الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنَصْبُ دَرَجاتٍ وتَفْضِيلًا عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةٍ أَكْبَرُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ هُوَ عَطَاءُ الدُّنْيَا.
وَالدَّرَجَاتُ مُسْتَعَارَةٌ لِعَظَمَةِ الشَّرَفِ، وَالتَّفْضِيلُ: إِعْطَاءُ الْفَضْلِ، وَهُوَ الْجِدَةُ وَالنِّعْمَةُ،
وَفِي الْحَدِيثِ: «وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ»
. وَالْمَعْنَى: النِّعْمَةُ فِي الْآخِرَةِ أَعْظَمُ مِنْ نعم الدُّنْيَا.
[22]
[سُورَة الْإِسْرَاء (17) : آيَة 22]
لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (22)
تَذْيِيلٌ هُوَ فَذْلَكَةٌ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ خُلَاصَةَ أَسْبَابِ الْفَوْزِ تَرْكُ الشِّرْكِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَبْدَأُ الْإِقْبَالِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ فَهُوَ أَوَّلُ خُطُوَاتِ السَّعْيِ لِمُرِيدِ الْآخِرَةِ، لِأَنَّ الشِّرْكَ قَاعِدَةُ اخْتِلَالِ التَّفْكِيرِ وَتَضْلِيلِ الْعُقُولِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ [هود: 101] .
وَالْخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تَبَعٌ لِخِطَابِ قَوْلِهِ: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ [الْإِسْرَاء: 21] . وَالْمَقْصُودُ إِسْمَاعُ الْخِطَابِ غَيْرَهُ بِقَرِينَةٍ تُحَقِّقُ أَنَّ النَّبِيءَ قَائِمٌ بِنَبْذِ الشِّرْكِ وَمَنْحٍ عَلَى الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخر.
وفَتَقْعُدَ مُسْتَعَارٌ لِمَعْنَى الْمُكْثِ وَالدَّوَامِ. أُرِيدَ بِهَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ تَجْرِيدُ مَعْنَى النَّهْيِ إِلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَعْرِيضٍ بِالْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِالذَّمِّ وَالْخِذْلَانِ. فَإِنْ لَمْ يُقْلِعُوا عَنِ الشِّرْكِ دَامُوا فِي الذَّمِّ وَالْخِذْلَانِ.
وَالْمَذْمُومُ: الْمَذْكُورُ بِالسُّوءِ وَالْعَيْبِ.
وَالْمَخْذُولُ: الَّذِي أَسْلَمَهُ نَاصِرُهُ.
فَأَمَّا ذَمُّهُ فَمِنْ ذَوِي الْعُقُولِ، إِذْ أَعْظَمُ سُخْرِيَةً أَنْ يَتَّخِذَ الْمَرْءُ حَجَرًا أَوْ عُودًا رَبًّا لَهُ وَيَعْبُدَهُ، كَمَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ- عليه السلام أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ:[الصافات: 95] ، وَذَمَّهُ مِنَ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ الشَّرَائِعِ.