المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ - فتح البيان في مقاصد القرآن - جـ ٤

[صديق حسن خان]

الفصل: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ‌

(73)

(وهو الذي خلق السموات والأرض) خلقاً (بالحق) أو حال كون الخلق بالحق فكيف تعبدون الأصنام المخلوقة أو إظهاراً للحق، وعلى هذا الباء بمعنى اللام وقيل كل ذلك بالحق وقيل خلقهما بكلامه الحق، وهو قوله كن وقيل بالحكمة أو محقاً لا هازلاً ولا عبثاً.

(و) اذكروا أو اتقوا (يوم يقول) للسموات والأرض (كن) والمراد بالقول المذكور حقيقته أو المراد به التمثيل والتشبيه تقريباً للعقول، لأن سرعة قدرته تعالى أقل زمناً من زمن النطق بكن والأول أولى (فيكون) تام وفي فاعله أوجه.

(أحدها) أنه ضمير جميع ما يخلقه الله تعالى يوم القيامة.

(الثاني) أنه ضمير الصور المنفوخ فيه ودل عليه يوم ينفخ في الصور.

(الثالث) أنه ضمير اليوم أي فيكون ذلك اليوم العظيم.

(الرابع) أن الفاعل هو (قوله) و (الحق) صفته أي فيوجد قوله الحق ويكون الكلام على هذا قد تم على الحق.

والمعنى قوله للشيء إذا أراده كن فيكون حق وصدق، وقيل المعنى لا يكون شيء من السموات والأرض وسائر المكونات إلا عن حكمة وصواب، وقيل المعنى وأمره المتعلق بالأشياء الحق أي المشهود له بأنه حق وقيل المعنى قوله المتصف بالحق كائن يوم يقول، الآية وقرئ فنكون بالنون وهو إشارة إلى

ص: 172

سرعة الحساب وقرئ بالتحتية وهو الصواب.

(وله الملك يوم ينفخ في الصور) أي له الملك في هذا اليوم وقيل هو بدل من اليوم الأول أخبر عن ملكه يومئذ وإن كان الملك له خالصاً في كل وقت في الدنيا والآخرة لأنه لا منازع له يومئذ يدعى الملك، والصور قرن ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء والثانية للإنشاء، وهو لغة أهل اليمن، وكذا قال الجوهري: أن الصور القرن أي المستطيل وفيه جميع الأرواح وفيه ثقب بعددها فإذا نفخ خرجت كل روح من ثقبها ووصلت لجسدها فتحله الحياة.

قال مجاهد: الصور كهيئة البوق وقرئ الصور جمع صورة والمراد الخلق وبه قال الحسن ومقاتل قال أبو عبيدة: وهذا وإن كان محتملاً يرد بما في الكتاب والسنة قال الله تعالى: (ثم نفخ فيه أخرى).

وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي وعبد بن حميد وابن المبارك عن عبد الله ابن عمرو قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور فقال: " قرن ينفخ فيه "(1)، وأجمع عليه أهل السنة، والأحاديث الواردة في كيفية النفخ ثابتة في كتب الحديث لا حاجة لنا إلى إيرادها ههنا.

(عالم الغيب والشهادة) صفة للذي خلق السموات والأرض أو هو يعلم ما غاب من عباده وما يشاهدونه فلا يغيب عن علمه شيء (وهو الحكيم) في جميع ما يصدر عنه (الخبير) بكل شيء.

(1) رواه الإمام أحمد في " المسند " 10/ 10، 11، والترمذي: 3/ 295، وصححه، وأبو داود في " سننه " 4/ 326، ورواه الحاكم في " المستدرك " 2/ 436، 506 و 4/ 560، وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 173

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75)

ص: 174

(وإذا قال إبراهيم لأبيه آزر) اختلف أهل العلم في لفظة آزر، قال الجوهري آزر اسم أعجمي وهو مشتق من آزر فلان فلاناً إذا عاونه فهو موازر قومه على عبادة الأصنام، وقال ابن فارس: أنه مشتق من القوة قال الجويني: في النكت من التفسير أنه ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ ضبطه بعضهم بالحاء المهملة وبعضهم بالخاء المعجمة، والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر، وقد تعقب في دعوى الاتفاق بما روي عن ابن اسحق والضحاك والكلبي أنه كان له اسمان آزر وتارخ وقال مقاتل: آزر لقب وتارخ اسم.

