الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متن الباب: 37
باب: من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله
وقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!
وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] . فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟ " فقلت: بلى. قال: "فتلك عبادتهم" رواه أحمد، والترمذي وحسنه.
فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية النور.
الثانية: تفسير آية براءة.
الثالثة: التنبيه على معنى العبادة التي أنكرها عدي.
الرابعة: تمثيل ابن عباس بأبي بكر وعمر، وتمثيل أحمد بسفيان.
الخامسة: تغير الأحوال إلى هذه الغاية، حتى صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال، وتسمى الولاية، وعبادة الأحبار هي العلم والفقه ثم تغيرت الحال إلى أن عبد من دون الله من ليس من الصالحين، وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين.
شرح الباب 37
باب ما جاء في بيان أن من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله
لجعله إياهم المطاعون في مخالفة الله والتغيير حكمه ولما كان الأمر عظيم الخطر قال ابن عباس رضي الله عنه لناس قابلوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر وعمر لتضمن ذلك تغيير حكم الله ورسوله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم هو المبلغ عن الله تعالى: يوشك أي حري وقريب أن تنزل عليكم حجارة من السماء غضباً من الله تعالى عليكم ومقتاً أقول قال رسول الله الذي خلق الكون كله وكل عبده تحت قهره وأمره وتصريفه له الملك وله الحمد وله الخلق وله الأمر ومع هذا تقابلون قول رسوله صلى الله عليه وسلم بقول غيره وتقولون قال أبو بكر وعمر.
قلت: فإذا كان هذا المقت العظيم فيمن يقابل قول رسول صلى الله عليه وسلم بقول خليفته أبي بكر وعمر فكيف بمن يقابل قول الله وقول رسوله بغيرهما؟ ويرد حكم الله ورسوله بقول غيرهما؟
وقال أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته وعلموا أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عندهم ومع ذلك يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . [النور: 63] . أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله بقول غيره أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، وذلك لأنه ربما استحسن قولاً عن قوله صلى الله عليه وسلم فيخرج عن الإيمان، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . [النساء: 65] . أي تطمئن قلوبهم بحكمك ويعلموا أنه الحق وما بعده الضلال، فإن شك في نفسه فلا إيمان له ولا إسلام.
عن عدي بن حاتم: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] . قلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: أليسوا يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى. قال صلى الله عليه وسلم فتلك: عبادتهم1.
قلت: فإذا نظرت ما جرى في هذا الزمان رأيت من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله ما كما قيل يتسع الخرق على الراقع وأعظم من ذلك أن أكثر الناس أطاعوهم ويحسبون أنهم مهتدون وإذا تلوت عليهم آيات الله وأحادث رسوله استنكروه وقالوا ما نترك فعل آبائنا لما تقول كما قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ} . [سبأ: 43] . وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى.
1 أخرجه الترمذي (3095) والبيهقي (10/116) والمزي في تهذيب الكمال (2/109) من طريق غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد بن عدي مرفوعاً، وقال الترمذي:"حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث". وضعفه الدارقطني وله شواهد.