الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجعل فيه الدهن. ومنها: المنصل وهو من أسماء السيف. ومنها: المنخل، وهو ما ينخل به الدقيق. فهذه الستة جاءت بضم الميم والعين على خلاف القياس.
تنبيه: أما المسعط والمكحلة والمدهن فلم يسمع فيها غير الضم
، وأما المدق فسمع أيضاً فيها المدق بكسر الميم على القياس. وسمع في "المنصل" فتح الصاد مع الميم، وكذا في "المنخل" سمع فتح الخاء مع ضم الميم، وزاد في التسهيل "المحرضة" وهي الإناء الذي يجعل فيه الحرض بضمتين، وهو الأشنان. ولم يذكر في الصحاح والقاموس فيها إلا الكسر على القياس، ثم إن الضم في هذه الأدوات الشاذة إنما هو عند إطلاق الاسم عليها تشبيهاً لها بأسماء الأعيان الغير المشتقة، وأما إذا قصد بها الاشتقاق مما عمل فإنه يجوز فيها مراعاة القياس فتكسر على الأصل، ولهذا قال:
(ومن نوى عملاً بهن جاز له
…
فيهن كسر ولم يعبأ بمن عذلا)
أي فيجوز أن يقول: سعطته بالمسعط، ونخلته بالمنخل، وهذه المسألة من زوائده على التسهيل. وقوله:"ولم يعبأ" أي لم يبال بمن لامه على ذلك، وهو مهموز هنا.
ولما يسر الله له تمام قصده حمد الله على ذلك، فقال:
(وقد وفيت بما قد رمت منتهياً
…
فالحمد لله إذ ما رمته كملا)
أي: وقد وفيت بما قد وعدت من النظم المحيط بالمهم من تصريف الأفعال منتهياً، أي بالغاً النهاية. وذلك نعمة من الله تعالى يقتضي الشكر الموجب
للمزيد، فالحمد لله على تمام ما رمته: أي قصدته وطلبته "وكمل" مثلث الميم، ثم أردف الحمد بالصلاة والتسليم على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما بدأ نظمه بذلك، فقال:
(ثم الصلاة وتسليم يقارنها
…
على الرسول الكريم الخاتم الرسلا)
أي ثم بعد الحمد لله: الصلاة منه، وهي الرحمة مع التسليم من كل آفة، على الرسول منه إلى الخلق كلهم، الكريم عليه، الخاتم للرسل، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه رسول رب العالمين إلى الناس أجمعين، وهو أكرم الخلق على الله؛ لأنه أتقاهم لله، وخاتم النبيين والمرسلين، والكريم هنا: هو العظيم المنزلة عند الله، وضده: الحقير المهين {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] ومن أكرمه الله فما له من مهين.
ثم أتبع ذلك بالدعاء والثناء على آله وأصحابه وأتباعه، صلى الله عليه وعليهم أجمعين، مكافأة لهم على ما قلدوا الخاص والعام من الإحسان والإنعام، فقال:
(وآله الغر والصحب الكرام ومن
…
إياهم في سبيل المكرمات تلا)
والغر: جمع الأغر، وهو السيد المقدم، وغرة كل شيء مقدمه، وهم المقدمون بالشرف لشرفه صلى الله عليه وسلم، والكرام: جمع كريم: وهو هنا العظيم القدر، وهم أجل الناس قدرا؛ لعظم قدره صلى الله عليه وسلم، وإياهم: ضمير نصب منفصل مفعول مقدم لتلا: أي تبع، فشمل ذلك التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، والمكرمات جمع المكرمة، وهي فعل الكرم. ثم لما قدم بين نجواه هذه الوسيلة العظيمة قوى رجاؤه بأنها مظنة قبول الدعاء، ولأن الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين مقبول، والله أكرم أن يرد ما اتصل بهما من الدعاء، فلهذا سأل الله تعالى فقال:
(وأسأل الله من أثواب رحمته
…
سترا جميلاً على الزلات مشتملا)
والأثواب جمع ثوب: وهو استعارة، والستر بكسر السين: الثوب يستر به، وبالفتح مصدر، والاشتمال على الشيء: الإحاطة به من جميع جهاته، وكأنه قال: وأسأل الله مغفرة لزلاتي لأن المغفرة هي الستر، وهذا دعاء منه لما مضى من عمله، ثم قال للمستقبل منه:
(وأن ييسر لي سعيا أكون به
…
مستبشراً جذلاً، لا باسراً وجلا)
والمراد بالسعي: العمل الصالح في باقي عمره؛ لأنه الموجب للاستبشار لقوله تعالى: {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ} [الغاشية: 9]، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس: 38، 39] والجذلان هو الفرحان؛ يقال: جذل يجذل كفرح يفرح وزناً ومعنى، والوجه الباسر: هو الكالح، والوجل: الخائف، حقق الله ما رجاه، وأعاذه مما يخشاه، واستجاب دعاه، بمنه وكرمه آمين، ولنا ولوالدينا ولمشايخنا في الدين، ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
تم كتاب بعون الله الملك الوهاب، واتفق الفراغ من زبره ضحى الأحد 29 من شهر ذي القعدة المبارك أحد شهور سنة 979 هجرية نبوية، على شرعها أفضل الصلاة والسلام وآله أجمعين.