الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيلَ لَهُ مَرَّةً رَفَعَهُ؟ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ مَرَّةً يَبْلُغُ بِهِ يَقُولُونَ الْكَرْمُ إنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ الْكَرْمَ فَإِنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ «وَلَكِنْ قُولُوا الْعِنَبُ وَالْحَبَلَةُ» .
ــ
[طرح التثريب]
اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا عُدُولٌ عَمَّا صَحَّ إلَى مَا لَا يَصِحُّ مَخَافَةَ مَا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ عِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ بِالضَّمِّ، وَلَمْ يَرْوِ الْفَتْحَ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الضَّمِّ أَنْ يَكُونَ الدَّهْرُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّوْقِيفِ عَلَيْهَا أَوْ اسْتِعْمَالِهَا اسْتِعْمَالَ الْأَسْمَاءِ مِنْ الْكَثْرَةِ وَالتَّكْرَارِ، فَيُخْبِرُ بِهِ وَعَنْهُ، وَيُنَادِي بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي الدَّهْرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى ثُمَّ لَوْ سَلَمَ صِحَّةُ النَّصْبِ فِي ذَلِكَ اللَّفْظِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا:«لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» وَلَمْ يَذْكُرْ «أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُقَيَّدَةٌ؛ لِأَنَّا إنْ صِرْنَا إلَى ذَلِكَ لَزِمَ نَصْبُ الدَّهْرِ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَزِمَ حَذْفُ الْخَبَرِ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا.
[حَدِيث يَقُولُونَ الْعِنَبُ الْكَرْمُ إنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيلَ لَهُ مَرَّةً رَفَعَهُ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ مَرَّةً يَبْلُغُ بِهِ يَقُولُونَ الْعِنَبُ الْكَرْمُ إنَّمَا الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ الْكَرْمَ فَإِنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ، وَمِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ «لَا تَقُولُوا الْكَرْمُ وَلَكِنْ قُولُوا الْعِنَبُ وَالْحَبَلَةُ» .
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ عَلَى جِهَةِ الْإِرْشَادِ لِمَا هُوَ الْأَوْلَى فِي الْإِطْلَاقِ انْتَهَى.
وَفِي اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْإِرْشَادِ هُنَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ مَا تَعَلَّقَ بِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَالْمَصْلَحَةُ هُنَا دِينِيَّةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فَاسْتِعْمَالُ النَّوَوِيِّ لَفْظَ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كَرَاهِيَةُ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا وَكَرَاهِيَةُ تَسْمِيَةِ شَجَرِ الْعِنَبِ كَرْمًا، بَلْ يُقَالُ عِنَبٌ أَوْ حَبَلَةٌ (قُلْت) لَيْسَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَةِ شَجَرِ الْعِنَبِ كَرْمًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْعِنَبُ يُطْلَقُ عَلَى الثَّمَرَةِ نَفْسِهَا وَعَلَى الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ كَذَلِكَ، فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَيْهَا عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ يَكُونُ إطْلَاقُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا حَقِيقَةً وَعَلَى الْآخَرِ مَجَازًا فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَيَكُونُ حُكْمُ أَحَدِهِمَا مَأْخُوذًا مِنْ النَّصِّ، وَالْآخَرُ مِنْ الِاسْتِنْبَاطِ.
(الرَّابِعَةُ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّمَا سَمَّتْ الْعَرَبُ الْعِنَبَ بِالْكَرْمِ لِكَثْرَةِ حَمْلِهِ وَسُهُولَةِ قِطَافِهِ وَكَثْرَةِ مَنَافِعِهِ، وَأَصْلُ الْكَرْمِ الْكَثْرَةُ وَالْكَرِيمُ مِنْ الرِّجَالِ هُوَ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ وَالنَّفْعِ، يُقَالُ: رَجُلٌ كَرِيمٌ وَكَرَّامٌ لِمَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَرَّامٌ لِمَنْ كَثُرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَهِيَ لِلْمُبَالَغَةِ، وَيُقَالُ أَيْضًا: رَجُلٌ كَرَمٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَامْرَأَةٌ كَرَمٌ وَرِجَالٌ كَرَمٌ وَنِسَاءٌ كَرَمٌ وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ عَلَى حَدِّ عَدْلٍ وَزُورٍ وَفِطْرٍ انْتَهَى.
(الْخَامِسَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَةَ الْكَرْمِ كَانَتْ الْعَرَبُ تُطْلِقُهَا عَلَى شَجَرَةِ الْعِنَبِ وَعَلَى الْعِنَبِ وَعَلَى الْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْعِنَبِ سَمَّوْهَا كَرْمًا لِكَوْنِهَا مُتَّخَذَةً مِنْهَا؛ وَلِأَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ فَكَرِهَ الشَّرْعُ إطْلَاقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى الْعِنَبِ وَشَجَرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا سَمِعُوا اللَّفْظَةَ رُبَّمَا تَذَكَّرُوا الْخَمْرَ، وَهَيَّجَتْ نُفُوسَهُمْ إلَيْهَا فَوَقَعُوا فِيهَا، أَوْ قَارَبُوا ذَلِكَ وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ نَحْوًا مِنْهُ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ بِالْكَرْمِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حُرِّمَ الْخَمْرُ عَلَيْهِمْ وَكَانَتْ طِبَاعُهُمْ تَحُثُّهُمْ