الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْت نَحْوَهُ فَأُنْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ فَسَأَلْت مَاذَا قَالَ؟ قَالُوا: نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَاهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِي بَعْضِهَا «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَنْتَمِ وَهِيَ الْجَرَّةُ وَعَنْ الدُّبَّاءُ
ــ
[طرح التثريب]
بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ وَإِنْ قَلَّ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي غَيْرِهَا فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ حُكْمَهَا كَذَلِكَ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِهَا الْقَدْرُ الْمُسْكِرُ دُونَ مَا لَمْ يَصِلْ بِهِ إلَى السُّكْرِ.
[حَدِيث رَسُول اللَّهِ خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْت نَحْوَهُ فَأُنْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ فَسَأَلْت مَاذَا قَالَ؟ : قَالُوا: نَهَى أَنْ يُنْبَذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَالنَّهْيُ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَشْرِبَةِ إلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) : رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ كُلِّهِمْ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي «بَعْضِ مَغَازِيهِ» إلَّا مَالِكٌ وَأُسَامَةُ.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ رِوَايَةَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مُخْتَصَرَةً بِلَفْظِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمُزَفَّتِ وَالْقَرْعِ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَتَمُهَا مَا رَوَاهُ هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةٍ زَادَ أَنْ قَالَ (قُلْت) : لِابْنِ عُمَرَ حَدِّثْنِي بِمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْأَشْرِبَةِ بِلُغَتِكَ وَفَسِّرْهُ لِي بِلُغَتِنَا فَإِنَّ لَكُمْ لُغَةً سِوَى لُغَتِنَا فَقَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَنْتَمِ.
وَهِيَ الْقَرْعَةُ وَعَنْ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ وَعَنْ النَّقِيرِ وَهِيَ النَّخْلَةُ تُنْسَحُ نَسْحًا وَتُنْقَرُ نَقْرًا وَأَمَرَ أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الْأَسْقِيَةِ:» وَالنَّهْيُ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ مَنْسُوخٌ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَشْرِبَةِ إلَّا فِي الظُّرُوفِ الْأَدَمِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» .
ــ
[طرح التثريب]
وَهِيَ الْجَرَّةُ وَعَنْ الدُّبَّاءِ وَهِيَ الْقَرْعَةُ وَعَنْ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ وَعَنْ النَّقِيرِ وَهِيَ النَّخْلَةُ تُنْسَحُ نَسْحًا وَتُنْقَرُ نَقْرًا وَأَمَرَ أَنْ يُنْتَبَذ فِي الْأَسْقِيَةِ» .
(الثَّانِيَةُ) : فِيهِ النَّهْيُ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَضُمَّ إلَيْهِمَا فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ الْحَنْتَمُ وَالنَّقِيرُ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَجْعَل فِي الْمَاءِ تَمْرًا وَزَبِيبًا وَنَحْوَهُمَا لِيَحْلُوَ وَيُشْرَبَ وَإِنَّمَا خُصَّتْ هَذِهِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْرَعُ إلَى الْإِسْكَارِ فِيهَا فَيَصِيرَ حَرَامًا نَجِسًا وَتَبْطُلَ مَالِيَّتُهُ فَنُهِيَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا شَرِبَهُ بَعْدَ إسْكَارِهِ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ بَلْ أَذِنَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لِرِقَّتِهَا لَا يَخْفَى فِيهَا الْمُسْكِرُ بَلْ إذَا صَارَ مُسْكِرًا شَقَّهَا غَالِبًا ثُمَّ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا النَّهْيَ مُسْتَمِرٌّ بِحَالِهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ الْحَظْرُ بَاقٍ وَكَرِهُوا الِانْتِبَاذَ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم (قُلْت) : وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ وَفِي النَّقْلِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الِانْتِبَاذُ فِيهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ عَنْ أَحْمَدَ وَذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّ هَذَا النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ إلَّا فِي الْأَسْقِيَةِ فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا:» وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَيْضًا وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّهُ أَصَحُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْأَقَاوِيلِ، قَالُوا وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ الْعَهْدُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَرِيبًا بِإِبَاحَةِ الْمُسْكِرِ فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ وَاشْتَهَرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرَاتِ وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ لَهُمْ الِانْتِبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا وَكَأَنَّ الْأَوَّلِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الرُّخْصَةُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْأَدَبِ وَالتَّنْزِيهِ وَلَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي نَشْرَحُهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّحْرِيمِ فَإِنَّ لَفْظَ النَّهْيِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّنْزِيهِ وَالْكَرَاهَةِ وَاَلَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الصَّارِفِ قَوْلُهُ (لَا تَفْعَلْ) وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الظُّرُوفِ فَشَكَتْ إلَيْهِ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا لَيْسَ لَنَا وِعَاءٌ فَقَالَ فَلَا إذًا:» .
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَمُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «لَمَّا قَفَّى وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ امْرِئٍ حَسِيبُ نَفْسِهِ لِيُنْبِذَ كُلُّ قَوْمٍ فِيمَا بَدَا لَهُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فِي قِصَّةِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ «فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ لَا ظُرُوفَ لَهُمْ قَالَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ يَرْثَى لِلنَّاسِ فَقَالَ اشْرَبُوهُ إذَا طَابَ فَإِنْ خَبُثَ فَذَرُوهُ:» .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَوْعِيَةَ الدُّبَّاءَ وَالْحَنْتَمَ وَالْمُزَفَّتَ وَالنَّقِيرَ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ إنَّهُ لَا ظُرُوفَ لَنَا فَقَالَ اشْرَبُوا مَا حَلَّ» .
وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ عَنْ الْأَشَجِّ الْعَصْرِيِّ أَنَّهُ «أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي رُفْقَةٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ «مَالِي أَرَى وُجُوهَكُمْ قَدْ تَغَيَّرَتْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ نَحْنُ بِأَرْضٍ وَخِمَةٍ وَكُنَّا نَتَّخِذُ مِنْ هَذِهِ الْأَنْبِذَةِ مَا يَقْطَعُ اللِّحَانَ فِي بُطُونِنَا فَلَمَّا نَهَيْتنَا عَنْ الظُّرُوفِ فَذَلِكَ الَّذِي تَرَى فِي وُجُوهِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ الظُّرُوفَ لَا تُحِلُّ وَلَا تُحَرِّمُ وَلَكِنْ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» .
(الثَّالِثَةُ) : (الدُّبَّاءُ) : بِضَمِّ الدَّالُ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَمْدُودٌ وَالْمُرَادُ بِهِ الْوِعَاءُ مِنْ الْقَرْعِ الْيَابِسِ (وَالْمُزَفَّتُ) : هُوَ الْمَطْلِيُّ بِالزِّفْتِ وَهُوَ الْقَارُ فَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (الْمُقَيَّرُ) : وَقَالَ بَعْضُهُمْ الزِّفْتُ نَوْعٌ مِنْ الْقَارِ وَيَرُدّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمُزَفَّتَ هُوَ الْمُقَيَّرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا (الْحَنْتَمُ) : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ فَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما بِأَنَّهُ الْجَرَّةُ وَالظَّاهِرُ صِدْقُ ذَلِكَ عَلَى الْجِرَارِ كُلِّهَا وَذَلِكَ مَحْكِيٌّ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