الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالذَّيْمُ وَالذَّمُّ بِمَعْنَى الْعَيْبِ وَرُوِيَ «الدَّامُ:» بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَمَعْنَاهُ الدَّائِمُ وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ ابْنُ الْأَثِيرِ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَهُوَ حِينَئِذٍ بِغَيْرِ وَاوٍ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِلسَّامِ وَفِي نَقْلِهِ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ نَظَرٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا إنَّمَا نَقَلَ عَنْهُ أَنَّ الدَّامَ بِمَعْنَى الدَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ كَذَلِكَ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ قَبْلَهُ لَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ فِيهِ أَنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَلَوْ كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ.
[فَائِدَة الِانْتِصَارُ مِنْ الْمَظَالِمِ]
1
(السَّادِسَةُ) : وَفِيهِ الِانْتِصَارُ مِنْ الْمَظَالِمِ وَالِانْتِصَارُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ مِمَّنْ يُؤْذِيهِمْ. .
[فَائِدَة تَغَافُل أَهْلِ الْفَضْلِ عَنْ سَفَهِ الْمُبْطِلِينَ]
1
(السَّابِعَةُ) : قَوْلُهُ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ:» هُوَ مِنْ عَظِيمِ خُلُقِهِ عليه الصلاة والسلام وَكَمَالِ حِلْمِهِ وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الرِّفْقِ وَالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَمُلَاطَفَةِ النَّاسِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْمُخَاشَنَةِ.
(الثَّامِنَةُ) : وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَغَافُلِ أَهْلِ الْفَضْلِ عَنْ سَفَهِ الْمُبْطِلِينَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ وَفِي التَّنْزِيلِ {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله الْكَيِّسُ الْعَاقِلُ هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، عَظِّمُوا مَقَادِيرَكُمْ بِالتَّغَافُلِ وَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا كَانَ وَالِدِي رحمه الله يُؤَدِّبُنِي بِهِ فِي مَبْدَأِ شَبَابِي حِينَ يَرَى غَضَبِي مِنْ كَلِمَاتٍ تَرِدُ عَلَيَّ. .
[فَائِدَة الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا سَلَّمُوا]
(التَّاسِعَةُ) : فِيهِ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ إذَا سَلَّمُوا وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ بِوُجُوبِهِ وَمَنَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَقَالُوا: لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ: فَمَنَعَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى جَوَازِهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مُحَيْرِيزٍ، وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك وَلَا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمْعِ وَتَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ بِعُمُومِ أَحَادِيثِ إفْشَاءِ السَّلَامِ وَكَيْفَ يَصِحُّ التَّمَسُّك بِهَا مَعَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ:» وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ وَلَا يُحَرَّمُ وَيَرُدُّهُ أَنَّ ظَاهِرَ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُمْ بِهِ لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ أَوْ سَبَبٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنْ سَلَّمْت فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ، وَإِنْ تَرَكْت فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ.
(الْعَاشِرَةُ) : وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْكُمْ وَلَا يَأْتِي بِلَفْظِ السَّلَامِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ بَعْضُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ (وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) : وَلَكِنْ لَا يَقُولُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) : فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ «عَلَيْكُمْ:» بِدُونِ وَاوٍ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي إثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِإِثْبَاتِهَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ يَرْوُونَهُ بِالْوَاوِ وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ بِغَيْرِ وَاوٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَ الْوَاوَ صَارَ كَلَامُهُمْ بِعَيْنِهِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ خَاصَّةً، وَإِذَا أَثْبَتَ الْوَاوَ اقْتَضَى الْمُشَارَكَةَ مَعَهُمْ فِيمَا قَالُوهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ وَإِثْبَاتَهَا جَائِزَانِ كَمَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ وَأَنَّ الْوَاوَ أَجْوَدُ كَمَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ وَفِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) : أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ السَّامَ الْمَوْتُ، وَهُوَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ فَقَالُوا عَلَيْكُمْ الْمَوْتُ فَقَالَ وَعَلَيْكُمْ أَيْضًا أَيْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ كُلُّنَا نَمُوتُ وَ (الثَّانِي) : أَنَّ الْوَاوَ هُنَا لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعَطْفِ وَالتَّشْرِيكِ وَتَقْدِيرُهُ وَعَلَيْكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ الذَّمِّ وَأَمَّا مَنْ حَذَفَ الْوَاوَ فَتَقْدِيرُهُ عَلَيْكُمْ السَّامُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ اخْتَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ حَذْفَ الْوَاوِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ التَّشْرِيكَ وَقَالَ غَيْرُهُ بِإِثْبَاتِهَا كَمَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقُولُ عَلَيْكُمْ السِّلَامُ بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ الْحِجَارَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا ضَعِيفٌ انْتَهَى.
وَفِيمَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ حَذْفِ الْوَاوِ نَظَرٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رِوَايَتَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ وَاوٍ هِيَ الرِّوَايَةُ الْوَاضِحَةُ الْمَعْنَى وَأَمَّا مَعَ إثْبَاتِ الْوَاوِ فَفِيهَا إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ الْعَاطِفَةَ تَقْتَضِي التَّشْرِيكَ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِيمَا دَعَوْا بِهِ عَلَيْنَا مِنْ الْمَوْتِ أَوْ مِنْ سَآمَةِ دِينِنَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوَاوُ زَائِدَةٌ كَمَا زِيدَتْ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَيِّ وَانْتَحَى
أَيْ لَمَّا أَجَزْنَا انْتَحَى فَزَادَ الْوَاوَ وَقِيلَ إنَّ الْوَاوَ فِي الْحَدِيثِ لِلِاسْتِئْنَافِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالسَّامُ عَلَيْكُمْ وَهَذَا كُلُّهُ فِيهِ بُعْدٌ، وَأَوْلَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَاوَ عَلَى بَابِهَا مِنْ الْعَطْفِ غَيْرَ أَنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ عَلَيْنَا كَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