الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ وَأَبِي يُونُسَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) : قَوْلُهُ «أَنْزِعُ:» بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ أَسْقِي وَأَصْلُ النَّزْعِ الْجَذْبُ وَقَوْلُهُ «عَلَى حَوْضٍ:» كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «عَلَى قَلِيبٍ» وَهِيَ الْبِئْرُ غَيْرُ الْمَطْوِيَّةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا فَقَدْ يُسَمَّى الْقَلِيبُ حَوْضًا، فَإِنَّ الْحَوْضَ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ.
(الثَّالِثَةُ) : قَوْلُهُ «فَأَخَذَ الدَّلْوَ مِنْ يَدَيَّ لَيُرَوِّحَنِّي:» قَالَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى نِيَابَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنْهُ وَخِلَافَتُهُ بَعْدَهُ وَرَاحَتُهُ صلى الله عليه وسلم بِوَفَاتِهِ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَمَشَاقِّهَا كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ:» وَ «الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ:» .
«وَلَا كَرْبَ عَلَى أَبِيك بَعْدَ الْيَوْمَ:» وَالدَّلْوُ فِيهِ لُغَتَانِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ.
(الرَّابِعَةُ) : قَوْلُهُ «فَنَزَعَ ذَنُوبَيْنِ:» الذَّنُوبُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ النُّونِ وَآخِرُهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ الدَّلْوُ الْمَمْلُوءَةُ وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مِقْدَارِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَكَانَتْ سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا قَوْلُهُ «وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ:» هُوَ بِضَمِّ الضَّادِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَطٌّ مِنْ فَضِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا إثْبَاتُ فَضِيلَةٍ لِعُمَرَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ مُدَّةِ وِلَايَتِهِمَا وَكَثْرَةُ انْتِفَاعِ النَّاسِ وَفِي وِلَايَةِ عُمَرَ لِطُولِهَا وَلِاتِّسَاعِ الْإِسْلَامِ وَبِلَادِهِ وَالْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا وَكَثْرَةِ الْغَنَائِمِ وَالْفُتُوحَاتِ وَعُمَرُ رضي الله عنه هُوَ الَّذِي مَصَّرَ الْأَمْصَارَ وَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ. .
[فَائِدَة خِلَافَة أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَحُسْن سِيرَتِهِمَا]
1
(الْخَامِسَةُ) : قَوْلُهُ «فَأَتَانِي ابْنُ الْخَطَّابِ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ:» كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْمَشْهُورُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ مَقُولٌ فِي الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَنْقِيصٌ لِمَنْ قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَا إشَارَةٌ إلَى ذَنْبٍ وَإِنَّمَا هِيَ كَلِمَةٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُدَعِّمُونَ بِهَا كَلَامَهُمْ وَنِعْمَتْ الدِّعَامَةُ وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهَا كَلِمَةٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُولُونَهَا افْعَلْ كَذَا وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَك؛ وَهَذَا كَعَادَةِ الْعَرَبِ فِي قَوْلِهِمْ تَرِبَتْ يَمِينُهُ وَقَاتَلَهُ اللَّهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا إخْبَارٌ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ وَجَازَاهُ عَلَى الْقِيَامِ بِأَمْرِ الْأَمَةِ عَلَى أَتَمِّ الْوُجُوهِ وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَمَّا رَأَى عليه الصلاة والسلام مُدَّةَ الصِّدِّيقِ قَصِيرَةً قَالَ «وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ:» أَيْ يَرْضَى عَنْهُ فَيُعْطِيهِ ثَوَابَ طُولِ مُدَّةٍ وَأَكْثَرَ عَمَلٍ وَكَيْفَ تَكُونُ مُدَّتُهُ قَصِيرَةً وَمُدَّةُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مِنْ جِهَتِهِ وَكَذَلِكَ الْوُلَاةُ الْعُدُولُ بَعْدَهُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
السَّادِسَةُ) : قَوْلُهُ «فَلَمْ يَنْزِعْ رَجُلٌ» كَذَا فِي رِوَايَتِنَا وَفِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَمْ يَنْزِعْ رَجُلٌ نَزْعَهُ وَكَذَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ.