وقال البخاري في تاريخه الكبير: إبراهيم بن آزر وهو في التوراة تارخ والله سماه آزر، وإن كان عند النسابين والمؤرخين اسمه تارخ ليعرف بذلك وكان من كوثى وهي قرية من سواد الكوفة.

وقال سليمان التيمي: إن آزر سب وعتب ومعناه في كلامهم المعوج، وقال الضحاك: معنى آزر الشيخ الهرم بالفارسية، وهذا على مذهب من يجوز أن في القرآن ألفاظاً قليلة فارسية، وقال الفراء: هي صفة ذم بلغتهم كأنه قال يا مخطئ وروى مثله عن الزجاج وعن السدي قال اسم أبيه تارخ واسم الصنم آزر.

وقال ابن عباس: الآزر الصنم وأبو إبراهيم اسمه يازر، وأمه اسمها مثلى، وامرأته اسمها سارة وسريته أم إسمعيل اسمها هاجر، وقال سعيد بن

ص: 174

المسيب ومجاهد: إما للتعيير له لكونه معبوده أو على حذف مضاف أي قال لأبيه عابد آزر أو أتعبد آزر على حذف الفعل.

والصحيح أن آزر اسم لأبي إبراهيم لأن الله سماه به وعليه جرى جمهور المفسرين، وما نقل عن النسابين والمؤرخين أن اسمه تارخ ففيه نظر، لأنهم إنما نقلوه من أهل الكتاب ولا عبرة بنقلهم.

وقد أخرج البخاري في أفراده من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " يلقى إبراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة "(1)، الحديث وسماه النبي صلى الله عليه وسلم آزر أيضاً ولا قول لأحد مع قول الله تعالى ورسوله كائناً من كان.

والمعنى أذكر إذ قال إبراهيم لآزر (أتتخذ أصناماً) جمع صنم وهو والتمثال والوثن بمعنى، وهو الذي يتخذ من خشب أو حجارة أو حديد أو ذهب أو فضة على صورة الإنسان أي أتجعلها (آلهة) لك تعبدها من دون الله الذي خلقك ورزقك (إني أراك) الرؤية إما علمية وإما بصرية، والجملة تعليل للإنكار والتوبيخ (وقومك) المتبعين لك في عبادة الأصنام (في ضلال) عن طريق الحق (مبين) واضح بين لأن هذه الأصنام لا تضر ولا تنفع.

(1) صحيح الجامع الصغير 8014.

ص: 175

(وكذلك) أي مثل تلك الإراءة (نري إبراهيم) والجملة معترضة قيل كانت هذه الرؤية بعين البصر، وقيل بعين البصيرة ومعنى نرى أريناه حكاية حال ماضية أي أريناه ذلك، وقد كان آزر وقومه يعبدون الأصنام والكواكب والشمس والقمر، فأراد أن ينبههم على الخطأ وقيل: إنه ولد في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه فكان يمصها، وسبب جعله في السرب أن النمرود رأى رؤيا أن ملكه يذهب على يد مولود فأمر بقتل كل مولود.

(ملكوت السموات والأرض) أي ملكهما وزيدت التاء والواو للمبالغة

ص: 175

في الصفة ومثله الرغبوت والرهبوت، مبالغة في الرغبة والرهبة قيل أراد بملكوتهما ما فيهما من الخلق، وقيل عجائبهما وبدائعهما وقيل آياتهما، وقيل كشف الله عن ذلك حتى رأى إلى العرش وإلى أسفل الأرضين، وقيل رأى من ملكوتهما ما قصه الله في هذه الآية.

