الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَيَرْتَضِيهَا وَيُسَرُّ بِهَا وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ هِيَ إدْرَاكَاتٌ يَخْلُقُهَا اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ عَلَى يَدِ الْمَلَكِ أَوْ الشَّيْطَانِ إمَّا بِأَسْمَائِهَا وَإِمَّا أَمْثَالًا يُكَنِّي بِهَا وَإِمَّا تَخْلِيطًا وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْيَقَظَةِ الْخَوَاطِرُ فَإِنَّهَا تَأْتِي عَلَى نَسَقٍ وَتَأْتِي مُسْتَرْسِلَةً غَيْرَ مُحَصَّلَةٍ فَإِذَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ عَلَى يَدِ الْمَلَكِ شَيْئًا كَانَ وَحْيًا مَنْظُومًا وَبُرْهَانًا مَفْهُومًا هَذَا نَحْوُ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَصَارَ الْقَاضِي إلَى أَنَّهَا اعْتِقَادَاتٌ وَإِنَّمَا دَارَ هَذَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى نَفْسَهُ بَهِيمَةً أَوْ مَلَكًا أَوْ طَائِرًا وَلَيْسَ هَذَا إدْرَاكًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقِيقَةً فَصَارَ الْقَاضِي إلَى أَنَّهَا اعْتِقَادَاتٌ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ قَدْ يَأْتِي عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَقِدِ وَذَهَلَ عَنْ التَّفَطُّنِ لِأَنَّ هَذَا الْمَرْئِيَّ مَثَلٌ فَالْإِدْرَاكُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَثَلِ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مَلَكًا مُوَكَّلًا يَعْرِضُ الْمَرْئِيَّاتِ عَلَى الْمَحَلِّ الْمُدْرِكِ مِنْ النَّائِمِ فَيُمَثِّلُ أَمْثِلَةً لِمَعَانِي مَعْقُولَةٍ غَيْرِ مَحْسُوسَةٍ، وَفِي الْحَالَتَيْنِ تَكُونُ مُبَشِّرَةً وَمُنْذِرَةً قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذَا مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي الْمَعْنَى غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ قَضِيَّةَ الْمَلَكِ وَيَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى تَوْقِيفٍ مِنْ الشَّرْعِ وَيَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تِلْكَ التَّمْثِيلَاتِ مِنْ غَيْرِ مَلَكٍ، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ إنَّ الرُّؤْيَا إدْرَاكُ أَمْثِلَةٍ مُنْضَبِطَةٍ فِي التَّخَيُّلِ جَعَلَهَا اللَّهُ أَعْلَامًا عَلَى مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ، وَهُوَ أَشْبَهُهَا، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُقَالُ إنَّ الرُّؤْيَا إدْرَاكٌ مَعَ أَنَّ النَّوْمَ ضِدُّ الْإِدْرَاكِ فَإِنَّهُ مِنْ الْأَضْدَادِ الْعَامَّةِ كَالْمَوْتِ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ إدْرَاكٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْجُزْءَ الْمُدْرِكَ مِنْ النَّائِمِ لَمْ يَحُلَّهُ النَّوْمُ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهُ فَقَدْ تَكُونُ الْعَيْنُ نَائِمَةً وَالْقَلْبُ يَقْظَانُ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» وَإِنَّمَا قَالَ مُنْضَبِطَةً فِي التَّخَيُّلِ لِأَنَّ الرَّائِيَ يَرَى فِي مَنَامِهِ الْآنَ نَوْعَ مَا أَدْرَكَهُ فِي الْيَقَظَةِ بِحِسِّهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ تُرَكَّبُ الْمُتَخَيَّلَاتُ فِي النَّوْمِ تَرْكِيبًا يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا صُورَةٌ لَمْ يُوجَدْ لَهَا مِثَالٌ فِي الْخَارِجِ يَكُونُ عَلَمًا عَلَى أَمْرٍ نَادِرٍ كَمَنْ يَرَى فِي نَوْمِهِ مَوْجُودًا رَأْسُهُ رَأْسُ الْإِنْسَانِ وَجَسَدُهُ جَسَدُ الْفَرَسِ مَثَلًا وَلَهُ جَنَاحَانِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ مِنْ التَّرْكِيبَاتِ الَّتِي لَا يُوجَدُ مِثْلُهَا فِي الْوُجُودِ، وَإِنْ كَانَتْ آحَادُ أَجْزَائِهَا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ وَإِنَّمَا قَالَ جَعَلَهَا اللَّهُ أَعْلَامًا عَلَى مَا كَانَ أَوْ يَكُونُ لِأَنَّهُ يَعْنِي بِهِ الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةَ الْمُنْتَظِمَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَى شُرُوطِهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إنَّ لِلرُّؤْيَا مَلَكًا وُكِّلَ بِهَا يُرِي الرَّائِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا يَكُونُ لَهُ أَوْ يُقَدَّرُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.