(السَّابِعَةُ) : قَوْلُهُ «حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ» أَيْ أَعْرَضُوا عَنْ أَخْذِ الْمَاءِ لِفَرَاغِ حَوَائِجِهِمْ وَاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهُ وَقَوْلُهُ «وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ:» بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ.
(الثَّامِنَةُ) : قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الْمَقَامُ مِثَالٌ وَاضِحٌ لِمَا جَرَى لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فِي خِلَافَتِهِمَا وَحُسْنِ سِيرَتَهُمَا وَظُهُورِ آثَارِهِمَا وَانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهِمَا وَكُلُّ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَرَكَتِهِ وَآثَارِ صُحْبَتِهِ فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هُوَ صَاحِبُ الْأَمْرِ فَقَامَ بِهِ أَكْمَلَ قِيَامٍ وَقَرَّرَ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَمَهَّدَ أُمُورَهُ وَأَوْضَحَ أُصُولَهُ وَفُرُوعَهُ وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دَيْنِ اللَّهِ أَفْوَاجًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] ثُمَّ تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم فَخَلَفَهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سَنَتَيْنِ وَأَشْهُرًا وَحَصَلَ فِي خِلَافَتِهِ قِتَالُ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَطْعُ دَابِرِهِمْ وَاتِّسَاعُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَخَلَفَهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَاتَّسَعَ الْإِسْلَامُ فِي زَمَنِهِ وَتَقَرَّرَ لَهُمْ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا لَمْ يَقَعْ مِثْلُهُ فَعَبَّرَ بِالْقَلِيبِ عَنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ الَّذِي فِيهِ حَيَاتُهُمْ وَصَلَاحُهُمْ وَشَبَّهَ أَمِيرَهُمْ بِالْمُسْتَقِي لَهُمْ وَسَقْيُهُ هُوَ قِيَامُهُ بِمَصَالِحِهِمْ وَتَدْبِيرُ أُمُورِهِمْ وَفِي هَذَا إعْلَامٌ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَصِحَّةِ وِلَايَتِهِمَا وَبَيَانِ صِفَتِهِمَا وَانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْعَرَبِيُّ الْمَاءُ خَيْرٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنْ يَنْضَافَ إلَيْهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ غَالِبِ أَمْرِهِ أَوْ عَنْ وَضْعِهِ فِي أَصْلِهِ وَالدَّلْوُ آلَةٌ مِنْ آلَاتِهِ ضُرِبَ فِي الْمَنَامِ مَثَلًا لِلْحَظِّ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ لَنَا وَلَيْسَ تَقْدِيرُهُ بِالدَّلْوِ دَلِيلًا عَلَى صِغَرِ الْحَظِّ وَإِنَّمَا قَدَّرَ بِهِ عِبَارَةً عَنْ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ وَإِلَّا فَحَظُّنَا فِي الْخَيْرِ يَمْلَأُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْبَرُ.
(التَّاسِعَةُ) : الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ «حَتَّى تَوَلَّى النَّاسُ وَالْحَوْضُ يَتَفَجَّرُ» عَائِدٌ إلَى خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه خَاصَّةَ وَقِيلَ يَعُودُ إلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَنَّهُ بِنَظَرِهِمَا وَتَدْبِيرِهِمَا وَقِيَامِهِمَا بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ تَمَّ هَذَا الْأَمْرُ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَمَعَ أَهْلَ الرِّدَّةِ وَجَمَعَ شَمْلَ الْمُسْلِمِينَ وَأَلَّفَهُمْ وَابْتَدَأَ الْفُتُوحَ وَمَهَّدَ الْأُمُورَ وَتَمَّتْ ثَمَرَاتُ ذَلِكَ وَتَكَامَلَتْ فِي زَمَانِ عُمَرَ رضي الله عنه.