْنِ فَأَكْثَرَ

- ‌فَصْلٌ* إذَا سَمِعَ الْمُسْتَفْتِي جَوَابَ الْمُفْتي؛ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَمَلُ بهِ إلَّا بِالْتزَامه

- ‌ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ:صَرِيحٌ لا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا، وَلا مُعَارِضَ لَهُ

- ‌ الْقِسْمُ الثَّانِي:ظَاهِرٌ يَجُوزُ تَأْوِيلُهُ بِدَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ

- ‌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ:الْمُجْمَلُ الْمُحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ

- ‌ثبت المصادر والمراجع

- ‌المراجع المخطوطة

- ‌المراجع المطبوعة

- ‌كتب التفسير

- ‌كتب العقيدة

- ‌كتب الحديث

- ‌كتب الفقه

- ‌كتب أصول الفقه

- ‌كتب التاريخ والتراجم

- ‌كتب متنوعة

الفصل: ‌ القسم الثالث:المجمل المحتاج إلى بيان

*‌

‌ الْقِسْمُ الثَّانِي:

ظَاهِرٌ يَجُوزُ تَأْوِيلُهُ بِدَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ

(1).

فَإِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ، أَوْ لُغَوِيٌّ، أَوْ عُرْفِيٌّ؛ فَهُوَ مَذْهَبُهُ.

* * *

*‌

‌ الْقِسْمُ الثَّالِثُ:

الْمُجْمَلُ الْمُحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ

(2).

* * *

* الْقِسْمُ الرَّابِعُ:

مَا دَلَّ سِيَاقُ (3) كَلَامِهِ عَلَيْهِ، وَقُوَّتُهُ، وَإِيمَاؤُهُ، وَتَنْبِيهُهُ.

(1) عبارة المؤلف في (الغاية): "ظاهر يجوز تأويله وحمله على محمل بعيد، لكنه محتمل لدليل يقتضيه يمنع من الأخذ بالظاهر".

(2)

عبارة المؤلف في (الغاية): "محتمل لمعنيين أو لمعانٍ على حد سواء أو رجحان لا عبرة به لقلة ظهوره واتجاهه".

(3)

في (ب): قياس.

ص: 318

فَصْلٌ

* فَإِنْ قَال: "هَذَا لا يَنْبَغِي"، أَوْ:"لَا يَصْلُحُ"(1):

فَهُوَ لِلتَّحْرِيمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ فَرُّوجًا مِنْ حَرِيرٍ -أَي قَبَاءً-، ثُمَّ نَزَعَهُ نَزْعًا كَرِيهًا، وَقَال:"إِنَّ هَذَا لا يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِينَ"(2).

وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ؛ فَتَعَيَّنَ، وَلَعَلَّهُ [عليه السلام] (3) قَال بَعْدَ ذَلِكَ:"هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِهَا"(4)، فَكَانَ تَوْكِيدًا لِتَحْرِيمِهِ السَّابِقِ، إِذْ لَوْ كَانَ تَحْرِيمُهُ سَابِقًا؛ لَمْ يَلْبَسْهُ، وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا؛ لَمْ يَنْزِعْهُ نَزْعًا كَرِيهًا، وَيَقُولُ مَا قَالهُ.

وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم (5) قَال: "إِنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هِيَ التَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَقِرَاءَةُ الْقُرآنِ"(6).

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 581 و 590، و (الرعاية): 1/ 25، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 44، و (الإنصاف): 30/ 374، و (المعونة): 11/ 583، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):16.

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم: 375، ومسلم في (صحيحه) رقم:5548.

(3)

من (ب).

(4)

أخرجه الإمام أحمد في (المسند) رقم: 750، وابن ماجه في (السُّنن) رقم: 3597، والطبرانيّ في (المعجم الكبير) رقم: 126، وابن أبي شيبة في (المصنف) رقم: 24659، والبزَّار في (البحر الزخار) رقم:886.

(5)

من (أ)، وفي (ب): عليه السلام.

(6)

أخرجه مسلم في (صحيحه) رقم: 1227، وأبو داود في (السُّنن) رقم: 930، والطبرانيّ في (المعجم الكبير) رقم: 945، وابن خزيمة في (صحيحه): 859، وأحمد في (المسند) رقم: 23767، والبيهقي في (السُّنن الكبير) رقم: 2349، والبخاري في (القراءة خلف الإمام) رقم:39.

ص: 319

وَلهَذَا قَال: "إِنَّ اللهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ أَلا (1) تَكَلَّمُوا فِي الصَّلاةِ"(2).

(1) في (ب): لا، وفي (غ): أن لا.

(2)

أخرجه الحميدي في (المسند) رقم: 94، والإمام أحمد في (المسند) رقم: 3575، والشاشي في (المسند) رقم: 603، والطبرانيّ في (المعجم الكبير) رقم: 10120، وأبو داود في (السُّنن) رقم: 924، والنسائي في (السُّنن الكبرى) رقم: 564، وابن أبي شيبة في (المصنف) رقم:4803.

ص: 320

فَصْلٌ

* وَقَوْلُ [الْإمَامِ](1) أَحْمَدَ: "لا بَأْسَ بِكَذَا"، أَوْ (2):"أَرْجُو أَنْ لا بَأْسَ بِهِ (3) "(4): لِلْإِبَاحَةِ.

وَفَاقًا لِقَوْلِهِ عليه السلام: "لَا بَأْسَ بِمَسْكِ الْمَيْتةِ إِذَا دُبِغَ، وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا إِذَا غُسِلَ"(5).

(1) من (أ).

(2)

في (أ): و.

(3)

في (ب): فيه.

(4)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 4/ 646، و (الرعاية): 1/ 25، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الإنصات): 30/ 375، و (المعونة): 11/ 584، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):33.

(5)

أخرجه الطبرانيّ في (المعجم الكبير) رقم: 538، والدارقطني في (السُّنن) رقم: 116، والبيهقي في (السُّنن الكبير) رقم: 83، وفي (معرفة السُّنن) رقم:554.

ص: 321

فَصْلٌ

* قَوْلُ أَحْمَدَ: "أَخْشَى" أَوْ "أَخَافُ" أَنْ يَكُونَ كَذَا، أَوْ أَلَّا يَكُونَ كَذَا (1):

- كَقَوْلِهِ: "يَجُوزُ" أَوْ "لَا يَجُوزُ".

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي.

كَقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْجَمَاعَةِ: "أَخْشَى أَنْ تَكُونَ فَرِيضَةً"(2)، وَفِي إِخْرَاجِ الْقِيمَةِ [فِي الزَّكَاةِ] (3):"أَخْشَى أَلَّا يُجْزِئَهُ"(4)، وَقَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ -إِذَا أَخْبَرَ بِهِ وَهُوَ كَاذِبٌ-:"أَخْشَى أَنْ يَكُونَ وَقَعَ"(5).

وَالْكُلُّ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَنَا؛ لِقَوْلِهِ (6) -تَعَالى-: {يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} (7)، وَقَوْلِهِ:{إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (8)

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 595 و 657، و (العُدَّة): 5/ 1622 و 1624، و (الرعاية): 1/ 25، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 45، و (حاشية ابن قندس): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 375، و (المعونة): 11/ 584، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):17.

(2)

رواها صالح في (مسائله): 2/ 34، وذكر ها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 1/ 346 و 2/ 595.

(3)

من (أ)، وليست في (ب).

(4)

رواها عبد الله في (مسائله): 171، وأبو داود في (مسائله): 85، وذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 596.

(5)

الرواية ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 595.

(6)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): كقوله.

(7)

المائدة: 52، وقع خطأ في (1): قالوا نخشى

وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه المؤلف في (الغاية).

(8)

الأنعام: 15.

ص: 322

- وَقِيلَ: "هُمَا لِلْوَقْفِ وَالشَّكِّ".

كَقَوْلِ (1) أَحْمَدَ فِي "الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ" يَعْنِي بِهِ الطَّلاقَ: "أَخْشَى أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا"(2).

وَفِيْهِ بُعْدٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ [عُرْفًا](3) غَالِبًا فِي الاِمْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ خَوْفَ الضَّرَرِ مِنْهُ، وَحَيْثُ امْتَنَعَ مِنَ الْفَتْوَى إِنَّمَا كَانَ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ.

* * *

(1) في (ب): لقول.

(2)

الرواية رواها صالح في (مسائله): 2/ 356، وابن هانئ في (مسائله): 1/ 334، وأبو داود في (مسائله): 170، وذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 599.

(3)

من (أ)، وليست في (ب).

ص: 323

فَصْلٌ

* وَقَوْلُ أَحْمَدَ: "أُحِبُّ كَذَا"(1):

- لِلنَّدْبِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.

كَقَوْلِ أَحْمَدَ: "يَذْبَحُ إِلَى الْقِبْلَةِ أَحَبُّ إِليَ"(2)، وَ"يَذْهَبُ إِلَى الْجُمْعَةِ مَاشِيًا أَحَبُّ إِليَّ"(3).

وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ"(4).

وَقَال: "إِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ [-تَعَالى-] (5) أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ"(6).

وَالْمَحْبُوبُ مَنْدُوبٌ.

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 618 و 789 و 798، و (العُدَّة): 5/ 1627 و 1634، و (الرعاية): 1/ 25، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 45، و (الإنصاف): 30/ 375، و (المعونة): 11/ 583، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):28.

(2)

رواية أبي طالب، ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 628، وأبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1628.

(3)

رواية صالح، ولم أجدها في المطبوع من مسائله، وذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 629، وأبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1628.

(4)

أخرجه الإمام أحمد في (المسند) رقم: 9530، والبخاري في (صحيحه) رقم: 6223، وفي (الأدب المفرد) رقم: 919، وابن خزيمة في (صحيحه) رقم:922.

(5)

من (ب).

(6)

متفق عليه، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم: 6464، ومسلم في (صحيحه) رقم:1866.

ص: 324

- وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: " [إِنَّهُ] (1) لِلْوُجُوبِ".

كَقَوْلِ أَحْمَدَ فِي اثْنَيْنِ قَطَعَا يَدًا: "أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُقْطَعَا"(2).

وَعِنْدَهُ تُؤْخَذُ الْأَيْدِي بالْيَدِ، وَالْأَنْفُسُ بِالنَّفْسِ، فكَأَنَّهُ أَرَادَ "أَسْتَحِبُّ مِنَ الْمَذَاهِبِ كَذَا"، وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ.

وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي قَوْلِ أَحْمَدَ: "هَذَا حَسَنٌ"، أَوْ "أَحْسَنُ"، أَوْ "أَسْتَحْسِنُ كَذَا"، وَفِي قَوْلِهِ:"يُعْجِبُنِي كَذَا"، أَوْ "هُوَ أَعْجَبُ (3) إِلَيَّ".

وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: "إِذَا اسْتَحْسَنَ شَيْئًا، أَوْ قَال: "هُوَ حَسَنٌ"؛ فَهُوَ لِلنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ.

وَإِنْ قَال: "يُعْجِبُنِي"؛ فَهُوَ لِلوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ".

* * *

(1) من (ب).

(2)

الرواية ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 625.

(3)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): أحب.

ص: 325

فَصْلٌ

* وَقَوْلُ أَحْمَدَ: "أكْرَهُ كَذَا"، أَوْ "لا يُعْجِبُنِي" (1):

- لِلتَّنْزِيهِ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-، إِنْ لَمْ [يُحَرِّمْهُ قَبْلَ](2) ذَلِكَ.

كَقَوْلِهِ: "أَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الطَّعَامِ (3)، وَإِدْمَانَ اللَّحْمِ (4)، وَالخُبْزَ الْكِبَارَ (5) ".