[فَائِدَة رُؤْيَا الصَّالِحِ وَرُؤْيَا الْفَاسِقِ]
1
(الثَّالِثَةُ)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَيَّدَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الرُّؤْيَا بِكَوْنِهَا مِنْ «الرَّجُلِ الصَّالِحِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «الْمُسْلِمِ» ، وَفِي أُخْرَى «الْمُؤْمِنِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «رُؤْيَا الْمُسْلِمِ يَرَاهَا أَوْ تُرَى لَهُ» وَكُلُّ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ فَأَمَّا ذِكْرُ الرَّجُلِ فَقَدْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ مُسْلِمًا أَوْ مُؤْمِنًا أَوْ صَالِحًا فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا فَإِنَّهُ قَالَ وَالرُّؤْيَا إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَضْغَاثِ وَالْأَهَاوِيلِ فَهِيَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنْ الْكَافِرِ وَمِنْ الْفَاسِقِ كَرُؤْيَا الْمَلِكِ الَّتِي فَسَّرَهَا يُوسُفُ صلى الله عليه وسلم وَرُؤْيَا الْفَتَيَيْنِ فِي السِّجْنِ وَكَرُؤْيَا بُخْتَ نَصَّرَ الَّتِي فَسَّرَهَا دَانْيَالُ عليه السلام فِي ذَهَابِ مُلْكِهِ وَكَرُؤْيَا كِسْرَى فِي ظُهُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِثْلِ رُؤْيَا عَاتِكَةَ عَمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ عليه الصلاة والسلام وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ قَالَ: وَقَدْ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْسَامًا تُغْنِي عَنْ قَوْلِ كُلِّ قَائِلٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ «الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ابْنَ آدَمَ وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» ، فَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْته بِهَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنَا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ.
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ فَرُؤْيَا صَالِحَةٌ: بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزُنُ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ» وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ كَلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: يُقَالُ: الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ، فَذَكَرَهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ هُوَ أَبْيَنُ (قُلْت) وَتَقْسِيمُ الرُّؤْيَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ لَا يُنَافِي تَقْيِيدَ الصَّادِقَةِ بِاَلَّتِي هِيَ صَادِرَةٌ عَنْ مُسْلِمٍ وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ رُؤْيَا الْكَافِرِ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الرَّاءُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: صَالِحٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَفَاسِقٌ مِنْهُمْ، وَكَافِرٌ مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَمَّا رُؤْيَا الصَّالِحِ فَهِيَ الَّتِي تُنْسَبُ إلَى النُّبُوَّةِ وَمَبَادِئِهَا لِأَنَّ الصَّلَاحَ جُزْءٌ مِنْهَا وَأَمَّا رُؤْيَا الْفَاسِقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا مُرَادَةٌ بِقَوْلِهِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مُؤْمِنٍ فَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ وَمَعْنَى صَلَاحِهَا اسْتِقَامَتُهَا وَانْتِظَامُهَا وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ رُؤْيَا الْفَاسِقِ لَا تُعَدُّ فِي النُّبُوَّةِ.
وَأَمَّا الرُّؤْيَا مِنْ الْكَافِرِ فَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ، وَقَدْ كَانَ كُفَّارُ الْعَرَبِ وَالْأُمَمِ تَرَى الرُّؤْيَا الصَّحِيحَةَ وَلَا تُعَدُّ أَيْضًا فِي النُّبُوَّةِ وَلَكِنَّهَا تَدْخُلُ فِي بَابِ النَّدَارَةِ وَقَالَ