الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذُكِرَ فِيهَا الْإِسْرَاءُ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تَنْوِيهًا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَتَذْكِيرًا بِحُرْمَتِهِ.
نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بَعْدَ سُورَةِ الْقَصَصِ وَقَبْلَ سُورَةِ يُونُسَ.
وَعُدَّتِ السُّورَةُ الْخَمْسِينَ فِي تَعْدَادِ نُزُولِ سُورَةِ الْقُرْآنِ.
وَعَدَدُ آيِهَا مِائَةٌ وَعَشْرٌ فِي عد أهل الْعدَد بِالْمَدِينَةِ، وَمَكَّةَ، وَالشَّامِ، وَالْبَصْرَةِ. وَمِائَةٍ وَإِحْدَى عَشْرَةَ فِي عَدِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
أَغْرَاضُهَا
الْعِمَادُ الَّذِي أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ إِثْبَاتُ نبوة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم.
وَإِثْبَاتُ أَنَّ الْقُرْآنَ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ.
وَإِثْبَاتُ فَضْلِهِ وَفضل من أنزل عَلَيْهِ.
وَذِكْرُ أَنَّهُ مُعْجِزٌ.
وَرَدُّ مَطَاعِنِ الْمُشْرِكِينَ فِيهِ وَفِيمَنْ جَاءَ بِهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَفْقَهُوهُ فَلِذَلِكَ أَعْرَضُوا عَنْهُ.
وَإِبْطَالُ إِحَالَتِهِمْ أَن يكون النبيء صلى الله عليه وسلم أُسَرِيَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فَافْتُتِحَتْ بِمُعْجِزَةِ الْإِسْرَاءِ تَوْطِئَةً لِلتَّنْظِيرِ بَيْنَ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَشَرِيعَةِ مُوسَى- عليه الصلاة والسلام عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي ذِكْرِ الْمُثُلِ وَالنَّظَائِرِ الدِّينِيَّة، ورمزا إِلَيْهَا إِلَى أَنَّ اللَّهَ أعْطى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنَ الْفَضَائِلِ أَفْضَلَ مِمَّا أَعْطَى مَنْ قَبْلَهُ.
وَأَنَّهُ أَكْمَلَ لَهُ الْفَضَائِلَ فَلَمْ يَفُتْهُ مِنْهَا فَائِتٌ. فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَحَلَّهُ بِالْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ الَّذِي تَدَاوَلَتْهُ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلُ، فَلَمْ يَسْتَأْثِرْهُمْ بِالْحُلُولِ
بِذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ مَهْبِطُ الشَّرِيعَةِ الْمُوسَوِيَّةِ، وَرَمْزُ أَطْوَارِ تَأْرِيخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَسْلَافِهِمْ، وَالَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي أَنَّ أَصْلَ تَأْسِيسِهِ فِي عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الْإِسْرَاء: 1] فَأَحَلَّ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا- عليه الصلاة والسلام بَعْدَ أَنْ هُجِرَ وَخُرِّبَ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ أُمَّتَهُ تُجَدِّدُ مَجْدَهُ.
وَأَنَّ اللَّهَ مَكَّنَهُ من حرمي النبوءة وَالشَّرِيعَةِ، فَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى لَمْ يَكُنْ مَعْمُورًا حِينَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَإِنَّمَا عُمِّرَتْ كَنَائِسُ حَوْلَهُ، وَأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَحْفَظُوا حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَكَانَ إِفْسَادُهُمْ سَبَبًا فِي تَسَلُّطِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ وَخَرَابِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. وَفِي ذَلِكَ رَمْزٌ إِلَى أَنَّ إِعَادَةَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى سَتَكُونُ عَلَى يَدِ أُمَّةِ هَذَا الرَّسُولِ الَّذِي أَنْكَرُوا رِسَالَتَهُ.
ثُمَّ إِثْبَاتُ دَلَائِلِ تَفَرُّدِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِآيَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْمِنَنِ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَالتَّذْكِيرُ بِالنِّعَمِ الَّتِي سَخَّرَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى تَفَرُّدِهِ بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ، وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَتَرْكِ شُكْرِ غَيْرِهِ، وَتَنْزِيهُهُ عَنِ اتِّخَاذِ بَنَاتٍ لَهُ.
وَإِظْهَارُ فَضَائِلَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَحِكْمَتِهِ، وَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ آدَابِ الْمُعَامَلَةِ نَحْوَ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، وَمُعَامَلَةِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَالْحِكْمَةُ فِي سِيرَتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ، وَمُرَاقَبَةُ اللَّهِ فِي ظَاهِرِهِمْ وَبَاطِنِهِمْ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّوْرَاةُ كُلُّهَا فِي خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْ سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: ثَمَانِ عَشْرَةَ آيَةً مِنْهَا كَانَتْ فِي أَلْوَاحِ مُوسَى، أَيْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا
تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا
إِلَى قَوْلِهِ: وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً [الْإِسْرَاء: 22- 39] .
وَيَعْنِي بِالتَّوْرَاةِ الْأَلْوَاحَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْوَصَايَا الْعَشْرِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ حَكَى مَا فِي التَّوْرَاةِ وَلَكِنَّهَا أَحْكَامٌ قُرْآنِيَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي التَّوْرَاةِ.