الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متن الباب 34
باب: من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله
وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] .
قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت".
ولهما عن ابن مسعود مرفوعاً: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".
وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط" حسنه الترمذي.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية التغابن.
الثانية: أن هذا من الإيمان بالله.
الثالثة: الطعن في النسب.
الرابعة: شدة الوعيد فيمن ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
الخامسة: علامة إرادة الله بعبده الخير.
السادسة: إرادة الله به الشر.
السابعة: علامة حب الله للعبد.
الثامنة: تحريم السخط.
التاسعة: ثواب الرضي بالبلاء.
شرح الباب 34
باب في بيان ما جاء أن من الإيمان الصبر على أقدار الله
وذلك لأن المؤمن يعلم علم اليقين أن الله تعالى لا يفعل إلا الذي يصلح عباده ولو جهل الإنسان مورده ومصدره فإنه في الإصلاح قطعاً وأنه خير له قال تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} . [النساء: 19] . وقال: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} . [البقرة: 216] . فالمؤمن يؤمن بذلك كله ويسلم الأمر إلى الله.
قال الإمام أحمد: ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين موضعاً وهو واجب بإجماع الأمة وهو نصف الإيمان فالإيمان نصفان: نصفه صبر ونصفه شكر وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضياء.
وفي الحديث الصحيح: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له، وإن أصابته سراء فشكر فكان خيراً له وما ذلك إلا للمؤمن"1. وقال للمرأة السوداء التي تصرع فسألته أن يدعو لها قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: إذاً فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها" 2.
وأمر الأنصار أن يصبروا على الفتن التي يلقونها بعده حتى يلقوه على الحوض، وأمر عند ملاقاة العدو بالصبر وعند المصيبة وأخبر أن الصبر عند الصدمة الأولى، وأمر المصاب بأنفع الأمور له وهو الصبر والاحتساب بأن ذلك يخفف مصيبته ويثبت أجره والجزع والسخط
1 أخرجه مسلم (2999) من حديث صهيب.
2 أخرجه البخاري (10/99) ومسلم (2576) من حديث ابن عباس.
والتشكي يزيد المصيبة ويذهب الأجر، وأخبر أن الصبر خير له.
وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11] قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اثنتان بالناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت"1. ولهما عن ابن مسعود مرفوعاً: "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" 2.
واعلم أن المصائب لِحِكَمِ لا يعلمها إلا هو لا إله إلا هو إما لتكفير السيئات، وإما لرفع الدرجات، وإما لاستخبار هل هو صادق فيما يدعي من الإيمان أم كاذب قال تعالى:{آلم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} . [العنكبوت: 1-3] .
وفي الحديث عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا" 3 أي لتصفيته من غش الذنوب والمعاصي بكير الامتحان. " وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة". وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحب قوماً
1 أخرجه مسلم (67) من حديث أبي هريرة.
2 أخرجه البخاري (1294) ومسلم (103) من حديث ابن مسعود.
3 أخرجه الترمذي (2396) والبغوي في "شرح السنة"(5/245) من طريق سعد بن سنان عن أنس به. وسعد حسن الحديث وله شاهد من حديث عبد الله بن مغفل.
ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط" حسنه الترمذي1.
1 أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) من طريق سعد بن سنان عن أنس به، وإسناده حسن وله شاهد من حديث محمود بن لبيد.