الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متن الباب 50
باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 181] .
ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} : يشركون. وعنه: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز. وعن الأعمش: يدخلون فيها ما ليس منها.
فيه مسائل:
الأولى: إثبات الأسماء.
الثانية: كونها حسنى.
الثالثة: الأمر بدعائه بها.
الرابعة: ترك من عارض من الجاهلين الملحدين.
الخامسة: تفسير الإلحاد فيها.
السادسة: وعيد من ألحد.
شرح الباب 50
باب ما جاء في بيان أن الله تعالى له الأسماء الحسنى ولا ينبغي لمسلم مؤمن إذا أراد أن يدعو الله تعالى إلا بإحدى الوسيلتين:
إما بأسمائه الحسنى وذلك قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} . [الأعراف: 180] .
وإما بالأعمال الصالحة.
وقد أرشدهم الله تعالى إلى هاتين الوسيلتين في أول سورة الحمد فاتحة الكتاب فقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . [الفاتحة: 2- 4] . توسل بأسمائه الحسنى، وقوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} . [الفاتحة: 5] . توسل بالأعمال الصالحة وهو توحيد الألوهية وإخلاص العبادة لله تعالى وذلك قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وتوحيد الربوبية وهو الاستعانة به تعالى وتبريه من الحول والقوة وذلك قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
واعلم أن الدعاء يشمل نوعي الدعاء:
دعاء المسألة قال تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} . [غافر: 60] . وهذا هو المقصود من الترجمة.
والنوع الثاني دعاء العبادة وذلك قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} . [الطور: 28] .
هذا دعاء العبادة، والمعنى إنا كنا من قبل نخلص له العبادة وبهذا استحقوا أن وقاهم عذاب السموم لا بمجرد السؤال المشترك بين المخلص وغيره فإنه سبحانه وتعالى يسأله من في السماوات والأرض.
واعلم أن الله تعالى أمر عباده بإخفاء الدعاء، قال تعالى:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} . [الأعراف: 55] . قال الحسن: بين دعوة السر والعلانية سبعون ضعفاً وقد كان الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كانت همساً بينهم وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} . [الأعراف: 55] . وأن الله ذكر عبداً صالحاً ورضي بفعله فقال تعالى: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} . [مريم: 3] . فإذا علمت ذلك فاعلم أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل وقد مضى في تعريف الدعاء المستحسن المستجاب، والأوقات، والأحوال، ما فيه كفاية.
تنبيه: اعلم أن أسماء الله كلها عظيمة لا يجوز تفضيل بعضها على بعض ذهب إلى ذلك قوم منهم أبو جعفر الطبري، وأبو الحسن الأشعري، وأبو حاتم ابن حبان، وأبو بكر الباقلاني، ونحوه قول مالك وغيره، كما لا يجوز تفضيل بعض القرآن على بعض، وحمل هؤلاء ما ورد في ذكر الاسم الأعظم على أن المراد به العظيم. وعبارة الطبري:"اختلفت الآثار في تبيين الاسم الأعظم والذي عندي أن الأقوال كلها صحيحة إذ لم يرد في خبر منها أنه الاسم الأعظم ولا شيء أعظم منه، فكأنه يقول: كل اسم من أسمائه تعالى يجوز وصفه بكونه أعظم فيرجع إلى معنى عظيم".
وقال ابن حبان: الأعظمية الواردة في الأخبار المراد بها مزيد ثواب الداعي بذلك كما أطلق ذلك في القرآن، والمراد به مزيد ثواب القارئ.
والقول الثاني: أنه مما استأثر الله بعلمه، وَلَمْ يُطْلع عليه أحداً من خلقه كما قيل بذلك في ليلة القدر، وفي ساعة الإجابة، وفي الصلاة الوسطى.
القول الثالث: أنه (هو) نقله الإمام الفخر الرازي عن بعض أهل
العلم واحتاج له بأن من أراد أن يعبر عن كلام معظم بحضرته لم يقل: أنت قلت كذا وكذا وإنما يقول: "هو" يقول تأدبا معه.