لِقَوْلِهِ (6) -تَعَالى-: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} (7) الْآيَةَ.

وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا"(8).

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 747 و 815، و (العُدَّة): 5/ 1630، و (الرعاية): 1/ 25 و 26، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 45، و (تصحيح الفروع): 1/ 45، و (الإنصاف): 30/ 374، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):21.

(2)

في (أ): يحرم وقيل.

(3)

الرواية رواها الكوسج في (مسائله): 8/ 4003، وذكرها أبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1633، والمرداوي في (التَّحبير): 3/ 1009، وفي (تصحيح الفروع): 1/ 45.

(4)

الرواية ذكرها المرداوي في (التَّحبير): 3/ 1009، وفي (تصحيح الفروع): 1/ 45.

(5)

الرواية ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 772، وأبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1633، وابن قدامة في (المُغني): 8/ 614، والمرداوي في (الإنصاف): 21/ 357، وفي (تصحيح الفروع): 1/ 45.

(6)

في (ب): كقوله.

(7)

التوبة: 46.

(8)

أخرجه الخرائطي في (مكارم الأخلاق) رقم: 3، وابن حبان في (روضة العقلاء): 17، والطبرانيّ في (المعجم الكبير) رقم: 2894، الشهاب في (المسند) رقم: 1076، والخطيب في (الجامع لأخلاق الرواة) رقم:39.

ص: 326

- وَقِيلَ: "بَلْ لِلتَّحْرِيمِ".

اخْتَارَ الْخَلَّال، وَصَاحِبُهُ، وَابْنُ حَامِدٍ.

كَقَوْلِ أَحْمَدَ: "أَكْرَهُ الْمُتْعَةَ (1)، وَالصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ (2) ".

وَكَقَوْلِهِ: "هَذَا قَبِيحٌ"، أَوْ "أَنَا أَسْتَقْبِحُهُ"، أَوْ "لا أَرَاهُ".

لِقَوْلِهِ (3) -تَعَالى-: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} (4)، أَي حَرَامًا.

وَلِأَنَّهُ أَحْوَطُ.

وَالْأَوْلَى: النَّظَرُ إِلَى الْقَرَائِنِ فِي الكُلِّ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبٍ، أَوْ نَدْبٍ، أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ كَرَاهَةٍ، أَوْ إِبَاحَةٍ؛ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ تَوَسَّطَتْ.

* * *

(1) ذكرها أبو يعلى في (الروايتين والوجهين): 2/ 107، وفي (العُدَّة): 5/ 1631، والمرداوي في (التَّحبير): 3/ 1008، وفي (تصحيح الفروع): 1/ 45.

(2)

ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 763، وأبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1631، والمرداوي في (التَّحبير): 3/ 1008، وفي (تصحيح الفروع): 1/ 45.

(3)

في (ب): كقوله.

(4)

الإسراء: 38.

ص: 327

فَصْلٌ

* فَإِنْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ شَيْءٍ فَأَجَابَ، ثُمَّ سُئِلَ عَنْ غَيْرِهِ فَقَال:"ذَاكَ (1) أَهْوَنُ"، أَوْ:"أَشَدُّ"(2):

- فَقَال أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: "هُمَا [عِنْدَهُ] (3) سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ قَدْ يَسْتَوِيَانِ فِي الْوُجُوبِ، وَالنَّدْبِ، وَالتَّحْرِيمِ، وَالْكَرَاهَةِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا آكَدَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ عِنْدَهُ آكَدُ مِنْ بَعْضٍ".

- وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: "لَفْظُهُ يَقْتَضِي الْفَرْقَ فِي الْحُكْمِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: "أَهْوَنُ" يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ نَفْيَ التَّحْرِيمِ؛ فَيَكُونَ مَكْرُوهًا، أَوْ نَفْيَ الْوُجُوبِ؛ فَيَكُونَ مَنْدُوبًا".

وَالْأُوْلَى: النَّظَرُ إِلَى الْقَرَائِنِ فِي الْكُلِّ، وَمَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَصْلَحِ (4) الْمَحَامِل، وَأَرْجَحِهَا، وَأَنْجَحِهَا، وَأَرْبَحِهَا (5).

وَقَدْ وُجِّهَ كُلُّ قَوْلٍ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ هُنَا.

(1) في (ب): ذلك.

(2)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 667، و (الرعاية): 1/ 25، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 46، و (تصحيح الفروع): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 376، و (المعونة): 11/ 584.

(3)

من (أ).

(4)

من (أ) و (ج) و (غ)، وفي (ب) و (ت): أصح.

(5)

من (ب) و (ت)، وفي (أ): وأربحها وأرجحها وأنجحها.

ص: 328

فَصْلٌ

* فَإِنْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ شَيْءٍ فَأَجَابَ، ثُمَّ سُئِلَ عَنْ غَيْرِهِ، فَقَال:"ذَاكَ (1) شَنَعٌ"(2)، كقَوْلهِ فِي الْعَبِيدِ:"تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي الأَمْوَالِ" فَقِيلَ لَهُ: تُقْبَلُ فِي الْحُدُودِ؟ فَقَال: "ذَاكَ شَنَعٌ"(3):

- فَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَبُو بَكْرٍ بِالْفَرْقِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَوَقَّفْ، وَمَا شَنُعَ عِنْدَ النَّاسَ إِلَّا لِدَلِيلٍ مَانِعٍ مِنَ التَّسْوِيَةِ.

- وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: " [هُمَا](4) عِنْدَهُ سَوَاءٌ؛ لِعَدَمِ مَا يَمْنَعُهَا ظَاهِرًا، وَتَرْكُ الشَّيْءِ لِلشَّنَاعَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى قُبْحِهِ وَمَنْعِهِ شَرْعًا.

وَلِهَذَا تَرَكَ أَحْمَدُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ تَأَسِّيًا بِالنَّاسِ فِي التَّرْكِ، وَهَابَ مَسْأَلةَ الْمَفْقُودِ، وَجَعَلَهَا أَصْحَابنَا (5) مَذْهَبًا لَهُ" (6).

(1) من (أ) و (غ)، وفي (ب): ذلك.

(2)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 686، و (العُدَّة): 5/ 1625، و (الرعاية): 1/ 25، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 376، و (المعونة): 11/ 584.

(3)

رواية الميموني، ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 690، وأبو يعلى في (العُدَّة): 5/ 1626.

(4)

من (ب).

(5)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): أصحابه.

(6)

زاد المؤلف في (الغاية): "والناس تبع لعاداتهم، فإن العادات حاكمة، والمألوفات لازمة، والجاهلون لأهل العلم أعداء، والمنكر عند العامة ما خالف عاداتهم وإن كان حقًّا؛ ولهذا يستحسن أهل كل بلد ما قد يستقبحه غيرهم".

ص: 329

قُلْتُ: "وَالاِعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ عَلَى الْقَرَائِنِ، وَاسْتِقْرَاءِ النَّظَائِرِ.

فَإِنْ كَثُرَ التَّشَابهُ بَيْنَهُمَا (1)، وَعَسُرَ الْفَرْقُ؛ لَمْ تَمْتَنِعِ (2) التَّسْوَيةُ شَرْعًا بالشَّنَاعَةِ عُرْفًا.

وَإِنْ ظَهَرَ الْفَرْقُ؛ تُرِكَ لَهُ، لِلْإِلْحَاقِ (3) لَا لِلشَّنَاعَةِ" (4).

* * *

(1) أي: بين المسألتين.

(2)

في (ب): يمتنع.

(3)

في (ب): الإلحاق.

(4)

زاد المؤلف في (الغاية): "فما من شيء من المسائل إلا وهو مقبول عند قوم، مشهور بينهم، غير منكر ولا مستنكر، ولا بشع ولا مستبشع، وربما كان أحق من غيره، وقد يكون بعكس هذه الأوصاف عند الآخرين، لاسيما إذا كان ذلك شيئًا غامضًا أو مشكلًا أو غريبًا أو عجيبًا".

ص: 330

فَصْلٌ

* فَإِنْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَال:"أَجْبُنُ عَنْهُ"(1):

- فَقَال ابْنُ حَامِدٍ: "هُوَ مَذْهَبُهُ، وَلَيْسَ قَوِيًّا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ جُبْنَهُ لِكَثْرَةِ الشُّبْهَةِ، أَوْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ، أَوْ لِتَعَادُلِ الْأَدِلَّةِ -إِنْ أَمْكَنَ-".

- وَقُلْتُ (2): "بَلْ يُكْرَهُ"(3).

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 677، و (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 376، و (المعونة): 11/ 584، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):38.

(2)

في (ب): فقلت.

(3)

قال المؤلف في (الغاية): "قلت: والقول فيه قريب من الذي قبله فيحتمل وجهين".

ص: 331

فَصْلٌ

* [وَمَا](1) دَلَّ كَلَامُهُ عَلَيْهِ وَسِيَاقُهُ (2) وَقُوَّتُهُ (3):

فَهُوَ مَذْهَبُهُ، مَا لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى مِنْهُ.

[كَقَوْلِه](4) فِي الْعُرَاةِ: "فِيهَا (5) اخْتِلَافٌ، إِلَّا أَنَّ إِمَامَهُمْ يَقُومُ [فِي] (6) وَسَطِهِمْ"، وَعَابَ مَنْ قَال:"يَقْعُدُ الإِمَامُ"(7).

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ: أَنْ [يُصَلِّي الْعُرْيَانُ قَائِمًا](8).

* * *

(1) في (ب): ما.

(2)

في (ب): وسقوطه.

(3)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 416، و (الفروع): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 374، و (التَّحبير): 8/ 3963، و (المعونة): 11/ 583، و (شرح الكوكب): 4/ 496.

(4)

في (ب): كقول أحمد.

(5)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): فيهم.

(6)

من (أ).

(7)

رواية المروذي، ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 1/ 416، وابن قُدامة في (المُغني): 2/ 213، وروى نحوها عبد الله في (مسائله) رقم:226.

(8)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): الإمام العريان يصلي قائمًا.

ص: 332

فَصْلٌ

* فَإِنْ أَفْتَى بِحُكْمٍ، ثُمَّ اعْترَضَ عَلَيْهِ أَحَدٌ؛ فَسَكَتَ (1):

- لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا عَنْهُ إِلَى ضِدِّهِ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَهُ بَعْضُ الأصْحَابِ، إِنْ (2) احْتَمَلَ التَّدَبُّرَ، أَوْ كَرَاهِيَةَ الْكَلَامِ؛ لِشُبْهَةٍ، أَوْ فِتْنَةٍ، أَوْ تَوَرُّعًا (3).

- وَالثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ؛ لِتَوَقُّفِ أَحْمَدَ عَنِ الْجَوَابِ مَعَ وُجُوبِ دَفْعِ الشُّبْهَةِ؛ خَوْفًا مِنْ ضَلَالِ السَّائِلِ، أَوْ بَقَائِهِ عَلَى بَاطِلٍ، وَقَدْ رَجَعَ الصَّحَابَةُ [رضي الله عنهم] (4) إِلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ لَوْمِهِمْ [إيَّاهُ فِي] (5) قِتَالِهِ [مَانِعِي] (6) الزَّكَاةِ؛ لِقَوْلِهِمْ:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ"(7).

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 423، و (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 945، و (الفروع): 1/ 49، و (حاشية ابن قندس): 1/ 49، و (تصحيح الفروع): 1/ 49، و (الإنصاف): 30/ 375، و (المعونة): 11/ 585.

(2)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): لأنه.

(3)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): تورع.

(4)

جاءت في (أ): بعد: أبي بكر، وهكذا وردت في (ب).

(5)

في (أ): على.

(6)

في (أ): لمن منع.

