الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا» .
ــ
[طرح التثريب]
[حَدِيث لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا]
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيَّ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ وَمِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ فُضَيْلٍ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «ثَلَاثٌ إذَا خَرَجْنَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا، طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدَّجَّالُ وَدَابَّةُ الْأَرْضِ» .
(الثَّانِيَةُ) تَبَيَّنَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْله تَعَالَى «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا» هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَهَذَا يَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَحَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَطِيَّةَ الْمُفَسِّرُ عَنْ جُمْهُورِ أَهْلِ التَّأْوِيلَ، ثُمَّ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهَا إحْدَى ثَلَاثٍ إمَّا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَإِمَّا خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَإِمَّا خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ قَالَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ تَرُدُّهُ وَتُخَصِّصُ الشَّمْسَ (قُلْت) وَقَدْ عَرَفْت رِوَايَةَ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مَرْفُوعًا وَهِيَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَهِيَ مُشْبِهَةٌ لِهَذَا الْمَحَلِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَّا أَنَّ فِيهَا بَدَلَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ؛ خُرُوجَ الدَّجَّالِ وَزَمَنُهُمَا مُتَقَارِبٌ لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ اسْتِقْلَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بِذَلِكَ وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ تَرَتُّبُ ذَلِكَ عَلَى مَجْمُوعِهَا، وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ إشْكَالٌ فَإِنَّ نُزُولَ عِيسَى عليه السلام بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ زَمَنُ خَيْرٍ كَثِيرٍ دُنْيَوِيٍّ وَأُخْرَوِيٍّ، وَالظَّاهِرُ قَبُولُ التَّوْبَةِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَيُقَوِّي النَّظَرَ أَيْضًا أَنَّ الْغَرْغَرَةَ هِيَ الْآيَةُ الَّتِي تُرْفَعُ مَعَهَا التَّوْبَةُ (قُلْت) حَالَةُ الْغَرْغَرَةِ تُشَارِكُ حَالَةَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ وَإِذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لَمْ يَجُزْ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِتَقْدِيرِ مُشَارَكَةِ خُرُوجِ الدَّجَّالِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فِي عَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ فِي إيمَانِ النَّاسِ أَجْمَعِينَ بَلْ يَسْتَمِرُّ النَّاسُ عَلَى كُفْرِهِمْ وَيَتَّبِعُونَ الدَّجَّالَ وَتَشْتَدُّ غَوَايَتُهُمْ بِهِ.
(الثَّالِثَةُ) بَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَيْفِيَّةَ طُلُوعِهَا مِنْ مَغْرِبِهَا، وَهُوَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَقَالَ «أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ إنَّ هَذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَخِرُّ سَاجِدَةً فَلَا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا ارْتَفِعِي وَارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَرْجِعُ فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مُطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي لَا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَالِك تَحْتَ الْعَرْشِ فَيُقَالُ لَهَا ارْتَفِعِي اصْبَحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِك فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا، تَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ ذَاكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمَانِهَا خَيْرًا» وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذَا، فَقَالَ جَمَاعَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ إذَا غَرَبَتْ كُلَّ يَوْمٍ اسْتَقَرَّتْ تَحْتَ الْعَرْشِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ مَعْنَاهُ تَجْرِي إلَى وَقْتٍ لَهَا وَأَجَلٍ لَا تَتَعَدَّاهُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَعَلَى هَذَا مُسْتَقَرُّهَا انْتِهَاءُ سَيْرِهَا عَنْ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الزَّجَّاجِ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ تَسِيرُ فِي مَنَازِلِهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا الَّتِي لَا تُجَاوِزُهُ، ثُمَّ تَرْجِعُ إلَى أَوَّلِ مَنَازِلِهَا وَاخْتَارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا الْقَوْلَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ {لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] أَيْ إنَّهَا جَارِيَةٌ أَبَدًا لَا تَثْبُتُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ (قُلْت) كَيْفَ يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ صَرِيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَمَا مُسْتَنَدُ الْعَادِلِينَ عَنْهُ إلَّا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ وَلَا يَجُوزُ اعْتِمَادُ قَوْلِ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْأَخْبَارِ عَنْ الْمَغِيبَاتِ فَكَيْفَ، وَقَدْ عَارَضَهُ كَلَامُ أَصْدَقِ الْخَلْقِ وَأَعْرَفِهِمْ بِرَبِّهِ وَبِأَحْوَالِ الْغَيْبِ، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ لَيْسَتْ حُجَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ فَكَيْفَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ فِي الْمَعْنَى لِلْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي الصَّحِيحَيْنِ «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38] قَالَ مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ» فَكَيْفَ يَجُوزُ مَعَ هَذَا التَّفْسِيرِ الْبَيِّنِ الْعُدُولُ عَنْهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ لَهَا اسْتِقْرَارٌ مَا تَحْتَ الْعَرْشِ مِنْ حَيْثُ لَا نُدْرِكُهُ وَلَا نُشَاهِدُهُ وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ غَيْبٍ فَلَا نُكَذِّبُهُ وَلَا نُكَيِّفُهُ لِأَنَّ عِلْمَنَا لَا يُحِيطُ بِهِ قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ عِلْمَ مَا سُئِلْت عَنْهُ مِنْ مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ فِي كِتَابٍ كُتِبَ فِيهِ مَبَادِئِ أُمُورِ الْعَالَمِ وَنِهَايَتِهَا، وَالْوَقْتِ الَّذِي تَنْتَهِي إلَيْهِ مُدَّتُهَا فَيَنْقَطِعُ دَوَرَانُ الشَّمْسِ وَيَسْتَقِرُّ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَبْطُلُ فِعْلُهَا، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَخْطُوطُ الَّذِي بَيَّنَ فِيهِ أَحْوَالَ الْخَلْقِ، وَالْخَلِيقَةِ وَآجَالَهُمْ وَمَآلَ أُمُورِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ كَثُرَتْ أَقْوَالُ النَّاسِ فِي مَعْنَى مُسْتَقَرِّ الشَّمْسِ وَأَشْبَهُ مَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ انْتِهَائِهَا إلَى أَنْ تَسَامَتْ جُزْءًا مِنْ الْعَرْشِ مَعْلُومًا بِحَيْثُ تُخْضَعُ عِنْدَهُ وَتُذَلَّلُ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِسُجُودِهَا وَتَسْتَأْذِنُ فِي سَيْرِهَا الْمُعْتَادِ لَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مُتَوَقَّعَةً أَلَا يُؤْذَنَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَأَنْ تُؤْمَرَ بِالرُّجُوعِ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ وَبِأَنْ تَطْلُعَ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِنْ كَانَتْ الشَّمْسُ تَعْقِلُ نُسِبَ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْقِلُ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَا.
(الرَّابِعَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِمَنْ تَأَوَّلَهُ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ (الْخَامِسَةُ) مَعْنَى الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا الْإِيمَانُ وَأَنَّ الْعَاصِيَ لَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَاكْتِسَابُ الْخَيْرِ بَلْ يُخْتَمُ عَلَى أَحَدٍ بِالْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَوْلُهُ {أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] يُرِيدُ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا.
(السَّادِسَةُ) سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ قِيَامِ السَّاعَةِ وَبُدُوِّ التَّغَيُّرَاتِ فِي الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ فَإِذَا شُوهِدَ