القول الرابع: أنه "الله" لأنه اسم لا يطلق على غيره ولأنه الأصل في الأسماء الحسنى ومن ثم أضيفت إليه. قال ابن أبي حاتم في تفسيره: ثنا الحسن بن محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن علية عن أبي رجاء حدثني رجل عن جابر بن زيد أنه قال: اسم الله الأعظم هو الله، ألم تسمع أنه يقول:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 1.وقال ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء: ثنا إسحاق بن إسماعيل عن سفيان عن عيينة عن مسعر قال الشعبي: اسم الله الأعظم يا الله2.
القول الخامس: الله الرحمن الرحيم. قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: "ولعل مستنده ما أخرجه ابن ماجه عن عائشة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها الاسم الأعظم فلم يفعل فصلت ودعت: اللهم إني أدعوك الله وادعوك الرحمن وادعوك الرحيم وادعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم الحديث، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: "إنه لفي الأسماء التي دعوت بها" 3. وقال سنده ضعيف. وفي الاستدلال به نظر". انتهى.
قلت: أقوى منه في الاستدلال ما أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس أن عثمان بن عفان سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: "هو اسم من أسماء الله تعالى وما بينه وبين الاسم كما بين سواد العين وبياضها من
1 في إسناده جهالة فهو ضعيف.
2 إسناده جيد.
3 أخرجه ابن ماجه (2859) من طريق أبي شيبة عن عبد الله بن عكيم عن عائشة.
القرب"1. وفي مسند الفردوس للديلمي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر" 2.
القول السادس: الرحمن الرحيم والحي القيوم؛ لحديث الترمذي وغيره عن أسماء بنت يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وفاتحة سورة آل عمران {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} "3.
القول السابع: الحي القيوم؛ لحديث ابن ماجه والحاكم عن أبي أمامة، وفيه الاسم الأعظم في ثلاث سور: البقرة، وآل عمران، وطه4. قال القاسم الراوي عن أبي أمامة: التمسته فيها فعرفت أنه الحي القيوم، قواه الفخر الرازي واحتج أنهما يدلان من صفات العظمة بالربوبية ما لا يدل على ذلك غيرهما لدلالتهما.
القول الثامن: الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام لحديث أحمد وأبي داود وابن حبان والحاكم عن أنس أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً فأتى برجل ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد أنت الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي قيوم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد دعا الله تعالى باسمه الأعظم
1 أخرجه الحاكم (1/552) من طريق سلام بن وهب الجندي حدثني أبي عن طاووس عن ابن عباس أن عثمان بن عفان، فذكره. قال الذهبي في الميزان (2/182) : سلام بن وهب الجندي عن ابن طاووس بخبر منكر بل كذب ثم ساقه.
2 عزاه السيوطي في الجامع إلى الديلمي في مسند الفردوس.
3 أخرجه أبو داود (1496) والترمذي (3478) وابن ماجه (3855) من حديث أسماء بنت يزيد.
4 أخرجه ابن ماجه (3856) والحاكم (1/505) من حديث أبي أمامة مرفوعاً.
الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سُئل به أعطى" 1.
القول التاسع: بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام، أخرج أبو يعلى من طريق بن يحيى عن رجل من طي وأثنى عليه خيراً قال: كنت أسأل الله أن يريني الاسم الأعظم فرأيت مكتوباً في الكواكب في السماء يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام.
القول العاشر: ذو الجلال والإكرام؛ لحديث الترمذي عن معاذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: يا ذا الجلال والإكرام فقال: "قد استجيب لك فاسأل"2. وأخرج ابن جرير في تفسير سورة النمل عن مجاهد قال: الاسم الذي إذا دعي به أجاب: يا ذا الجلال والإكرام واحتج له الفخر بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة في الإلهية، لأن في الجلال إشارة إلى جميع السلوب وفي الإكرام إشارة إلى جميع الصفات.