قال ابن عباس: كشف ما بين السموات حتى نظر إليهن على صخرة والصخرة على حوت وهو الحوت الذي منه طعام الناس، والحوت في سلسلة والسلسة في خاتم العزة (1).

وقال مجاهد: سلطانهما، وقيل المراد بملكوتهما الربوبية والإلهية أي نريه ذلك ونوفقه لمعرفته بطريق الاستدلال التي سلكها، قال قتادة: ملكوت السموات الشمس والقمر والنجوم، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار.

وهذه الأقوال لا تقتضي أن تكون الإراءة بصرية إذ ليس المراد بإراءة ما ذكر من الأمور الحسية مجرد تمكينه عليه السلام من إبصارها ومشاهدتها في أنفسها، بل إطلاعه على حقائقها وتعريفها من حيث دلالتها على شؤونه عز وجل، ولا ريب في أن ذلك ليس مما يدرك حساً كما ينبىء عنه اسم الإشارة المفصح عن كون المشار إليه أمراً بديعاً فإن الإراءة البصرية المعتادة بمعزل من تلك المثابة.

(وليكون من الموقنين) أي ليستدل به ويكون من أهل اليقين عياناً كما أيقن بياناً واليقين عبارة عن علم يحصل بسبب التأمل بعد زوال الشبهة، قال ابن عباس: جلالَهُ الأمر سراً وعلانية فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، أو المعنى أريناه ذلك ليكون ممن يوقن علم كل شيء حساً وخبراً.

(1) هذا لا يصح لأنه من عالم الغيب والغيب نقف فيه عند خبر المعصوم.

ص: 176

فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)

ص: 177

(فلما جن عليه) أي ستره (الليل) بظلمته ومنه الجنة والمجن والجن كله من الستر أي واذكر إذ جن الليل، يقال جن الليل وأجن إذا أظلم وغطى كل شيء وهذه قصة أخرى غير قصة عرض الملكوت عليه (رأى كوكباً) قيل رأى من شق الصخرة الموضوعة على رأس السرب الذي كان فيه، وقيل رآه لما أخرجه أبوه من السرب وكان وقت غيبوبة الشمس، وقيل رأى المشتري وقيل الزهرة.

(قال هذا ربي) جملة مستأنفة كأنه قيل فماذا قال عند رؤية الكوكب قيل وكان هذا منه عند قصور النظر لأنه في زمن الطفولية وقيل كان بعد بلوغ إبراهيم، وعليه جمهور المحققين.

ثم اختلف في تأويل هذه الآية فقيل أراد قيام الحجة على قومه كالحاكي لما هو عندهم وما يعتقدونه لأجل إلزامهم، وقيل معناه أهذا ربي؟ أنكر أن يكون مثل هذا رباً، ومثله قوله تعالى:(أفإن مت فهم الخالدون) أي أفهم الخالدون؟ وقيل المعنى وأنتم تقولون هذا ربي فأضمر القول وقيل المعنى على حذف مضاف أي هذا دليل ربي.

(فلما أفل) أي غرب وغاب، والأفول غيبة النيرات (قال) إبراهيم (لا أحب الآفلين) يعني لا أحب رباً يغيب ويطلع فإن الغروب تغير من حال إلى حال، وهو دليل الحدوث فلم ينجع فيهم ذلك.

ص: 177

(فلما رأى القمر بازغاً) أي طالعاً منتشر الضوء يقال بزغ القمر إذا ابتدأ في الطلوع، والبزغ الشق كأنه يشق بنوره الظلمة (قال) لهم أ (هذا ربي) بزعمكم وقد تقدم الكلام فيه.

(فلما أفل) أي غاب (قال لئن لم يهدني ربي) أي لئن لم يثبتني على الهداية ويوفقني للحجة، وليس المراد أنه لم يكن مهتدياً لأن الأنبياء لم يزالوا على الهداية من أول الفطرة، وفي الآية دليل على أن الهداية من الله تعالى لأن إبراهيم أضاف الهداية إليه سبحانه وتعالى (لأكونن من القوم الضالين) الذين لا يهتدون للحق فيظلمون أنفسهم ويحرمونها حظها من الخير.

