الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي قَوْلِهِ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً قَالَ:
هِيَ الشَّفَاعَةُ
. قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
وَقَدْ وَرَدَ وَصْفُ الشَّفَاعَةِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» مُفَصَّلًا. وَذَلِكَ مَقَامٌ يَحْمَدُهُ فِيهِ كُلُّ أهل الْمَحْشَر.
[80]
[سُورَة الْإِسْرَاء (17) : آيَة 80]
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً (80)
لَمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالشُّكْرِ الْفِعْلِيِّ عَطَفَ عَلَيْهِ الْأَمْرَ بِالشُّكْرِ اللِّسَانِيِّ بِأَنْ يَبْتَهِلَ إِلَى اللَّهِ بِسُؤَالِ التَّوْفِيقِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَانٍ وَالدُّخُولِ إِلَى مَكَانٍ كَيْلَا يَضُرَّهُ أَنْ يَسْتَفِزَّهُ أَعْدَاؤُهُ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوهُ مِنْهَا، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ لِقَوْلِهِ: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الْإِسْرَاء: 79] ، فَلَمَّا وَعَدَهُ بِأَنْ يُقِيمَهُ مَقَامًا مَحْمُودًا نَاسَبَ أَنْ يَسْأَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَالَهُ فِي كُلِّ مَقَامٍ يَقُومُهُ. وَفِي هَذَا التَّلْقِينِ إِشَارَةٌ إِلَهِيَّةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُخْرِجُهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مُهَاجَرٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ قُبَيْلَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى الَّتِي كَانَتْ مُقَدِّمَةً لِلْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَالْمُدْخَلُ وَالْمُخْرَجُ- بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِفَتْحِ الْحَرْفِ الثَّالِثِ- أَصْلُهُ اسْمُ مَكَانِ الْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ. اخْتِيرَ هُنَا الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ مِنَ الْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ دُخُولٌ وَخُرُوجٌ مُيَسَّرَانِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَوَاقِعَانِ بِإِذْنِهِ. وَذَلِكَ دُعَاءٌ بِكُلِّ دُخُولٍ وَخُرُوجٍ مباركين لتتم الْمُنَاسبَة بَيْنَ الْمَسْئُولِ وَبَيْنَ الْمَوْعُودِ بِهِ وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ. وَهَذَا السُّؤَالُ يَعُمُّ كُلَّ مَكَانٍ يَدْخُلُ إِلَيْهِ وَمَكَانٍ يَخْرُجُ مِنْهُ.
والصدق: هُنَا الْكَمَال وَمَا يُحْمَدُ فِي نَوْعِهِ، لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِمَحْمُودٍ فَهُوَ كَالْكَاذِبِ لِأَنَّهُ يُخْلِفُ ظَنَّ الْمُتَلَبِّسِ بِهِ.
وَقَدْ عَمَّتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ جَمِيعَ الْمَدَاخِلِ إِلَى مَا يُقَدَّرُ لَهُ الدُّخُولُ إِلَيْهِ وَجَمِيعَ الْمَخَارِجِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا. وَعَطَفَ عَلَيْهِ سُؤَالَ التَّأْيِيدِ