(7)

حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم: 1399، ومسلم في (صحيحه) رقم:133.

ص: 333

فَصْلٌ

* وَصِيغَةُ (1)[كَلَامِ](2) الْوَاحِدِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَرُوَاتِهِ، فِي تَفْسِيرِ مَذْهَبِهِ وَإِخْبَارِهِمْ عَنْ رَأْيِهِ (3):

- كَنَصِّهِ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُمْ مَذْهَبِهِ (4)، وَمُرَادِهِ بِكَلَامِهِ، وَهُوَ عَدْلٌ ثِقَةٌ، خَبِيرٌ بِمَا رَوَاهُ، كَقَوْلِ ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ:"سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْخُطَّافِ؛ فكَانَ عِنْدَهُ أَسْهَلَ مِنَ الْخُشَّافُ (5) "(6).

- وَالثَّانِي: لَا يَكُونُ مَذْهَبُهُ.

اخْتَارَهُ الْخَلَّال وَصَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَقِدَ خِلَافَهُ، وَرُبَّمَا أَرَادَ غَيْرَ مَا ظَهَرَ لِلرَّاوِي، بِخِلَافِ حَالِ الصَّحَابَةِ [رضي الله عنهم](7) مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ.

(1) من (ب) و (ص)، وفي (أ): صفة.

(2)

من (ب).

(3)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 402، و (الرعاية): 1/ 25، و (الفروع): 1/ 46، و (الإنصاف): 30/ 380، و (المعونة): 11/ 587.

(4)

في (ب): بمذهبه.

(5)

من (أ)، وفي هامش (أ): لعله الخفَّاش، وهكذا جاءت في (تهذيب الأجوبة)، وفي (ب): الخفَّاش.

(6)

الرواية رواها عبد الله في (مسائله): رقم 1000، وذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 405.

(7)

من (أ).

ص: 334

فَصْلٌ

* وَإِنِ انْفَرَدَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، أَوْ (1) رُوَاتِهِ عَنْهُ بِقَوْلٍ، وَقَوِيَ دَلِيلُهُ (2):

- فَهُوَ مَذْهَبُهُ.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَال:"يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنَ العَدْلِ مَقْبُولَةٌ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ عِنْدَ (3) أَحْمَدَ، فَكَيْفَ [عَنْهُ! ]، (4)، وَالرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةٌ خَبِيرٌ بِمَا رَوَاهُ".

- وَخَالفَهُ الْخَلَّال، وَصَاحِبُهُ، [وَأَكْثر الأصْحَابِ](5)، لِأَنِّ نِسْبَةَ الْخَطَأَ إِلَى وَاحِدٍ أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهِ إِلَى جَمَاعَةٍ، وَالأَصْلُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ.

* * *

(1) في (ب): و.

(2)

يُنظر: (الرعاية): 1/ 25، و (المسودة): 2/ 943، و (الفروع): 1/ 47، و (حاشية ابن قندس): 1/ 47، و (تصحيح الفروع): 1/ 48، و (الإنصاف): 30/ 373، و (المعونة): 11/ 583.

(3)

من (أ) و (غ) و (ص)، وفي (ب): عن.

(4)

من (أ).

(5)

من (أ).

ص: 335

فَصْلٌ

* فإِنْ أَجَابَ فِي شَيْءٍ بِكِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ، أَوْ قَوْلِ صَحَابِيٍّ (1):

كَانَ الْحُكْمُ مَذْهَبَهُ؛ لأَنَّهُ اعْتَقَدَ مَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا حَيْثُ أَجَابَ [فِيهِ](2)، وَأَفْتَى بِحُكْمِهِ، وَإِلَّا لَبَيَّنَ مُرَادَهُ مِنْهُ غَالِبًا.

وَلأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَهُ، فَلَوْ كَانَ مُتَأَوَّلًا أَوْ مُعَارَضًا؛ لَتَوَقَّفَ فِيهِ.

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 320، و (الرعاية): 1/ 26، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 47، و (حاشية ابن قندس): 1/ 47، و (الإنصاف): 30/ 376، و (المعونة): 11/ 584.

(2)

من (أ).

ص: 336

فَصْلٌ

* فَإِنْ ذَكرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَبَرًا، أَوْ قَوْلَ صَحَابِيٍّ، وَصَحَّحَهُ، أَوْ حَسَّنَهُ، أَوْ رَضِيَ سَنَدَهُ، أَوْ دَوَّنَهُ فِي كتُبِهِ، وَلَمْ (1) يَرُدَّهُ (2):

- لَمْ يَكُنْ مُقْتَضَاهُ مَذْهَبًا لَهُ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-، إِذْ لَوْ نُسِبَ إِلَيْهِ مَا رَوَاهُ [مَذْهَبًا لَهُ](3)؛ لَنُسِبَ إِلَى أَرْبَابِ الْحَدِيثِ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا رَوَوْهُ.

وَلهَذَا: لَوْ أَفْتَى بِحُكْمٍ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثًا يُخَالِفُهُ؛ لَمْ نَجْعَلْ نَحْنُ مَذْهَبَهُ الْحَدِيثَ، بَلْ فُتْيَاهُ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ عِنْدَهُ مَنْسُوخًا أَوْ مُتَأَوَّلًا أَوْ مُعَارَضًا بِأَقْوَى مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُ.

وَلأَنَّ أَحْمَدَ صَحَّحَ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مَهْرٌ (4)، وَلَمْ يَجْعَلْهُ (5) مَذْهَبَهُ -فِي الأْشْهَرِ-.

- وَالثَّاني: يَكُونُ مُقْتَضَاهُ مَذْهَبَهُ.

اخْتَارَهُ ابْنَاهُ، وَالْمَرُّوذِيُّ، وَالْأَثْرَمُ، لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِهِ.

(1) في (ب): أو لم.

(2)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 372، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 945، و (الفروع): 1/ 47، و (تصحيح الفروع): 1/ 48، و (الإنصاف): 30/ 377، و (المعونة): 11/ 585.

(3)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): أنه مذهبه.

(4)

متفق عليه، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم: 5030، ومسلم في (صحيحه) رقم:3553.

(5)

في (أ): نجعله.

ص: 337

فَلَا يُظَنُّ أَنهُ يُفْتِي بِخِلَافِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُعَارِضِ حَتَّى يَتبَيَّنَ (1). وَإِنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ؛ دَلَّ عَلَى ظَفَرِهِ بِدَلِيلٍ يَجُوزُ تَرْكُ الْخَبَرِ لَهُ (2).

وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى تَقْدِيمِ الْخَبَرِ عَلَى الْفَتْوَى (3)، فَيُقَدَّمُ مَا رَوَاهُ عَلَى مَا رَآهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَكَذَا فِي حَقِّهِ.

[وَقُلْتُ](4): "يُقَدَّمُ (5) الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا، مَعَ ذِكْرِهِ أَوَّلِهِمَا".

* * *

(1) في (ب): يبين.

(2)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): به.

(3)

في (ب): الفتيا.

(4)

في (ب): قلت.

(5)

في (ب): تقدم.

ص: 338

فَصْلٌ

* فَإِنْ ذَكَرَ [عَنْ](1) الصَّحَابَةِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ أَحَدَهُمَا (2):

- فَمَذْهَبُهُ: أَقْرُبهُمَا مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-؛ لأَنَّهُ قَال: "إِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ نُظِرَ أَشْبَهُهُمَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأُخِذَ بِهِ"(3).

وَلَا نَجْعَلُ (4) مَا حَكَاهُ عَنْ غَيْرِهِمْ مَذْهَبًا لَهُ؛ لَأنَّهُ يَجُوزُ (5) أَنْ يَذْهَبَ إِلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ لا (6) يَخْرِقُ إِجْمَاعَهُمْ، بِخِلَافِ الصَّحَابَةِ؛ لَأنَّهُ (7) يَتَعَيَّنُ الأخْذُ بِقَوْلِ أَحَدِهِمْ؛ لأَنَّهُ عِنْدَهُ حُجَّةٌ -فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ-.

- وَالثَّانِي: لَيْسَ أَحَدُهُمَا مَذْهَبًا لَهُ؛ لأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَشْبَهِ مِنْهُمَا (8)، فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَمْ يُرَجِّحْ أَحَدَهُمَا، وَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ؛ دَلَّ (9) عَلَى أَنَّهُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ، فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مَذْهَبًا لَهُ.

وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

(1) من (أ).

(2)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 439، و (الرعاية): 1/ 26، و (الحاوي): 56، و (المعونة): 11/ 585.

(3)

الرواية ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 1/ 445.

(4)

في (ب): يجعل.

(5)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): لا يجوز.

(6)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): لأنه.

(7)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): فإنه.

(8)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): فيهما.

(9)

في (ب): دلت.

ص: 339

فَصْلٌ

* فَإِنْ نُقِلَ عَنْهُ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلانِ، دَلِيلُ أَحَدِهِمَا قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَامٌّ، وَدَلِيلُ الآخَرِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ وَهُوَ خَاصٌّ (1):

- فَالْأَوَّلُ مَذْهَبُهُ.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، لِقَوْلِهِ (2) -تَعَالى-:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (3) إِلَى (4) غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأدِلَّةِ.

- وَقِيلَ: "بَلْ الثَّانِي؛ لأَنَّهُ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ -عَلَى الْأَشْهَرِ- وَيَخُصُّ بِهِ عُمُومَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَيُفَسِّرُ بِهِ مُجْمَلَهُمَا -فِي وَجْهٍ-".

وَإِنْ كَانَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخَصَّ أَوْ أَحْوَطَ؛ تَعَيَّنَ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ كَانَا عَامَّيْنِ أَوْ خَاصَّيْنِ، أَوْ لَمْ نَجْعَلْ (5) قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةً -فِي رِوَايَةٍ -، وَلَمْ (6) نَخُصَّ (7) بِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ -فِي وَجْهٍ-.

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 945، و (الرعاية): 1/ 26، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 945، و (الفروع): 1/ 45، و (الإنصاف): 30/ 378، و (المعونة): 11/ 586.

(2)

في (ب): كقوله.

(3)

الحشر: 7.

(4)

في (أ): و.

(5)

في (ب): يجعل.

(6)

في (ب): أو لم.

(7)

في (ب): يخصُّ.

ص: 340

وَإِنْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا مَذْهَبَ صَحَابِيٍّ، وَقُلْنَا:"هُوَ حُجَّةٌ، يُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَيُخَصُّ بِهِ الْعُمُومُ". وَالآخَرُ مَذْهَبَ تَابِعِيٍّ، وَقُلْنَا:"يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ مَعَ الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: وَعَضَّدَهُ عُمُومُ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ أَثَرٍ". فَأَيُّهُمَا مَذْهَبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ (1).

وَإِنْ قَدَّمْنَا الْقِيَاسَ عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وَلَمْ نَخُصَّ (2) بِهِ عُمُومَ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ؛ قُدِّمَ أَشْبَهُهُمَا [بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ](3).

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 476، و (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 945، و (الإنصاف): 30/ 368.

(2)

في (ب): تخص.

(3)

من (أ).

ص: 341

فَصْلٌ

* فَإِنْ كانَ أَحَدُ قَوْلَيْهِ عَامًّا أَوْ مُطْلَقًا، وَالآخَرُ خَاصًّا أَوْ مُقَيَّدًا (1):

- حُمِلَ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، وَالْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، جَمْعًا بَيْنَهُمَا بِحَسْب الْإِمْكَانِ.

- وَقِيلَ: "يُعْمَلُ بِكُلِّ قَوْلٍ (2) فِي مَحَلِّهِ، وَفَاءً [بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ](3).

