الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَى أَدْرَكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنُ زِنْيَتُهَا النَّظَرُ وَيُصَدِّقُهَا الْأَعْرَاضُ وَاللِّسَانُ زِنْيَتُهُ الْمَنْطِقُ، وَالْقَلْبُ التَّمَنِّي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ مَا ثَمَّ وَيُكَذِّبُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ «الْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا:» وَلِابْنِ حِبَّانَ
ــ
[طرح التثريب]
صُورَةِ الرَّحْمَنِ» وَلَكِنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّ مَنْ نَقَلَهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي تَوَهَّمَهُ وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ اهـ.
وَبِتَقْدِيرِ صِحَّةِ ذَلِكَ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَلِلسَّلَفِ فِيهَا مَذْهَبَانِ:
(أَحَدُهُمَا) : وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِهِمْ الْإِمْسَاكُ عَنْ تَأْوِيلِهَا وَالْإِيمَانُ بِأَنَّهَا حَقٌّ وَأَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَلَهَا مَعْنًى يَلِيقُ بِهَا.
(وَالثَّانِي) تَأْوِيلُهَا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَتَأْوِيلُهُ هُنَا أَنَّ هَذِهِ إضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَاخْتِصَاصٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس: 13] وَكَمَا يُقَالُ فِي الْكَعْبَةِ " بَيْتُ اللَّهِ " وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الصُّورَةَ قَدْ تُطْلَقُ بِمَعْنَى الصِّفَةِ كَمَا يُقَالُ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا أَيْ صِفَتُهَا كَذَا فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عليه الصلاة والسلام مَوْصُوفًا بِالْعِلْمِ الَّذِي فُضِّلَ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَصَّهُ مِنْهُ بِمَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ أَحَدًا مِنْ مَلَائِكَةِ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَوَاتِ.
[بَابُ لَا حَدَّ فِي النَّظَرِ وَالْمَنْطِقِ حَتَّى يُصَدِّقَهُ الْفَرْجُ]
[حَدِيث كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَى أَدْرَكَ لَا مَحَالَةَ]
بَابُ لَا حَدَّ فِي النَّظَرِ وَالْمَنْطِقِ حَتَّى يُصَدِّقَ الْفَرْجُ. عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنُ زِنْيَتُهَا النَّظَرُ وَيُصَدِّقُهَا الْأَعْرَاضُ وَاللِّسَانُ زِنْيَتُهُ الْمَنْطِقُ وَالْقَلْبُ التَّمَنِّي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ مَا ثَمَّ وَيُكَذِّبُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (فِيهِ) :
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَالْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ:» وَلِأَبِي دَاوُد «وَالْفَمُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْقُبَلُ:» ..
ــ
[طرح التثريب]
فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) : رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ خَالِدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمَعْنَاهُ وَزَادَ فِيهِ «وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَى» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ فِيهِ «وَالْفَمُ يَزْنِي فَزِنَاهُ الْقُبَلُ:» وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " مَا رَأَيْت شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، فَذَكَرَ نَحْوَ رِوَايَتِنَا بِدُونِ زِيَادَةِ مُسْلِمٍ الْمُتَقَدِّمَةِ
(الثَّانِيَةُ) : قَوْلُهُ " كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَى أَيْ قُدِّرَ عَلَيْهِ نَصِيبٌ مِنْ الزِّنَى فَهُوَ مُدْرِكٌ ذَلِكَ النَّصِيبَ وَمُرْتَكِبٌ لَهُ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْمُقَدَّرَةَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ زِنَاهُ حَقِيقِيًّا بِإِدْخَالِ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ زِنَاهُ مَجَازِيًّا إمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهِ وَإِمَّا بِمُحَادِثَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِمَّا بِالسَّمَاعِ إلَى حَدِيثِهَا بِشَهْوَةٍ وَإِمَّا بِلَمْسِهَا بِشَهْوَةٍ وَإِمَّا بِالْمَشْيِ إلَى الْفَاحِشَةِ وَإِمَّا بِالتَّقْبِيلِ الْمُحَرَّمِ وَإِمَّا بِالتَّمَنِّي بِالْقَلْبِ وَالتَّصْمِيمِ عَلَى فِعْلِ الْفَاحِشَةِ فَكُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ مُقَدِّمَاتٌ لِلزِّنَا وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الزِّنَى مَجَازًا وَعَلَاقَةُ الْمَجَازِ فِيهَا لُزُومُ التَّقْيِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِي صَاحِبِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ إنَّهُ زَانٍ مُطْلَقًا بِلَا قَيْدٍ.
(الثَّالِثَةُ) : وَفِيهِ رَدٌّ صَرِيحٌ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَبَيَانُ أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَيْسَتْ أُنُفًا بَلْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَلَيْسَ تَقْدِيرُهَا حُجَّةً لِلْعَبْدِ بَلْ هُوَ مُعَاقَبٌ عَلَى كَسْبِهِ وَمُثَابٌ عَلَيْهِ.
1 -
(الرَّابِعَةُ) : قَوْلُهُ " أَدْرَكَ " أَيْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِ وَوَاقَعَهُ وَقَوْلُهُ " «لَا مَحَالَةَ» بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا بُدَّ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ
أَيْقَنْت أَنِّي لَا مَحَا
…
لَةِ حَيْثُ صَارَ الْقَوْمُ صَائِرٌ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ لَا حِيلَةَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحَوْلِ الْقُوَّةِ أَوْ الْحَرَكَةِ وَهِيَ مِفْعَلَةٌ مِنْهُمَا وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ لَا مَحَالَةَ بِمَعْنَى الْيَقِينِ وَالْحَقِيقَةِ أَوْ بِمَعْنَى لَا بُدَّ