الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَهَذَا مَا انْتَهَى إلَيْنَا مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ وَفِي رِوَايَةٍ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ «وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ وَحَسَّانُ وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ وَحَمْنَةُ:» وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ «لَمَّا نَزَلَ
ــ
[طرح التثريب]
الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي:» بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تُفَاخِرُنِي وَتُضَاهِينِي بِجَمَالِهَا وَمَكَانَتِهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ مُفَاعِلَةٌ مِنْ السُّمُوِّ وَهُوَ الِارْتِفَاعُ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِزَيْنَبِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.
(الرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ) : قَوْلُهَا «وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ» هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَ (طَفِقَ) : مِنْ أَفْعَالِ الشُّرُوعِ وَالْمَشْهُورُ كَسْرُ فَائِهِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَقَوْلُهَا «تُحَارِبُ لَهَا:» أَيْ تَتَعَصَّبُ لَهَا فَتَحْكِي مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِفْكِ نُصْرَةً لِأُخْتِهَا لِتَعْلُوَ مَنْزِلَتُهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ وَقَوْلُهَا «فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ:» قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ حُدَّتْ حَدَّ الْقَذْفِ فِيمَنْ حُدَّ انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْهَلَاكِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنْ الْإِثْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ) : هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي النُّسْخَةِ الْكُبْرَى مِنْ الْأَحْكَامِ أَنَّهُ عَلَّقَهَا الْبُخَارِيُّ وَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ هِيَ عِنْدَهُمَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَقَوْلُهَا «وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ وَحَسَّانُ:» يَجُوزُ رَفْعُ مِسْطَحٍ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى اسْمِيَّةِ كَانَ وَنَصْبُهَا عَلَى الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى مُسْتَقِيمٌ عَلَيْهِمَا مَعًا وَقَدْ ضَبَطَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِالْوَجْهِ الثَّانِي «وَقَوْلُهَا وَأَمَّا الْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ:» هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَإِسْكَانِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَسْتَخْرِجُهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ ثُمَّ يُفْشِيهِ وَيُشِيعُهُ وَيُحَرِّكُهُ وَلَا يَدَعُهُ يَخْمُدُ يُقَالُ فُلَانٌ يَسْتَوْشِي فَرَسَهُ أَيْ يَطْلُبُ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْجَرْيِ وَيَسْتَخْرِجُهُ. .
[فَائِدَة إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى الْعَارِفِينَ]
1
(السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ) : وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا «فَلَمَّا نَزَلَ مِنْ الْمِنْبَرِ أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ» عَزَاهَا الشَّيْخُ رحمه الله لِأَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ
عُذْرِي قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا يَعْنِي الْقُرْآنَ فَلَمَّا نَزَلَ مِنْ الْمِنْبَرِ أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَةِ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ:» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (قُلْت) : فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ تَصْرِيحُ ابْنِ إِسْحَاقَ بِالتَّحْدِيثِ.
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَبَيَّنَ الشَّيْخُ رحمه الله أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ تَصْرِيحُ ابْنِ إِسْحَاقَ بِالتَّحْدِيثِ فَزَالَ بِذَلِكَ مَا يُخْشَى مِنْ تَدْلِيسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ قَبُولُ حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ إلَّا أَنَّهُ مُدَلِّسٌ، فَإِذَا صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ كَانَ حَدِيثُهُ مَقْبُولًا وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ مُرْسَلًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ عَائِشَةَ بِلَفْظِ «فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِالْفَاحِشَةِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ» قَالَ النُّفَيْلِيُّ وَيَقُولُونَ: الْمَرْأَةُ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ وَفِي كِتَابِ الطَّحَاوِيِّ «ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ:» (السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ) : قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَفِيهِ إقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى الْعَارِفِينَ قِيلَ وَفِيهِ تَرْكُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ مَنَعَةٌ وَيُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِ تَفْرِيقُ كَلِمَةٍ وَظُهُورُ فِتْنَةٍ كَمَا لَمْ يُحَدَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَكَانَ رَأْسُ أَصْحَابِ الْإِفْكِ وَمُتَوَلِّيَ كِبْرَهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ «كَانَ يُشَاعُ عِنْدَهُ فَيُقِرُّهُ وَيَسْمَعُهُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ وَيَسْتَوْشِيهِ» وَمِثْلُ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ عِنْدَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَقْذِفَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الْأَخْبَارِ أَنَّ ابْنَ أُبَيٍّ لَمْ يُحَدَّ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ عَدُوُّ اللَّهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ عَذَابًا عَظِيمًا فَلَوْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ نَقْصًا مِنْ عَذَابِهِ الْأُخْرَوِيِّ وَتَخْفِيفًا عَنْهُ وَقَدْ أَشَارَ اللَّهُ تَعَالَى إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 11] مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ عَائِشَةَ وَبِكَذِبِ كُلِّ مَنْ رَمَاهَا فَقَدْ حَصَلَتْ فَائِدَةُ الْحَدِّ أَوْ مَقْصُودُهُ إظْهَارُ كَذِبِ الْقَاذِفِ وَبَرَاءَةِ الْمَقْذُوفِ كَمَا