فَإِنْ أَمْكَنَ هَذَا، أَوِ التَّنْزِيلُ عَلَى حَاليْنِ؛ تَعَيَّنَ، وَإِلَّا فَلا".

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 845، و (الرعاية): 1/ 25، و (المسودة): 2/ 944، و (الفروع): 1/ 42 و 45، و (حاشية ابن قندس): 1/ 40، و (الإنصاف): 35/ 376، و (المعونة): 11/ 581.

(2)

في (ب): واحد منهما.

(3)

في (ب): باللفظ.

ص: 342

فَصْلٌ

* فإِنْ ذَكرَ اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَعِلَّةَ كُلِّ قَوْلٍ، وَلَمْ يَمِلْ إِلى أَحَدِهِمَا (1):

- فَمَذْهَبُهُ: الْأَشْبَهُ مِنْهُمَا، بِكِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ أَثَرٍ.

- وَقِيلَ: "بِالْوَقْفِ". وَفِيهِ بُعْدٌ.

* * *

(1) يُنظر: (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 945.

ص: 343

فَصْلٌ

* وَإِنْ (1) ذَكَرَ الاخْتِلَافَ، وَحَسَّنَ بَعْضَهُ (2):

فَهُوَ مَذْهَبُهُ؛ لأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِأَقْوَى الْأَقْوَالِ دَلِيلًا، فَمَيْلُهُ إِلَى أَحَدِهَا (3) دَلِيلُ قُوَّتِهِ وَصِحَّتِهِ [عِنْدَهُ](4).

* * *

(1) من (أ) و (ص)، وفي (ب): فإن.

(2)

يُنظر: (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 946، و (الفروع): 1/ 48، و (تصحيح الفروع): 1/ 49، و (الإنصاف): 30/ 379، و (المعونة): 11/ 586.

(3)

في (ب): أحدهما.

(4)

من (أ).

ص: 344

فَصْلٌ

* فَإِنْ عَلَّلَ أَحَدَهُمَا، وَاسْتَحْسَنَ الْآخَرَ، وَلَمْ يُعَلِّلْهُ (1):

- فَمَذْهَبُهُ: مَا اسْتَحْسَنَهُ؛ لأَنَّهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا لِعَلَّةٍ وَوَجْهٍ، فَقَدْ سَاوَى مَا عَلَّلَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ بِاسْتِحْسَانِهِ.

اخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ.

- وَقِيلَ: "مَذْهَبُهُ مَا عَلَّلَهُ". وَفِيهِ بُعْدٌ.

* * *

(1) يُنظر: (المسودة): 2/ 945، و (الفروع): 1/ 50، و (تصحح الفروع): 1/ 49، و (الإنصاف): 30/ 377، و (المعونة): 11/ 585.

ص: 345

فَصْلٌ

* فَإِنْ أَعَادَ (1) ذِكْرَ أحَدِهِمَا، أَوْ (2) فَرَّعَ عَلَيْهِ (3):

- فَهُوَ مَذْهَبُهُ.

- وَقِيلَ: "لَا". وَهُوَ أَوْلَى.

* * *

(1) في (ب): عاد.

(2)

من (أ) و (ص)، وفي (ب): و.

(3)

يُنظر: (المسودة): 2/ 945، و (الفروع): 1/ 48، و (تصحيح الفروع): 1/ 49، و (الإنصاف): 30/ 378، و (المعونة): 11/ 586.

ص: 346

فَصْلٌ

* فَإِنْ سُئِلَ مَرَّةً فَذَكَرَ الاِخْتِلافَ، ثُمَّ سُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَتَوَقَّفَ، ثُمَّ سُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى فَأَفْتَى فِيهَا (1):

فَمَذْهَبُهُ فِيهَا: مَا أَفْتَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَشْبَهَ، لأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّهِ.

وَجَوَابُهُ الْأَوَّلُ إِجْمَالٌ.

وَتَوَقُّفُهُ ثَانِيًا يَحْتَمِلُ النَّظَرَ فِي الْأَرْجَحِ مِمَّا حَكَاهُ، إِذْ لَيْسَ فِي ذِكْرِ الْمَذَاهِبِ تَرْجِيحُ أَحَدِهَا (2).

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 508، و (المسودة): 2/ 946، و (الإنصاف): 30/ 379، و (المعونة): 11/ 586.

(2)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): أحدهما.

ص: 347

فَصْلٌ

* فَإِنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ، فَقَال:"قَال فُلَانٌ كَذَا"، يَعْنِي بَعْضَ الْفُقَهَاءِ (1):

- فَهُوَ مَذْهَبُهُ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ؛ وَإِلَّا لَمْ يُجِبِ السَّائِلَ بِهِ، [وَلَمْ](2) يَقْتَصِرْ عَلَيْهِ.

- وَالثَّانِي: لَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخْبَرَ بِهِ، وَلَمْ يَرَهُ صَوَابًا أَوْ رَاجِحًا.

وَلهَذَا رُبَّمَا أَفْتَى بِخِلَافِهِ.

وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ أَلَّا يَتَقَلَّدَ لِلسَّائِلِ، بَلْ يَدُلَّهُ عَلَى مَا قِيلَ ليَسْأَلَ عَنْهُ.

وَهُوَ أَوْلَى إِنْ شَاءَ اللهُ -تَعَالى-.

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 525، و (المسودة): 2/ 946، و (الرعاية): 1/ 26، و (الفروع): 1/ 47، و (تصحيح الفروع): 1/ 47، و (الإنصاف): 30/ 379.

(2)

من (أ)، وفي (ب): و.

ص: 348

فَصْلٌ

* وَإِنْ (1) قَال: "يَفْعَلُ السَّائِلُ كَذَا وَكَذَا احْتِيَاطًا"(2):

- فَهُوَ وَاجِبٌ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ.

كَقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الطَّلَاقِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَليٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ: "يَقَعُ احْتِيَاطًا"(3).

- وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَنْدُوبٌ.

وَالْأَوْلَى: النَّظَرُ فِي الْحُكْمِ، فَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ فِيهِ أَحْوَطَ، أَوِ (4) اقْتَضَاهُ دَلِيلٌ أَوْ قَرِينَةٌ؛ تَعَيَّنَ، وَإِلَّا فَلَا.

* * *

(1) في (ب): فإن.

(2)

يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 660، و (الرعاية): 1/ 26، و (المسودة): 2/ 946، و (الفروع): 1/ 45، و (مصطلحات الفقه الحنبلي):31.

(3)

الرواية رواها ابن منصور في (مسائله) رقم: 879، وذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 662.

(4)

في (ب): و.

ص: 349

فَصْلٌ

* فإِنْ تَوَقَّفَ فِي مَسْأَلَةٍ (1):

- جَازَ إِلْحَاقُهَا بِمَا يُشْبِهُهَا، إِنْ كَانَ حُكْمُهَا أَرْجَحَ مِنْ غَيْرِهِ.

- وَإِنْ أَشْبَهَتْ (2) مَسْأَلتَانِ أَوْ أَكْثَرُ، أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ، فَهَلْ يُلْحِقُ (3) بِالأْخَفِّ، أَوِ الأْثْقَلِ (4)، أَوْ يُخَيِّرُ الْمُقَلِّدَ بَيْنَهُمَا؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا (5).

الْأَظْهَرُ هُنَا عَنْهُ: التَّخْيِيرُ.

وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: "لَا تتَعَادَلُ الأَمَارَاتُ"(6).

قُلْتُ: "فَلَا تَخْيِيرَ، وَلَا وَقْفَ، وَلَا تَسَاقُطَ إِذًا".

وَالْأَوْلَى: العَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ هُوَ أصْلَحُ لَهُ.

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 694، و (الحاوي): 55، و (المسودة): 2/ 940، و (الفروع): 1/ 50، و (حاشية ابن قندس): 1/ 50، و (تصحيح الفروع): 1/ 49، و (الإنصاف): 30/ 373، و (المعونة): 11/ 582، و (شرح الكوكب): 4/ 501.

(2)

في (ب): اشتبهت.

(3)

من (أ) و (ص)، وفي (ب): تلحق.

(4)

من (أ) و (غ) و (ج)، وفي (ب) و (ص): بالأثقل.

(5)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): أوجه.

(6)

يُنظر: (التمهيد): 4/ 349.

ص: 350

فَصْلٌ

* وَإِذَا نَصَّ عَلَى حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ قَال فِيهَا:"وَلَوْ قَال قَائِلٌ"، أَوْ:"ذَهَبَ ذَاهِبٌ إِلَى كَذَا" يُرِيدُ خِلافَ نَصِّهِ، كانَ مَذْهَبًا؟ (1)

- لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ، كَمَا لَوْ قَال:"وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَذَا".

- قُلْتُ: "وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا لَهُ، كَمَا لَوْ قَال: "يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ".

* * *

(1) يُنظر: (التمهيد): 4/ 382، و (المسودة): 2/ 938 و 946، و (الفروع): 1/ 49، و (التَّحبير): 8/ 3969، و (الإنصاف): 30/ 379، (شرح الكوكب): 5/ 501.

ص: 351

فَصْلٌ

* وَمَفْهُومُ كَلامِهِ (1):

- مَذْهَبُهُ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، لأَنَّ التَّخْصِيصَ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ لِفَائِدَةٍ، وَلَيْسَ هُنَا [سِوَى](2) اخْتِصَاصِ مَحَلِّ النُّطْقِ بِالْحُكْمِ الْمَنْطُوقِ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ تَخْصِيصُهُ بِهِ عَبَثًا وَلَغْوًا.

- وَالثَّاني: لَا.

اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ؛ لأَنَّ كَلَامَهُ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِسُؤَالِ سَائِلٍ أَوْ حَالةٍ خَرَجَ الْكَلَامُ لَهَا مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ فَلَا يَكُونُ مَفْهُومُهُ بخِلَافِهِ؛ وَلهَذَا [إِنَّ](3) لَهُ أَنْ يُعْقِبَهُ (4) بِخِلَافِهِ (5)، وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ ضِدَّهُ لَبَيّنَهُ غَالِبًا.

* فَإِذَا قُلْنَا: "هُوَ مَذْهَبُهُ"، فَنَصَّ عَلَى خِلَافِهِ (6):

- بَطَلَ الْمَفْهُومُ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ- لِقُوَّةِ النَّصِّ وَخُصُوصِهِ.

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 2/ 828، و (الرعاية): 1/ 27، و (المسودة): 2/ 946، و (التَّحبير): 8/ 3963، و (الإنصاف): 30/ 377، و (المعونة): 11/ 587، و (شرح الكوكب): 4/ 497.

(2)

من (أ).

(3)

من (ب).

(4)

في (ب): يعقب.

(5)

في (ب) علامة سقط بمقدار كلمة.

(6)

يُنظر: (الرعاية): 1/ 27، و (المسودة): 2/ 946، و (الإنصاف): 30/ 380.

ص: 352

- وَالثَّانِي: لَا يَبْطُلُ؛ لأَنَّ الْمَفْهُومَ كَالنَّصِ فِي إفَادَةِ الْحُكْمِ، فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلةِ قَوْلَانِ إِنْ كَانَا عَامَّيْنِ.

كَقَوْلِهِ فِي الْأَبِ وَالْأَخِ، لَمَّا سُئِلَ عَنْ عِتْقِ الْأَبِ بِالشِّرَاءِ؟

فَقَال: "يُعْتَقُ".

وَعَنْ [عِتْقِ](1) الأْخ بِهِ؟

فَقَال: "يُعْتَقُ"(2).

فَمَفْهُومُ الْأَوَّلَةِ: أَنَّ الْأَخَ لَا يُعْتَقُ، وَلَفْظُ الثَّانِيَةِ: أَنهُ يُعْتَقُ.