القول الحادي عشر: الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد لحديث أبي داود والترمذي وابن حبان والحاكم عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً، فقال: لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دُعي به أجاب، وفي لفظ عند أبي داود: لقد سأل الله باسمه الأعظم3. قال الحافظ ابن حجر: وهو
1 حديث أنس، أخرجه الإمام أحمد (3/120 و157 و245) ، وأبو داود (1495) وابن حبان (893) ، والحاكم (1/503 و504) وصححه ووافقه الذهبي.
2 سيأتي من حديث بريدة.
3 أخرجه أبو داود (1495) والترمذي (3544) من حديث أنس أنه قال: "كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ورجل يصلي فقال: اللهم....".
أرجح من حديث السند من جميع ما ورد في ذلك.
القول الثاني عشر: رب رب أخرج عن أبي الدرداء وابن عباس قالا: اسم الله الأكبر رب رب وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة مرفوعاً وموقوفاً: إذا قال العبد يا رب يا رب قال الله تعالى لبيك عبدي سل تعط.
القول الثالث عشر: ولم أر من ذكره مالك الملك، أخرج الطبراني في "الكبير" بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} إلى قوله: {وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} 1.
القول الرابع عشر: دعوة ذي النون في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع به مسلم قط إلا استجاب الله له. ذكره النسائي والحاكم عن فضالة بن عبيد رفعه2.
القول الخامس عشر: كلمة التوحيد، نقله عياض.
القول السادس عشر: هو الله الذي لا إله إلا هو رب العرش الكريم، نقله الرازي عن زين العابدين.
القول السابع عشر: هو مخفي في الأسماء الحسنى وهو الأصوب.
القول الثامن عشر: كل اسم إذا دعا العبد به ربه بحيث لا يكون في فكره غير الله، قال جعفر الصادق والجنيد وغيرهما: أخرج
1 أخرجه الطبراني في "الكبير"(12792) من حديث ابن عباس وفي سنده: محمد بن زكريا الغلاني وجسر بن فرقد، وهما ضعيفان.
2 أخرجه الترمذي (3505) والنسائي في عمل اليوم والليلة (661) من حديث سعد.
أبو نعيم في الحلية عن أبي يزيد البسطامي أنه سأل رجلاً عن الاسم الأعظم فقال: ليس له حد محدود إنما هو فراغ قلبك بوحدانيته فإذا كنت كذلك فادفع إلى أي اسم شئت فإنك تحصل مقصودك.
وأخرج أبو نعيم عن أبي سليمان الداراني قال: سألت بعض المشايخ عن الاسم الأعظم فقال: تعرف قلبك؟ قلت: نعم، قال: الأعظم، فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أطع الله يطعك.
القول التاسع عشر: اللهم، قال الحسن البصري: اللهم مجمع الدعاء، وقال النضر بن شميل، من قال اللهم فقد دعا الله بجميع أسمائه.
القول العشرون: آلم أخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: آلم اسم الله الأعظم وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: آلم اسم من أسماء الله الأعظم انتهى.
الحاصل أن المشروع المرضي المأمور به أن يدعو الله بأسمائه الحسنى كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} . [الأعراف: 180] . أو تدعوه بالأعمال الصالحة كما سأل الله بأصحاب الغار بأعمالهم الصالحة ففرج الله عنهم.
فإن قلت: الأنبياء لهم جاه وإني أسأل الله بجاههم، قلت: بلى لهم جاه كما قال تعالى عن موسى: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} . [الأحزاب: 69] . وقال عن عيسى: {وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} . [آل عمران: 45] . ولكن جاههم وقربهم عند الله مَنٌّ مِنَ الله عليهم باتباعهم أمر الله واجتنابهم نهيه وذا نفعه لهم خاصة بما عملوا فضلاً من الله ورحمة ولا لنا منفعة من ذلك الجاه والقرب تعود علينا فبأي شيء نتوسل إلى الله به؟ بلى إن توسلت إلى الله بإيمانك بهم
وبما جاؤوا به وبحبك لهم فيكون، لأن ذلك كله من الأعمال الصالحة.
