الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متن الباب 25
باب: ما جاء في الكهان ونحوهم
روى مسلم في "صحيحه" عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرَّافاً فسأله عن شيء فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه أبو داود.
وللأربعة، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، عن أبي هريرة "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم". ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً: "ليس منا من تطير أو تطير له، أو تَكهن أو تُكهن له، أو سَحر أو سُحر له، ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" رواه البراز بإسناد جيد، ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله:"ومن أتى.." إلى آخره.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو
ذلك وقيل: هو الكاهن. والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف: اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس -في قوم يكتبون (أبا جاد) وينظرون في النجوم-: ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق.
فيه مسائل:
الأولى: لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن.
الثانية: التصريح بأنه كفر.
الثالثة: ذكر من تكهن له.
الرابعة: ذكر من تُطير له.
الخامسة: ذكر من سحر له.
السادسة: ذكر من تعلم أبا جاد.
السابعة: ذكر الفرق بين الكاهن والعرَّاف.
شرح الباب 25
باب ما جاء في الكهان ونحوهم
الكهان جمع كاهن من كهن يكهن كهانة وهو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما، فمنهم من كان يزعم أن له تابعاً من الجن ورئياً يبقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما.
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً"1. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" 2 رواه أبو داود.
وللأربعة، والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن أبي هريرة:"من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"3.
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفاً.
1 أخرجه مسلم (2230) وأحمد (4/68) .
2 أخرجه أبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (639) من حديث أبي هريرة وله شاهد.
3 أخرجه أحمد (2/429) والحاكم (1/8) والبيهقي (8/135) من حديث أبي هريرة وله شاهد.
وذلك أنه نزل على محمد: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} . [الأنعام: 59] . ونزل: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} . [النمل: 65] . ونزل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} . [الجن: 26، 27] . فنفى علم الغيب عمن سواه إلا إذا أراد شيئاً أن يظهره ورضي به أوحى حينئذ ذلك إلى من ارتضى من رسول معجزة له، فإذا علم ذلك ثم يأتي أحداً إلى كاهن أو عراف فسأله عن شيء فقال له كذا وكذا فصدقه فحينئذ كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أي بالآيات لأن الإيمان باجتماع الضدين محال كالنور والظلمة.
وعن عمران بن حصين مرفوعاً: "ليس منا" أي ليس من اتباعنا الذين يقتفون أثرنا ويمتثلون بأمرنا " من تطير" لأنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم "الطيرة شرك"1. الحديث، وورد: "لا عدوى ولا طيرة" 2. وورد من حديث ابن عمر: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك"3. فإذا علم ذلك ثم تطير فما تبع أثر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا امتثل بأمره صلى الله عليه وسلم. "أو تطير" وذلك لأنه ولو لم يفعله ولكن آمن بالطيرة واعتقدها ولولا ذلك لما رضي أن يتطير " أو تكهن" لأنه ارتكب المنهي ولا امتثل نهيه صلى الله عليه وسلم وما تبعه " أو تكهن له" لأنه ولو لم يفعله اعتقد صدقه، ومن صدق كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. "أو سحر" لفعله الكفر أي السحر "أو سحر له" لتصديقه بذلك "ومن أتى
1 أخرجه أبو داود (3910) والترمذي (1614) من حديث ابن مسعود.
2 أخرجه البخاري (5757) ومسلم (2222) من حديث أبي هريرة.
3 أخرجه أحمد (2/220) من طريق ابن لهيعة حدثنا ابن هبيرة عن أبي عبد الرحمن الحلبي عن ابن عمرو مرفوعاً. وإسناده ضعيف، ابن لهيعة كان قد احترقت كتبه فمن روى عنه قبل احتراق كتبه فحديثه صحيح.
كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه البراز بإسناد جيد1. ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما دون قوله: "ومن أتى.." الخ2.
قال البغوي: العراف الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك، وقيل: هو الكاهن والكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وقال أبو العباس ابن تيمية: العراف اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق، وقال ابن عباس –في قوم يكتبون أباجاد قيل: معناه يكتبون أبجادهوز حطي كلمن إلخ ويظهرون من ذلك حسابات ومن الحسابات المجهولة من الأمور فيكون ذلك من نوع الكاهن والمنجم والرمال في ادعائه علم الغيب.
وقيل: معناه أباجاد النجمة التي يقولون بزعمهم أنها تطلع أول الشهر من المشرق، ويوم الثاني تطلع بين المشرق والجنوب، والثالث في الجنوب والرابع بين الجنوب والقبلة، والخامس في القبلة، والسادس بين القبلة والشمال، والسابع في الشمال، والثامن بين
1 أخرجه البزار كما في المجمع (5/117) عن عمران بن حصين به، وقال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة".
2 أخرجه الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع"(5/117) من طريق زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً. وقال الهيثمي: "فيه زمعة بن صالح وهو ضعيف" لكن يتقوى بسابقه.
الشمال والمشرق، والتاسع في السماء، والعاشر في الأرض، ثم تدور على هذا الترتيب في الشهر ثلاث مرات، وإذا كانت في طرف فالسفر على ذلك الطرف ما يجوز حتى قالوا يون التاسع: ما يصعد إلى فوق؛ لمكانها في السماء ويم العاشر ما يضرب داء في الأرض لمكانها في الأرض فصار اعتقادهم أنها تنفع وتضر، وقد قال الله تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [الأنعام: 17] . وقال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} . [آل عمران: 159] . ويحتمل أن يكون صاحب هذا متطيراً بالنجمة لأنه صلى الله عليه وسلم قال: "الطيرة ما أمضاك أو ردك"1.، وهذا قد ردته النجمة عن حاجته وينظرون في النجوم ويأخذون أمورهم ومقاصدهم بما يبين لهم على زعمهم من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد. "ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق".
1 أخرجه الإمام أحمد (1/213) من حديث الفضل بن عباس.