الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البقاء في دار الكفر مع توفير اللحية أم الرجوع إلى الوطن حيث يمنع إطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستاذ جامعي في فرنسا أريد العودة إلى الوطن ولكن هنالك يمنعون اللحية. فأيهما أهم أن أعود وأحلق لحيتي أم أن أبقى في فرنسا.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، أو لا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة. منها أنه سيجعل على نفسه سبيلا للكافرين، والله تعالى يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} . ومنها أنه بمساكنته لهم واختلاطه معهم قد يتأثر في عقيدته فيواليهم محبة وإعجابا بهم، لما يرى مما عندهم من زهرة الحياة الدنيا وزينتها مما لا يزن عند الله جناح بعوضة. ومنها أنه قد يخف عنده الشعور بالكراهية لما هم عليه من كفر بالله تعالى ومنكرات وانحلال، فالنفس تألف ما اعتادته، وفي هذا من الخطر ما لا يخفى ولن يبقى مع المرء أدنى مقومات الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن. ومنها أنه يعرض ذريته للفساد، وأنت عليم أن الطفل في كثير من بلاد الكفار لا سيطرة لأبيه عليه، ولعلك إذا تأملت هذه المخاطر العظيمة فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. خرجه أصحاب السنن.
وبناء على هذا، فإن عليك أيها الأخ الكريم أن تقارن بين تين الحالتين، فإن كنت تستطيع إقامة شعائر دينك في الدولة التي أنت بها، ولا تخشى الوقوع في شيء من تلك المحاذير التي بيناها ومن بينها ما هو أعظم من حلق اللحية، وهذا لا ريب أنه من الصعوبة بمكان، فلا بأس بالبقاء محافظا على إعفاء اللحية، والأولى لك أن تهاجر إلى بلد مسلم لا تخشى فيه من تلك المحاذير. وإن كنت لا تستطيع ذلك وتخشى الوقوع في شيء من المحاذير السابقة، فإن الرجوع إلى الوطن يتعين ولو أدى إلى تخفيف اللحية أو حلقها إن لم يكف تخفيفها ارتكابا لأخف الضررين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426