الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ
(74)
(واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد) أي استخلفكم في الأرض أو جعلكم ملوكاً فيها كما تقدم في قصة هود (وبوأكم في الأرض) أي جعل لكم فيها مباءة وهي المنزل الذي تسكنونه أي اسكنكم وأنزلكم في أرض الحجر بكسر الحاء (تتخذون من سهولها قصوراً) أي من سهولة الأرض وهي ترابها تتخذون منه اللبن والآجر ونحو ذلك فتبنون به القصور، وإنما سميت بذلك لقصور الفقراء عن تحصيلها وحبسهم عن نيلها.
(وتنحتون) أي تشقون والنحت نجر الشيء الصلب. وفي القاموس نحته ينحته براه والنحاتة البراية والمنحت ما ينحت به (الجبال بيوتاً) تسكنون فيها، وقد كانوا لقوتهم وصلابة أبدانهم ينحتون الصخور فيتخذون فيها كهوفاً يسكنون فيها، لأن الأبنية والسقوف كانت تفنى قبل فناء أعمارهم، قال الضحاك: كان الواحد منهم يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف سنة وكذا كان قوم هود، وقيل كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء، وهذا يدل على أنهم كانوا متنعمين مترفهين (1).
(فاذكروا آلاء الله) عليكم واشكروه عليها (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) العثى والعثو لغتان، قال قتادة معناه لا تفسدو والعثو: أشد الفساد، وقيل أراد به عقر الناقة، وقيل هو على ظاهره فيدخل فيه النهي عن جميع أنواع الفساد، وقد تقدم تحقيقه في البقرة بما غنى عن الإعادة.
(1) قال وهب بن منبه كان الرجل منهم يبني البنيان. فتمر عليه مائة سنة فيخرب ثم يجدده وهكذا حتى اتخذوا من الجبال بيوتاً.
قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)
(قال الملأ الذين استكبروا من قومه) أي الرؤساء المتكبرون من قوم صالح الذين تعظموا عن الإيمان به، والسين زائدة (للذين استضعفوا) أي المساكين الذين استضعفهم المستكبرون، واللام للتبليغ (لمن آمن منهم) بدل من الموصول بإعادة العامل بدل الكل إن كان ضمير منهم لقومه وبدل البعض إن كان للذين على أن المستضعفين من لم يؤمن، والأول هو الوجه إذ لا داعي إلى توجيه الخطاب أولاً إلى جميع المستضعفين مع أن المجاوبة مع المؤمنين منهم، على أن الاستضعاف مختص بالمؤمنين: أي قالوا للمؤمنين الذين استضعفوهم واسترذلوهم.
(أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه) إليكم قالوا هذا على طريق الاستهزاء والسخرية (قالوا إنا بما أَرسل به مؤمنون) أجابوهم بأنهم مؤمنون برسالته مع كون سؤال المستكبرين لهم إنما هو عن العلم منهم هل تعلمون برسالته أم لا، مسارعة إلى إظهار ما لهم من الإيمان وتنبيهاً على أن كونه مرسلاً أمر واضح مكشوف لا يحتاج إلى السؤال عنه.
(قال الذين استكبروا) عن أمر الله والإيمان به وبرسوله صالح تمرداً وعناداً (إنا بالذي آمنتم به كافرون) أي جاحدون، وهذه الجمل المعنونة بقال مستأنفة لأنها جوابات عن سؤالات مقدرة ولم يقولوا إنا بما أرسل به كافرون إظهاراً لمخالفتهم إياهم ورداً لمقالتهم.