فَإِنْ قُلْنَا: " [إِنَّ] (3) الْمَفْهُومَ يَبْطُلُ بِالْمَنْطُوقِ"؛ كَانَتِ الْمَسْأَلةُ رِوَايَة وَاحِدَةً، وَإِلَا صَارَ فِي الْأَخِ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: بِنَصِّهِ.

وَالأُخْرَى: بِنَقْلٍ وَتَخْرِيجٍ.

* * *

(1) من (أ).

(2)

الرواية ذكرها ابن حامد في (تهذيب الأجوبة): 2/ 829.

(3)

من (أ).

ص: 353

فصل

* فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا (1):

- فَهُوَ مَذْهَبُهُ -فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ-.

اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَاكْثَرُ أَصحَابِنَا، لأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأنبِيَاءِ فِي الْعِلْمِ، وَالتَّبْلِيغِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالاتِّبَاعِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا دَلِيلَ لَهُ عِنْدَهُ، حَذَرًا مِنَ الضَّلَالِ وَالإِضْلَالِ، لَاسِيَّمَا مَعَ الدِّينِ، وَالْوَرَعِ، وَتَرْكِ الشُّبْهَةِ.

- وَالثَّانِي: الْمَنع، لِجَوَازِ ذَلِكَ عَلَيْهِ سَهْوًا، أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جَهْلًا، أَوْ تَهَاوُنًا، [فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهِ](2)، [وَأَنْ يقرَّهُ اللهُ](3) عَلَيْهِ، لِعَدَمِ الْوَحْيِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرُبَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ رُتْبَةِ الاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ؛ [وَلأَنَّ خَطَأَهُ لَا يَعُمُّ](4) ضَلَالهُ بِهِ، وَلَا اتِّبَاعَهُ فِي كُلِّ شَيءٍ، وَلَا تَجَنُبهُ، بِخِلَافِ الشَّارع فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، لَكِنْ جَعْلُهُ أَوْلَى [أَوْلَى](5).

* * *

(1) يُنظر: (تهذيب الأجوبة): 1/ 410، و (المسودة): 2/ 946، و (الرعاية): 1/ 27، و (التَّحبير): 8/ 3963، و (شرح الكوكب): 4/ 496 و 497.

(2)

من (ب).

(3)

من (أ)، والجملة كاملة في (غ):"لجواز ذلك عليه، وأن يقر الله عليه لعدم الوحي" وفي موضع آخر من (غ): "لأن هذا جائز عليه، ويقر عليه، ربما فعل ذلك قبل رتبة الاجتهاد".

(4)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): وإن أخطأه لا نعلم.

(5)

من (أ).

ص: 354

فصل

* إِذَا حَدَثَتْ مَسْألةٌ لا قَوْلَ فِيهَا لِأحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَهَلْ يَجُوزُ الاجْتِهَادُ فِيهَا، وَالْفَتْوَى (1)، وَالْحُكْمُ لِمَنْ هُوَ أَهْل لِذَلِكَ؟ (2)

فِيهِ ثَلَاثةُ أَوْجُهٍ:

- الأوَّلُ: يَجُوزُ؛ لِقَوْلِهِ عليه السلام: "إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"(3) وَهُوَ عَام، [وَعَلَى](4) هَذَا دَرَجَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ.

[وَلِأَنَّ](5) الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ، لِكَثْرَةِ الْوَقَائِعِ، وَ [الْحَاجَةِ إِلَى](6) مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا شَرْعًا، مَعَ قِلَّةِ النُّصُوصِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، وَحَذَرًا مِنْ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ بَيْنَ الْخُصُومِ.

وَلأنَّهُ رُبَّمَا احْتِيجَ إِلَيْهِ، فتتَعَذَّرُ (7) مَعْرِفتهُ إِذًا لِعَدَمِ النَّاظِرِ فِيهِ، أَوْ لِتَأَخُّرِ اجْتِهَادِهِ مَعَ دَعْوَى الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(1) في (ب): الفتيا.

(2)

يُنظر: (الحاوي): 60، و (المسودة): 2/ 960.

(3)

متفق عليه، أخرجه البخاري في (صحيحه) رقم: 7352، ومسلم في (صحيحه) رقم: 4584، بلفظ:"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد".

(4)

في (ب): على.

(5)

في (ب): لأن.

(6)

من (ب).

(7)

في (ب): فتعذر.

ص: 355

- وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ فِيهِمَا.

قَال أَحْمَدُ لِبَعْضِ أَصْحَابهِ: "إِيَّاكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ بكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لَكَ فِيهَا إِمَامٌ"(1).

وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ يَتَدَافَعُونَ الْمَسَائِلَ وَالْفَتْوَى، وَكُلُّ وَاحِدٍ وَدَّ أَنَّ أَخَاهُ كَفَاهُ هِيَ، وَنَعْلَمُ (2) أنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا لَظَهَرَ لَهُمُ الْحَقّ فِي الْمَسْأَلةِ لِأَهْلِيَّتهِمْ (3).

- وَالثَّالِثُ: أنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ دُونَ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْخَطَرَ فِي الْأُصُولِ أَعْظَمُ (4)، وَتَرْكَ الْخَوْضِ فِيهَا أَسْلَمُ، وَالْمُخْطِئُ فِي أَكْثَرِهَا كَافِرٌ أَوْ فَاسِقٌ، بِخِلَافِ الْفُرُوعِ فِي ذَلِكَ، فَإنَّ الْمُخْطِئَ [فِيهَا](5) رُبَّمَا أُثِيبَ كَالْحَاكِمِ الْمُخْطِئِ؛ لِلنَّصِّ فِي اجْتِهَادِهِ، وَكَيْفَ (6) لَا وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ حُكْمِ الْوَاقِعَةِ لِيَقْضِيَ فِيهَا الْمُجْتَهِدُ بِمَا يَرَاهُ، بخِلَافِ الْأُصُولِ، إِذِ الْعَقْلُ كَافٍ فِي [مَعْرِفَةِ](7) أَكْثَرِ مَا يَلْزَمُهُ فِيهَا؛ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غَيْرِهِ، كَمَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْفُرُوعِ، حَيْثُ لَا يُعْلَمُ (8) إِلَّا مِنْ دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ. [وَاللهُ أَعْلَمُ](9).

(1) تقدم تخريج هذه الرواية.

(2)

في (ب): يعلم.

(3)

في (ب) علامة لسقط بمقدار كلمة.

(4)

من (ب) و (غ)، وفي (أ): عظيم.

(5)

من (ب).

(6)

في (ب): فكيف.

(7)

من (ب) و (غ)، وليست في (أ).

(8)

في (ب): تعلم.

(9)

من (ب).

ص: 356

بَابُ [مَعْرِفَةِ](1) عُيُوبِ التَّأْلِيفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِيعْرِف (2) الْمُفْتِي كَيْفَ يَتَصَرَّف فِي الْمَنْقُولِ، وَمَا مُرَادُ قَائِلِهِ وَمُؤَلِّفِهِ؛ فَيصِحَّ نَقْلُهُ لِلمَدهَبِ، وَعَزْوُهُ لَهُ إِلَى الْإِمَامِ أَوْ بَعضِ أَصْحَابِهِ (3)

(1) من (ب).

(2)

من (أ) و (ظ)، وفي (ب) و (ص): ليعلم.

(3)

قال المؤلف في (الغاية) 58/ ب: "وقد كنت جمعت في عيوب التأليف جزءًا قبل أن أقف على (تهذيب الأجوبة) لابن حامد، ومختصره للقاضي أبي يعلى، والشريف أبي جعفر، ففيه فوائد تتعلق بما نحن بصدده، وأنا ألخِّص الغرض من ذلك إن شاء الله، وإذا عرف ذلك عُلم أنَّا احترزنا مما وقع فيه الغير، والله الموفق بلطفه وكرمه".

ص: 357

فَنَقُوُل: اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَ الْمَحَاذِيرِ فِي التَّأْلِيفِ النَّقْلِيِّ؛ إِهْمَال نَقْلِ الْألفَاظِ بِأَعْيَانِهَا، وَالاكْتِفَاءُ بِنَقْلِ الْمَعَانِي، مَعَ قُصُورِ التَّأَمُّلِ عَنِ اسْتِيعَابِ مُرَادِ الْمُتكَلِّمِ الْأَوَّلِ بلَفْظِهِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ بَقِيَّةُ الْأَسْبَابِ مُتَفَرِّعَةً (1) عَنْهُ؛ لَأنَّ القَطْعَ بِحُصُولِ مُرَادِ الْمُتكَلِّمِ بِكَلَامِهِ، أَوِ الْكَاتِبِ بِكِتَابَتِهِ، مَعَ ثِقَةِ الرَّاوِي؛ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْتِفَاءِ الْإِضْمَارِ، وَالتَّخْصِيصِ، وَالنَّسْخِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالاشْتِرَاكِ، وَالتَّجَوُّزِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالنَّقْلِ، وَالْمُعَارِضِ العَقْلِيِّ.

فَكُلُّ نَقْلٍ لَا نَأْمَنُ مَعَهُ حُصُولَ بَعْضِ الْأَسْبَابِ، وَلَا نَقْطَعُ بِانْتِفَائِهَا -نَحْنُ وَلَا النَّاقِلُ-، وَلَا نَظُنُّ عَدَمَهَا، وَلَا قَرِينَةً تَنْفِيهَا؛ فَلا (2) نَجْزِمُ فِيهِ بِمُرَادِ الْمُتكَلِّمِ، بَلْ رُبَّمَا ظَنَنَّاهُ أَوْ تَوَهَّمْنَاهُ، وَلَوْ نُقِلَ لَفْظُهُ بِعَيْنِهِ، وَقَرَائِنِهِ، وَتَارِيخِهِ، وَأَسْبَابِهِ؛ انْتَفَى هَذَا [الْمَحْذُورُ](3) أَوْ أَكْثَرُهُ.

وَهَذَا مِنْ حَيْثُ [الإِجْمَال](4).

وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الظَّنُّ بِنَقْلِ الْمُتَحَرِّي، فَيُعْذَرُ تَارَةً لِدَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَى التَّصَرُّفِ لِأَسْبَاب ظَاهِرَةٍ، وَيَكْفِي ذَلِكَ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ، وَأَكْثَرِ الْمَسَائِلِ الْفُرُوعِيَّةِ.

[وَأَمَّا](5) التَّفْصِيلُ: فَهُوَ (6) أنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ التَّظَاهُرُ بِمَذَاهِبِ الأئِمَّةِ، وَالتّنَاصُرُ لَهَا مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، وَصَارَ لِكُلِّ مَذْهَبٍ مِنْهَا أَحْزَابٌ وَأَنْصَار، وَصَارَ دَأْبُ كُلِّ

(1) من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): مفرعة.

(2)

من (أ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): ولا.

(3)

من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): المحظور.

(4)

تصحَّفت في (أ) و (ب) إلى: الإهمال، والمثبت موافق لـ (ص) و (غ) و (ظ).

(5)

من (أ).

(6)

من (أ) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (ب): وهو، وبعدها علامة سقط بمقدار كلمة.

ص: 359

فَرِيقٍ نَصْرَ قَوْلِ صَاحِبِهِمْ، وَقَدْ لَا يَكُونُ أَحَدُهُمُ اطَّلَعَ عَلَى مَأْخَذِ إِمَامِهِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، فتارَةً يُثْبِتُهُ بِمَا أثْبَتَهُ إِمَامُهُ، وَلَا يَعْلَمُ بالْمُوَافَقَةِ، وَتَارَةً يُثْبتُهُ بغَيْرِهِ، وَلَا يَشْعُرُ (1) بِالْمُخَالفَةِ.