ص: 178

(فلما رأى الشمس بازغة) الرؤية بصرية (قال هذا ربي) وإنما قال هذا مع كون الشمس مؤنثة لأن مراده هذا الطالع قاله الكسائي والأخفش، وقيل هذا الضوء وقيل الشخص وقيل لأن تأنيث الشمس غير حقيقي (هذا أكبر) أي مما تقدمه من الكوكب والقمر، وقيل أكبر جرماً وضوءاً ونفعاً فسعة جرم الشمس مائة وعشرون سنة كما قاله الغزالي.

(فلما أفلت) أي غابت الشمس وقويت عليهم الحجة ولم يرجعوا (قال يا قوم إني بريء مما تشركون) أي من الأشياء التي تجعلونها شركاء لله وتعبدونها من الأصنام والأجرام المحدثة المحتاجة إلى محدث، قال بهذا لما ظهر له أن هذه الأشياء مخلوقة لا تنفع ولا تضر مستدلاً على ذلك بأفولها الذي هو دليل حدوثها.

ص: 178

إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)

ص: 179

(إني وجهت وجهي) أي قصدت بعبادتي وتوحيدي الله عز وجل، وذكر الوجه لأنه العضو الذي يعرف به الشخص، أو لأنه يطلق على الشخص كله كما تقدم (للذي فطر السموات والأرض) أي خلقهما وابتدعهما (حنيفاً) أي مائلاً إلى الدين الحق (وما أنا من المشركين) به، تبرأ من الشرك الذي كان عليه قومه.

ص: 179

(وحاجه قومه) أي وقعت منهم المحاججة له في توحيده بما يدل على ما يدعونه من أن ما يشركون به ويعبدونه من الأصنام آلهة فأجاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام بما حكاه الله عنه أنه (قال أتحاجوني في الله) أي في كونه لا شريك له ولا ند له ولا ضد (وقد هدانِ) إلى توحيده وأنتم تريدون أن أكون مثلكم في الضلالة والجهالة وعدم الهداية.

(ولا أخاف ما تشركون به) قال هذا لما خوفوه من آلهتهم بأنها ستغضب عليه وتصيبه بمكروه أي: إني لا أخاف ما هو مخلوق من مخلوقات الله لا يضر ولا ينفع، وإنما يكون الخوف ممن يقدر على النفع والضرر، والضمير في به يجوز رجوعه إلى الله وإلى معبوداتهم المدلول عليها بما في ما تشركون به.

(إلا أن يشاء ربي شيئاً) أي إلا وقت مشيئة ربي بأن يلحقني شيئاً من الضرر بذنب عملته فالأمر إليه وذلك منه لا من معبوداتكم الباطلة التي لا تضر ولا تنفع، والمعنى على نفي حصول ضرر من معبوداتهم على كل حال،

ص: 179

وإثبات الضرر والنفع لله سبحانه وصدورهما حسب مشيئته، والاستثناء على هذا متصل لأنه من جنس الأول والمستثنى منه الزمان كما أشار إلى ذلك في الكشاف، وقيل منقطع بمعنى لكن وعليه جرى ابن عطية والحوفي وهو أحد قولي أبي البقاء والكواشي، وإليه نحا السيوطي، قال الحوفي تقديره لكن مشيئة الله إياي بضر أخافها.

ثم علل ذلك بقوله (وسع ربى كل شيء علماً) يعني أن علمه محيط بكل شيء فلا يخرج شيء عن علمه قال أبو البقاء: لأن ما يسع الشيء فقد أحاط به، والعالم بالشيء محيط بعلمه فإذا شاء الخير كان حسب مشيئته، وإذا شاء إنزال شر بي كان حسب مشيئته ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

ثم قال لهم مكملاً للحجة عليهم ودافعاً لما خوفوه به (أفلا تتذكرون) أي تعتبرون أن هذه الأصنام جمادات لا تضر ولا تنفع، وأن النافع الضار هو الذي خلق السموات والأرض ومن فيهما.

ص: 180