المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ - فتح البيان في مقاصد القرآن - جـ ٤

[صديق حسن خان]

الفصل: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ‌

(51)

(الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرتهم الحياة الدنيا) قد تقدم تفسير اللهو واللعب والغرر، وقال ابن عباس: هم المستهزئون وذلك أنهم كانوا إذا دعوا إلى الإيمان سخروا ممن دعاهم إليه وهزئوا به استهزاء بالله عز وجل، وقيل هو ما زين لهم الشيطان من تحريم البحائر والسوائب والماء والتصدية حول البيت وسائر الخصال الذميمة التي كانوا يفعلونها في الجاهلية، وقيل معنى دينهم عيدهم اتخذوه لهواً ولعباً لا يذكرون الله فيه.

(فاليوم ننساهم) أي نتركهم في النار، وقال مجاهد: نؤخرهم جياعاً عطاشاً والمعنى نفعل بهم فعل الناسي بالمنسى من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار تركاً كلياً، والفاء فصيحة وكثر مثل هذه الاستعارة في القرآن لأن تعليم المعاني التي في عالم الغيب لا يمكن أن يعبر عنها إلا بما يماثلها من عالم الشهادة.

(كما نسوا لقاء يومهم هذا) أي كما تركوا العمل للقاء هذا اليوم قاله ابن عباس ومجاهد والسدي وقال ابن عباس أيضاً: نسيهم من الخير ولم ينسهم من الشر، وسمى جزاء نسيانهم بالنسيان مجازاً لأن الله لا ينسى شيئاً.

(وما كانوا بآياتنا يجحدون) أي ينكرونهما.

ص: 370

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53)

ص: 371

(ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم) أي عالمين بتفصيله حال كونه (هدى ورحمة لقوم يؤمنون) المراد بالكتاب الجنس إن كان الضمير للكفار جميعاً، وإن كان للمعاصرين للنبي صلى لله عليه وآله وسلم فالمراد به القرآن، والتفصيل التبيين أي ما بيناه بالأخبار والوعد والوعيد، وكذا بقية الأنواع التسعة التي نظمها بعضهم في قوله:

حلال حرام محكم متشابه

بشير نذير قصة عظة مثل

وقال السمين المراد بتفصيله إيضاح الحق من الباطل أو تنزيله في فصول مختلفة كقوله (وقرآناً فرقناه) وقرئ فضلناه من التفضيل أي على غيره من الكتب السماوية.

ص: 371

(هل ينظرون) النظر الانتظار أي ما ينتظرون أهل مكة (إلا تأويله) أي ما وعدوا به في الكتاب من العقاب الذي يؤل الأمر إليه، وقيل تأويله جزاؤه، وقيل عاقبة ما فيه والمعنى متقارب.

(يوم يأتي تأويله) وهو يوم القيامة (يقول الذين نسوه) أي التأويل وتركوا العمل بالقرآن (من قبل) أي قبل أن يأتي تأويله (قد جاءت رسل ربنا بالحق) الذي أرسلهم الله به إلينا (فهل لنا من شفعاء) استفهام ومعناه التمني، ومن زائدة (فيشفعوا لنا) جواب الاستفهام والمعنى هل لنا شفعاء يخلصونا مما نحن فيه من العذاب.

ص: 371

(أو) هل (نرد) إلى الدنيا (فنعمل) صالحاً (غير الذي كنا نعمل) من المعاصي فبدل الكفر بالإيمان والتوحيد والمعاصي بالطاعة والإنابة فيقال لهم في جواب الاستفهامين (قد خسروا أنفسهم) أي صاروا إلى الهلاك ولم ينتفعوا بها فكانت بلاء عليهم ومحنة لهم فكأنهم خسروها كما يخسر التاجر رأس ماله وقيل خسروا النعيم وحظ الأنفس.

(وضل عنهم ما كانوا يفترون) أي افتراءهم أو الذي كانوا يفترونه من دعوى الشريك والمعنى أنه بطل كذبهم الذي كانوا يقولونه في الدنيا أو غاب عنهم ما كانوا يجعلونه شريكاً لله فلم ينفعهم ولا حضر معهم وعلموا أنهم كانوا في دعواهم كاذبين.

ص: 372