وَمَحْذُورُ ذَلِكَ: مَا يَسْتَجِيزُهُ فَاعِلُ هَذَا (2) مِنْ تَخْرِيجِ أَقَاوِيل إِمَامِهِ مِنْ مَسْأَلة إِلَى [مَسْأَلةٍ](3) أُخْرَى، وَالتَّفْرِيعِ عَلَى مَا اعْتَقَدَهُ مَذْهَبًا لَهُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَهُوَ لِهَذَا الْحُكْمِ غَيْرُ دَلِيل، وَنِسْبَةِ الْقَوْلَيْنِ إِلَيْهِ بِتَخْرِيجِهِ.

وَرُبَّمَا حَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ فِيمَا خَالفَ مَصِيرَهُ (4) عَلَى مَا يُوَافِقُهُ، اسْتِمْرَارًا لِقَاعِدَةِ تَعْلِيلِهِ، وَسَعْيًا فِي تَصْحِيحِ تَأْوِيلِهِ.

وَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَنْقُلُ عَنِ الْإِمَامِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ، أَوْ بَلَغَهُ عَنْهُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ وَلَا تَارِيخٍ، فَاِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ قَرِينَةٌ فِي إِفَادَةِ مُرَادِهِ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ -كَمَا سَبَقَ-، فيَكْثر (5) لِذَلِكَ الْخَبْطُ؛ لَأِنَّ الآتِيَ بَعْدَهُ يَجِدُ عَنِ الإْمَامِ اخْتِلَافَ أَقْوَالٍ، وَاخْتِلَافَ أَحْوَالٍ، فَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ نِسْبَةُ أَحَدِهِمَا [إِلَيْهِ عَلَى](6) أنَّهُ مَذْهَبٌ لَهُ، يَجِبُ عَلَى مُقَلِّدِهِ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ دُونَ بَقِيَّةِ أَقَاوِيلِهِ، إِنْ كَانَ النَّاظِرُ مُجْتَهِدًا.

وَأَمَّا إِنْ كَانَ مُقَلِّدًا، فَغَرَضُه (7) مَعْرِفَةُ مَذْهَبِ إِمَامِهِ بِالنَّقْلِ عَنْهُ، فَلا (8) يَحْصُلُ

(1) من (ب) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (أ): يعلم.

(2)

من (أ) و (ظ) و (غ)، وفي (ب) و (ص): ذلك.

(3)

من (ب).

(4)

(أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): نظيره.

(5)

من (أ) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): فليكثر.

(6)

من (أ) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (ب): إلى.

(7)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): وفرضه.

(8)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): ولا.

ص: 360

غَرَضُهُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ؛ لأنهُ لَا يُحْسِنُ الْجَمْعَ، وَلَا يَعْلَمُ التَّارِيخَ (1) لِعَدَمِ ذِكْرِهِ، وَلَا التَّرْجِيحَ عِنْدَ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا لِتَعَذُّرِهِ مِنْهُ.

وَهَذَا الْمَحْذُورُ إِنَّما لَزِمَ مِنَ الْإِخْلَالِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَيَكُونُ مَحْذُورًا.

وَلَقَدِ اسْتَمَرَّ كَثِيرٌ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَالْحَاكِينَ (2) عَلَى قَوْلِهِمْ: "مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا"، وَ:"مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا".

فَإِنْ أَرَادُوا [بِذَلِكَ](3) أَنهُ نُقِلَ عَنْهُ فَقَطْ؛ فَلِمَ يُفْتُونَ بِهِ فِي وَقْتٍ مَا عَلَى أنَّهُ مَذْهَبُ الإِمَامِ؟

وَإِنْ أَرَادُوا أنَّهُ (4) الْمُعَوُّل عَلَيْهِ عِنْدَهُ، ويَمْتَنِعُ الْمَصِيرُ إِلَى غَيْرِهِ لِلمُقَلِّدِ؛ فَلَا يَخْلُو حِينَئِذٍ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ [التَّاريخُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولا.

* فَإنْ كانَ مَعْلُومًا؛ فَلا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ] (5) مَذْهَبُ إمَامه:

- أَنَّ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ يَنْسَخُ الْأَوَّلَ إِذَا تَنَاقَضَا، كَالْأَخْبَارِ.

- أَوْ لَيْسَ مَذْهَبُهُ كَذَلِكَ، بَلْ يَرَى عَدَمَ نَسْخِ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي.

- أَوْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ شَيءٌ مِنْ ذَلِكَ.

فَإِنْ كانَ مَذْهَبُهُ: اعْتِقَادَ النَّسْخِ؛ فَالأخِيرُ مَذْهَبُهُ، فَلَا تَجُوزُ الْفَتْوَى (6) بِالأوَّلِ

(1) من (أ) و (ب) و (ظ)، وفي (غ): بالتاريخ.

(2)

من (ب) و (غ) و (ص)، وفي (أ) و (ظ): الحاكمين.

(3)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وليست في (ب).

(4)

من (ب) و (غ) و (ظ) و (ص)، وفي (أ): به.

(5)

من (أ).

(6)

من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): الفتيا.

ص: 361

لِلمُقَلِّدِ، وَلَا التَّخْرِيجُ مِنْهُ، وَلَا النَّقْضُ بِهِ.

وَإِنْ كانَ مَذْهَبُهُ: أنَّهُ لا يُنْسَخُ الأوَّلُ بِالثَّانِي عِنْدَ التَّنَافِي، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ:

- يَرَى جَوَازَ الْأَخْذِ بَأيِّهِمَا شَاءَ الْمُقَلِّدُ إِذَا أَفْتَاهُ الْمُفْتِي.

- أَوْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ الْوَقْفَ.

- أَوْ شَيْئًا آخَرَ.

فَإِنْ كانَ مَذْهَبُهُ: الْقَوْلَ بِالتَّخْيِيرِ؛ كانَ الحُكْمُ وَاحِدًا وَلا تَعَدُّدَ، وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى الْوَقْفَ؛ تَعَطَّلَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِيهَا قَوْلٌ يُعْمَلُ عَلَيْهِ سِوَى الْامْتِنَاعِ مِنَ العَمَلِ بِشَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِ.

وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ إِمَامِهِ [الْقَوْلُ بِـ](1) ـشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَهُوَ لا يَعْرِفُ حُكْمَ الإِمَامِ (2) فِيهَا، فَيَكُونُ شَبِيهًا بِالْقَوْلِ بِالْوَقْفِ فِي أنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ (3) الْعَمَل بشَيءٍ مِنْهَا (4).

هَذَا كُلُّهُ إِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ.

* وَأَمَّا إِنْ جُهِلَ، فَإِمَّا أَنْ:

- يُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِاخْتِلَافِ حَاليْنِ أَوْ مَحَلَّيْنِ.

(1) من (أ) و (غ).

(2)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): إمامه.

(3)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (غ): من.

(4)

من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): فيها.

ص: 362

- أَوْ لَيْسَ [يُمْكِنُ](1).

فَإِنْ أَمْكَنَ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُ إِمَامِهِ:

- جَوَازَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ، كَمَا فِي الْآثَارِ.

-[أَوْ وُجُوبَهُ.

- أَوِ التَّخْيِيرَ.

- أَوِ الْوَقْفَ] (2).

- أَوْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

فَإِنْ كَانَ الأوَّلَ أَوِ (3) الثَّانِيَ، فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْهُمَا، فَلَا يَحِلُّ حِينَئِذٍ الفُتْيَا بِأَحَدِهِمَا عَلَى ظَاهِرِهِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ.

وَإِنْ كَانَ الثَّالِثَ؛ فَمَذْهَبُهُ أَحَدُهُمَا بِلا تَرْجِيحٍ.

وَهُوَ بَعِيدٌ، لَاسِيَّمَا مَعَ تَعَذُّرِ تَعَادُلِ الْأَمَارَاتِ.

وَإِنْ كَانَ الرَّابعَ أَوِ (4) الْخَامِسَ، فَلَا عَمَلَ إِذًا.

وَأَمَّا إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّارِيخِ:

- فَإِمَّا أَنْ يَعْتَقِدَ نَسْخَ (5) الأوَّلِ بِالثَّانِي.

(1) من (ب) و (ص)، وليست في (أ) و (غ).

(2)

من (أ) و (ب)، وفي (غ): أو ليس.

(3)

من (ب) و (ص) و (ظ)، وفي (أ): و.

(4)

من (ب) و (ص)، وفي (أ) و (ظ): و.

(5)

في (ب): فسخ.

ص: 363

- أَوْ لَيْسَ.

فَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ؛ وَجَبَ الامْتِنَاعُ عَنِ الأخْذِ بِأَحَدِهِمَا؛ لِأنَّا لَا نَعْلَمُ أَيَّهُمَا هُوَ الْمَنْسُوخُ عِنْدَهُ.

وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدِ النَّسْخَ؛ فَإِمَّا التَّخْيِيرُ، [وَإِمَّا](1) الوَقْفُ، أَوْ غَيْرُهُمَا.

وَالْحُكْمُ فِي الْكُلِّ سَبَقَ.

وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِحْضَارِ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ نُصُوصِ إِمَامِهِ عِنْدَ حِكَايِةِ بَعْضِهَا مَذْهَبًا لَهُ.

ثُمَّ لا يَخْلُو:

- إِمَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامُهُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ تَجْدِيدِ الاجْتِهادِ فِي ذَلِكَ.

- أوْ لَا.

فَإِنِ اعْتَقَدَهُ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْدِيدُهُ فِي كُلِّ حِينٍ أَرَادَ حِكَايَةَ مَذْهَبهِ، وَهَذَا يَتَعَذَّرُ فِي مَقْدُورِ (2) البَشَرِ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى-؛ لَأِنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي الإْحَاطَةَ بمَا نُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ فِي تِلْكَ الْمَسْألَةِ عَلَى جِهَتِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُسْأل، وَمَنْ لَمْ يُصَنِّفْ كُتبًا فِي الْمَذْهَبِ، بَلْ أُخِذَ أَكْثر مَذْهَبِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَفتاوِيهِ، كَيْفَ يُمْكِنُ حَصْرُ ذَلِكَ عَنْهُ! هَذَا [بَعِيدٌ](3) عَادَةً.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُ إِمَامِهِ وُجُوبَ تَجْدِيدِ الاجْتِهَادِ عِنْدَ نِسْبَةِ بَعْضِهَا إِلَيْهِ مَذْهَبًا لَهُ؛ [يُنْظَرْ](4):

(1) من (ب) و (ص) و (ظ)، وفي (أ): أو.

(2)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): مقدرة.

(3)

من (أ).

(4)

من (ب).

ص: 364

فَإِنْ قِيلَ: "رُبَّمَا لَا يَكُونُ مَذْهَبُ أَحَدٍ الْقَوْلَ بِشَيءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَضْلًا عَنِ الْإِمَامِ".

قُلْنَا: "نَحْنُ لَمْ نَجْزِمْ بِحُكْمٍ فِيهَا، بَلْ رَدَدْنَا وَقُلْنَا: إِنْ كَانَ [كَذَا] (1)؛ لَزِمَ مِنْهُ كَذَا".

وَيَكْفِي فِي إِيقَافِ إِقْدَامِ هَؤُلَاءِ؛ تكْلِيفُهُمْ نَقْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنِ الْإِمَامِ. [وَمَعَ ذَلِكَ](2) فَكَثِير مِنْ هَذِهِ الأْقْسَامِ قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الأْئِمَّةِ، وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَيَانِهِ؛ فَلْيُنَظَرْ مِنْ أَمَاكِنِهِ.