قال أبو العباس ابن تيمية: "ولا ريب أن لهم جاها كما قال في موسى {وكان عند الله وجيها} وقال في المسيح {وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين} لكن ما لهم عند الله من المنازل والدرجات ما يعود إلينا نفعه إلا اتباعنا لهم ومحبتنا لهم، فإذا توسلت إلى الله بإيمانك بنبيه غ مثلاً ومحبته وموالاته واتباع سنته فهذا من أعظم الوسائل، وأما التوسل بنفس ذاته مع عدم التوسل بالإيمان به وطاعته فلا يجوز، فالمتوسل بالمخلوق إذا لم يتوسل لا بما من المتوسل به مثل دعائه ولا بما منه مثل الإيمان به وموالاته واتباع سنته إن كان نبياً مرسلاً إليه وإلى قومه فبأي شيء يتوسل؟ والإنسان إذا توسل إلى غيره بوسيلة فإما أن يطلب من الوسيلة الشفاعة عند ذلك مثل أن يقال لأبي الرجل وصديقه أو من يكرم عليه: اشفع لي عند فلان وهو حي وهذا جائز، وإما أن تقسم والإقسام على الله بالمخلوق لا يجوز بل ولا يجوز الإقسام على مخلوق بمخلوق والدعاء بالنبي أو الصالح إما أن يكون إقساماً به، فإنه كان إقساماً به فلا يقسم على الله إلا به، وإن كان تسبباً فهو تسبب بما جعله سبحانه سبباً وهو دعاء الله وعبادته، وإذا قال القائل: أسألك بحق الملائكة أو بحق الأنبياء أو الصالحين. فإن كان يقسم بذلك على مخلوق فهو لا يجوز له فإذا كان لم يجز له أن يحلف به أو يقسم به على مخلوق فكيف يقسم على الخالق به؟ بل إنما يقسم بالله بأسمائه وصفاته كما ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يقول: "أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا
قيوم" 1، "وأسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلك ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد" 2. وإن كان لا يقسم به وإنما يتسبب به فليس في مجرد ذواتهم سبب يوجب تحصيل مقصوده لكن لابد من سبب منه كالإيمان بهم أو منهم كدعائهم، فمن قال: أسألك بإيماني بك وبرسولك ونحو ذلك أو بإيماني برسولك ومحبتي له ونحو ذلك فقد أحسن كما قال تعالى في دعاء المؤمنين الذين يقولون: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . [آل عمران: 16] . وقال تعالى عن الحواريين: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} . [آل عمران: 53] . وكان ابن مسعود يقول: اللهم أمرتني فأطعتك ودعوتني فأجبتك وهذا سَحَرٌ فاغفر لي، ومن هذا الباب حديث الثلاثة الذين أصابهم المطر فأووا إلى الغار وانطبقت عليهم الصخرة ثم دعوا الله بأعمالهم الصالحة ففرج عنهم. وقد مضت السنة أن الحي يطلب منه الدعاء كما يطلب منه سائر ما يقدر عليه. وأما المخلوق الغائب والميت فلا يطلب منه شيء، قال الشيخ أبو الحسن القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للمخلوق على الخالق فلا تجوز أعني وفاقاً. وروي في كتاب الحلية لأبي نعيم أن داود عليه السلام قال: يا رب بحق آبائي عليك إبراهيم وإسحاق ويعقوب. فأوحى الله إليه يا داود، أي حق لآبائك علي. هذا وإن لم يكن من الأدلة الشرعية فالإسرائيليات يعتضد بها ولا يعتمد عليها، انتهى كلامه رحمه الله تعالى. محصول الحاصل أن المأمور في الدعاء أن تدعو الله بأسمائه الحسنى وأعمالك الصالحة كما مضى.
1 أخرجه أبو داود (1495) والنسائي (1301) والترمذي (3544) .
2 أخرجه أبو داود (1493) ، والترمذي (3471) ، وابن ماجه (3857) .
قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} . [الأعراف: 180] . يلحدون في أسمائه يشركون ومنه سمي اللات من الإله والعزى من العزيز، وعن الأعمش فيها ما ليس منها انتهى.