وَإِنَّمَا يُقَابِلُونَ هَذَا التَّحْقِيقَ بِكَثْرَةِ نَقْلِ الرِّوَايَاتِ وَالْأَوْجُهِ وَالْاحْتِمَالاتِ، وَالتَّهَجُّمِ عَلَى التَّخْرِيجِ وَالتَّفْرِيعِ، حَتَّى لَقَدْ صَارَ هَذَا عَادَةً وَفَضِيلَةً، فَمَنْ [لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بمَنْزِلَةٍ](3)؛ لَمْ يكُنْ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ، فَالْتَزَمُوا لِلحَمِيَّةِ نَقْلَ مَا لَا يُجوزُ نَقْلُهُ لِمَا عَلِمْتَهُ آنِفًا.

ثُمَّ قَدْ عَمَّ أَكْثَرَهُمْ، بَلْ كُلَّهُمْ، نَقْلُ أَقَاوِيلَ يَجِبُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا فِي نَظَرِهِمْ؛ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهَا قَوْلًا ثَالِثًا -وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ-، أَوْ (4) لَأِنَّهَا مُرْسَلَة فِي سَنَدِهَا عَنْ قَائِلِهَا، وَخَرَّجُوا مَا يَكُونُ (5) بِمَنْزِلَةِ قَوْلٍ ثَالِثٍ؛ بِنَاءً عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنَ الدَّلِيلِ، فَمَا هَؤُلَاءِ بِمُقَلِّدِينَ حِينَئِذٍ.

(1) من (ب).

(2)

من (ب).

(3)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): لم يأت بذلك.

(4)

من (أ) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): أولًا

(5)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): لا يكون.

ص: 365

* وَقَدْ يَحْكِي أَحَدُهُم فِي كِتَابِهِ أَشْيَاءَ يَتَوَهَّمُ (1) الْمُسْتَرْشِدُ أَنهَا إِمَّا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نُصُوصِ الْإِمَامِ، أَوْ مِمَّا اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى نِسْبَتِهَا إِلَى الْإِمَامِ مَذْهَبًا لَهُ، وَلَا يَذْكُرُ الْحَاكِي لَهُ مَا يدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدِ اسْتَنْبَطَهُ، أَوْ رَآهُ وَجْهًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، أَوِ احْتِمَالًا، فَهَذَا أَشْبَه (2) التدْليسَ، فَإِنْ قَصَدَهُ؛ فَشِبْهُ الْمَيْنِ (3)، وَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا؛ فَهُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ البَلَادَةِ وَالشَّيْنِ، كَمَا قِيلَ:

فَإِنْ (4) كُنْتَ لَا تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ

وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ (5)

* وَقَدْ يَحْكُونَ فِي كُتُبِهِمْ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْعَمَلُ بِهِ، ويُرْهِقُهُمْ (6) إِلَى ذَلِكَ تكْثِيرُ الأقَاوِيلَ؛ لَأَنَّ مَنْ يَحْكِي عَنِ الإْمَامِ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَة، أَوْ يُخَرِّجُ خِلَافَ الْمَنْقُولِ عَنِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى [وَجْهِ](7) الْجَمْعِ، بَلْ إِمَّا [عَلَى](8) التَّخْيِيرِ، أَوِ الوَقْفِ، [أَوِ الْبَدَلِ](9)، أَوِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجه يَلْزَمُ عَنْهُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ، بِاعْتِبَارِ حَاليْنِ أَوْ مَحَلَّيْنِ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأقْسَامِ حُكْمُهُ خِلَافُ حُكْمِ هَذ الْحِكَايَةِ عِنْدَ تَعَرِّيهَا عَنْ قَرِينَةٍ مُقَيِّدَةٍ لِذَلِكَ، وَالْغَرَضُ كَذَلِكَ.

(1) من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): فيوهم.

(2)

من (ب) و (ص) و (ظ)، وفي (أ): شبه، وفي (غ): شبيه.

(3)

المَيْنُ: الكذب. يُنظر (تهذيب اللغة) مادة: مين.

(4)

من (أ) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (ب): إن.

(5)

نُسب هذا البيت إلى معاوية بن عادية الفزَّاري، والبيت من البحر الطويل.

(6)

من (أ) و (غ)، وفي (ب): مرهقهم، وفي (ظ): يدفعهم.

(7)

من (ب).

(8)

من (أ).

(9)

من (أ) و (ب)، وليست في (غ).

ص: 366

* وَقَدْ يَشْرَحُ أَحَدُهُمْ كِتَابًا، وَيَجْعَلُ مَا يَقُوُلهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ الْمَشْرُوحِ-[غَالِبًا](1) رِوَايَةً، أَوْ وَجْهًا، أَوِ اخْتِيَارًا لِصَاحِبِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ أنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا إِجْمَالٌ وَإِهْمَالٌ.

* وَقَدْ يَقُوُل أَحَدُهُمْ: "الْصَّحِيحُ فِي (2) الْمَذْهَبِ"، أَوْ:"ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَذَا"، وَلا يَقُوُل:"وَعِنْدِي"، وَيَقُوُل غَيْرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَلِمَنْ يُقَلِّدُ الْعَامِّيُ إِذًا؟

فَإِنَّ كُلًّا [مِنْهُمْ](3) يَعْمَلُ بِمَا يَرَى، فَالتَّقْلِيدُ إِذًا لَيْسَ لِلِإمَامِ، بَلْ لِلَأصْحَابِ فِي أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْإمَامِ.

* ثُمَّ إِنْ أَكْثَرَ الْمُصَنِّفِينَ وَالْحَاكِينَ قَدْ يَفْهَمُونَ مَعْنًى ويُعَبِّرونَ عَنْهُ بِلَفْظٍ يَتَوَهَّمُونَ أنَّهُ وَافٍ بِالْغَرَضِ، [وَلَا يَكُونُ](4) كَذَلِكَ، فَإِذَا نَظَرَ [فِيهِ أَحَدٌ](5) وَفِي قَوْلِ مَنْ أَتَى بِلَفْظٍ [يَدُلُّ عَلَى مَقْصِدِهِ](6)؛ رُبَّمَا يُوهَمُ (7) أَنهَا مَسْأَلةُ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَهم قَدْ يَفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ مَنْ يَثقُ بِهِ مَعْنًى قَدْ يَكُونُ عَلَى وَفْقِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ لِلَّفْظِ وَقَدْ لَا يَكُونُ؛ فَيَحْصُرُ (8) ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي لَفْظٍ وَجِيزٍ، فَبِالضَّرُورَةِ يَصِيرُ مَفْهُومُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ جِهَةِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ غَيْرَ مَفْهُومٍ لِلْآخَرِ (9).

(1) من (أ) و (غ).

(2)

من (أ) و (غ)، ولا (ب) و (ص) و (ظ): من.

(3)

من (ب) و (غ).

(4)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ظ) و (ص): وليس.

(5)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): أحد فيه.

(6)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): وافٍ بالغرض.

(7)

من (أ) و (غ)، وفي (ب) و (ص) و (ظ): يتوهم.

(8)

من (ب) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (أ): فحصر.

(9)

من (ب) و (ص) و (غ)، وفي (أ) و (ظ): الآخر.

ص: 367

* وَقَدْ يَذْكُرُ أَحَدُهُمْ فِي مَسْأَلةٍ إِجْمَاعًا؛ بنَاءً عَلَى عَدَم عِلْمِهِ بقَوْلٍ يُخَالِفُ مَا يَعْلَمُهُ.

وَمَنْ تتبَّعَ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعَاتِ مِمَّن يَحْكِيهَا، وَطَالبَهُ بمُسْتَنَدَاتِهَا؛ عَلِمَ صِحَّةَ مَا ادَّعَيْنَا.

* وَرُبَّمَا أتَى بَعْضُ النَّاسِ بِلَفْظٍ يُشْبِهُ قَوْلَ مَنْ قَبْلَهُ، وَلَمْ يكُنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، [فَيُظَنُّ أنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ مِنْهُ](1)؛ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَحْمَلِ (2) كَلَامِ مَنْ قَبْلَهُ، فَإِنْ رُئيَ [مَعًا، رُئيَ](3) مُغَايِرًا لَهُ؛ نُسِبَ إِلَى السَّهْوِ، أَوِ (4) الْجَهْلِ، أَوْ تَعَمُّدَ الْكَذِبَ إِنْ كَانَ.

أَوْ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ، وَأتَى بِلَفْظٍ يُغَايِرُ مَدْلُولَ كَلَامِ مَنْ قَدْ أُخِذَ مِنْهُ، فَيُظَنُّ أنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ؛ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِ كَلَامِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ، فَيُجْعَلُ الْخِلَافُ فِيمَا لَا خِلافَ فِيهِ، أَوِ (5) الْوِفَاقُ فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ.

* وَقَدْ [يَقْصِدُ أَحَدُهُمْ حِكَايَةَ](6) مَعْنَى أَلفَاظِ الْغَيْرِ، وَرُبَّمَا كَانُوا مِمَّنْ لَا يَرَى جَوَازَ [نَقْلِ](7) الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ.

وَقَدْ يَكُونُ فَاعِلُ ذَلِكَ مِمَّن يُعَلِّلُ الْمَنع فِي صُورَةِ الْفَرْضِ، بِمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنَ التَّحْرِيفِ غَالِبًا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي أَلفَاظِ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ.

(1) من (أ) و (غ).

(2)

من (ب) و (ظ) و (ص)، وفي (أ): مجمل.

(3)

من (ب).

(4)

من (ب) و (ص) و (غ) و (ص)، وفي (أ): و.

(5)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): و.

(6)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): يتصدى أحدهم لحكاية.

(7)

من (ب).

ص: 368

وَمَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ هَذ الْأَسْبَابِ، رُبَّمَا [رَأَى](1) تَرْكَ التَّصْنِيفِ أَوْلَى -إِنْ لَمْ يَحْتَرِزْ عَنْهَا- لِمَا يَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَحَاذِيرِ وَغَيْرِهَا غَالِبًا.

فَإِنْ قِيلَ: "يَرِدُ [عَلَى] (2) هَذَا فِعْلُ الْقُدَمَاءِ وَإِلَى الآنَ مِنْ غَيْرِ نكِيرٍ، وَهُوَ دَلِيلُ الْجَوَازِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَى الْأُمَّةِ تَرْكُ الإِنْكَارِ إِذًا؛ لِقَوْلِهِ -تَعَالى-: {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (3)، وَنَحْوِهَا (4) مِنْ [نُصُوصِ] (5) الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ".

قُلْنَا: "الْأَوَّلُونَ لَمْ يَفْعَلُوا شَيْئًا مِمَّا عِبْنَاهُ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَأْلِيفٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذ الصِّفَةِ، وَفِعْلُهُمْ غَيْرُ مُلْزِمٍ لِمَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ حُجَّةً، بَلْ لَا يَكُونُ مُلْزِمًا لِبَعْضِ الْعَوَامِّ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى أَنَّ الْعَامِّيَ مَلْزُومٌ بِالْتِزَامِهِ مَذْهَبَ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ".

فَإِنْ قِيلَ: "إِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِيَحْفَظُوا الشَّرِيعَةَ مِنَ الإِغْفَالِ وَالْإِهْمَالِ".

قُلْنَا: "قَدْ (6) كَانَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا فِي حِفْظِهَا، أَنْ يُدَوِّنُوا (7) الْوَقائِعَ وَالألْفَاظَ (8) النَّبَوِيَّةَ، وَفَتاوَى الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، عَلَى جِهَاتِهَا وَصِفَاتِهَا، مَعَ ذِكْرِ أَسْبَابِهَا -كَمَا ذَكَرْنَا سَابِقا- حَتَّى يَسْهُلَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ مَعْرِفَةُ مُرَادِ كُلِّ إِنْسَانٍ بِحَسْبِهِ، فَيقلِّدَهُ عَلَى بَيَانٍ وَإِيضَاحٍ.

(1) من (ب) و (غ).

(2)

من (أ).

(3)

آل عمران: 104.

(4)

من (أ) و (ص)، وفي (ب) و (ظ): ونحوه.

(5)

من (ب).

(6)

من (أ) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): وقد.

(7)

من (أ) و (ب)، وفي (غ): يذكروا.

(8)

في (ب): ألفاظ.

ص: 369

وَإِنَّمَا عِبْنَا مَا وَقَعَ فِي التَّأْلِيفِ مِنْ هَذِهِ المَحَاذِيرِ لَا مُطْلَقَ التَّأْلِيفِ، وَكَيْفَ يُعَابُ مُطْلَقًا، وَقَدْ قَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابَةِ"(1).

فَلَمَّا لَمْ يُمَيِّزُوا فِي الْغَالِبِ مَا نَقَلُوهُ مِمَّا خَرَّجُوهُ، وَلَا مَا عَلَّلُوهُ مِمَّا أَهْمَلُوهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ؛ بَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا عِبْنَاهُ وَ [بَيْنَ](2) مَا صَنَّفْنَاهُ".

وَأَكْثر هَذهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ يُمْكِنُ أَنْ أَذْكُرَهَا مِنْ كُتُب الْمَذْهَب مَسْأَلةً مَسْأَلةً، لَكِنَّهُ يَطُولُ هُنَا.

* * *

(1) أخرجه لوين في (جزئه) رقم: 54، والأصبهانيّ في (معجم المحدثين بأصبهان): 4/ 142، وفي (أخبار أصبهان): 2/ 199، والخطيب في (تقييد العلم): 117، والشهاب في (مسنده) رقم: 637، والمخَلِّص في (المخلصيات): 556، وابن عبد البر في (جامع بيان العلم) رقم: 395، وابن شاهين في (ناسخ الحديث ومنسوخه) رقم: 624، والرامهرمزي في (المحدث الفاصل): 1/ 365. ورُوِيَ موقوفًا على أنس وعمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهم والصواب أنه موقوف على أنس رضي الله عنه.

(2)

من (ب).

ص: 370

* وَإِذَا عَلِمْتَ عُذْرَ اعْتِذَارِنَا، [وَخِيرَةَ اخْتِيَارِنَا](1)، فَنَقُوُل:

[إِنَّ](2) الأحْكَامَ الْمُسْتَفادَةَ فِي مَذْهَبِنَا وَغَيْرِهِ مِنَ اللَّفْظِ أَقْسَامٌ كَثِيرَةٌ:

مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْإِمَامِ بِعَيْنِهِ، أَوْ إِيمَائِهِ، أَوْ تَعْلِيلِهِ، أَوْ سِيَاقِ كَلَامِهِ.

وَمنْهَا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَنْبَطًا (3) مِنْ لَفْظِهِ، إِمَّا اجْتِهَادًا مِنَ الأصْحَابِ أَوْ بَعْضِهِمْ.

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ".

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ".

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ".

وَمنْهَا: مَا قِيلَ فِيهِ "نَصَّ عَلَيْهِ" -يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ-، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ (4) لَفْظُهُ.

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "ظَاهِرُ كلامِ الإِمَامِ [أَحْمَدَ] (5) "، وَلَمْ يُعَيِّنْ قَائِلُهُ لَفْظَ الإْمَامِ.

وَمنْهَا (6): مَا قِيلَ "وَيَحْتَمِلُ كَذَا"، وَلَمْ يَذْكُرْ أنَّهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ كَلامَ الإْمَامِ أَوْ غَيْرِه.

وَمنْهَا: مَا ذُكِرَ مِنَ الأحْكَامِ سَرْدًا، وَلَمْ يُوصَفْ بِشَيْءٍ أَصْلًا، فَيَظُنُّ سَامِعُهُ أنَّهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ، وَرُبَّمَا كَانَ [مِنْ](7) بَعْضِ الأقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا.

(1) من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): وخبرة اختبارنا.

(2)

من (أ).

(3)

من (ب) و (ص) و (غ) و (ظ)، وفي (أ): مستفيضًا.

(4)

من (ب) و (ص) و (ظ)، وفي (أ): يعين.

(5)

من (ب).

(6)

من (أ) و (ص) و (ظ)، وفي (ب): وفيها.

(7)

من (أ) و (غ).

ص: 371

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "مَشْكُوكٌ فِيهِ".

وَمنْهَا: [مَا](1) قِيلَ إِنَّهُ "تَوَقَّفَ فِيهِ الإمَامُ"، وَلَمْ يُذْكَرْ لَفْظُهُ فِيهِ.

وَمنْهَا: مَا قَال فِيهِ بَعْضهُمْ: "اخْتِيَارِي"، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أَصْلًا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ أَوْ غَيْرِه.

وَمنْهَا: مَا قِيلَ إِنَّهُ "خُرِّجَ عَلَى رِوَايَةِ كذَا"، أَوْ:"عَلَى قَوْلِ كذَا"، وَلَمْ يُذْكَرْ لَفْظُ الْإِمَامِ فِيهِ، وَلَا تَعْلِيلُهُ لَهُ.

وَمنْهَا: أَنْ يَكُونَ مَذْهَبًا لِغَيْرِ الإِمَامِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ رَبَّهُ.

وَمنْهَا: أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَحَدٌ، لَكِنَّ الْقَوْلَ بِهِ لَا يَكُونُ خَرْقًا لِإجْمَاعِهِمْ.

وَمنْهَا: أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَخْرِيَجُهُ عَلَى وَفْقِ مَذَاهِبِهِمْ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ (2).

* * *

(1) من (ب) و (غ).

(2)

قال المؤلف في (الغاية): "وإن ما أوجب لنا سلوك هذا المسلك؛ ما ذكرنا سابقًا من أسباب القدْح في طرق النقل وإثبات مذهب الإمام، فنحن بذكر ما ذكروه على وجهه، ويختار غالبًا بعضه، فيكون كَمَنْ حكى منهم روايتين واختار إحداهما، أو اختار حكمًا خرجه على رواية".

ص: 372

فَصْلٌ (1)

* فَقَول (2) أَصْحَابِنَا وَغَيْرهمْ: "الْمَذْهَب كَذَا":

قَدْ يَكُونُ:

- بِنَصِّ الْإمَامِ.

- أَوْ بِإِيمَائِهِ.

- أَوْ بِتَخْرِيجِهِمْ ذَلِكَ، وَاسْتِنْبَاطِهِمْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تَعْلِيلِهِ.

* وَقَولهُمْ: "عَلَى الأصَحِّ"، أَوِ:"الصَّحِيح"، أَوِ:"الظَّاهِرِ"، أَوِ:"الأَظْهَرِ"، أَوِ:"الْمَشْهُورِ"، أَوِ:"الْأشْهَرِ"، أَوِ:"الْأقْوَى"، أَوِ:"الأقْيَسِ":

فَقَدْ يَكُونُ:

- عَنِ الْإِمَامِ.

- أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ.

* ثُمَّ: "الأصَحُّ عَنِ الإِمَامِ، أَوِ الأصْحَابِ":

- قَدْ يَكُونُ شُهْرَةً (3).

- وَقَدْ يَكُونُ نَقْلًا.

(1) تُنظر هذه المصطلحات في (الرعاية): 1/ 27، و (المسودة): 2/ 947، و (الإنصاف): 1/ 6، و (المعونة): 11/ 588، و (مصطلحات الفقه الحنبليّ):53.

(2)

في (ب): قول.

(3)

من (أ) و (ص) و (ج)، وفي (ب): بشهرته.

ص: 373

- وَقَدْ يَكُونُ دَلِيلًا.

- أَوْ عِنْدَ الْقَائِلِ.

* وَكَذَا الْقَوْلُ فِي: "الأشْهَرِ"، وَ"الأظْهَرِ"، وَ"الأوْلَى"، وَ"الأقْيَسِ"، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

* وَقَوْلُهُمْ: "وَقِيلَ (1) ":

فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ:

- رِوَايَةً بِالإِيمَاءِ.

- أَوْ وَجْهًا.

- أَوْ تَخْرِيجًا.

- أَوِ احْتِمَالًا.

* ثُمَ "الرِّوَايَةُ":

قَدْ تكُونُ:

- نَصًّا.

- أَوْ (2) إِيمَاءً.

- أَوْ (3) تَخْرِيجًا مِنَ الأصْحَابِ.

(1) في (ب): قيل.

(2)

من (أ) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): و.

(3)

من (أ) و (ص) و (ظ) و (غ)، وفي (ب): و.

ص: 374

* وَاخْتِلَافُ الْأَصْحَاب في ذَلكَ وَنَحْوه كَثيرٌ، لا طَائِلَ فِيهِ، إذِ اعْتِمَادُ المُفتِي (1) عَلَى الدَّلِيل، مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَقْوَالِ الْإِمَام وَصَحْبهِ، وَمَا قَارَبَهَا أَوْ نَاسَبَهَا (2).

إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا، أَوْ فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ، أَوْ (3) يَرَى فِي مَسْأَلةٍ خِلَافَ قَوْلِ إِمَامِهِ وَأَصْحَابِهِ؛ لِدَلِيلٍ ظَهَرَ لَهُ وَقَوِيَ عِنْدَهُ، وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ.

* وَ"الأوْجُهُ": تُؤْخَذُ غَالِبًا مِنْ قَوْلِ (4) الإْمَامِ، وَمَسَائِلِهِ الْمُتَشَابِهَةِ، وَإِيمَائِهِ (5)، وَتَعْلِيلِهِ.

وَقَدْ سَبَقَ نَحْوُ ذَلِكَ مِرَارًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ الْكَلَامُ وَالتَّرْتِيبُ.

وَاللهُ [تَعَالى](6) أَعْلَمُ [بِالصَّوَابِ](7). (8)

(1) من (ب) و (ج) و (ظ) و (غ)، وفي (أ): المعنى.

(2)

في (ب): ناسبهما.

(3)

من (أ) و (ج) و (غ) و (ظ)، وفي (ب): و.

(4)

في (ب): لفظ، وفي (ج) و (غ): كلام.

(5)

من (ب) و (ج)، وفي (أ): أو إيمائه.

(6)

من (ب).

(7)

من (أ).

(8)

في (1): آخِرُ الْكِتَابِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ وَحْدَهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَبدًا دَائِمًا سَرْمَدًا. فَرَغَ مِنْ تَعْلِيقهِ لِنَفْسِهِ الْفَقِيرُ إِلَى الِلهِ تَعَالى: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِي الْعَسْكَرِيُّ، عَفَا اللهُ عَنْهُ، وَذَلِكَ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ، سَنَةَ تِسْع وَسَبْعِمِائَةٍ. وَالْحَمْدُ لِلهِ وَحَدَهُ.

في (ب): تَمَّ بِحَمْدِ لِلهِ وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ، وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَعْلِيقِهِ سَابعَ عَشَرَ شَهْرِ ذِي الْقَعْدَةِ الْحَرَامِ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ، عَلَى يَدِ الْعَبْدِ الْفَقِيرِ إِلَى اللهِ تَعَالى الْمُعْتَرِفِ بِالْخَطَأِ وَالتَّقْصِيرِ: مُوسَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْكِنَانِي الْمَقْدِسِيِّ الْحَنْبَلِيِّ، غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلوَالِدَيْهِ، وَلِمَنْ دَعَا لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

ص: 375